بالصورة.. "الإستكانة مهمة" ماذا قالت الفنانة إيمان الشريف عن خلافها مع مدير أعمالها وإنفصالها عنه    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (3)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحة امدرمانية 5....الصداقة
نشر في الراكوبة يوم 27 - 11 - 2013

في امدرمان قديما كان الانسان مطالب بان يكون مدردح وحدق وناقش . وإلا ضاع حقك .انا في الرابعة عشر وفي انتظار الالتحاق بالمدرسة الثانوية , لا ازال اتعامل مع النبلة كفترة اخيرة وبينما انا قبل العصر قليلا اجوب منطقة السردارية بحثا عن الطيور في اشجار المجلس البلدي والظبطية ومربعات النجيل في شارع الموردة. شاهدت سائق تاكسي بلهجة غير امدرمانية, يدخل في مشادة مع رجل وسيدتين . وهذا بعد ان ادخل الركاب عفشهم في صندوق العربية وعلى راس التاكسي .
السائق كان يطالب بخمسين قرشا لمحطة السكة حديد فى الخرطوم. وبسرعة ادخلت النبلة في جيبي ووقفت خلف سور التمر هندي. وكامدرماني صميم كنت اظن ان من واجبي ان ادافع عن المظلمومين. وكنت وقتها اتواجد مع عثمان ناصر بلال شقيق عبدالله ناصر صديقى ودفعتى . عثمان كان ميكانيكيا في النقل الميكانيكي ويحمل رخصة قيادة. وكنت اساعده في بعض الاحيان في اصلاح العربات وكدت ان افقد صباعى الاوسط بعد جرح كبير . وحفظت كثيرا من قوانين الحركة والاسئلة التي يواجها الانسان في الامتحان . وقبل ان ابلغ الثامنة عشر كان عثمان يعلمني قيادة السيارة في عربة كومر قديمة.
وبثقة وبحديث العارف قلت للسائق بالتعريفة الكلام ده غلط فقالت احدى السيدات تعريفه شنو يا ولدى الراجل ده قال عاوز خمسين قرش. فقلت لها التعريفة دي السعر البقررو المجلس البلدي . المشوار من المحطة الوسطى امدرمان للمحطة الوسطي الخرطوم 7 كيلو متر التعريفة 25 قرش, والمشوار للمحطة الوسطي الخرطوم للسكة حديد 10 قروش . فنظر الي سائق التكس محتارا . وقال لي وطيب عفشهم الكتير ده ؟ فقلت له العفش صحبة راكب والناس ديل لو عاقلين يركبو الترماج من هنا الى المحطة الوسطي الخرطوم بي قرشين ونص الراكب . فقال لي الترماج الخرطوم بي تلاتة قروش. فقلت له تلاتة قروش من المحطة الوسطى. من السردارية لحدى كاس كمري بي قرشين ونص . من الموردة والطيارات قرشين . فنظر سائق التكس محتارا وقال لي سردارية دى شنو وطيارات شنو؟ فقلت له مفتخرا محل انت واقف ده دي السردارية والشارع ده حسب قانون الحركة اسمو شارع النهر لانه يبتدي في النهر وينتهي في النهر وده اطول شارع في جمهورية السودان مرصوف وده من الشوارع البسألوك منها لمن تمتحن لرخصة السواقة. وكاس كمري دي المحطة البين الدايات وسوق الموردة . والطيارات بعد كبري ابو عنجة , لانو الطيارات كانت بتنزل هناك زمان. وانت احسن ليك مشوار طلب للسكة حديد. كان داير تطرح حترجع المحطة الوسطي وده ما وكت ناس تمشي الخرطوم, حتقعد ساعة في الموقف لحدي ما تملا العربية, وحتدفع قرشين للمنادي .
