المملكة العربية السعودية دولة إسلامية عريقة من طراز نادر وفريد مازجت بين الأصالة والمعاصرة،وقد ظلت تلعب دورا بارزا ومحوريا مؤثرا في خدمة الإسلام والعروبة وذلك عبر الأتي: أولاً: إنتهاجها سياسة فقهية تأصيلية تجديدية ترتكز علي أصول الفقه الإسلامي التي أقرّها السلف االصالح من فقهاء الأمة وأئمتها الثقاة ،وقد كانت دوما سباقة لمحاربة البدع والضلالة والإحداث في الدين ما ليس منه . ثانيا: إنتهاجها سياسة خارجية منفتحة علي العالم الحر ومساندة ومناصرة لقضايا الأمة العربية والإسلامية في كافة المحافل الدولية والإقليمية أبرزها القضية الفلسطينية والمصالحة اللبنانية. ثالثا: عبر كرمها الفياض وإنشائها للعديد من المؤسسات والهيئآت الخيرية العالمية مثل هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والندوة العالمية للشباب الإسلامي . رابعا: خدمة الحرمين الشريفين وتعظيم الشعائر والقيام بألاف المشاريع التي أسهمت في راحة ورفاهية الحجاج والزوار للأماكن المقدسة وعلي رأسها مشروع توسعة الحرم المكي والمدني ومشروع رمي الجمرات ومشروع سقيا زمزم وأخيرا مشروع قطار الحرمين . خامسا: إهتمامها بطباعة المصحف الشريف وإنشائها لمراكز البحوث الفقهية وكذلك إهتمامها بعلم الحديث تحقيقا وتدقيقا في درجات الصحة والقبول. سادسا : دورها المؤثر في لملمة شمل البيت العربي داخل منظومة الجامعة العربية وبزلها للغالي والنفيس مالا ومشورة من أجل تحقيق ذلك. سابعا : دعم الجهاد الأفقاني ضد الهيمنة الروسية الباطشة والسالبة لإرادة الشعوب في الحرية والإستقلال الوطني. واليوم تبزل المملكة العربية السعودية جهودا جبارة لتوحيد الصف العربي حول القضايا المصيرية والنهوض بمفهوم الامن القومي العربي ومواجهة الخطر الشيعي الهادف في نهاية المطاف للإستيلاء علي منطقة الشرق وسيادة مذهبه عليها،ولعل فوز احزاب الاسلام السياسي الشيعي بالسلطة في العراق تحول الى مصدر الهام للشيعة في المنطقة للمطالبة بالمزيد من التأثير إضافة للوضعية التي يتمتع بها حزب الله في لبنان والصراع في البحرين واليمن ،فإيران تحاول إستغلال الشيعة العرب في معركتها بل تحاول الولوج للعمق السني في عقر داره فقد ظلت إيران تحاول منذ نهايات القرن الماضي التسلل الى النظام الاسلامي في السودان مستغلة تأييد الحركة الإسلامية السودانية للثورة الإسلامية في إيران وإنبهارها ببعض الأراء في السياسة والفكر إلا أن أهل السودان بطبيعة الحال سنيون ويمتلكون رصيدا رهيبا من العلم والمعرفة ولم يعيشوا صراعات مذهبية ويمجدون الصحابة ويسود المذهب المالكي بين الغالبية العظمي من علمائه ، وقد أرسلت الحوذة العلمية وفدا من علمائها للسودان بحجة إجراء حوار يهدف لتوحيد المذهبين السني والشيعي وقد جلسوا مع الدكتور حسن الترابي فأشار إليهم بالجلوس مع الأستاذ أمين حسن عمر ورفاقه(وبعد جلسات متتالية من الحوار جاء رئيس وفد علمائهم للترابي وقال له كاد إبنك أن يجعلنا سنة )، لم تقتصر محاولات إيران في تكوين حلفها الإستراتيجي فيما يعرف بالهلال الشيعي علي الدول العربية بل إمتد ليشمل تركيا( دولة أخر خلافة إسلامية ) ولكن مهما يتقارب البلدان حاليا فإنهما مستقبلا سيختلفان لان لكل منهما رؤيته الخاصة بشأن المنطقة وقد بدأ ذلك واضحا في مسألة الثورة السورية حيث ظلّت إيران وحزب الله المحسوب عليها لجانب النظام القمعي بينما تساند تركيا الثوار في سوريا. إن التمدد الإيراني في المنطقة يسعي لتشييع السنة وتقوية نفوذه لتصبح الجمهورية الإسلامية الإيرانية قوة إقليمية يحسب له ألف حساب لذلك يتوجب علي السودان وغيره من بلدان العرب مثل دول الخليج العربي و الأردن ومصرإعادة حساباتهم في العلاقة مع الجمهورية الإسلامية وقطع الطريق أمام طموحها الذي سيبني علي أشلاء العرب ودماء ودموع أبنائهم. إن المملكة العربية السعودية بذكاء قيادتها وفطنتهم أدركت خطورة المرحلة وهي تعد نفسها للمواجهة والتصدى للصلف الإيراني وفق منظومة إستراتيجية خٌطط لها بعلمية ومهنية دقيقة ، أهمها توحيد الصف العربي وقبول خيار المواجهة والتحدي وإتخاذ خطوات إستباقية لإرباك العدو ومحاصرته إقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا. إن الأزمة التي تشهدها العلاقات السودانية مع السعودية ودول الخليج سببها الإنفتاح السوداني علي إيران وللحقيقة والتاريخ إن السودان لم يستفد من ترحيبه بالإيرانيين ولن يستفد لأن ضوابط وتوجيهات مذهبهم تحتم عليهم ذلك، فعلي السودان إتخاذ قراره بكل شجاعة وجرأة لصالح المواجهة بقيادة المملكة العربية السعودية فإن الحفاظ على الأوطان فريضة قرآنية وسنية وضرورة عصرية وحتمية تاريخية. أحمد بطران عبد القادر [email protected]