قيل في زمن الرئيس الراحل جعفر نميري رحمه الله كان هنالك احد الوزراء التكنوقراط الرزينون والمتزنون في مامورية رسمية بمدينة ود مدني .. وهو في طريق العودة سمع عبر مزياع السيارة فقط خبر إقالته من منصبه .. وبكل هدوء وثقة في النفس قال للسائق خلاص فك البيرق ... السائق فهمها على طريقته فعدل من جلسته ورفع كوعه الايسر من الباب ورمى للسيارة الترس الثالث وشرع في الجري .. سيادة الوزير انتبه للسرعة المتصاعدة فنهره ( دا شنو يا زول انت جنيت ؟) .. سعادتك ما قلت لي فك البيرق ..( ياخ فك البيرق يعني وقف السيارة على جنب الطريق ونزل العلم من السيارة لانه انا لست وزيرا الآن) .. تذكرت هذه الطرفة الآن مع التغييرات الوزارية الجديدة وانا اطالع واقرأ واشاهد هؤلاء الوزراء المزمنون والمدمنون المقالون وهم فهموا فك البيرق على طريقة السائق وليست على طريقة ذاك الوزير طيب الذكر .. فشرعوا حتى بعد اقالتهم يعقدون المؤتمرات الصحفية ويشاركون في الندوات وهم يقدمون في الوصفات لحلول كانت غائبة عنهم ابان سلطتهم وسطوتهم في صورة تشبه المذاكرة بعد الامتحانات .. منهم من ينتحب ومنهم من ينتظر الاعادة في القرارات .. بالرغم من النغيير الوزاري كان فعلي نوعا ما ولم يكن كما التغييرات السابقة على طريقة ( shifting في الكرة الطائرة .. لكن لم يكن مفاجئا .. أي لم يأتي بأوجه لم يألفها الناس .. لكن اجمالا يقرأ منه هو تغيير في الاسلوب وليس تغييرا في السياسات .. اذ ان معظم المقاليين هم الذين حملوا ( وجه القباحة ) في مواجهة الشعب بالسنتهم ومعاداته والمن عليه بفضائل لم يراها بل لم يسمع بها .. خيرا لهؤلاء المقالين كما هو خير لنا ان يفكوا البيرق بمعناها الحقيقي ويتركونا في حالنا ننتظر عما سيسفر عنه هذا التغيير ... مع التذكير بأنه لازال هنالك عدد من هؤلاء الاخوة الاعداء في السلطة .. لماذا تم الابقاء عليهم؟ .. هل هم كانوا ناجحين في مواقعهم؟ ... هل وزير الخارجية كان ناجحا ؟؟ والدولة علاقاتها تكاد تكون مقطعة مع طوب الارض .. وهل وزير الاستثمار كان ناجحا .. ذلك الذي اشعل حرب الاراضي بين المواطنين والمستثمرين وما حادثة ام دوم عنا ببعيد .. اذا ما هي معايير ذاك التغيير هل هو ركوب موجة التغيير الاقليمية ولفظ المنتمين ظاهريا واصحاب الانتماء الصارخ لحركة الاخوان المسلمين العالمية ؟ قبل ما نجد اجابة على هذه الاسئلة نرجع ونقول للمقالين خلاص فكوا البيرق عليكم الله وخلونا في حالنا .. [email protected]