وهو سؤال قديم / حديث. قديم قِدم منذ أن تسنّموا سدد العرش (أمّة، اتحادي وجبهة اسلامية) وحديث منذ أن وثب "الأخوان المسلمون" من على فوق رؤوس الجميع، ليتربّعوا على سدّة الحكم بالحديد والنار؛ فهل من جديد؟! وللسؤال معانيٍ عدّة: هل اخترع "الأخوان" فكرة حكم السودان باسم الشريعة الإسلاميّة، من مواقع الثقافة العربيّة، أم أنّها مجرّد "محاولة" جديدة، جاءت بأساليب جديدة من أجل "تجويد" القديم.. وتفخيمه؟ ما الجديد الذي فعله الأخوان المسلمون، وهم يمعنون في في حرب الجنوب إلى أن وقع الإنفصال.. وهل كان له أن لا يقع في ظل حكم الصادق المهدي، مثلا، الذي أدار ظهره لإلغاء قوانين شريعة نميري الإسلاميّة، إبّان حكمه الديمقراطي، وأمعن في الحرب هو الآخر..؟ وهلمّ، كذلك، دواليك، من أسئلة؟! إن الحديث الأخير للأستاذ/ فاروق أبو عيسى، رئيس ما يسمّى ب الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني (ونحن نقول ما يسمّى، لأنّ واقع الحال لا ينبئ عن اجماع وطني.. فهناك قوىً وطنيّة عديدة لا تنضوي تحتها: حملة السلاح، على سبيل المثال لا الحصر) يشي بالسطحيّة والعجلة، حين يصف هرولة "جماعة الترابي" ب (هذا أقل ما يقال عنهم ، نعم هذا تصرف غير محترم ، المؤتمر الشعبي كان مشاركاً معنا في تحالف المعارضة ، وكان أضخمنا صوتاً في ترديد شعار إسقاط النظام ، وفجأة خرج دون أن يخطرنا أو يشارونا ، فهل هذا تصرف أخلاقي أو محترم؟) ثمّ يضيف في حديثه ل حريّات: (ماذا تسمي من يخرج من تحالف الشعب ، وماذا تقول عمن يهرول لترقيع النظام بحثاً عن الفتات تاركاً أطروحات التحول الديمقراطي الحقيقي ؟ هل هذا عمل أخلاقي محترم أخي العزيز؟) فهذه النظرة التحليليّة، تغفل عن المكوّن الأيديولوجي ل "المؤتمر الشعبي" ومن ورائه حزب الأمّة، ثمّ الإتحادي، وتحصر هرولاتهم في "الأخلاقي" الذي لا وجود له في قواميسهم السياسيّة، أو قواميس المواقف الأيديولوجيّة/الإستراتيجيّة! فالنظام الحاكم، ومن ورائه المهرولون الثلاثة، تجمع بينهم "الرؤية المشتركة" لحكم السودان. والتي تقوم على جعل قوانين الشريعة الإسلاميّة ذات المحمول الثقافي العربي، المتمثّلة في إنسان الشمال النيلي ديدنا للحكم. وأمّا مسألة إبتعادهم، أو إقترابهم، من "قوى الإجماع الوطني" فليست سوى مواقف تاكتيكيّة المراد منها مساومة النظام من أجل زيادة غلّة الغنيمة. فلم تتغابى بقيّة قوى الإجماع الوطني عن هذه البديهيّة الساطعة؟! فمن غير المعقول أن تختلط رؤية الإستراتيجي بالتكتيكي، بالنسبة لجهابذة الساسة المعارضون، الذين عركوا هذه المواقف وخبروها من قبل ومن بعد! على بقيّة قوى ما يسمّى بتحالف الإجماع الوطني أن تعي مع من تتحالف تحالفا استراتيجيّا، ومع من تتحالف تحالفا تكتيكيّا..، وإلا فات عليها، دورها، في المرحلة الراهنة؛ وإلا فات عليها مواكبة نبض الشارع. [email protected]