سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأتم الجنرال
نشر في الراكوبة يوم 08 - 12 - 2013

مع الفجر خرج الجنرال الفاتح عبد العال بقامته المميزة من منزله شمال المجلس البلدي . والحي عرف قديما بحي اليهود . كانت وجهة الجنرال منزلنا في منتصف الشارع ويجاور قبة الشيخ دفع الغرقان .وبصوت حزين قال الجنرال لاختي نضيفة ,, محمد عبد الجليل اسلم الروح ,, محمد عبد الجليل او محمد الانصاري كان من سكان منزلنا لاربعة عقود ولكن تلك الليلة كان محمد عبد الجليل طيب الله ثراه يقضي الليلة مع اسرته الاخري .
نضيفة متعها الله بالصحة هي امبراطورة منزلنا نهابها ونحترمها قبل كل الرجال والنساء . وهي مثل نساء امدرمان تحل وتربط . ووصيتها للاخ الفاتح عبد العال ان يتوجه الي الاذاعة لكي يعلن خبر الوفاة وان يزكر اسم بلدته الرماش بالقرب من سنجة . وفي نفس اليوم حضر اهل محمد عبد الجليل للمأتم في منزل الجنرال .وسكنوا مع الاهل . واتي المعزون لمأتم الجنرال .
محمد عبد الجليل ترك الرماش وهو صبي بعد ان ضاق بقسوة زوجة ابيه الذي لم يكن يتواجد كل الوقت في المنزل ، بسبب مشاغلة . وطلب من سائق اللوري ان يساعده في ايجاد عمل في امدرمان التي تفتح زراعيها للجميع كما عملت مع جدودنا . والسائق كان يعرف ان طباخ آل,, ابو العلا ,, يحتاج لما عرف قديما ببنجوس . وهو الصبي الذي يساعد في المهنة . ومحمد كان يقول انه بالرغم من اجتهاده ,, شغلة التبيخ دي اصلو ما ركبت لي ,, وانتهي به الامرممارسا عملية الغسيل والمكوة في منزلنا . وصار صديقا لمئات الناس احدهم هارون الغسال في حي الامراء .ولكن صلته لم تنقطع بآل ابو العلا . وهو الذي اطلق اسم بنجوس علي الدكتور محمد عبد الحميد شقيق السيدة سلوي عبد الحميد زوجة اللواء الفاتح عبد العال، وهم من آل ,, ابو العلا ,, .
اللواء الفاتح هو شقيق المناضلة محاسن عبد العال واحسان عبد العال وهما زوجات الاقتصادي بابكر بوب والمهندس عمر بوب رحمة الله علي الميتين والحيين . والدتهم هي زينب بت الناظر وهي وشقيقتها آمنة من المتعلمات ويتقن اللغة الانجليزية . وشقيقتهن الخالة عشة والدة المناضلة فاطمة احمد ابراهيم . وشقيقهم اول سوداني يصير مديرا للسكة حديد ، العم محمد الفضل زوج وردة اسرائيل شقيقة سكرتير نادي الخريجين الاستاذ ابراهيم اسرائيل . وكل هؤلاء وعشرات الاسر الامدرمانية كانت تعتبر محمد الانصاري احد افرادها .
محمد احب امدرمان واحبته امدرمان . اكثر ما يبهجه ويجعلة يقفز كالطفل كان حضور ام سلمة ابنة الصادق المهدي الي منزلنا ، فهي صديقة شقيقتي لمياء . وكان يسعده الذهاب الي قبة المهدي والجلوس تحت الحائط واحتساء كوب شاي . كما كان يحب الذهاب الي مشاهدة صراع النوبة في حمد النيل . ويأتي ليحكي لشقيقي يوسف كل تفاصيل المنافسات . وعندما صاروا يأخذون رسوما للدخول ، صار محبطا . فطلب منه شقيقي العميد ان يبلغ صديقه الاخ حسن سعيد النور بانه خال العميد . فاعطاه حسن كرتا اكراميا للدخول .