اكتفى السائق بان هز راسه وفتح لهم الباب فسالته احدى السيدات اها يا اخوي قبلت بالخمسة وتلاتين قرش ؟. فقال لها ما اقبل كيف اذا عندكم محامي . فعندما تحركت السيارة لاحظ السائق من بين فتحات التمر هندي انني حافي القدمين . فقال لي هسي فصاحتك دي كلها وانت حفيان. امشي البس ليك سفنجة . الا ان شكر المراة واشادتها بي خففت علي تلك الهزيمة . يندر ان تحتاج لمساعدة , ولا يهب اهل امدرمان لنجدتك بدون ان يسألهم .
في تلك المربعات الخضراء تعرفنا بكثير من من في عمرنا او من هم اصغر منا قليلا او هم اكبر منا . واول مرة اسمع بمحطة الطيارات كان من الاخ كركور وهو من اهل بانت كان هو وجاره عباس حمد ( عباس ركس ) وتوام الروح رحمة الله عليه بلة يمثلون ثالوثا رائعاً في مدرسة الاحفاد . وكركور كان يقول انتظر شوية واتعلق في الترماج وانزل في الطيارات وامشي البيت ونستمر في الحديث وتمر عدة تراميج ونحن لا نزال نتحدث . ابن عباس حمد نزار ارسل لي ايميلا من السعودية قبل عدة حاولت الاتصال به ولم انجح .
عباس ركس وكركور كانا من الاولاد الشفوت . لا اذكر ان كركور منذ صغره كان بدون سفه كبيره فى فمه . وكان اصدقائه يمازحونه مغيرين الاغنيه الشعبيه(( واحد واحد واحد اثنين ثلاثه واحد . لكن عيون مأمون بتطلع دين الواحد ... الى لكن شعر كركور بطلع دين الواحد )). كركور كان فاتح اللون وشعره سبيبى .
فى 1984 عندما توفى العم خضر رحمه الله الياس ( الحاوى ) . رافقت ابنه حسين للمأتم فى السودان . وفى احد الايام كنا فى انتظار شقيقى شنقيطى امام الماليه ونسبه للسخانه تركنا السائق ووقفنا تحت احد الاشجار . وعندما جلس شنقيطى بجانب السائق كان احد الموظفين يجلس فى المقعد الخلفى . فركضنا للسياره . ولكن الجالس قال لنا بحده ماشين وين . ورفض ان يفسح لنا . وعندما لم نرد عليه قال بحده اكثر ما تمشو تشوفوا ليكم بص ولا مصيبه . ماشين وين . فقلت له ماشين مع شنقيطى فقال الموظف الافنديه ديل شنو . فقال شنقيطى , ده شوقى اخوى وصاحب اخوك كركور . والموظف لم يكن فاتح اللون مثل كركور الا انه اكبر منه سناً . وعندما عرف حسين قال بفرح انت ود عمنا الحاوى . والرجل كان متعوداً ان يوصله شنقيطى يومياً الى المحطه الوسطى لكى يواصل من هنالك الى الثوره .
وعندما توقفت لشراء بطيخ كان صديق شنقيطى متضايقاً للتأخير . وعندما وصلنا المحطه الوسطى . اعطيته اكبر البطيخات الثلاثه . فقال لى مبتسماً انت تمام صاحب كركور فكركور كان كريماً . اما صديقه حمد عباس ركس فقد ترك بصماته فى اماكن كثيره فى العالم . وكان له فى الستينات مكتباً فاخراً مع صديقه سيد بركيه . كان يدير رأس الزوار . وهم اصحاب اول شركه لاستئجار السيارات . اسمها رنت اى كار .
في تلك المربعات الخضراء تعرفت باخى الطيب سعد وكنت في الثالثة او الرابع عشر من عمري وكان يكبرني باربع او خمسة سنوات . وهو من الشريق في الرباطاب وصار احد اخوتي ويحمل ابني اسمه وبما انه بمثابة شقيقي الاكبر فلقد صار احد افراد الاسرة وله ابن يحمل اسمي و واثنين من ابنائه يحملون اسماء اشقائي .
