في سابقة لم يشهد السودان لها مثيلا، تسمر السودانيون امام شاشات التلفزيون داخل وخار السودان ليستمعوا لأبغض رئيس مرّ عليهم في حياتهم. وقد سبقت الخطاب "التاريخي" توقعات واشاعات كثيرة زرعت في الناس بعض تفاؤل بحدوث تغيير ما. كغيري تسمرت امام التلفزيون اتابع الخطاب "التاريخي". يدخل الرئيس وهو يرتدي الزي السوداني "جلابية وعمامة ويتلفح شالا" قلت في سري ان الامر لن يعدو ان يكون " العفو عما سلف" وباركوها يا اخوانا نحن غلطنا في حقكم" المهم لم اتفاءل كثيراً. جلس الرئيس على المنبر، وجاء الحاجب يحمل كتاباً ضخماً حوى خطاب الرئيس "التاريخي" ، طارت شياطين تشاؤمي، ان الرئيس اوتي كتابه بشماله. ثم بدأ الخطاب، وجدت نفسي اغوص في غمامة كبيرة، لم افهم شيئاً مما يقول سيادة الرئيس، خطر في بالي ان الرئيس متأثر جدا بكتاب الراكوبة وسودانيزاونلاين، ولعله اراد ان يقلدهم بشوية تنظيرات علها تضعه في مصافهم. المهم من وثبة الى اخرى، اصابني الارهاق وهاجمني النعاس وانا ملقي على الكنبة مثل اي مواطن اخر لا يهم الرئيس في شيء. مرت الكاميرا على وجوه الحاضرين، مصطفة عثمان اسماعيل وجهه مشدود للغاية كأنه في انتظار قرار فصله للصالح العام كما فعل البشير بالجالسين الى جانبه، الترابي انتفخ انفه قليلا مما يدل على توتر او ملل اصابه. غازي صلاح الدين كان في وضع مريح يكتب بعض النقاط من خطاب البشير، لعلها تساعده ان يفهم شيئاً، او انه كان يتوقع ان يقوم غندور بفتح باب النقاش. وحسناً ان غندور لم يفعل ذلك. انصرفت الى غرفة نومي وقد تغيرت قناعات كثيرة لي، اذ كنت اعتقد قبل ذلك ان الرئيس في وضع مريح وقوي بعد ازاحته لأساطين الحركة الاسلامية، ولكن بدا لي خطابه "التاريخي" المرتبك وكأنه "خطبة وداع". المقال القادم بعنوان " من كتب خطاب الرئيس "التاريخي" [email protected]