حسن هو اول من بدا معرضا للموبيليا في شارع الاربعين . وكان قبلها يرسم ويلون الزهريات في كشك بالقرب من مدرسة امدرمان الاميرية . كما ظهرت رسوماته في دربوكات دار فلاح للفنون الشعبية ، وصار هذا تقليدا.
بعد وفاة والدتي ووفاة الشنقيطي الذي كان يربطه حب واحترام مع محمد عبد الجليل ولا يذكره محمد الا بالملك ، صار المنزل العامر كحال الدنيا . وطلبت منه اختي الهام ان ينتقل معها الي الخرطوم اثنين ، ولكنه رفض ان يترك امدرمان. والشنقيطي قال لي عندما دعوت الي اجتماع مجلس ادارة في نهاية الثمانينات في مكتبنا في شارع واحد العمارات ، وكان موظفا في وزارة المالية. ,, انحنا ما حصل قطعنا كوبري بالليل . اجتماعكم ده يا تسووه بالنهار يا تسووه في امدرمان .
صديقي عبد السخي السمكري في زقاق الصابرين قال لي انه ذهب الي الخرطوم في اكتوبر . والبقية لم تذهب ابدا للخرطوم ، يسووا شنو ؟؟ شقيقي يوسف لم يذهب الي الخرطوم من قبل اكتوبر .
منذ الصيف وانا اتذكر محمد ، فعندما كان ابن اخي شهاب الدين في زيارتنا كان يجتر الزكريات مع ابن شقيقتي محمد صلاح المولود في لندن وشهاب الدين امه اسكندنافية ومولود في السويد ، ولكنهما ترعرعا في امدرمان ودرسا سويا في مدرسة المجلس الافريقي . ويدور حديثهما كثيرا عن محمد عبد الجليل وهو صغير . وكان شهاب يتعرض للضرب من محمد الانصاري ويبكي . وعندما يكون عاليا في البكونة ، وهو متأكد من ان محمد لن يصله ، يبدا في وصف محمد ب ,, دوما ,,. وهي نفس الكلمة الانجليزية دام . وتعني بليد ولكن بالسويدي . والالف للتعريف وتعني البليد او السيئ. وتستمر المناكفة لمدة طويلة . ومحمد يمارس عمله في غرفة المكوي . ويقول له تهمة انا يا شهاب ؟ تهمة ليه انا سارق ولا حرامي ؟
عندما كنت اسأل شهاب عن السبب ، اعرف ان شهاب كان صغيرا وعندما يرجع من اللعب في الشارع وهو مغطي بتراب امدرمان وهو عرقان وحران ، ولا يستطيع ان يقاوم التياب السودانية بالوانها الجميلة والماء الذي يقطر منها . ويبدأ في الدخول بينها وعيونه مفتوحة مستمتعا الالوان والرطوبة . وقد يصل السلم راكضا الي امه التي لاتؤمن بضرب الاطفال قبل ان يقبض عليه محمد الانصاري ، و السير يكون في انتظاره . وشهاب الدين الآن بلحيته الطويلة وغرة الصلاة ووقاره ، يبدوا مختلفا من ذ لك الطفل . ولكن المرض بتاور . ففي بعض الاحيان يبرز ذالك الصبي الامدرماني بالرغم من انه متزوج واب ، ومسؤول في جامع يوتوبورج . وزوجته السويدية ووالدته وشقيقتة لايؤخرن فرضا . وهؤلاء لايعتبروت الدين قشرة اووسيلة . ولكن لسانه الرباطابي يجد حريته . ويذكر محمد عبد الجليل ويتذكر تلك الايام الجميلة ويحن الي امدرمان كثيرا . ويقضي شهورا مع عائلته في امدرمان ويخطط لشراء شقة .
لم اري محمد خارجا عن طوره الا مرة واحدة في حياتي . محمد كأنصاري متشدد لم يكن يؤمن بأن الامام الهادي قد قتل ، ويؤمن بأن الامام سيعود . وعندما نقل الصادق رفاة الامام لكي يسمح لنفسه بأن يكون اماما ، اتت اختي حفصي كنتباي ابو قرجة المشهورة بالعمدة . وهي عمدة اسرتنا وكل امدرمان . واكدت العمدة لمحمد ان الامام قد مات وان رفاته دفنت في القبة . وكان محمد يصرخ في وجهها رافضا كلامها . مما اضطرني مع حبي واحترامي ان احتد معها واطلب منها ترك محمد في حاله.