بعد انضمام عبدالله ناصر للقوات المسلحة صرت لا افترق من اخيه الاكبر عثمان . وفي امدرمان قديما صداقتك تبدأ من الخلوه ثم المدرسة الاولية وهنالك من تسميه بزولي يكون من اولاد العادة . وهؤلاء من يقومون بسرقة اغراض من البيوت ويحضرونها الى بيت الطهور . ثم ياتي صاحب الحاجة ويفدي حاجته ببعض المال . وهؤلاء يقفون في زواجك ويساعدونك في كل امور دنياك ثم ياخذون عنقريبك الى البكري , احمد شرفي او حمد النيل . ومن العادة ان يحمل ابناؤك اسماءهم ولا تفرق بينهم وبين اشقاءك . قبل يمومين اتصل بي اخي الطيب ليقول لي انه ذاهب الى العمرة . فبما انني بمثابة الاخ له يجب ان اعرف . الدنيا ما معروفة . وقبل اربعة ايام اتصل بي رفيق دربي عثمان فقط ليطمنني وليقول لي ان كويس والحالة كويسة , لانه يعرف هذا سيثلج صدري.
كثيرا ما يتصل الطيب تلفونيا ليبلغني اخبارا تهمني وفي نفس اليوم الذي توفى فيه صديقي الملاكم والطبيب عزالدين ادم حسين في حادث سير في ليبيا وكان حزينا ويقول لي يا شوقي اخونا عزالدين الزقاوي مات يا شوقي.
في امدرمان قديما كنا ننصهر ونصير روحا واحدة. وكانت القبيلة او المنشأ يذكر كنوع من التعريف او المزاح . ولا تزيد اكثر عن موردابي او مريخابي او هلالابي . كل ما يهم هو طرح الشخص واخلاقه وما يقدم للمجموعة .
حمد ود الحداد عاش في السردارية وفي العباسية وكل الذي نعرفه عنه انه من الجزيرة . اتى وهو صبي الى امدرمان واظن انه اتى من ود الحداد . وكان يسكن عند صديقه وتوام الروح بلة رحمة الله عليه , وكان يسكن معهم يوسف مكييج الذي عرف بود المكييج وهو قريب بلة عن طريق امه . وبله كان يتعبره اخيه ويتكلم عنه كاخوي حمد ولم يكن يربطهم شيء بالاسرة سوى صداقتهم مع بلة. كان نحيفا يميل الى الطول بانف اقنى . وعندما كان في بداية شبابه يحمل شنبا ضخما وسوالفاً كعادة الشيوعيين في فترة الخمسينات وبداية الستينات . وبالرغم من انه بناء الا انه علم نفسه وكان يغتني الكتب .وانضم للحزب الشيوعي وعندما توفي في 1999 اتصل بي بلة حزينا وقال لي اخوي حمد مات ولقد كان اخيه عن حق واخي انا كذلك.
لفترة كان حمد شيوعيا متفرغا. وكان بلة الذي اصبح موظفا يزوده بالمال ولم تكن طلباته كثيرة. واشتهر بشبط عساكر كان يركب ذلك الشبط ويجوب كل امدرمان . وكان يذهب للثورة اللتي عرفت بالمهدية وقتها ويرجع ماشيا وكانها فركة كعب . لدرجة ان بوليسا سريا استوقفهم وقال لهم ( انا مفروض اتابعكم وابلغ, حوامتكم دي انا ما بقدر عليها بس انتو قولو لي حا تمشو وين ووين وتريحوني وتريحو روحكم ). في احد الايام طلب نقودا من بلة فقال لي بلة امسك حمد ده يا شوقي انا قبيل شايف عندو قروش في جيبو فامسكته واخرج بلة ثروة كبيرة من جيب حمد عبارة عن خمسة وسبعين قرشا فقال حمد يا جماعة دي ما قروش ده حق (المقوي ) . وان ما كنت ناقش فافتكرت الامر دواء. لانه قديما كانوا يعطون دواءً يسموه المقوي للمرضى. فقلت له مقوي في شنو ما شديد حايم اليوم كلو بي رجلينك .
