يعيش العاملون في السلك الحكومي بولاية شمال دارفور واقع مرير منذ أمد بعيد، هذه الولاية التي صنفت أكثر الولايات فقراً في السودان، وبها نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الحكومي. حتى قبل إنطلاق شرارة الثورة في دارفور عام 2003م كانت (المرتبات) تصرف بعد مرور (45) يوماً بدلاً من شهر كسائر بقاع السودان هذا لمن هم في مكاتب الحكومة المختلفة، أما (المعلمون) فكانت مرتباتهم تغيب لستة وسبع أشهر وتتم مساومتهم بدفع شهر أو شهرين ويترك الباقي كمتأخرات متراكمة، ماجعل من (المعلم) موقع تندر وسخرية العامة وغضب أصحاب (المتاجر) للديون المتراكمة التي تسجل (للمعلم) في دفتر التاجر ويعجز عن سدادها. بعد أن بدأت الحرب وأصبحت دارفور محط الأنظار سارعت الحكومة إلى صرف المرتبات للعاملين في الأيام الأولى من الشهر الجديد، وبدأت مرتبات المعلمين تصرف شهرياً مع تسوية متأخرات مرتباتهم السابقة. ومنذ أن تقلد الوالي (كبر) مقاليد الولاية في (2003) خلفاً للفريق (إبراهيم سليمان) الذي أقيل من منصبه بعد ضربة الفاشر على يد (مني مناوي)، بدأ يتخول على حقوق وإستحقاقات العاملين بالولاية، وعمد إلى تعطيل المنشورات التي تصدر من المركز لرفع المرتبات كل بضع سنوات لتحسين وضع (العامل) لمواكبة الزيادات التي تطرأ في السوق، وظلت هذه المنشورات حبيسة الأدراج في (رئاسة ولايته) يتهامس عنها الناس في المكاتب والأسواق ومجالسهم الخاصة، وهي منشورات لم تطبق منذ العام (2004)، ما جعل الفرق بين مرتب العامل في ولاية شمال دارفور وزميله بنفس الدرجة في ولاية غرب دارفور شاسعاً. ورغم الدعم المفتوح بمليارات الجنيهات التي تلقتها ولاية شمال درافور من قبل الحكومة المركزية وما يأتي من المنظمات والجمعيات الخيرية للولاية ومؤسساتها المختلفة بغرض التنمية في المجالات المختلفة، إلا أن الوالي (كبر) ظل يبدد ماتبقى من هذه الأموال بعد نهبها في مؤتمرات فارغة وكرنفالات وهمية وهدايا وعطايا ورشاوى وشراء ذمم للوزراء والإعلاميين والمسؤلين الإتحاديين و(الفُقرة) وكل من زار الولاية من المركز ليثبت حكمه ويرفع مكانته ويقطع بها الألسنة. لم يكتفي الوالي (كبر) بذلك وحسب بل عمد إلى الإستقاطاع من مرتبات العاملين بالولاية على قلتها عبر مسرحيات هزيلة وتخطيط خبيث بينه و(إتحاد العمال)، احياناً بحجة دعم مشاريع التنمية وتارة بدعم الجهاد وكثير من الحجج الواهية لسلب ونهب حقوق العاملين. ولأن الوالي (كبر) أراد أن يضع كلتا يديه على مال الولاية وحقوق العاملين فقد جاء بشخصية مخمورة من أبناء منطقته ونصبه وزيراً للمالية، هذا الوزير الشاب (مستجد النعمة والحكم) عمل لفترة قليلة معتمداً لمحلية (الطويشة) مسقط رأس الوالي كبر، والتي جاء إليها من جامعة أمدرمان الإسلامية التي تخرج فيها وعمل، حتى جاء به (كبر) للمعتمدية ومن ثم الوزارة. بتعيين هذا الوزير بدأ (كبر) يتلاعب بحقوق العاملين وأوقف كثير من المنح والبدلات والعلاوات التي كانت ضمن المرتبات فنقصت مرتبات العاملين بنسب كبيرة، ثم شرع وزير الوالي هذا إلى تفعيل الإيرادات ودمج إيرادات كثير من المؤسسات حتى الشرطية منها لحساب وزارة المالية لضخ أكبر قدر من المال في خزينة