:: ومن نعم الله على الكاتب والصحفي، القارئ الذكي الذي لايكتفي بالقراءة، بل يهبك الرأي الآخر المكمل للرأي و كذلك يهبك الفكرة التي تجمل بها حياة الناس، وكذلك يتقاسم معك صحيفتك - أو زاويتك - بتحريرها بأفكاره وقضاياه، أو هكذا علاقتنا بقرائنا بفضل الله ..وليس من العدل أن يصف أحدكم قراء بهذا المقام السامي بالمتلقين، علماً أن ثورة الإتصالات ووسائلها الإلكترونية أزاحت الستار ولم يعد هناك حاجباً بين الكاتب والقارئ، و صار القارئ كاتباً أيضاً في ذات مساحة مكتوبك بأي موقع إلكتروني، وبهذا تستطيع أن ترى آثار أحرفك في أحاسيسهم وإنفعالاتهم ( سلباً كان أو إيجاباً)، وكذلك تجد في حزم رسائلهم وتعليقاتهم ما ينقصك من الرأي الصائب أو الفكرة الرائعة .. !! :: لهم التقدير حين يمدحون، ولهم المحبة حين ينتقدون، فالمهم يجب أن نكمل بعضنا - بلا يأس أو حزن - في نشر ما نراه وعياً يُفيد حاضر ومستقبل بلدنا وأهلنا..فكرة زاوية اليوم إلتقطتها من الأخ القارئ مصعب دياب حين شارك معلقاً ومراسلاً عبر موقع التواصل الإجتماعي، أي ليس لي في زاوية اليوم غير ( سهم الصياغة)، وأشكر مصعب على هذه المساهمة المقدرة ..قبل أسابيع، كتبت زاوية بعنوان ( الأرض لمن يفلحها)، وأشدت بتجربة الدكتور الحاج آدم عندما كان والياً بالشمالية، حيث ساهمت التجربة في إستقرار الكثيرين من أبناء البلد بعاصمة تلك الولاية حين إمتلكوا الأرض بعد أن كانوا يستأجرون المنازل والمحلات التجارية والمزارع.. بالإمتلاك، زاد إنتاجهم ونشاطهم التجاري، ورفع معدل الكثافة السكانية المستقرة وخلق نسيجاً إجتماعياً رائعاً..!! :: فكرة الأخ مصعب تصب في ذات الغاية، أي تمليك الأرض لمن (يفلحها أو يُشيدها)، وليس لمن (يُتاجر بها)..نعم للأسف، بسوء النهج الحكومي في كيفية إدارة الأرض، صارت الأرض في السودان ( سلعة)، كما دولار السوق الأسود، ولم تعد بمورد إنتاج وإستقرار..على سبيل المثال الفاضح ، حي الأندلس بالعاصمة من الأحياء التي تم توزيع أرضها بأمر وإشراف السلطات الحكومية قبل عقد ونصف من الزمان، ولا يزال هذا الحي بلا منازل أو سكان ..قطع الأرضي التي وزعتها الحكومة بالأندلس ليست للسكن ولا للزراعة، بل ( للتجارة)، وكأنها قطع غيار وليست بقطع أراضي.. وتُجار الأراضي يمتلكون بهذا الحي عشرات القطع، ويتاجرون بها فيما بينهم أو يخزنونها لحين وقوع مغترب في براثن أطماعهم..و حال أرض البلد بهذا الحي محض نموذج، وما أكثر المساحات - السكنية والزراعية - المتادولة بغرض التجارة وليس الإنتاج أو الإقامة ..!! :: وبالمناسبة، الجهاز السرطاني المسمى بجهاز الضمان الإجتماعي ( أكبر سمسار أراضي)، ليس بالسودان فحسب، ولكن على مستوى القارة.. بأموال العاملين والمعاشيين - مقدرة ب 4.5 مليار جنيه بالقديم - يشتري هذا الجهاز آلاف القطع من الحكومة و يخزنها ويبعها للناس بضعف السعر أو بأضعاف سعرها..ولهذا ليس بمدهش أن يساوي سعر المنزل بأحياء الخرطوم الوسطية سعر ثلاثة منازل في ( وسط لندن)، وأسالوا المهاجرين والمغتربين عن هذه (المفارقات)، ولن تجد سبباً منطقياً غير تحويل الأرض - بأمر الحكومة وأجهزتها وسياساتها - إلى سلعة كما اليورانيوم المخصب ( نادرة)، في بلد المليون ميل مربع ( ناقص الجنوب) ..المهم، إقتراح الأخ مصعب لمكافحة تجار الأراضي وسماسرتها ولصوصها في (غاية البساطة)، وهو فرض رسوم باهظة على قطع الأراضي غير المشيدة وغير المنتجة رغم توسطها عوامل الإنتاج ..وكذلك إسترجاع أرض كل المزارع والمشاريع والمصانع التي تم توزيعها لمن أسموا أنفسهم بالمستثمرين ولم يستثمروا فيها..أي، بقوة القانون، فلتكن الأرض لمن (يسكنها أو يفلحها)، وليس لمن يتخذها كاحدى (سلع السوق الأسود)..!! [email protected]