بقلم / سيدة الشيخ باسعيد إضطهاد المرأة في بعض المجتمعات المتأسلمة: قصة تظهر العينة التي لا تملك أي مبادئ في حياتها ولا تتخذ الدين كمنهجية روحانية وممارسة تتغلب على الموروثات الثقافية والعادات الإجتماعية، بل تتخذه كهوية ووسيلة للوصول لأغراض قد تكون منافية للنهج الإسلامي كالممارسات الظالمة والمجحفة في حق المرأة والتي تكون مقبولة لدى المجتمع المحلي والذي يعرف على أنه مجتمع مسلم. ولكم تلك القصة الحقيقية التي وجدتها في الأنترنت وقد نشرت قبل عامين والقول على ذمة الراوي وهو الكاتب/ شهاب فتح الرحمن محمد طه. عرضتها في منتدى للحوار في جمعية المرأة العمانية بولاية المضيبي. بغرض فتح نقاش موضوعي وأراء صادقة وبمعزل عن وجهة نظر الكاتب رجائي التكرم بالقراءة المتأنية ثم التفضل بالإجابة على الأسئلة الستة (6) المطروحة بعد نهاية القصة أو بعضها أو الإدلاء بالرأي تجاه القضية برمتها ويمكنكم أيضاً إرسالها في إيميلي المرفق، وأيضاً الإفادة بأي حالة مشابه لتلك القصة تكون قد وقعت في مكان ما في سوداننا أو أي بلد آخر. ولكم خالص الشكر والتقدير، سيدة باسعيد أكاديمية وباحثة إجتماعية بسلطنة عمان [email protected] بطل قصتنا هو شاب في الثلاثينات من عمره من دولة عربية في شبه الجزيرة العربية درس وتخرج في معهد التقانة الصيدلية بشهادة الدبلوم الفني في بلد عربي آخر وهي مصر. إستطاع أن يجد طريقه الى الولاياتالمتحدةالامريكية في العام 2000 آملا في أن يجد الإقامة الدائمة ولكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 تعثر عليه البقاء هناك ومنها جاء الى كندا عسى أن يكون الوضع أفضل. صدقت توقعاته فحصل على الإقامة وأستقر في مدينة نياغارا فولز حيث قابلته يعمل في سوبرماركت يملكه أخوة عرب وتعرفت عليه وكان يسألني عن كيفية أيجاد فرص عمل في مجاله كفني صيدلي. تحادثنا كثيرا ونمت بيننا صداقة وكان وقتها في النصف الثاني من العشرينات من سنين العمر. بعد عامين من تعارفنا دعاني لحضور حفل صغير بمناسبة حصوله على الاقامة الدائمة وأنه في طريقه الى بلده ليتزوج. سافر صديقي وعاد بعد ثلاثة أشهر وأتصل بى تلفونياً ليخبرني أنه رجع من السفر وعاد للعمل في نفس السوبرماركت فذهبت لمقابلته فأخبرني أن أصحاب الصيدلية التي تملكها أسرة فلسطينية في لندن أونتاريو قد إتصلوا به وطلبوا منه الحضور فقال أنه سيرحل الى هناك بنهاية الشهر وشكرني على تعريفه بهم. سألته عن رحلته الى بلده وكيف كانت الأفراح وإحتفاليات زواجه. عرفت أنه تزوج من فتاة في السادسة عشر من ربيع العمر وهي من نفس المنطقة التي يعيش فيها أهله. سألته عما إذا كان قد بدأ الإجراءات الخاصة بإستقدامها الى كندا. فأجابني وهو مستغرب وبل ممتعض من سؤالي وقال لي أن شيئا من هذا القبيل لم يخطر بباله قط وأن هذه الفكرة تعتبر ضرب من ضروب العبط. وعندما حاولت أن أعرف الأسباب كان يجيبني بنفس التعبير الإستهجاني والإمتعاض مكررا أن فكرة إستقدام زوجته الى كندا ضرب من ضروب العبط. ولكن تحت إصراري وإلحاحي الشديدين أعلنها صراحة وبنغمة تخفي خجله مما يقول، فقال: "في عرف قبيلتنا وأهلنا وتقاليدنا لايسمح إطلاقا بخروج الزوجة من الحدود الجغرافية لإنتشار المؤثر الثقافي الخاص بالقبيلة بمعنى من العيب تهجير المرأة والأطفال والاسرة حتى الى المدن الكبيرة وعاصمة البلاد ناهيك عن بلد أخر وماذا عن الغرب؟ فحدث ولا حرج". أكد لي أن إخراج المرأة الى المجتمعات الغربية وتعرضها لأي تحديات أو تعاملات غير التي جبلت عليها يعتبر إهدار صريح لكرامتها وإزلال لأهلها وعشيرتها. ولكن أحمد، وهذا هو إسمه، أدهشني بأنه لايحس بأي حرج من ضرورة أرضاء مجتمعه المتخلف والبعيد كل البعد عن القيم الحقيقية للإسلام. أحمد لا يعتقد أن هناك أي ضرر أو حرج في أن يهجر زوجته سنوات وسنوات طالما ما كان يبحث عن رزقه ورزق أسرته. سألته لماذا إذن تزوج من إمرأة قد تكون فترات الفراق بينهما أكثر بكثير من لحظات لقاؤهما؟ وكيف ولماذا تعيش لوحدها أو حتى مع أهلها؟. أجاب أحمد وقال إنها لا تعيش لوحدها ولا تعيش مع أهلها وأعترف أنه تزوجها لسبب مبرر وهو أن تعيش مع والديه المسنين وتخدمهما وترعاهما. فواجهته وبصراحة شديدة قلت له: "يا أخي أحمد تلك ليست زيجة شرعية ولا تلك هي العلاقة التي يتم التعاقد عيها وفق دستور الشريعة الإسلامية. تلك يا أخ أحمد صفقة إستعبادية وإفراغ تام للعلاقة الزوجية الإسلامية من كل مضامينها ومعانيها وأن العقد الذي بينك وبينها هو شيء مختلف تمام الإختلاف عن الرباط الشرعي الذي يكفل ماهو مطلوب من سكينة ومودة ورحمة وإشباعات عاطفية وجنسية في إطار العلاقة الزوجية الحقيقية فأنت تشتري عبدة" لك يا أحمد أن تعي في المقام الأول أن الدين يعتبر الغيبة والهجر الطويل الأمد من العوامل التي تعطي المرأة حق المطالبة بالطلاق وبل قد تكون مبطل للرباط الشرعي إذا لم يكن الزوج على تواصل مباشر بزوجته أو مجهول المكان والمصير، وهنا يكون للزوجة الحق في الصبر أو اللاّصبر على الفترة التي تزيد عن الستة أشهر ولها أن تحدد الوقت الذي تتخذ فيه القرار بعد الفترة الشرعية. ولكن في مجتمع كمجتمع أحمد لا يحق لها أي شي وليس لها أي كلمة أو رأي وذلك يتنافى تماما مع مبدئية التشريع الاسلامي الذي يحفظ حقوق الزوجة. وذكرته بأن الدين الاسلامي يمنع منعاً باتاً أن تخدم الزوجة أي شخص أخر غير زوجها وأطفالها إلا اذا كان ذلك برضاها هي. فلا يجب عليها أن تقدم ولو كوب ماء لوالدي زوجها ولكنها إن هي أرادت وفعلت هذا الشيء طواعية فتلك تكون مكرمة وإحسان منها وليس هناك ما يلزمها. ومن شروط صحة الزواج وضمان حرمة الزوجة وكرامتها يمنع الشرع إسكانها مع العموم من الأهل بل يفرض أن يكون لها بيتها الخاص والمؤمن بحيث لا يكون عليها حرج في الحركة والملبس والفعل. وحتى إذا كان مسكنها جزء من بيت الاسرة الكبير فيجب أن يكون لها مطبخها الخاص. وهنا ذكرته أن امرأة أعرفها طلقت بسبب **** وهي أن أهل زوجها كان يستنكرون عليها عدم مشاركتها لهم الوجبات الجماعية في البيت الكبير الذي يسكنه والدي زوجها إضافة لأربعة أسر أربابها هم أخوان وأخوات زوجها وأطفالهم. كانت تلك الزوجة قد حظيت بدرجات عليا في التعليم، وتعمل في وظيفة جيدة، وهي ترغب في اسلوب معين لتربية طفليها وإعداد الطعام لأسرتها الصغيرة باسلوب صحي يختلف تماماً عن طريقة الطهي وأنواع الطعام التي تحفل بها سفرة الأسرة الكبيرة المجتمعة ولذا تفضل هي البقاء في شقتها الخاصة في داخل البيت الكبير لتنعم بخصوصيتها وحريتها في إختيار نوعية الأكل الذي تطبخه لأسرتها الصغيرة. حدثته كيف حوربت وكيف تحزب كل أهل زوجها ضدها إضافة للبعيدين من الأقارب والأهل والأصدقاء وكلهم ظلوا يعيبون عليها جفوتها لأهل بيتها الكبير وحتى زوجها المغلوب على أمره لم يكن بمقدوره وقف الهجوم والإنتقادات الدائمة لزوجته وإتهامها بالعجرفة وعدم المحبة لأهل زوجها. قلت له أن ذلك حدث في مجتمع من أرقى مجتمعات العاصمة السودانية الخرطوم ولكن تلك المهاترات التافهه والعادات القبيحة كان قد حسمها محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل ألف وأربعمائة عام عندما جاء للبشر بكل مايكفل حقوق المرأة في إطار العلاقة الزوجية. ولكن أحمد لم يفاجئني بإستنكار طريقة هذة المرأة التي حكيت قصتها، فقال أنها لا شك نشأت في أسرة لم تحسن