الوالي فضلاً عن إستيلائهم على متبقي الدعم وفائض الوظائف الشاغرة التي يصل دعمها كاملاً من المركز وتقدر بمليارات الجنيهات. رفع الدعم عن المحروقات وقرار زيادة الحكومة مرتبات العاملين وضعت الوالي (كبر) في موقف مواجهة حقيقة، فبمجرد وصول منشورات المرتبات الجديدة إلى أيدي الناس إكتشفوا الفارق الكبير بينهم وبقية زملائهم في أنحاء السودان في المرتبات، وبدأ العاملين يتحدثون عن عدم ترك فوراق المرتبات المتأخرة طيلة الأعوام السابقة، لكن الوالي (كبر) الذي أخذته العزة بالإثم واستمراء هضم حقوق العاملين فوجه بصرف نصف مرتب شهر (10) بالقديم وليس بالجديد كما وجه بذلك نائب رئيس الجمهورية مما أثار العاملين حتى في ولاية جنوب دارفور التي إحتج إتحاد عمالها فبرر لهم واليهم أنها (سلفية) فقط تستقطع من المرتب الجديد. لكن الوالي (كبر) لم يفعل ذلك ولم يوضح للناس ولم يجرؤ إتحاد العمال على مسائلة وزير المالية أو الوالي ولم تتحرك قطاعات العمال من موظفين ومعلمين وغيرهم ربما لأنهم يعتقدون أن هذه سلفية ولاعلاقة لها بالمرتب الجديد. لكن تطورات الأحداث منذ الأمس غيرت المفاهيم ومما رشح ووضح للناس وتم تداوله أن مؤامرة خبيثة جرت في أروقة وزارة المالية ومكتب الوالي لهضم حقوق العاملين وعدم إعطائهم مرتباتهم حسب المنشوراتت التي صدرت وتم تنفيذها في جميع أنها السودان فما يتدواله المطلعين والمهتمين أن الميزانية بها عجز كبير لا تكفي لتغطية المرتبات بهيكلها الجديد ولايعرف أين ذهبت الأموال التي جاءت من المركز وكيف بددت هذه المرة، وماهو ثابت أن العاملين سيمنحون نفس مقدار السلفية التي أخذوها كمتبقي مرتب شهر (10) وكان الله يحب المحسنين، وبهذه النظرية يكون الوالي (كبر) أحدث بدعة في قوانين وتشريعات دولة السودان منذ تأسيسها وربما منذ إستعمارها، فهو قد ترك الطريقة المعروفة لإعداد كشوفات المرتبات حسب اللوائح والقوانين المنظمة جانباً ووضع تقديرات شخصية لصرف مرتبات العاملين كأنها منحة شخصية منه لهم، وهذا أمر خطير ومستفز وسابقة يجب على جميع العاملين التصدي لها وعدم صرف مرتباتهم بهذه الطريقة العشوائية وتصعيد الإحتجاج ورفع مذكرات لكافة الجهات المعنية مع الإضراب عن العمل. الوالي (كبر) ووزيره يصرفون المليارات في برامج وهمية لتلميع أنفسهم وتركيز التنمية في مناطقهم ويتفاخرون لبقية السودان أنهم حققوا إيرادات عالية 100% دفعتهم للشروع في بداية مشاريع تنموية بمليارات الجنهيات وهي مشاريع لن ترى النور أبداً وماهي إلا أسلوب آخر للمراوغة ونهب الأموال وتحويلها لمصلحتهم الخاصة، وخيراً فعل وزير المالية الإتحادي بعدم مجيئه لتدشين هذه المؤامرة. خلال الأيام الماضية طاف الوالي (كبر) ووزرائه وحاشيته جميع المحليات الشرقية والشمالية التي ليس فيها توتر أمني يذكر بأرتال من السيارات وقطعوا آلالاف الأميال، كم تكلفة الوقود وقطع الغيار الذي إستهلك؟؟؟، إن كان الوالي (كبر) يضع أدنى إعتبار لصرف مرتبات العاملين لطاف هذه المحليات جواً عبر طائرات (اليونميد) التي باتت تحت سيطرته، لكن الرجل يبحث عن الأضواء والسلطة والشهرة والإعلام والتظاهر للضعفاء بحقوق العاملين وعلى حساب الولاية. لنا عودة [email protected]