المنزل الذي نسكنه هو رقم 990-4-1 وعرف قديما ببيت الهنود فلقد سكن فيه مجموعة من الاسر الهندية , والمنزل المجاور له منزل شقيقتي وزوجها وابنائها واحفادها . ويجاورنا من الجهة الشرقية العم فتحي عاذر او ابو جيمي . وآل عاذر جاوروا اهلنا منذ التركية وكانوا نعم الاهل . طردتهم الانقاذ وتفرقوا في كندا واستراليا , وكان ابنهم نصر رحمة الله عليه فاكهة الحي يحبه الجميع وكان عنوانا للحي . جلد في الديمقراطية الكاذبة . فذهب الي مركز الشرطة بعد ان شرب وقال لهم ,,انتو قايليني عشان حلبي بخاف من الجلد . انا مسيحي وديني بيسمح لي اشرب . فقام البوليس باعادته الي المنزل وطلبوا منا ان نمسكه .
الوزيرة تابيتا بطرس سكنت علي بعد خطوات من منزلنا ولها شقيق اسمه شوقي . وسكنهم كان في مساكن مستشفي الارسالية والذي صار التجابي الماحي. وكان يسكن تلك المساكن العاملين في المستشفي واغلبهم من المسيحيين . وهنالك مدرسة تعلم الكبار في المساء وتعلم اللغة الانجليزية .
في الثمانينات كنت احضر صينية الغداء من المطبخ وعندما انادي علي الآكلين كان العزيز عبد الرحمان الشيخ اول من يتصدر المائدة ويبدا في عملية التنظيم والتأمر . فقلت له مازحا بطريقة ناس امدرمان ,و انتا ده بيتكم يا عبد الرحمان ؟ ,, فقال بدون تردد ايوه ، كل الارض دي حقت جدي . جدي جابكم واداكم . حتي الخواجات ديل جدي اداهم كل الارض دي وعملوا المستشفي ، علشان يعالجوا الناس . عندك كلام ؟؟ فضحك الجميع وقلت له ماعندي اي كلام .
الشيخ دفع الله الغرقان اعطي ارض للمسيحيين لعلاج المسلمين . وكان الاديب والشاعر وحافظ التراث والمذيع ومغني الحقيبة والفنان صاحب الاسطوانات المبارك ابراهيم مسئولا في ذالك المستشفي . وكان العلاج عن طريق الكروت لكل عائلة ، وبدون مقابل .وتحت قبة الشيخ دفع اللة عاش مجموعة ضخمة من الحيراب والمساكين . وجاوره الجميع من مسلمين ومسيحيين ويهود ومن يؤمن بالسبر والكجور وبالهندوسية او البوذية في امن وحب .
عندما تزوج محمد عبد الجليل كان زواجه في الرماش مصدر فرح وسعادة لاهلنا . وعندما رزق بابنته فاطمة كانت والدتي وشقيقتي الهام يسكنون في حي ميفير في لندن وكانوا يذهبون لمحلات مظر كير لابتياع لوازم الامومة لابن اختي محمد وفاطمة ووالدتها في الرماش . وتصادف ولادة ابني جاك بعد اسبوع من ولادة محمد وبضع اسلبيع من ولادة فاطمة محمد عبد الجليل . والدة محمد عبد الجليل حواء كانت تأتي باستمرار لمنزلنا وكانت تاتي ببعض الاغراض مما يشترية التجار في امدرمان . وتشتري البضائع التي يمكن بيعها في الرماش .