وعندما نكون واقفين امام بازار الاحفاد ونشوف عجاجة جاية من بعد مئات الامتار يقول بله داك حمد جاي لان خطواته سريعة وشبط العساكر كانوا يثيرون غبارا كثيفا . و عرفت ان المقوي هو اشتراك اعضاء الحزب الشيوعي والذي يمثل خمسة في المئة من دخل العضو . حمد انقسم وصار جزءا من التنظيم الصيني . وذهب الى الصين . وكان يحكي لنا لشياء كنا نرفض ان نصدقها خاصة و ان حمد كان يحب المزاح والمقالب ولا يتوقف عن الضحك . وكانت كل العباسية والموردة تضحك عليه. لانه ذكر انهم في الصين كانوا ياكلون بذور الخيزران . وان الصينيين يأكلون الدبايب والعقارب والديدان والخنافس والقرود والضفادع . وفي اوروبا عندما ادمنت الاكل الصيني فيما بعد كنت احب بذور الخيزران المعروفة ب( بامبو شوتس) وما جلست لاكل صيني الا تذكرت حمد ود الحداد رحمة الله عليه. وعندما ذهبت الى الصين اكتشفت ان الصين يأكلون اى شئ . ولكن قديما لم نكن نعرف فالانسان عدو لما جهل .
حمد ود الحداد لم يكن يغضب ابدا. كان جميل الروح . كاد مرة ان يتعرض للضرب من ود المكييج. فود المكييج كان يحب اللحم ويقول عندما يحضر الاكل بالانجليزية مييت ...مييت. ولكن لفترة طويلة كان الطبيخ في العشاء ياتي بدون لحم وبالسؤال اكدت الاخت وهيبة انها تضع اللحم في الطبيخ ولان الاكل كان يحدث في الحوش وليس هنالك اضاءة فحمد كان يتوقف خلف الحائط عندما يحضر صينه العشاء , ينشل كل اللحم . الى ان تربص به الاخ يوسف مكييج وقبض عليه متلبسا . ولولا تدخل بلة لفتك به يوسف مكييج . يوسف مكييج كان يكبرنا قليلا وبما ان الوالدة زينب والدة بلة كانت تدير بوفيه في مدارس الاحفاد لسنين عديدة, فيوسف كان يحضر بعض المواد من سوق الموردة, على دراجه شحن , خاصة السمك من محلات بشير وهو شقيق الكابتن المحينة . وعدة مرات كان يشاهدني والاخ عبدالعزيز عبدالله الذى صار حارس مرمى الفريق القومي في سنة سبعين . وكنا نجلس امام العتبة امام دارهم وكان يمر علينا ويعطينا قطعا من السمك المحمر وكانت لفتة امدرمانية جميلة لا ازال احس بحلاوتها.
اخونا يوسف مكييج انتقل الى بورتسودان مع الاخ سمير عبيد من شارع الاربعين. وهو ابن الحكم السوداني الدولي الاول العم عبيد . وبلة كان يقول لهم انا شفت بورتسودان , الزول البمشي بورتسودان ما برجع. بموت هناك ولقد صدق حدثه .
