حكم الانجليز السودان ستون عاما حتي نال السودان استقلاله في بداية يناير 1956 ، ومن المعروف ان حكم بريطانيا للسودان واستعماره كان سياسة عالمية تقسمت فيها الدول الكبري افريقيا مثل فرنسا وإيطاليا ، وسلب الاستعمار شعوب افريقيا ارادتها الوطنية وعمل علي الاستفادة من ثروات تلك البلدان التي احتلاها لمنفعة دولهم وامبراطورياتهم! ونشر ثقافته في الدول التي كانت تحت تيجانهم!.. وقاوم السودانيون الاستعمار الإنجليزي شعبا ونخبة حتي تم اجلائه!، وبرغم عيوب الاستعمار لبلادنا الا انها تركت للسودان بنية اقتصادية واعدة تتمثل في مشروع الجزيرة بكل ضخامته وسوق جاهزة تستورد مانصدره من قطن المشروع! بالاضافة لبنية تحتية تتمثل في السكك الحديدية والطرق الداخلية وهيئة الاتصالات والبرق والتلفونات التي كانت تربط القطر مما جعل السودان متميزا عن الكثير من دول افريقيا والشرق الاوسط ومتطورا علي العديد من الدول العربية والاسيوية!.. وكان هنالك مناهج متطورة للتعليم العام والعالي وكان هنالك استقرارا في أقاليم السودان وحتي حركة النقل النهري بين الجنوب والشمال كانت منسابة ونقل البضائع لكافة أقاليم البلاد عبر السكك الحديدية شمالا وغربا وشرقا ووسطا!.. وظل الاقتصاد قويا لسنوات طويلة حتي مابعد الاستعمار!.. وحتي حركة الفن والرياضة كانت مزدهرة في عهد الاستعمار رغم اختلاف الثقافة واللغة والدين! فكل انتاج الحقيبة من شعر وغناء كان في عهد المستعمر! وبدا الرياضة ونشاة المريخ والهلال والموردة وبري وكل الفرق القوية وعباقرة كرة القدم كانت في ظل ادارة المستعمر الانجليزي!.. ومابين حكومات عسكرية وديمقراطية طائفية هشة ضاع السودان وأنهار اقتصاده حتي وصلنا لحكم الانقاذ والاسلاميين!، ونحن الان في السودان نشهد استعمار من نوع اخر وجديد ليس فيه سلب للارادة وحدها! وانما تكميم للافواه وسجون وتعذيب ومصادرة لكل الحقوق! ثروات بلادنا بدلا ان تذهب لدول اخري اصبحت تذهب لأفراد النظام الحاكم فقط ودولتهم الداخلية وينحرم كل الشعب منها! مع الفقر والمرض والعوز والذل والمهانة والجوع! تدهور علي كل المستويات ، ثقافة وفن ورياضة ، بل وحرب وتقسيم للبلد واغصاء علي اساس قبلي وعرقي وديني بمستوى لم يفكر فيه حتي المستعمر الأجنبي! وبرغم ان المستعمر كان يحاول إشراك السودانين في الحكم عبر الإدارة الاهلية كمثال نجد ان الانقاذ تحتكر كل السلطة ولاتترك للآخرين حتي الفتات! ولازالوا مصرين علي استعمارنا! لازالت نفس اللغة المستبدة والسياسات الاستعمارية للمؤتمر الوطني تطبق فينا صباح ومساء!.. اذا قارنا بين الاستعمار الانجليزي لبلادنا واستعمار الانقاذ نجد المقارنة للاسف معدومة! الاستعمار الانجليزي بالنسبة للسودان برغم قبحه المتمثل في غياب الإرادة الوطنية وسلب الحرية الا انه يمثل للسودانين جنةالله مقارنة بجحيمها الذي تمثله الانقاذ ونظام المؤتمر الوطني!.. نال السودان استقلاله من المستعمر الانجليزي فمتي ينال استقلاله من المستعمر الانقاذي وحكم الإسلاميين!.. نضال عبد الوهاب [email protected]