تربيتها وإلا لما كان ذلك سلوكها تجاه أهل زوجها وأنها ناشز، وقال أن مثل هذه المرأة لا يصلح أن تكون زوجة وقبل أن يواصل أرائه المتعفنة قاطعته وقلت له أنها فعلاً لا تصلح لأن تكون زوجة لرجل منافق وليس له أي مبادئ في الحياة، يفرض على زوجته المذلة ولا يناصرها في الدفاع عن حقوقها وحرية إختيارها لتكييف حياتها، بل يطلقها إرضاء لأهله وهو الذي مشى لأهلها وطلب الإرتباط بها على كتاب الله وسنة رسوله وهو يجهل تماماً أبجديات الحقوق والواجبات المدرجة في كتاب الله وسنة رسوله ولا يعرف قدسية تلك العلاقة في الشرع الإسلامي، وبل يشاركه الجهل والداه وأخوانه وأخواته وهم يدعون أنهم أهل دين وأخلاق ولا ينقطعون لحظة عن ممارسة شعائر دينهم الاسلامي بل يتشدقون بأنهم الأكثر حظأ فيما أعطاهم الله من مقدرات مالية تيسر لهم السفر للأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية لأداء الحج والعمرة مرات عديدة وفي وقت أرادو. إنتهت المواجه بيني وبين صديقي أحمد ورحل الى مدينة لندن اونتاريو ولكن بعد ثلاثة سنوات كانت المفاجاة الكبرى عندما إتصل بي في الإيميل وقال لي أنهم في مدينة لندن أونتاريو، حيث الجالية الإسلامية الكبرى، قرروا حشد مسيرة تضامنية قوامها مجموعات كبيرة من الجاليات الإسلامية تتحرك من كل مدن محافظة أونتاريو، في عطلة نهاية الإسبوع، لتلتقي كلها في مدينة تورنتو عاصمة المحافظة وأكبر مدنها وذلك إحتجاجا على الفيلم المسيء لمحمد رسول الإسلام، صلى الله عليه وسلم وعلى صحبه أجمعين، وبالطبع طلب منى إبلاغ كل من أعرف وأن نحضر للمشاركة في تلك المسيرة في مدينة تورونتو. إتصلت بأحمد في رقم الهاتف الذي تركه لي في الايميل وبعد التحايا سألته عن أخباره وهل إستقدم زوجته لتعيش معه في كندا أم لا؟ فأكد لي أنه لم يسعى في هذا الأمر وحدثني أنه رزق بمولود ذكر وأنه لم يرآه قط لأنه لم يسافر لبلده طيلة هذه الثلاث سنوات لأسباب كثيرة منها إنتظار الحصول على الجنسية، وكلها لم تكن مقنعة. وهنا تأكد لي أن زيجته لم تكن إلا مجرد إستعباد لتك الإنسانة البرئية، فقلت له: "يا أحمد أرجوك أن تطلع أنت منها. فأنت بالذات يا أحمد آخر من يتحدث عن ما يخص الدين الاسلامي وآخر من يدافع عن رسوله الكريم لأن محمد رسول الله ليس ماركة مسجلة نثور للمساس بها بل هو داعية إلى الله والعدل والفضيلة والحق والإستقامة والشهامة والأنسانية والمعاملات الشريفة والمشرفة في ما يخص الأسرة والزوجة والأولاد، فأنت يا عزيزي ليست لك الأهلية الإسلامية التي تكفل لك حق الدفاع عن رسول الإسلام وأنت الذي جافيت الاسلام وما أمرنا به نبي الله الكريم وما يقترضه فينا من السمو الأخلاقي والروحي وأن نكون رحمة للمرأة في أهم وصاياه في حجة الوداع "واستوصوا بالنساء خيرا" وهو بريء من الذين يعتقدون ويدعون أنهم مسلمين وما هم بمسلمين. *إنتهى* 1- هل تلك الزيجة شرعية؟ 2- هل تعتقدين/تعتقد ضرورة تحديد سن قانونية يتوجب فرضها لتزويج الفتاة في عصرنا هذا؟ 3- هل تتفقين/تتفق مع الكاتب فيما ذهب إليه من أن الدين الإسلامي يمنع أن تخدم الزوجة أي شخص آخر غير زوجها وأطفالها حتى ولو كانوا والدي الزوج وأخوانه وأخواته وأقاربه؟ 4- ما هو رأيك في حق الزوجة في التمتع بالخصوصية حتى لو سكنت مع أهل زوجها؟ 5- ما هو رأيك في طريقة تفكير أحمد والغرض من تلك الزيجة وهل تعتقدين/تعتقد أنه محق في ترك زوجته لتخدم والداه المسنان؟ مع العلم بأنه مغترب وبوسعه توظيف خادمة ترعاهما. 6- ما هو رأيك في الهجر من المنظور الشرعي والأخلاقي والأدبي والمجتمعي؟ أكرر الشكر والتقدير، سيدة باسعيد أكاديمية وباحثة إجتماعية بسلطنة عمان [email protected]