خارطة الطريق * بعد خمس حلقات حاولنا خلالها تقديم إضاءات للواقع السيئ الذي يعيشه المريخ، أعرج اليوم للحديث عن المتسبب الرئيسي في الأزمة التي يعيشها النادي الكبير طوال العقد الأخير وهو حزب المؤتمر الوطني بعد أن إختلط حابل السياسة بنابل الرياضة لينتج الوضع المشوه الحالي ويقود للإنهيار الذي نعيشه في كل تفاصيل العملية الرياضية. * حقيقة أن المؤتمر الوطني هو من أتى بالوالي رئيساً لنادي المريخ يعلمها القاصي والداني بعد أن طالت أيدي الحزب الحاكم مختلف المؤسسات في شتى المجالات قبل أن تتجه في السنوات الماضية للسيطرة على المسرح الرياضي الذي وجد فيه ضالته لإلهاء الشعب السوداني عن الواقع الذي تعانيه البلاد والتدهور المريع الذي يحدث يوماً تلو الآخر في مختلف المناحي ولشغل المواطن البسيط عن المعاناة التى يعيشها في حياته اليومية. * قبل تسليط الضوء على نتيجة تدخل الحزب الحاكم بقوة في كوكب المريخ عبر الرئيس جمال الوالي لابد أولاً من الإشارة إلى بعض التساؤلات أولها (هل يهدف المؤتمر الوطني إلى تطوير الرياضة؟) والإجابة بكل تأكيد هي لا.. لأن التطور في جميع الألعاب الرياضة وتحديداً كرة القدم يمر عبر إنشاء الأكاديميات وإستجلاب الخبرات الأجنبية على مستوى المدربين والإداريين للإشراف على تلك الأكاديميات مع إبتعاث الإداريين والمدربين الشباب لتأهيلهم عبر الخضوع لدورات تدريبية بالخارج حتى يكون هنالك كادر بشري فني وإداري مؤهل لإدارة العملية الرياضية بشكل سليم. * القاصي والداني يعلم أن الحكومة كانت تنظر حتى وقت قريب للرياضة على أساس أنها لعب ولهو لا أكثر ولا توليها أي إهتمام ويكفي الإشارة إلى (خُرافة المدينة الرياضية) أو (الصرح المستحيل) لتعلم حقيقة نظرة الحكومة للرياضة التي التفتت لها مؤخراً لكن بإعتبارها مصدر لإلهاء المواطن عن معاناته وليس بإعتبارها صناعة يتطلب النجاح فيها توفير (مادة خام) إلى جانب مقومات لتحقيق النجاح في تلك الصناعة. * لو كان الحزب الحاكم حريصاً على تطوير الرياضة أو مؤمناً حقاً بأهميتها لأهتم أولاً وقبل كل شيء بالمنتخبات الوطنية التي تحمل شعار الوطن لكن الوقوف مع المعاناة التي تعيشها منتخبات صقور الجديان بمختلف الفئات العمرية والتجاهل التام الذي تجده من الحكومة يؤكد أن أمر دخول السياسيين لعالم الرياضة لا علاقة له من بعيد أو من قريب بفكرة تطور أو إيمان بأهمية كرة القدم كما أنه يعكس غياب الحس الوطني بالكامل وعدم التفكير في المصلحة العامة والتخطيط فقط للسيطرة على الناديين الكبيرين المريخ والهلال اللذان يمثلان أكثر من 90% بالمائة من الشعب السوداني. * الوضع أعلاه يكشف النوايا الحقيقية التي قادت جمال الوالي لرئاسة نادي المريخ مع الإشارة إلى أن الرجل إعترف بنفسه أكثر من مرة أن علاقته بالرياضة ضعيفة للحد البعيد مع إفادات بعض معارفه ممن عاشروه في فترات الدراسة المختلفة والذين أكدوا أن الوالي لم يكن لديه إهتمامات رياضية. * المؤتمر الوطني قدم الوالي لرئاسة المريخ وفتح أمامه خزائن الدولة ليصرف على النادي الكبير ماشاء له من أموال لمعرفة تامة أن (الإمكانات المادية) ظلت وحتى فترة ما قبل الوالي تمثل عقبة كبيرة ومصدر معاناة مستمرة لإدارات النادي المتعاقبة، فكان من الطبيعي أن يسير الغالبية العظمى من أنصار المريخ بمختلف القطاعات خلف الوالي على أمل أن تكون تلك الأموال مصدراً لصناعة فريق بطولات يصنع ربيع النادي القاري ويساعده على الظفر بعدة بطولات أفريقية. * الوضعية أعلاه جعلت الكثيرين يتقبلون إخفاقات الرجل في السنوات الأولى لفترة رئاسته بقدر كبير من الرضا بعد أن صدقوا حكاية أن الوالي فكر أولاً في المنشآت لتأمين البنية التحتية قبل بناء فريق البطولات (المقصورة ثم الكورة) مع الإشارة إلى أن الأسماء الكبيرة من مدربين ولاعبين أجانب والتي لم تكن معتادة في السابق أوحت بأن النجاح على صعيد البطولات قادم لا محالة بعد أن أعمت تلك الأسماء البصيرة عن رؤية الكثير من أوجه الخلل ابتداءا من عدم وجود منهج معين او خطة يسير عليها الى جانب غياب (جميع المقومات الأساسية لصناعة فريق بطولات). * نوايا المؤتمر الوطني الحقيقية تجلت في نقطة وحيدة ومحورية تؤكد أن الهدف من تقديم الوالي لرئاسة المريخ هو السيطرة بالكامل على مقاليد الأمر بالنادي الكبير وتتمثل تلك النقطة في رفع معدلات الصرف لأرقام خيالية مع عدم القيام بأي إستثمارات حقيقية تجعل النادي قادراً على الإعتماد على نفسه في تغطية منصرفاته من موارده الذاتية وهو وضع خطط له بدقة ليعجز غالبية الإداريين عن إدارة النادي الكبير حال إبتعاد الوالي. * لو كان تفكير الحكومة عبر حزبها الحاكم هو خدمة المريخ فعلاً لما إقتصر الدعم الذي توفره على الفترات التي يتواجد فيها الوالي على سدة الحكم ولفتحت خزائنها لمن يسيرون شئون النادي الكبير بغض النظر عن الأسماء التي تديره لكنها لم ولن تفعل لأن الهدف الحقيقي من الأموال التي تنفق بلا حساب لا علاقة له بالمريخ لا من قريب ولا من بعيد ولا علاقة له بالرياضة من الأساس. * غداً بإذن الله لو كان في العمر بقية نسلط الضوء على العوامل والأسباب التي مهدت طريق المؤتمر الوطني للنجاح فيما خطط له ونتائج سيطرته على مقاليد الأمور في النادي الكبير. [email protected]