بسم الله الرحمن الرحيم تجري هذه الأيام إستعدادات بعض أبناء دينكا نقوك لإجراء إستفتاء أحادي لتقرير مصير منطقة أبيي في شهر أكتوبر الجاري ،فقد تم تحديد الجداول الزمنية لعملية الإستفتاء في إجتماعهم في 18 أكتوبر بقيادة دينق ألور كوال , لوكا بيونق ، إدوارد لينو و السفير شول دينق ألاك تنطلق في 21 و تنتهي في الحادي و الثلاثين من أكتوبر الجاري باعلان النتيجة ، و السؤال الذي يطرح نفسه ما هي المرجعية القانونية لهذا الإستفتاء ؟ و ما هو دور حكومة جنوب السودان في ذلك ؟ يجادل القائمون على أمر الإستفتاء من قيادات الحركة الشعبية من أبناء نقوك بأن الإستفتاء حق إستناداً لبرتوكول فض النزاع بمنطقة أبيي (2004م) ، و مقترح لجنة الوساطة الأفريقية، و هوكلام صحيح فيما يتعلق ببرتوكول أبيي ، إذ أنه نص على إجراء إستفتاء يحدد مصير تبعية منطقة أبيي ، و لكن لمن هذا الحق ؟، فاستناداً لهذا البرتوكول فإن الإستفتاء هو إستحقاق متفق عليه بين طرفين و هو بالتالي يلزم الطرفين لا سواهما و يرتب حقوق و واجبات على موقعيه دون سواهما و هما حكومة السودان و الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان ( حكومة جنوب السودان الآن) ، أما فيما يتعلق بالإستناد إلى مقترح لجنة الوساطة الأفريقية فهو إستناد باطل لأن ما جاء من لجنة الوساطة هو مقترح قدمته الوساطة للدولتين وافقت عليه دولة جنوب السودان و رفضته دولة السودان مما يجعل المقترح ساقطاً أصلاً لعدم الإتفاق عليه فيما بين الطرفين و هذا يجعله كأن لم يكن و بالتالي لا يرتب أية إلتزامات على أي طرف منهما. إن دولة جنوب السودان و على لسان السيد وزير خارجيتها رفضت قيام الإستفتاء في شهر أكتوبر و أوقفت كافة الحملات الإعلامية الداعية لإجراء إستفتاء أبيي في هذا الشهر بناءاً على قرار وزير الإعلام ، فمن أين لأبناء دينكا نقوك السند القانوني لإجراء إستفتاء من دون موافقة حكومتي السودان و جنوب السودان ؟ و من أين لهم الحق بإجراء إستفتاء في منطقة تتبع لدولة ذات سيادة ؟ و هل هنالك أراضي تخص قبائل تفعل فيها ما تراه دون موافقة الدولة التي تقع ضمن حدودها؟ إن ما يقوم به بعض أبناء دينكا نقوك من إستعدادات لإجراء الإستفتاء الآن لا يسنده سند قانوني فالبرتوكول هو إستحقاق بين حكومتي الدولتين و هما الملزمتان بما فيه و مقترح لجنة الوساطة هو مقترح غير ملزم للطرف الذي لم يوافق عليه و هذا ما نص عليه قرار مجلس السلم و الأمن الأفريقي الذي رفض إجراء الإستفتاء من جانب واحد و أكدت عليه الأممالمتحدة ببيانها الرافض لمثل هذا الإجراء ، فمن أين لأبناء دينكا نقوك هذه الجرأة و التحدي ؟ و ما هي الأهداف من هذه الخطوة ؟ إن المتابع لمجريات الأمور و تسارعها يجد بصمة دولة الجنوب فيها على الرغم من النفي البين في وسائل الإعلام من خلال تصريحات وزير الخارجية و قرار وزير الإعلام و لكن اللجنة العليا لإستفتاء أبيي التي يرأسها دينق اللور قابلت رئيس دولة الجنوب قبل إنطلاقها للعمل في أبيي ، و أن نقل و ترحيل أبناء دينكا نقوك من ولايات جنوب السودان عبر وسائل النقل المختلفة و عبر مطار جوبا و العمليات اللوجستية و غيرها تتطلب إمكانات مادية ضخمة لا تتوفر لدينق اللور و لا لإبناء دينكا نقوك فمن أين لهم كل تلك الإمكانات ؟ ثم أن قرار الرئيس سلفا كير بإعطاء أبناء دينكا نقوك الموظفين بالدولة إجازات مفتوحة و دعوته المتكررة لهم بالسفر إلى أبيي لإنجاز الإستفتاء كلها تشير للدور البين لحكومة الجنوب في عملية الإستفتاء المزعوم . الآن أصبحت الكرة في ملعب المجتمع الدولي و مؤسساته المعنية بحماية السلم و الأمن الدوليين و الإتحاد الأفريقي لإظهار مصداقيته في الحفاظ على السلم و الأمن العالمي ، إذ أن أبيي الآن تحت حماية القوات الأممية ( قوات الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي – يونسفا) و هي المسئولة فعلاً عن إدارة المنطقة في ظل عدم تكوين المؤسسات المدنية فما هو دورها الآن في إيقاف هذا التجاوز الفاضح؟ و ما هي مسئوليتها في الحفاظ على الأمن بالمنطقة ؟ حسب إلمامنا بما يجري في منطقة أبيي فإن هذه القوات تمنع المسيرية من التنقل شمال منطقة الدائري الجنوبي (5 كلم ) شمال دفرا بحجة المحافظة على عدم الإحتكاك بين الطرفين ، بل و رحلت مواطني المسيرية من إحدى أكبر قراهم في أبيي ( قرية قولي) بعد مقتل السلطان كوال دينق في مايو الماضي ، فكيف بها تسمح بعمل سياسي و عسكري بهذه الخطورة و الضخامة في منطقة أبيي ؟ إن عملية الإستفتاء التي يعد لها بعض أبناء دينكا نقوك الآن لا تكتسب شرعية قانونية مطلقاً اللهم إلا شرعية الغاب ، فهي عملية تستثني مكون رئيس يتمثل في المسيرية و أكثر من (20 ألف) من أبناء دينكا نقوك في السودان و تتجاوز كل الإجراءات و القوانين مما يجعلها تشكل تحدياً قد يجر المنطقة لصدام لا تحمد عقباه ، و يمكن أن يهدد عملية السلام بين السودان و جنوب السودان برمتها ، فعلى المجتمع الدولي و الإتحاد الأفريقي و دولة الجنوب من بعد أن تثبت حسن نواياها و مصداقيتها بإيقاف هذا العبث ليكون هناك إحترام لقواتها التي تحكم المنطقة و إلا فإن من حق الطرف الآخر ( المسيرية و أبناء دينكا نقوك بالسودان) أن يقوموا بما يروه مناسباً لحفظ حقوقهم . أمبدي يحيى كباشي الأمين العام للهيئة القومية الشبابية الطلابية لمناصرة أبيي أبيي -دفرا [email protected]