وعندما كانت ابنة اختي وشقيقها يتحدثون عن الخالة حواء ، كنت اظنها حواء والدة محمد عبد الجليل ، ولكن وضح لي انها حواء اخري سكنت في المنزل بطريقة دائمة . وكانت تعطيهم البامبي المسلوق الذي تبيعه مع اشياء اخري في المدارس . وعندما سألت اختي الاكبر مني آمال من هي حواء ؟ كان ردها ,, انت عارف ناس امك اي زول ممكن يجي يسكن معاهم ، ما زمان كان كدا ,, وهذ لم يكن قديما ، كان مع بداية الانقاذ ، قبل ان تحول الانقاذ السودانيين الي شئ آخر . وحواء اتت من دارفور وكان المنزل مفتوحا لمناسبة زواج شقيقتي الصغري ، وصارت جزئا من المنزل والحي وامدرمان التي كانت تستقبل كل انسان . وحواء فقدت ابنها الوحيد في الحرب .
اكبر وافخم بيت في الحي كان منزل رجل البر والاحسان عبد المنعم محمد الذي يحمل اسمه الميدان الكبير في الخرطوم . وهو مولود في امدرمان في 1900 . وهذه نفس سنة ميلاد زميل دراسته الزعيم اسماعيل الازهري . ومنزل عبد المنعم محمد كان عبارة عن قصر يواجه الكلية في شارع الموردة ، وعند البوابة اكبر سبيل في السودان يتخصص احد الخدم بنظافته . وفي كل يوم جمعة يفتح السيد عبد المنعم الدار لاصدقائه واحبابه وتمد موائد الطعام ويشارك السيد عبد المنعم في الاكل والاهتمام باصدقائة . وبينهم الشحاذ والمجذم والمريض . وبعد الاكل كان يوزع عليهم المال والكساء . واراد ان يجعل كل ماله وقفا . ولكن منع لان الشرع لايسمح له الا بثلثي المال ليفوز الورثة بالثلث .
السيد عبد المنعم محمد من اسرة ابو العلا وهؤلاء كان يضرب بهم المثل في الغني . ومبني حزب الامة كان مسكن عبد السلام ابو العلا وزوجته الطبيبة ذروة سركسيان ووالدها ارمني وشقيقتها تكوي اول صحفية تصدر صحيفة نسائية .
محمد حسدنين ابو العلا كان صديقا لموسي ناصر ود نفاش . وعندما رجع من مصر اتي ببالطو لود نفاش . وكان البالطو لبس علية القوم والاثرياء . وبعد ان لبس موسي البالطو قال ,, وطيب ,, اذا مرقت من هني وزول قال لي اديني حاجة ، املص ليه البالطو ,, فضحك العم ابو العلا وطلب من العامل معه ان يضع جنيها في كل جيب . هكذا كان الناس قديما لايفرقهم دين او قبيلة ، والمال والثروة لاتزيد الا ما تواجد اصلا عند صاحبها وتظهره . ولا تشتري الاحترام والتميز .
وود نفاش في بداية شبابه كان يذهب الي العم هريدي وهو من اكبر التجار في امدرمان ومحلاته في ركن الجامع الكبير . وله عدة دكاكين مستأجرة . احدها مقهي شديد المشهور . وكان يجلس معه بانتظام وامام الدكان الاستاذ احمد محمد صالح رئيس مجلس السيادة ومؤلف النشيد الوطني . وقامت مراسم القصر بمنعه من الجلوس امام الدكان وهو رأس الدولة . وكان يأمر السائق بان يمر امام الدكان ، ويهدئ السرعة ويقول متحسرا ,, ما منعونا ، منعونا ,, وكان ود نفاش ياخذ الحمار الذي كان يضرب بقوته وجماله المثل ، ويقولون ده كلام ما يشيله حمار هريدي ، او جريت كرت ما يشيلو حمار هريدي . والغرض كان حمام الحمار في البحر . ولكن ود نفاش طلع الحمار في كرتلة ,, يانصيب . وعندما سألوه عن الفائز قال لهم عم هريدي كسب الحمار ودلوكت واقف قدام دكانه . ولم يغضب احد .
وموسي كان يأتي لمنزلنا فهو خال ابناء الشيخ دفع اللة ، محمد رحمة الله عليه وعبد الرحمان . وكان شقيقي يوسف متدينا منذ صغره فسأله ود نفاش الدقن دي شنو يا يوسف ؟؟ . فقال يوسف رجالة . وضحك ود نفاش وقال له ,, الصوف ده كان فيه رجالة ماكان بقوم في ال.......