المرة الوحيدة التي رايت فيها حمد ود الحداد محبطا كانت في الستينات عندما قصدني لان بلة كان يعمل في الباقير مع شركة وولش للانشاء والتعمير وهذه الشركة الامريكية اللتي بنت شارع الخرطوم بورتسودان , والمشكلة ان حمد قد ابتاع اربعة براميل ماء في المساء وعندما ذهب الى اطراف الثورة لكي يواصل البناء. وجد ان احد اهل البادية قد عمل حوضا من التراب. وسقى قطعانه . ولم تتوفر عند حمد نقودا لشراء ماء وكان معه اثنين من الطلب. المرة التي كنت اتوقع ان يغضب مني حمد هو انه طلب مني قبل ان اذهب لاوروبا للدراسة . ان اساعده في تركيب لمبة خارجية في الحوش. في البيت الصغير الذي استأجره في ميدان الربيع وعندما ذهبنا الى محلات جلي للادوات الكهربائية شرق الجامع الكبير. اكتشفت انني ملزم بشراء المواد من جبص وخوابير خشبية ومشابك وسلوك ولمبة. فتركته غاضبا وذهبت. وندمت بعد ان تركته .
وعندما اتى في المساء وشاهدني مع بلة ابتدأ على عكس ما كنت اتوقع منه في الضحك الشديد. وقال انت يا شوقي ما بتخجل الناس مستننك تدفع. تمرق بدون ما تقول حاجه . فقال له بلة المفروض تخجل انت تشغل شوقي وكما تدفعو المواد والله انت العينك قوية. ورده كان مالو ياخي ما اخوي. فقال له بلة ياخي شوقي امكن ما كان عندو قروش. كان تسالو.
حمد ود الحداد هو الذي ايقظني من النوم في خمسة وعشرين مايو وقال لي في الصباح الباكر وقال لي يا شوقي ... يا شوقي ناس عبدالخالق عملوها.
فوالدتي كانت تدعوه كثيرا لاصلاح اشياء في المنزل . الا انه كان ياخذ العربون ويطفش ويؤدي الامر بعد تعب . وتلك الايام كان يصلح بلاط البرندة . وكان عندما يريد احضار شيء اقول له امشي معاك الرجل بالرجل. وعندما قال انه يحتاج لشوال قديم لدعك البلاط لمسح الاسمنت وبعد اللتق بالاسمنت احضرت له شوالا. فقال انه يريد شوال خفيف زي بتاع الفحم . فقلت له نمشي سوا . فضحك بطريقته المعهودة وقال لي يا شوقي انت اتعلمت من معسكرات الاعتقال في اوروبا ولا شنو؟ . ياخ الواحد لو داير يزوق ما تخلو. ياخ البلد فيها ثورة الواحد داير يلم في الرفاق . فتركته ليذهب ولم يرجع بعدها.
عندما رجعت رجعت في نهاية 1974 لزواج بلة . قال لي كمال ابراهيم بدري والذي كان يسكن شمال ميدان الربيع جارا لصيقا بعمنا احمد مالك والد نعمات مالك وجاره من الجهة الشمالية كان منزل عبدالخالق محجوب وزوجته نعمات مالك . اذكر ان كمال قال لي (عاوز تقابل صاحبك حمد ود الحداد؟ ) فقلت له طبعا. فصرخ من الحوش يا حمد ...يا حمد وبعد دقائق كان حمد امامي وهو يضحك بضحكته المميزة وردا على حيرتي البادية قال كمال السنين الكنا في انجلترا حمد كان ساكن في البيت . لما رجعنا قام ناسب ست العرقي جارتنا وسكن معاها . وواصل كمال قائلا حمد راجل ولوف قال احسن استمر في الحلة وناسب الجماعة.
حمد كان يقول لي في الفترة التي سكن فيها في منزل كمال ابراهيم بدري كانت اجمل فترة في حياته لانه كان جارا لعبدالخالق محجوب وعندما كان الناس يسالونه لماذا يسكن في منزل دكتور كمال كان يقول لهم بثقة ده بيت اخوي . وهو لم يكذب. لقد كنا جميعا اخوة امنا كانت امدرمان . الى الان لم اعرف ما هو اسم اخي حمد ود الحداد بالكامل فهذا الامر ليس بمهم في امدرمان ....
التحية .....
شوقي....
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.