صرح د/ مصطفى عثمان اسماعيل وزير الاستثمار في تصريح صحفي لليوم التالي الثلاثاء 22/4/2014م بتراجع المستثمرين السودانيين في اثيوبيا بسبب تحسن المناخ الاستثماري في السودان ولا ادري ما هي التحسينات التي يعنيها سعادة الوزير مع وجود الكثير من المعوقات التي لا حل لها في المستقبل القريب ومنها الحرب وتراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأخرى بالإضافة إلى البيروقراطية المميتة في الدوائر الحكومية بالسودان وهذه الاسباب الثلاثة كافية لإجهاض اي محاولة للإستثمار في السودان من الوطنيين او الاجانب ومع ذلك فإن هذه الاسباب قد تكون قابلة للحل إلا أن السبب الأساسي والمعوق الرئيسي للاستثمار هو جود الوزارة نفسها كجهة معنية بالاستثمار. نعم إن المعوق الرئيسي للحالة الإستثمارية في السودان وجود وزارة الاستثمار وإحتكار ملف الاسثثمار لفترة طويلة في يد شخص واحد بيده النهي والامر والفعل والترك فالدكتور/ مصطفى اسماعيل هو وزير الاستثمار وهو كيل وزارة الأستثمار وموظفيها وهو مدير العلاقات العامة والاعلام بالوزارة وهو بإختصار المسئول الأول والأخير عن كل شئون الإستثمار من التصريح الى التصديق ومع ذلك فالوزير مشغول بقضايا اخرى لا تقل أهمية فهو الامين السياسي للحزب الحاكم وهو المسئول عن قضايا الحوار الوطني مع اكثر من تسعين حزباً و ومساعد رئيس الجمهورية ولجان أخرى. فأي انفتاح استثماري تريده الحكومة وهي تغلق بالضبة والمفتاح على شئون الاستثمار في وزارة واحدة وبيد شخص واحد ؟ جميع الدول الكبيرة المستقطبة للأستثمار في العالم العربي والشرق الاوسط والتي يصل حجم استثماراتها الاجنبية الى بلايين الدولارات في العام الواحد لا توجد بها وزارة استثمار ولا متحدث بأسم الاستثمار وانما فقط هيئات عامة للأستثمار مثل السعودية وقطر والبحرين وابو ظبي ودبي ومصر وتركيا والفرق كبير وشاسع بين وزارة وهيئة تضم ممثلين لكل الوزارات المعنية بشئون الاستثمار. ففي المملكة العربية السعودية مثلاً وهي من أكبر الدول المستقطبة للإستثمارات الأجنبية توجد الهيئة العامة للأستثمار ويتم الأمر بسهولة جدا ولا يحتاج الى مقابلة وزير او مسئول حيث يقوم المستثمر بإنهاء اجراءاته بسهولة لا تصدق من خلال كاونترات فروع الهيئة في العاصمة والاقاليم وفيها ممثلين لكل الوزارات المعنية بموضوع الاستثمار مثل المالية والتجارة والعمل والتأمينات الاجتماعية والغرفة التجارية والداخلية حتى وزارة العدل/ كاتب العدل فيخرج المستثمر من مكتب الهيئة أنهى جميع المعاملات التي يريدها من مكتب واحد وموظف واحد حتى حصوله على التصديق الخاص بالمصنع او الشركة او الورشة او اي نوع من الاستثمار الذي يريده خلال فترة وجيزة جداً لا تصريح ولا تلميح وقس على ذلك في بقية دول الخليج. وإن ارادت الحكومة السودانية تنشيط الحياة الاقتصادية وتطوير الخريطة الإستثمارية في السودان فلتبدأ بتفكيك وزارة الاستثمار وتحويلها الى هيئة عامة للأستثمار تضم ممثلين (وكلاء وزارات) كل الوزارات المعنية بالإستثمار وفك ارتباط الاستثمار بشخص واحد حتى يتعامل المستثمر الاجنبي والوطني مع الهيئة والقانون ويحصل على حقه بسهولة ويسر وأن يكون تعامله مع الهيئة كافياً عن مراجعة اي جهة اخرى ومعروفاً لأي جهة اخرى ومقبولاً من جميع الجهات من الجمارك حتى الضرائب حتى ادارة الأراضي وان يُعطى ترخيص الإستثمار الاولية والاسبقية والاهمية المطلوبة ولا يكون مجرد ورقة ممهورة بأختام وتواقيع تخوله لمزيد من الجري والتعب بل ان إدارات المتابعة بالهيئة العامة للاستثمار في السعودية مثلا تقوم بمتابعة المستثمر بعد اصدار الترخيص. والملاحظ أن معظم تصريحات سعادة الوزير تنحصر في الاستثمار الزراعي والمساحات الشاسعة من الأراضي حتى ارتبط مفهوم الاستثمار لدينا بالزراعة والأراضي الزراعية لا شئ غيره علماً بأن هذا النوع من الاستثمارات محفوف بمخاطر ويتطلب رؤوس اموال ضخمة وموافقات من مجالس ادارات الشركات الزراعية الكبرى وسياسات قطرية في كل بلد وغيرها من الأمور المعروفة لاهل الصنعة بما فيها عدم القدرة على تسويق بعض المنتجات الزراعية المطلوبة جداً بالخارج مثل البصل الذي لم يستطع مزارعو نهر النيل القدرة على تسويقه بالخارج وهي مهمة الدولة. لماذا لا تنفتح الدولة على الإستثمارات الصغيرة في الزراعة للمستثمرين الوطنيين والصناعات والورش الصغيرة والهامة للمستثمرين الاجانب مثل الهنود والباكستانين والذين يقومون بمثل هذه الإستثمارات في دول الخليج العربية بمبالغ كبيرة عند تجميعها مع بعض البعض وهي بالطبع تتطلب بعض البنيات التحتية الأساسية المطلوبة مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي والأرض الجاهزة للتسليم الفوري مع الإعفاء الجمركي والضريبي والتي تصدرها الهيئة. وسبق ان قلت ان المحاولات التي قام بها السودانيين المغتربين للإستثمار في السودان تفوق ثلاثين الف محاولة في مجال التصنيع والزراعة والبيطرة والتجارة والهندسة قام بها المغتربين من أهل الفن نفسه ولكنها باءت جميعها بالفشل لأسباب تتعلق ببروقراطية الدولة والضرائب والجمارك وعدم الرعاية والمتابعة لأن الدولة في واد والناس في واد آخر ولو نجحت مثل هذه المحاولات لكانت نواة لصناعات وزراعات واستثمارات اخرى ولتوسعت وتوسعت ولكانت فرصة للدولة لإستقطاب الأموال السودانية بالخارج وهذه مسئولية جهاز المغتربين مع ادارات الدولة المختلفة. وقد بدأت معظم الشركات العالمية متعددة الجنسيات التي تمسك بزمام العالم في الوقت الحالي بورش صغيرة ومكاتب صغيرة لا تتعدى اربعة في اربعة. [email protected]