حدثنى احد اصدقائى عن برنامج التاسعه مساء الذى يقدمه الاستاذ حسين خوجلى بفضائيته الرائعه ( امدرمان ) وحقيقه لست من هواه مشاهده التلفزيون سواء كان ذلك على المستوى الولائى او المركزى ولا حتى على المستوى الاقليمى او الدولى الا فى الحالات الجسام هنا وهناك, فما تقدمه القنوات على كافه المستويات لا يرضى طموح . واستجابه لاصرار صديقى احضرت جهاز تلفزيون بغرفتى التى تتكون من سرير واحد ومكتبه وجهاز كمبيوتر وشماعه ملابس . وشاهدت اولى حلقات الاستاذ حسين خوجلى قبل اسبوع تقريبا وسميتها فى سرى ( النور والنار ) واصبحت حلقات برامجه ( فنجان جبنه ) او ( كوب من الشاى الاخضر ) اتلذذ بمذاقه , وفى بعض الاحيان قد يكون المذاق حارا ( جنزبيل ) وقد يكون حامضا وفى احيان اخرى كما قال الشيخ المتعارض فى قصيدته التى يمدح فيه السيد الحسن الكبير ( اشهى من اللبن المسكر ) وقد عرفت الاستاذ حسين خوجلى بجامعه القاهره بالخرطوم وكان يومها رئيسا لاتحاد الجامعه الذى تم استيلاده عنوه باراده طلاب الجامعه . . واحسب ان برنامج الاساذ حسين خوجلى اليوم هو مكان للتنفس الطبيعى لكل حادب على مصلحه السودان , وهو فى نفس الوقت صادم لكثير من ارباب واتباع الانقاذ سواء كانوا من الحاكمين او المستفيدين ( كان عديل و كان باللفه ) , وسعدت كثيرا لوضوحه وهجمته الشرسه على الفساد والمفسدين خاصه وان الفساد قد عم كل الوطن من اقصاه الى اقصاه , وتمرغ الفساد حتى فى القرى والبوادى , اذن الاستاذ حسين خوجلى يريد ان يقول للنظام الحاكم ( انت فاسد ) . لقد حكى لنا احد الاخوه المحامين بانه كان قاضيا فى احدى مدن كردفان وكان ذلك فى الستينيات وكان اعزبا وقد وصلته برقيه تفيد وصول احد القضاه الاعلى منه درجه لتفتيشه وتفتيش المحكمه . وقرر اخونا القاضى المقيم الاحتفاء بالقاضى الاعلى درجه فذبح الذبائح واتى بك خمور المدينه ( وستات الدلوكه ) واصبح منزل القاضى المقيم كانه منزل عرس او فرح . وشقت الزغاريد عنان السماء فاتى ظرفاء المدينه وعلت ( كترابه الشواء ) وجاء القاضى الكبير اكل وشرب ثم شرب حتى الثماله , وعندما اصبح الصبح لسعت الشمس القاضى الكبير فوجد نفسه قد نام بحذائه وفوق ( عنقريب ) بدون فرش . فقام وبعد الاستحمام طلب من قاضيه المقيم الذهاب الى المحكمه لاعداد تقريره الذى جاء فى سطرين فقط كالاتى ( فلان الفلانى قاضى الدرجه الثانيه بمدينه ....لا يصلح لتولى مهنه القضاء فهو فاسد فى نفسه , مفسد لغيره ) توقيع فلان الفلانى قاضى المديريه . وكنتيجه حتميه لهذا التقرير ( ما قل ودل ) تم استدعاء القاضى المقيم واجبر على تقديم استقالته . وهذا ما عناه الاستاذ حسين خوجلى فى حلقه يوم السبت 16/11 عندما طلب من الرئيس اقاله كل الحكومه بخيرها وشرها ونحمد للاستاذ هذه الشجاعه , وكلمه الحق التى قالها , فقد مضى ربع قرن من الزمان والسودان يتربع عرش المعاناه وشظف العيش , خمس وعشرين عاما سرقت منا قوت الصغار وضمائر الكبار وما زادتنا الا خبالا .ووبالا . لقد تلقيت تعليمى الثانونى بمدينه ود مدنى وكنت اقطن بمنطقه ود الشافعى وهى رئاسه سكك حديد الجزيره وكنا نسميها ( عطبره الجزيره ) وكنت استمتع عند الاصيل بالوقوف امام حواشات القمح اشاهد كيف تداعب النسمات سنابل القمح وكيف تتثنى سيقان القمح كانها فى رقصه عروس بربريه, وكيف تسرق سنابل القمح شعاع الاصيل لتزين به خدودها المزدانه اصلا بالخير .وكانت قطارات السكه حديد الجزيره تجوب مشروع الجزيره مثل حيات هائله تحمل الثمار من قطن وقمح وفول سودانى الى مارنجان عبورا ببركات . وكان قد خصص قطار من قطارات سكه حديد الجزيره لترحيل ابناء ود الشافعى الى بركات ومنها الى مدينه مدنى عبر بصات مشروع الجزيره . وقد ضاعت سكك حديد الجزيره وبيعت قطاراتها بالمزاد وسكك حديدها وما عادت للقرى بهجتها ونضارتها . ود الشافعى , ود النعيم . البساتنه , ود حميدان , سعد الشفيع , الكمر , السوريبه , حاج النور , الحوش , الطلحه , الضباب , المناقل , والشكينيبه مرقد الشيخ المكاشفى . لقد ضاع وطن وتمزق وتشرزم وتضاءل امام عيون العالم اجمع . فما عاد سله غذاء العالم واصبحت سله غذاء العالم ( شرا ووتاب ) عبد الله احمد خير السيد المحامى / كسلا [email protected]