بغض النظر عن توجهاته الايدلوجية إلا انه في المقام الاول مواطن سوداني كان يستحق ان يعيش معيشة كريمة في وطن مزقت اطرافه الحروب وأرهقته الازمات السياسية والاقتصادية وظلم ذوي القربي ،وهو مبدع يستحق ان تحتفي به وهو حي ونتفاخر بإبداعاته التي ملأت الارض شرقاً وغرباً عرفه الاخرون قبل ان نعرفه كما هو الراحل الفنان مصطفي سيد احمد الذي عرفناه واحتفينا به كثيراً بعد رحيله ولم تسعنا براحات الارض ونحن نردد اغنياته ونموت عشقاً فيه ولم نتسأل يوماً كيف كان يتحصل علي حق غسلة الكلي الاسبوعية التي كان يتلقاها بمستشفيات الدوحة،مات المواطن محمد حسين بهنس الذي وجد متجمداً امام مسجد مصطفي محمود بالمهندسين بالعاصمة المصرية القاهرة وظل حسب ما وردت وكالات الانباء ومواقع التواصل حوالي اليومين بمشرحة زينهم دون ان يتعرف عليه احد برغم ان عداد السودانيين بالقاهرة اكثر من (4) مليون مواطن الا ان هذا العدد من ابناء السودان لم يجده بهنس في حياته وهو متشرد يبحث عن المأؤي والمأكل في شوارع القاهرة فكيف يجده وهو يفارق الحياة بكل زخرفها ليسطر عنواناً كبيراً عن ازمتنا خارج الوطن (). لاأدعي معرفة سابقة بالراحل لجهلي بالفن التشكيلي ورموزه في الخارج من المبدعين ولكني اجتهدت خلال اليومين الماضيين للاطلاع علي سيرة بهنس من خلال بعض الاصدقاء الصحفيين وصفحات ( الفيس بوك ) التي نعته قبل ان تتبرع السفارة السودانية بالقاهرة او وزارة الاعلام او الثقافة بنعيه بإعتبار انه رمز من رموز الابداع في الوطن الكبير ،ومن ما وجدت في سيرته انه شاعر وروائي وتشكيلي من اشهر رواياته (راحيل) وشارك في العديد من المعارض التشكيلية خارج وداخل السودان متزوج من فرنسية انجب منها طفلاً بعض الروايات تقول انه انفصل عن زوجته الفرنسية وقامت السلطات هنالك بترحيله واتي الي القاهرة لينظم معرضاً تشكيلياً وطاب له المقام (بأم الدنيا) وسكن بأحد احيائها وعندما تدهور وضعه المادي انتقل الي العيش في شوارعها واختار ميدان التحرير سكناً وتوفي وهو يرتدي بنطلون وفنلة (لم يتكرم عليه واحد من الاربعة مليون سوداني الذين يقيمون بالقاهرة ببطانية او مايقيه من البرد رغم انها لاتكلف شئ ). موت بهنس يفتح الباب لتسأؤلات كبيرة ربما لانستطيع الاجابة عنها الان ولكن الزمن كفيل بأن يجيب عليها...الي متي يظل المبدعين السودانيين يهيمون في صقاع الارض تشرداً؟من المسئول عن هذا التشرد؟ ماهو دور المواطنين السودانيين في ديار الغربة تجاه اخوتهم هنالك وهل نستطيع ان نقف الي جوار بعضنا البعض؟وهل ضاعت النخوة فينا ؟ من هو المفترض محاسبته علي وفاة بهنس هل المجتمع ام السودانيين بالقاهرة ام سفارتنا بالمحروسة؟ د. صبوح بشير [email protected]