مأمولة جديدة هذه الروح التي ظهرت في لقاء وزير الخارجية المصري نبيل فهمي مع قناة الشروق وطريقة مختلفة من قبل المسؤولين المصريين في التعاطي مع القضايا المشتركة ومع الشؤون الاقليمية ، وتشير بوضوح إلى ان مصر باتت تبحث عن علاقات جادة بالسودان وبدول حوض النيل. حيث كان ملفتا حديثه الإيجابي حول حق دول الحوض في التنمية لدرجة مشاركة مصر في تشييد سد النهضة الذي تحول مؤخراً الي أزمة مصرية - اثيوبية أقحم فيها باقي الدول عنوة في ظل بعض المواقف المصرية الرسمية وكثير من العنتريات الاعلامية التي وصلت إلى مرحلة التهديد علانية باستهداف السد وهي الجزيئة الأهم في لقاء الشروق حيث عبر الوزير المصري بلغة تليق بالدبلوماسية المصرية التي عرفت علي مدار عقود بالهدوء والرزانة ، لكن تطورات ماجري في مصر وتغول الاعلام والصحافة في احيانا كثيرة علي عمل مؤسسات الدولة وخشية هذه المؤسسات من هجوم الالة الاعلامية عليها رهن المواقف المصرية للتطرف والغلو وذروة هذا الموقف كان جليا في فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي الذي بث علي الهواء خطط الدولة المصرية لتأديب اثيوبيا وماصاحب ذلك الموقف الكوميدي في قمة هوجاءه الي المساس بالسودان الذي كان يصنف وقتذاك كحليف قوي لمصر الاخوان. نحن إذن امام سياسة مصرية جديدة بعد سنوات من التخبط والعشوائية والارتهان لفوضي اعلامية وسياسية اقعدت البلاد واضرت بسمعة مصر ومصالحها، واهم سمات هذه المرحلة بحسب ماجاء علي لسان رئيس الدبلوماسية المصرية هو انتهاج الحوار كوسيلة أمنة ومامونة للتواصل مع الجيران والأصدقاء ومع افريقيا التي تم تجاهلها علي مدار سنوات طويله وبقي التعامل معها ملفا أمنيا يقرر في شانه تقارير المخابرات والمواقف المعلبه. وبداية العودة الحقيقية لمصر لابد وان تنطلق من علاقات مصر اولا بالسودان الذي يشكل بوابة العبور المصري إلى كل القارة في حال نفذت الاتفاقيات المشتركة وافتتحت الطرق البرية التي ستقود مصر إلى أقاصي القارة، وتجاوز العقبات الصغيرة والنظر إلى ماهو ابعد ، نقول هذا الملام لانه وبعد ساعات من بث اللقاء بكل مايحمل من روح وطريقة جديدة حملت الأخبار ارجاء افتتاح الطريق الشرقي لاختلاف مصري سوداني على بضع أمتار في عملية الترسيم وأثر هذه الخلافات أقوي وأكثر تأثيرا من بعض التصريحات الإيجابية لان الحركة على الارض هي التي تظهر مدي الجدية في النهوض بهذه العلاقة التي ظلت وعلي مدار عقود مجرد عواطف وشعارات ومرتهنه لحكومات لاتملك الرؤية او الاردة الجادة لتنفيذ مشاريع كفيله بتحقيق تعاون حقيقي لبلدين يملكان كل أسباب التعاون السياسي والاقتصادي بجوار مباشر وإمكانات زراعية وحيوانية وصناعية ووفرة في الأيدي العاملة المؤهلة والراغبة في إنجاز هذه المشاريع وما تحقق علي مستوي القطاع الخاص يؤكد ذلك. ونقاط الضعف الوحيدة في تراجع اداء هذا القطاع يعود إلى وجود قوانين تحتاج إلى أردة سياسية لتغييرها وتهئية المناخ امام هذه الشركات التي حققت النجاح الوحيد حتى الان في ظل غياب للمؤسسات الحكومية وتراجع ملحوظ من قبل البلدين. كلنا أمل أن يكون لقاء معالي الوزير بدبلوماسيته ورزانته وقبل هذا وذاك بنبرة العقل به هو المؤشر الحقيقي لدفعة قوية لتلك العلاقات لما ينبغي أن تكونه بين طرفي وادي النيل. [email protected]