رغم أن فضاءات الأسافير يسرت على أحبار الكتاب انتثارها يمنة ويسرة .. ورغم التزاماتنا الكتابية الأخرى لجهات مختلفة .. اٍلا أن عشقنا للراكوبة يحتم علينا ان نخصها وقرائها الاعزاء الكرام بأول احرفنا في العام الجديد . وعشقنا هذا , الذي يلازمنا في حلنا وترحالنا لم تأت به الصدف خلسة اٍنما هو انتماء حقيقي وواضح لكل النعوت الجميلة التي يتميز بها معلق وقارئ ومحرر وكاتب ( الراكوبة ) على حد سواء .. ولعل السبب الذي قد يجعل المعلق يتقدم ما سواه في الترتيب .. أنه - المعلق - هو الذي يضفي الفائدة والجمال على المادة المنشورة , ولا أّذيع سرا اٍذ أقول أن بعض القراء المعلقين هنا لهم من الدراية والاٍدراك والمعرفة ما يجعل من الكاتب طالبا للعلم وهو يتابع مادته عبر اراء القارئ الحصيف .. ثم أن اٍجتماع الوان الطيف السوداني في هذا الظل المترامي أمر اجتماعي آخر يجعل الكلمة تخاطب الدواخل فتنثر شئيا من الود المفقود من حلفا ل نمولي في اريحية متناهية تشعرك بالوطن القديم الذي طالما زينه الحب وكسته الروعة وعطرته الإلفة والمودة .. أنا لا أعرف حقيقة سر الاحتفال بأعياد الاستقلال في الفاتح من يناير - تاريخ اذاعة الاستقلال من البرلمان - وكنت وما زلت اعتقد أن استقلالنا الذي تم فعليا في التاسع عشر من ديسمبر يجب ان يكون الاحتفاء به في ذات اليوم .. وهو أمر درج فأتبعناه جميعا , وهو أمر لا يهم من وجهة نظري , ولكن المهم هو ان يكون سبب الاحتفال السنوي ( ما تم عقب الاستقلال ) . نعم ماذا جنى الوطن والمواطن مما فعله السابقون بطردهم المستعمر البغيض . والسابقون اولئك لا شك أنهم فعلوا ما أملته عليهم ضمائرهم حتى وصلوا الى مبتغاهم فأصبح الوطن حرا , بينما تفنن من تلاهم في اضاعة وتبديد أمجادهم التي صنعوها بالكرامة والعزة , ثم يهتفون ويطبلون في بداية كل عام احتفاءاً بالذي تلاشى من هيبة وسلطان البلد .. فالعاقل من يضع اهدافه وطموحاته بداية العام - على سبيل المثال - ثم يشرع في سبل تحقيقها شيئا فشيئا وفق خطط تراعي المعطيات والوسائل التي من شأنها المساعدة على تحقيق الغاية ثم ان حال حوله جلس ليحاسب نفسه ويرى ما حققه من جملة ما وضع سابقا من الاهداف المطموح وصوله اليها .. فاٍن كان يستحق الاحتفاء بما حقق احتفل الجميع معه وفرحوا لفرحه , وان كان الفشل نصيبه اٍذاً عليه المحاولة لاحقا دون ضوضاء أو شوشرة .. وان كانت الحكومات السابقة قد تفننت كما ذكرنا في التلاعب بمجهود من صارعوا لنيل هذا الاستقلال , ف دون شك أن أشباه الساسة الذين يجثمون على الصدور الآن قد حطموا كل أمل في العودة الى طرق الرشاد بالجهل والعنجهية والاٍصرار على الفشل فجعلوا ذكرى رفع العلم لا طعم له .. ولا رائحة وصنعوا من مذاق الفرحة حنظلا مريرا دفع الشعب للتواري خلف رأس السنة للاحتفال والمرح بدلا عن الاستقلال الذي هو في نفس التاريخ بحسب ما درجنا نحن ومن سبقنا والله المستعان [email protected]