في احد الايام عندما خرج السيد عبد الرحمان من القبة بسيلرته الرولز رويس كان ود نفاش يقف عاري الصدر باسطا ساعديه . وعندما نزل العم باب الله الذي كان يرافق السيد عبد الرحمان مستفسرا . قال موسي ,, سمعت سيدي اتبرع للصليب الاحمر بي 500 جنيه ، الصليب الاسود ده عاوز ليه 5 جنيه بس ,, والسيد عبد الرحمان كان يرسل في طلب موسي ويسأله عن ماذا يقول الناس في امدرمان ؟؟ وكان موسيي يصدقه القول حتي في التهجمم علي السيد عبد الرحمان وانتقاده . وود نفاش عمل كل حياته في محلات اليوناني لمنيوس في المحطة الوسطي وتعرفه كل امدرمان .
موسي والشاعر العبادي تحصلا علي مبلغ 170 جنيه واشتريا لوري كومر كانا يأجراه لدائرة المهدي . وبعد ان استلم الصديق الدائرة من الفاضل . تخلص من كل اللواري المستأجرة . فذهب موسي والعبادي الي الباخرة الطاهرة علي النيل . وكان السيد عبد الرحملن يودع المانيا . ورحب بهم السيد عبد الرحمان وقال ان ذالك اجمل واسعد ايام حياته لان ذالك الخواجة قد دخل الاسلام علي يديه . فقال موسي ,, مافي فايدة يا سيدي انت دخلت واحد الاسلام ، السيد الصديق الليلة طلع اتنين ,, وارجع الكومر . فحي اليهود كان علي مرمي حجر من قبة المهدي آل تمام اليهود كانوا شركاء العم بدوي مصطفي بائب رئيس تنظيم الاخوان الاول والرئيس كان العم المفتي والسكرتير علي طالب اللة . والعم بدوي هو وزير المعارف في حكومة الازهري والذي فرض الدين الاسلامي في الشهادة .واضطر لتصفية اعماله في الانقاذ . وترك ابنائه السودان . وآل وبن زيون او بسيوني يسكنون جيرانا لنا . والنبي صلي الله عليه مات ودرعه مرهون ليهودي . عن اي دين يتكلم مجرمو الانفاذ ؟؟
قبل شهرين اتصل بي الدكتور منصور اسحاق اسرائيل ومعه شقيقي خليل وكان واضحا انهما في جلسة انس في الحي . ومنصور كان صديق شقيقي الشنقيطي رحمة الله عليه . ووالدة منصور هي الخالة اسماء ابنة مورخ السودان الاول الاستاذ محمد عبد الرحيم ، والد الاستاذ بدر الدين من اوائل مدرسي الرياضة والد البطل هاشم بدر الدين . وهؤلاء من سكان الحي الذي ضم الارمن واليونانيين المصريين والاتراك . منهم الدكتور يورقوس دانجاس اليوناني الذي كانت عيادته في داخل منزله . ويعاجنا والدفع آخر الشهر وكان يوصي اخي خليل بان يشرب النشا او المديدة بسبب رقة عوده . وجاره يوناني طبيب اسنان لم نحتاج ابدا لخدماتة ، فاسناننا كانت تفتك بالدوم مثل القصب . والعم نازاريت ايمريان الارمني وصاحب مصنع اليمونادة الوحيد في امدرمان . يوزع مشروباته العم سعيد بحمار ابرق عالي وقفف ضخمة . ويشاركه احمد ومحمد بالدراجات . من اهل الحي آل زلفو منهم المؤرخ الظابط عصمت زلفو مؤلف كرري وشيكان .ولايمكن ان ننسي الاب فيليب مضوي غبوش الذي كان هو واهله واصهاره الاقباط من معالم الحي . لقد كان الجميع اسرة واحدة قديما ، لعنة الله علي الانقاذ .
التحية
ع . س . شوقي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.