بائس هو الخطاب الذي يحاول إقناعنا بأنّ هناك مؤسسة عسكرية محترمة اسمها (القوات المسلحة). بؤس ذلك الخطاب ينطلق من تجاهل أصحابه التام لحقيقة أنّ تاريخ الجيش السوداني ارتبط ارتباطاً وثيقاً منذ الإستقلال بمهمتين هما العكس تماماً لما: تفصح عنه دساتير (...)
زرت سويسرا أربع أو خمس مرات.. جميعها زيارات قصيرة. لم يطل بقائي في أيّ منها أكثر من خمسة إلى ستة أيام. إثنتان من هذه الزيارات جاءتا بدعوة من تجمع السودانيين هناك لأغراض ثقافية – الزيارة الأخيرة لتدشين روايتي الجديدة " زغرودة في حوش أبّا الناير" في (...)
نعى الناعي مساء الأحد 5 نوفمبر 2023م الشاعر والقانوني والوطني الشجاع الأستاذ كمال عوض الجزولي – واسم الشهرة كمال الجزولي. يقولون عن نفاذ بصيرتك لمعرفة جودة الشخص من عدمه قبل أن تعرفه عن كثب : الكتاب يكفيك عنوانه ! وفي حالة تعارفي بكمال – التعارف (...)
هذه رسالة رأيت كمواطن سوداني أن أبعث بها إلى ألوان قوس القزح السوداني المجتمعين اليوم الإثنين 23 اكتوبر 2023م في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. سأسدي النصح دون مجاملة. هل سمعتم نداء الوطن المثخن بالجراح ، وعلمتم ما يعانيه شعبكم من مهانة بسبب هذه (...)
مثل الكثيرين من أبناء الهامش العريض ، كنت أعرفُ أنّ الرّاحِلة التي تسير مائلةً لن تصلَ بحملها نهاية المشوار. فما يصنع جيلٌ من أجيال السودان ثورة ، آملاً في بداية عهدٍ جديد، حتى يقفز من ثكنات جيش السودان ضابط أو شلة ضباط ليجلسوا على سُدّة الحكم، (...)
(مضى عامان على كتابة ورفع هذا المقال في المواقع الإليكترونية السودانية. ما جاء في هذا المقال لم يكن نبوءة. بل هو محاولة متواضعة لقراءة عقلية عسكر السودان الذين جعلهم سعار السلطة يحوّلون نهار السودان إلى ليل، في حرب وصفها جنرالاتهم بأنها حرب (...)
فتحنا أعيننا بعد استقلال بلادنا عن بريطانيا بسنوات قليلة. كنّا نردد في طابور الصباح – ونحن صبية في المدارس – نشيد العلم (السلام الجمهوري). تصدح حناجرنا البريئة : (نحن جند الله .. جند الوطن) ونختم بحماس: (هذه الأرض لنا)! وتمضي سنوات العمر، لنعرف ونحن (...)
ما أحوجنا هذه الأيام إلى اللحن الطروب ، والكلمات التي ترتقي بالنفس من وحل واقعنا
البائس، إلى سماوات عُلا. ما أحوجك للنغم العذب إذ يطل عليك العيد خالياً من ضحكات الأهل والأحباب. فتعزّي النفس بالأمنيات .. بأنك وأفراد أسرتك الصغيرة ستعودون في أول إجازة (...)
وسط تدافع رماح القبائل ، وكراهية الآخر الشريك في تحرير الأرض، يبدو ميلاد اللحظة السعيدة مثل هطول مطرٍ ينعش الأرض، ويروي الأودية بعد صيف طال. وحين يكون جيل الشباب – وهم نصف الحاضر وكل المستقبل – هو من يهدي الإنتصار لشعبه وسط ليل الإحباط ، يكون لهذا (...)
تطالعنا دون حياء أصواتٌ خائرة، ليس من وراء همْزِها ولمْزِها سوى إبطاء حركة الثورة السودانية المشتعل أوارها منذ ثلاث سنوات وأربعة أشهر. نقرأ همزهم ولمزهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي. وطوراً – وتلك مصيبة – تصدر وخزات الإبر والدبابيس هذه من مثقفين (...)
إن لم ترتبط الكتابة بشجاعة الرأي فلا فائدة ترجى من الكاتب ولا من كلماته. وقديماً قال أبو الطيب المتنبيء:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ** هو أول وهي المكان الثاني
وكاتب هذه السطور لم يدّع يوماً أنه في مقدمة أهل الرأي في بلادنا ، ولم يكتب ما كتب في الشأن (...)
كنّا هناك بمطار الخرطوم عشية أمس: الصحفي النابه فيصل محمد صالح وآخرون، بينهم شخصي الضعيف. المناسبة: أن نجلس ساعة من زمان في إحدى الصالات مع المطرب الدكتور عبد القادر سالم قبل أن يشد الرحال إلى قاهرة المعز مُستشفياً. وأود أن أطمئن قراء هذا المقال (...)
فجع السودان، عشية الأحد وصباح الاثنين (4 و5 يوليو/ تموز الحالي)، برحيل اثنين من كبار مبدعيه: الشاعر محمد طه القدّال الذي حول المفردات العامية إلى أغانٍ على شفاه الناس، وأصبح أيقونة الحراك الجماهيري لثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018. أما المبدع الثاني (...)
