(بمناسبة اليوم العالمي للمرأة) سلام أيتها المرأة! جئت لأكتب عنك فوجدتك أكبر من كل مغارات الفلسفة وشوارد الكلم. عرفتك أماً تؤثر على نفسها كل نعمة لنفوز بها نحن فلذات أكبادها. كنت – أيتها الراحلة المقيمة أمي- تبادرين أياً منا بالسؤال الدائم :إن شا الله ما عيان؟ وكنت ترفعين كفيك الطاهرتين بالدعاء عقب كل صلاة أن يجعل الله يومك في الرحيل إليه قبلنا أجمعين! أي أثارة وأي قبس نوراني أنت أيتها الأم؟ عرفت الآن ماذا يعني الشاعر الإنجليزي العظيم وليام شكسبير بقوله: (ليس في العالم وسادة أنعم من صدر الأم)! وعرفتك أيتها المرأة حبيبة وزوجة ورفيقة درب في منافي اختارتني ولم أخترها. وأقسم ما أدري كيف يكون مصيري ومصير زغب هم قرة أعيننا في بلاد الله الواسعة والوطن أبعد ما يكون لو لاك أيتها المرأة الزوجة..تغفرين حماقاتي وتغمرين الدار طمأنينة وحباً لي وللصغار فتنقلب دارنا وطناً في غياب حضرة سيدي الوطن. وعرفتك أيتها المرأة أختاً وصديقة ، تبادرني النصح وتواسيني وتشرح خاطري في ساعة حزن. أنت أكبر من كل ما ندعيه من بلاغة وفصاحة لسان سيدتي المرأة. جاء يوم شكرك وأنت حاضرة وغائبة. لكنك تظلين أكبر من كلماتنا نحن الرجال. لزاماً علينا أن نقف خاشعين أمامك وأن نسجل اعترافاً: أن الحياة بدونك سيدتي المرأة في هذا الكوكب هي العدم، وأنهم صدقوا حين قالوا: الحضارة أنثى! وتحية خالصة لنساء بلادي. فالمرأة السودانية منذ ممالك النوبة قبل آلاف السنين مروراً بحقب تاريخنا الوسيط والحديث، كانت شمساً ساطعة في شئون الحكم والسياسة وتربية النشء وشريكة في فلاحة الزرع والرعي وإدارة البيت. حكمت الكنداكات في ممالك مروي ونبتة قبل آلاف السنين وشاركن في الثورات (مهيرة بنت عبود ورابحة الكنانية ومندي إبنة الثائر العظيم السلطان عجبنا – سلطان النيمانج بجبال النوبة.) وعرفت العمل السياسي البرلماني قبل كل نساء المنطقة حولنا (فاطمة احمد ابراهيم – أول برلمانية في أفريقيا والعالم العربي) ، وعرفت تسجيل معاناتها رواية وشعراً في زمن لم يكن رفيقاتها في بلاد حولنا تعرف كيف تفك الخط ..بل ما كان مأذوناً للمرأة فيها بالذهاب إلى دور العلم. كتبت الأديبة الراحلة ملكة الدار محمد روايتها " الفراغ العريض" في وقت كانت الكتابة الإبداعية في كثير من بلدان العالم حولنا فعلا يحتكره الرجل! أحييك يا سيدتي وأقدم اعتذاري بأني جهلت قدرك وسطوت على ما أعطاك خالقك من حق كامل – سطوت عليه أنا الرجل- باسم الدين ، وأحياناً تحت مظلة حيلة باهتة فطير اسمها التقاليد ! وأخيراً .. فإن العالم حولنا أعطى المرأة حقها – أو تحاول مجتمعاته أن تنصفها فترد إليها حقها الذي سلبوه بوصاية واستعلاء ثقافة المجتمع الذكوري. واليوم جاء في الإعلان العالمي لحقوق الانسان ما يرد إليك حقك. تقول المادة (2) منه:" لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء". وهو تلخيص لنص الآية الكريمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا....." لكن حالنا اليوم في السودان يحزن له العدو قبل الصديق. فقد جثم على صدر أمتنا أقوام كأنما جاءوا من كوكب آخر. جهلوا قدرك فأهانوك. ضيقوا عليك الرزق وحرموا صغارك روعة المدرسة حين تكون ساحة للمساواة بين أبناء الميسورين والمعدمين. وغسلوا الأدمغة ليحشوها بفقه جعلك وعاء للرجل وأداة لإمتاعه.. مهمة لا تقبلها الجارية إن خيروها بين الحرية وحياة كهذه! وخبر إهانة المرأة عندنا في السودان عرفه القاصي والداني حين هوت السياط على جلدك تحت مسمى جاهلي يدعونه قانون النظام العام!! فألهبوا ظهرك بالسياط ومردود التهم وسقط القول. لكننا نقسم بشرف أمهاتنا وآبائنا سنجعل هذا الليل نهارا في بلادنا .. وقريبا جدا. وسنأخذ لك الثأر بأكثر الوسائل حضارة: دولة ديموقراطية مدنية تعيشين فيها متساوية مع آخيك الرجل – لا لشيء سوى أن خالق هذا الوجود أعطاك حق التساوي في كل شيء مذ جاءت حواء وآدم إلى هذا الكوكب. حاشية: تحية خاصة للمقاتلات في جبال النوبة حماية لأرضهن وعروضهن من رصاص حكام الخرطوم الهمج. رأيت صورتكن في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وفي أيديكن السلاح وأكفكن بلا نقرشة حناء..فسألت نفسي إن كنت جديراً ذات يوم بمصافحة أيٍّ منكنّ يا أشرف النساء!! فضيلي جماع [email protected]