الأخ رئيس الجمهورية ليس لي إلا أن أكتب مخاطباً العقل فقد بلغت الامور حداً لا يستطيع مؤمن السكوت عليه، على أن أكتب وأكتب فإن لم تقرأ، فإني على أية حال أكون قد أبرأت ذمتي أمام الله، وعلى الجميع أن يفعلوا ذلك وعلى رأسهم أنت يا سعادة الرئيس..!! فالأمر ليس أمر أمريكا التي يخشاها البعض من دون الله، وليس أمر مجلس أمن امريكا الذي تقوده أمريكا فهو أكبر من ذلك يكثير يوم نجتمع جميعاً أمام مجلس الأمن الألهي حيث لا يجدي أن نقبل بعضنا على بعض لنتلاوم..!! ففي ذلك اليوم يحاسب الجميع وأكثرهم حساباً أولئك الذين قصروا في حق شعوبهم لا يكفي الانسان أن يحاسب على ما اقترفته يداه من معاصي في حق نفسه، ليزيدها معصية في حق أمة بأكملها..؟!! تحدث نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن بأن الدولة عازمة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والمساهمة في سد الفجوة الغذائية العربية وحسبو حسب حديثه انه سيحقق هذا الهدف في هذا العام..!! كثيراً ما ناديت بتشكيل حكومة تكنوقراط فالرجل من مواهيم السياسية وهو لا يري أننا في أواخر يناير أي أن محصول القمح سوف يتم حصاده بعد أقل من شهرين، ونحن جميعاً ندرك حال المحصول هذا العام. أي أنه يجب التفكير في محصول العام القادم..!! القمح من المحاصيل التي تستهلك كمية ضخمة من المياه وبما أن الحديث عن زراعة القمح فلي الولاية الشمالية فإن الأمر يحتاج لمياه أكثر، فالتبخر نسبته عالية كما أن الطبيعة الرملية للولاية تساهم في زيادة الاستهلاك، وأمر اخر وهو أن خزان مروي مصمم لتولد الكهرباء فإذا دخلت زراعة القمح فإن ذلك سيؤثر في الانتاج الكهربي كثيراً..!! اقول ما أقول لا لمعارضة زراعة القمح في الشمالية ولكن لتوطين هذه الزراعة يجب استخدام كل الموارد المائية المتوفرة، وأقصد بهذا استغلال موارد المياه الجوفية وما يمكن حصاده من مياه الفيضان والادوية الموسمية..!! أتمنى أخي الرئيس أن ينتج السودان من القمح ما يكفيه ويكفي العالم العربي ولكن يجب أن نحسب امكاناتنا المائية فإنتاج طن واحد من القمح يحتاج لما قدره سبعمائة وخمسين الف متر مكعب من الماء، هذا دون حساب ما يتسرب من الماء في باطن الأرض وما يتبخر يعني أن مليون طن قمح تحتاج بأقل تقدير لاثنين مليار متر مكعب من الماء، هذا إذا لم نحسب كفاءة الري المتدنية..!! هذه قضايا ومسائل علمية لو عولجت بواسطة أهل الخبرة والمعرفة لامكن فعلاً انتاج ما يكفينا وجيراننا من الغذاء ولكن الصورة تقول عكس ذلك تماماً، كيف نجد حال المشاريع المروية اليوم وهي كانت المنتجة لعشرات السنين، مشروع الجزيرة مثلاً وهو يمثل نموذجاً يحتذى في الزراعة اين هو اليوم، أليس من العقل أن نبدأ باصلاح مشروع الجزيرة بدلا من التفكير في الزراعة في الصحراء..!! في العام الذي تلي نظام الانقاذ ألم ينتج مشروع الجزيرة من القمح ما كفل للسودان قوته بل وتم تصدير القمح لأول مرة في تاريخ السودان الحديث؟! كانت هناك تجارب لزراعة القمح في ساق النعام وقد تم حفر آبار لذلك الغرض، وزرع القمح وكان المحصول مذهلا، كانت سنبلة القمح تحوي ستة وتسعين حبة من الحجم الضخم الذي يعادل في وزنه اربعة حبات قمح عادية، وهذا الرقم قريب من الركورد القرآني »كمثل حبة انبتت سبعة سنابل في كل سنبة مائة حبة« اتدري كم تحوي سنبلة القمح الامريكي في المتوسط؟! تحوي ستة وخمسون حبة لا غير بهذا الحصول امريكا تتحكم في غذاء العالم..!! كيف يمكن للسيد حسبو أن يحل ضائقة السودان والعالم العربي في عام واحد وقد عجز النظام عن حل ضائقته الغذائية خلال ربع قرن من الزمان..!! أحد الظرفاء سخر من هذا القول وعلق ساخراً »ما لاقين الخبز عشان نأكل بيه الهوت دوق..!! السودان يمكن ان ينتج الغذاء الذي يكفيه وجيرانه ولكن بيد أهل المعرفة والخبرة لا بهؤلاء، والسودان يمكن أن يستغل ثرواته المعدنية فهو من أغنى دول العالم بالموارد كذلك يطمع فيه الطامعون ويعملون على تفتيته وتقسيمه حتى يظفروا بهذه الثروات ماذا يقال عن ثروة الذهب الذي يجمع بطريقة بدائية وقد بلغ مئات الاطنان؟! ماذا يقال عن مصانع السكر التي جرت محاولة بيعها وتتناولها الصحف؟! الأخ الرئيس أن تجربة الانقاذ السياسية أفشل تجربة مرت على بلد في العالم ولا اتحدث عن التجربة العلمية التي تعادل في أوج نجاحها الصفر..!! السيد الرئيس ان التجربة السياسية بدلاً من ان تجمع اهل السودان فرقتهم إلى قبائل واثنيات عرقية كما أن التجربة الاقتصادية أدخلت البلاد في الفقر المدقع، أن أقرب طريق للاصلاح يجب أن تسلكه أنت بتغيير نظام الحكم، فالتغيير لو أتى من جهة أخرى فعلى السودان السلام. اقول هذا ولي أسبابي فأحزاب المعارضة ضعيفة للحد الادنى وقد اصابها الوهن والشباب عاطل عن العمل، أما من بلغ الاربعين فلا يرغب في ثورة تنتهي بفوضى يحدثها الذين يحملون السلاح وهو الذي يتحدث عنهم، وهؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه..!! مجلس عسكري مدعوم باقتصاديين وحكومة تكنوقراط مدتها خمسة سنوات تبني ما تهدم من مشاريع اقتصادية، وفي خلال هذه السنوات ستقوم احزاب جديدة وبافكار جديدة وعصرية تجد حينها ما تحكمه وتتقدم به وتطوره بعد ان تقف المشاريع الاقتصادية على رجليها..!! حينها لن يشتكي النظام القادم من الورثة الثقيلة التي ورثها وهذا ما يعلنه أي نظام حكم البلاد منذ الاستقلال وحتى الآن..!! فهل أنت فاعل لما قد يخلصك من سؤال ذاك اليوم؟!! [email protected]