وصلتني الصورة المصاحبة لهذا المقال من أحد الأصدقاء بمواقع التواصل الإجتماعي. أطفال مشردون في أسمال بالية. وقد كتب عنواناً لها (الزي الفاضح.) ربما قصد الرجل ساعتها السخرية من الحال المائل الذي تعيشه بلادنا منذ عقود. وهو على حق.
تمعنت صورة الصبية (...)
يحدّثنا التاريخ أنّ محصلة الثورات الكبرى تعني الإنقلاب والتحوّل صعداً في مصير الشعوب التي تنجز تلك الثورات. فالثورة الفرنسية نقلت فرنسا من حكم ملكي إقطاعي إلى دولة ترفع شعار الإخاء والمساواة. وطبعا لم يحدث ذلك بين يوم وليلة. استغرقت الثورة الفرنسية (...)
قبل عام وفي مثل هذه الأيام من هذا الشهر، عدت إلى الوطن الأصغر جنوب غرب كردفان. كانت رحلة جمعت بين شوق طال لكل ما في تلك الفيافي والوهاد. ولم يكن في القلب من مساحة للشوق أكبر من شوقي لإنسان تلك الأرض. الإنسان الذي يحرسها ويفلحها ويغني لها ، ثم إذا (...)
-1-
قال الشاعر والأديب المكسيكي أوكتافيو باث (1914 – 1998) الحائز على جائزة نوبل في الآداب للعام 1990م، قال: (الثورة هي التمرد الذي يتحول إلى نظرية وإلى نسق.) ولعلّ أهم مرحلة تشير إلى أن الثورة على مشارف النجاح، عندما تضحي الثورة ثقافة ومادة للحديث (...)
-1-
في حب بلاده يكتب الشاعر الشيلي الحائز على جائزة نوبل بابلو نيرودا :
أُحِبُّكِ ولا أعرٍفُ كيفَ ولا متىَ ولا أينْ !
أحبُّكِ بلا مواربةٍ، بلا كبرياءَ بلا مشاكل !
أحبّكِ هكذا، ولا أعرفُ طريقةً أخْرَى للحُبْ !!
ولو جاز لكاتب هذه السطور أن يستعير من (...)
ما زال رأينا في المجلس العسكري بقيادة الجنرال البرهان أنه ليس سوى مجلس أمن نظام الأخوان المسلمين المباد. فالمجلس العسكري لم يقم بانقلاب على منظومة حكم البشير مطلقاً.
ما حدث هو تسليم وتسلم من البشير لرئيس أركانه إبن عوف الذي لفظته ثورة 19 ديسمبر في (...)
ما زال رأينا في المجلس العسكري بقيادة الجنرال البرهان أنه ليس سوى مجلس أمن نظام الأخوان المسلمين المباد. فالمجلس العسكري لم يقم بانقلاب على منظومة حكم البشير مطلقاً. ما حدث هو تسليم وتسلم من البشير لرئيس أركانه إبن عوف الذي لفظته ثورة 19 ديسمبر في (...)
أبدأ مقالي بالترحّم على روح الشاب الخلوق إبراهيم حماد موسى غلو، الذي بكاه الأهل وبكاه أصدقاؤه من الدينكا والنوير. وإبراهيم حماد موسى غلو لقراء هذا المقال، من أسرة راسخة الشان – أسرة العمدة حماد غلو من ولاد عمران – إحدى كبريات عشائر المسيرية. وفوق كل (...)
أشكر للدكتورة فاطمة الشيخ أن أعادت لذاكرتي الأبيات الشهيرة للقس ورجل الدين الألماني مارتن نيمولر Martin Niemöller (1892- 1984) ، إذ رفعت ترجمة للأبيات على صفحتها صباح اليوم في موقع فيس بوك. هذه الأبيات من أروع ما قرأت من إدانة لصمت المثقف في أي مكان (...)
أديس أبابا – أو الزهرة الجديدة كما تقول ترجمة إسمها. كنت هناك في الفترة بين 18 يناير و7 فبراير المنصرمين. لم أزرها بقصد السياحة. ولم أقصد زهرة أفريقيا كما تؤمها وفودنا في السياسة، يسألونها أن تبرنا بحكمتها في حل معضلات الحكم. كلا..بل جئتها لغرض خاص، (...)
أرفع هذا المقال تحية لرهط من الشباب والشابات، في ركنٍ من خارطة بلادنا. وكإنسان حر ، فإنني لا أخفي غرضي من الكتابة، ألا وهو التحريض على الفعل الحضاري، وتأكيد إرادة الإنسان في أن يكون سيد نفسه. وقديماً قالوا: (ما حكّ جلدُك مثلُ ظفرِك.) لذا رأيت أن أحي (...)
يعتبر الإبداع بكل أنواعه ضرباً من المغامرة. لذا جاءت صرخة جان أنوي : "الفن ضرورة قصوى ، وآهٍ لو أعرف لماذا"!! ولعلّ في "مخيلة الخندريس" للروائي عبد العزيز بركة ساكن ما يمكن أن نصفه بمأزق التجريب- أو المغامرة. فالكاتب يكل رواية النص الذي قام بتأليفه (...)