بسم الله الرحمن الرحيم السلاح في أي دولة في عالمنا الحديث .. محتكرة شرعيته .. في ثلاثة أجهزة تقننها الدساتير.هي الجيش القومي والشرطة ومخابراتها اياً كانت تسميتها في الدولة المعينة ..ولكل كما هو معروف دوره المحدد وفقاً للدستور .. حتي لا تتداخل الاختصاصات. ولا أجدني محتاجاً لتبيان دور كل منها لأنه صار من البديهيات. ويعتبر الجيش القومي هو القوة العسكرية الأقوى بحكم الوظيفة الأساسية في الزود عن الوطن والحفاظ على حدوده من أي عدوان خارجي.. وقد تختلف تقديرات الشعوب في أداء بقية القوات باعتباره شأناً داخلياً ..لكن الاختلاف في دور الجيش .. محظور طالما كان تعامله مع العدوان الخارجي. إلا أن الخلاف يبدأ من التعامل مع القوى المسلحة الداخلية .. وتعتبر عادة متمردة على الدولة وفقاً لمواقف تختلف من حالة إلى أخرى.. وتكون معظم القوى المتمردة ذات مطالب تخص قوميات في الدولة المعينة .. ولا تحل إشكالاتها إلا في إطار إتفاقيات سياسية داخل الدولة. بيد أن الأمر يأخذ بعداً آخر إذا كان السلاح الداخلي مرفوعاً لخلافات سياسية مع نظام الحكم .. ترتبط برؤى داخل الدولة تشترك فيها تيارات مختلفة .. تعارض نظام الحكم ..لذلك تلجأ الأنظمة.. لإلصاق تهم العمالة للخارج لتشرعن دور الجيش..ونسمع أوصافا من قبيل الخونة والعملاء والارتزاق . وهنا يكون دور الجيش في غاية الحساسية بين تنفيذ أوامر رأس الدولة ..والقناعات التي ترسخ في أذهان قطاع منه بأنهم إنما ينفذون أجندة نظام حاكم يختلف عن دورهم المنوط بهم.. لذلك يكون لدى النظام الحاكم شكوك تجاهه ما يؤدي إلي قيامه بما يسمى في أدبيات الأنظمة بالتطهير.إضافة إلى الاستعانة بقوات موالية له .. وغالباً ما تكون هذه القوات ..منفصلة عن الجيش ..إضافة إلى دعمها لقواتها الاستخباراتية التي تكون أكثر ولاءً خاصة اذا ما ترك لها يد مطلقة واتخمت بالامتيازات. والمثال الأخير ينطبق تماماً على النظام الحاكم في السودان ..فالكل يعلم ان الجيش تمت فيه إحالات باسم الصالح العام لضمان دعمه للنظام وتوجهه..وتمت تقوية أجهزة الأمن مع حتى انها استعرضت قواتها بأسلحتها المختلفة إبان الأحداث التي تلت مقتل قرنق. وبرزت بصورة اكبر إبان دخول قوات المرحوم خليل إبراهيم إلي امدرمان . ومؤخراً ظهرت القوات المثيرة للجدل والمسماة بالدعم السريع ..والتي تتهمها المعارضة بأنها امتداد لقوات الجنجويد. واللافت هنا أن جهاز الأمن الوطني هو من تولي تدريبها والدفاع عن دورها ..لكن تياراً داخل القوات المسلحة أسمى نفسه بالتيار الإصلاحي..ابرز رفضه لدورها وقلل من مستوى كفاءتها القتالية..ونفى وجود دور للجيش في تكوينها. والحال كذلك..يبقي من المحتوم في ظل هذا الخلاف ان يتم الصدام بينها والقوات المسلحة ..باعتبار أن القوات المسلحة هي صاحبة الشرعية المسنودة بالدستور في هذا الجانب.. خاصة في ظل وجود احساس بالتقصير من قبل الدولة تجاهها ..وإنفاق كثير تجاه هذه القوات..حتى لو كان هذا الانفاق بعيداً عن تقديرات المعارضين ..تظل القناعة راسخة بعكس ذلك.ويمكن أن يؤدي حادث عرضي أو فردي ألي إظهار التوتر والصدام. ولا تتوقف إشكالات مثل هذه القوات على أيام نشاطها..بل تتعداها إلى ما بعد انتهاء مهامها باتفاقات سياسية .. لأنه من الصعب ادماجها ليس لأن القوات المسلحة غير راغبة في ذلك ..بل لأن تعودها على إطلاق يدها يجعلها بعيدة عن انضباط الجيوش الاحترافية. والخاسر الأكبر في هذا الصدام .. سيكون الوطن... كما يخسر يومياً بنزيف أبنائه من الجيش ..والحركات المسلحة ..ولكن في هذه الحالة ..سيكون الأمر كارثياً اكثر بحكم توزع الآراء داخل الجيش تجاه النظام وهذه القوات ..لأن النظام مهما فعل لضمان ادلجة الجيش..تأتي لحظة لا يعرف فيها ضباطه وجنوده..إلا دورهم الأصيل بعيداً عن التجاذبات السياسية .وعندها ستكون أي قوة تنازعها ..هشة في مقابلتها ..كون الجيش بطبيعته .. تتعدد أسلحته ..بينما الأخرى بتسليح بسيط ومحدود .. وهذا ما يجعل من أن ازالة هذا الاحتقان الوطني..لن يكون إلا عبر عمل شعبي غير مسلح..لازالة النظام ..عندها ..سيكون الجيش في لحظة وطنية ..رافعة مهمة تؤدي دورها..مهما ظن المؤدلجون غير ذلك.. معمر حسن محمد نور [email protected]