علينا ان نقر ونعترف بان ادارة الدول ليس بالامر اليسير والهين ومن كان زاهدا متجردا عليه التزام بيته او عمله الذى يقوم به ما لم يكن زهده مرتبطا بخبره وحنكه سياسيه ودراسه لمآلات الامور , فليس بالزهد والعواطف الجياشه تدار الامم وتساس الشعوب وان التعجل فى التسلم والتسليم بحجة الزهد فى الكراسى والمناصب كارثة يدفع ثمنها الشعوب التى ارتضت وسلمت البلاد والعباد لاولئك القاده العساكر من وزراء بلاط الحكومات البائده الساقطه بفعل ثورة الشعب و الموؤدة بفعل اولئك القادة المؤقتون لانهم لم يتركوا للشعب الفرصه لكى يمضوا بثورتهم الى نهاياتها ولم يكونوا بحجم المسئوليه ويستمروا لحين تسوية كل القضايا والملفات ومراكز القوى التى خلفتها تلك الحكومات والتى غالبا ما تكون سببا للغلاغل والمصاعب عند قيام الحكومات المنتخبه ديمقراطيا والتى تتسلم السلطه بنفس الاستعجال والتعجل ويكون الفشل وتعود دورة الحكم الى الانقلابات . ان وجه الشبه بين المشيرين سوار الذهب والطنطاوى ليس فى تعجلهم فى التسلم واستعجالهم فى التسليم فحسب بل تسليمهم لامر البلاد لجماعه محدده وهى جماعة الاخوان المسلمين وان كان الامر بقصد او بدونه فانهم يتحملون المسئوليه كاملة على الاقل تاريخيا وانسانيا . المشير سوارالذهب القائد العام ووزير الدفاع ونائب الرئيس فى حكومة النميرى جاء بعد ثورة ابريل الظافره التى كانت وشك الاجهاز على النظام المايوى وتكوين حكومه ثوريه انتقاليه ببرنامج محدد متفق عليه وفتره لا تقل عن ثلاث سنوات تكون اولى اولوياتها تصفية القضايا والملفات التى خلفتها حكومة مايو طيلة ستة عشر عاما وزياده وكانت اولى قرارات المشير الافراج عن جماعة الاخوان بقيادة شيخهم الترابى والذين تم ايداعهم السجون نسبه لجرائمهم وتجاوزاتهم ابان مشاركتهم للنميرى فى حكم البلاد وباجنده مسبقه لم ينتبه لها النميرى الا متاخرا ومن هنا بدأت المصائب والكوارث التى نعانى منها الى يومنا هذا , ونال المشير سوار الذهب اعلى الاوسمه والمناصب فى المنظات الدوليه للجماعه الدوليه . ولم يكن الحال فى الجاره الشقيقه مصر باحسن حالا من مما نحن فيه مع ان الاشقاء فى مصر تنبهوا للامر مبكرا وعملوا على اسقاط حكم الاخوان وبثوره شعبيه عارمه لكى لا يقعوا فى نفس المصير السودانى ومن ثم يندبوا حظهم . كان استعجال المشير الطنطاوى فى تقليص الفتره الانتقاليه والسماح بقصد او بدونه للجماعه بمغادرة السجون ومعهم الجماعه الدوليه تاركا الامر لمراكز القوى وبقايا النظام الذى دام لاكثر من ثلاثون عاما بل ستون عاما منذ قيام ثورة 1952م وكالعاده تسلم الجماعه زمام الامور وبانتخابات مرتبه ومنظمه وشرعيه ظاهريا حيث وضعوا قانون الانتخابات كما ارادوا ومرروا كلما ارادوا بدون مقاومه تذكر وعجلوا بالانتخابات واجلوا الدستور وكان لهم ما ارادوا واكتسحوا البرلمان والرئاسه والمحليات وعجلوا بالتمكين فكانت النهايه من الشعب الواعى . وهكذا نفذ كليهما ارادة الجماعه على حساب الشعب وذهبوا مكرمين ونالوا شرف الاتصاف بالزهد والتجرد وهما صفتان لا يؤهلان لتقلد المناصب العليا التى ترتبط بمصير البلاد والعباد بل المطلوب قائد ثورى مدرك لخطورة المرحله ودارس حصيف وبعدها تاتى صفة التجرد والزهد ونظافة اليد واللسان . ولكى لا نقع فى نفس التجربه الفاشله فى السودان علينا الاستمرار فى النضال والثوره حتى اسقاط النظام وتكوين حكومه ثوريه قادره على ادارة البلاد وتنفيذ البرنامج الانتقالى ولفتره مقدره تمكن مكونات المجتمع المدنى والاحزاب من ترتيب احوالها وبموجب قانون الاحزاب المتفق عليه وتنقية وتصفية الاثار السالبه وبؤر الفساد من كل مناحى الحياة الاجتماعيه والسياسيه وبقرارات ثوريه ناجزه . اسقاط النظام والحوار معه خطان متوازيان من لا يحمل هم الوطن – فهو هم على الوطن اللهم يا حنان ويا منان ألطف بشعب السودان --- آمين [email protected]