[email protected] ليس مستغربا ان البلاد تتعرض للعدوان و تقصف بالطيران ، و تنتهك سيادتنا و تستبيح سماء بلادنا للمرة الخامسة ، و تهتز العاصمة تحت دوى الانفجارات و يرتعب المواطنين و لا يحدثنا السيد وزير الدفاع فهو هذه المرة ليس لديه ما يقوله ، هذه هى المرة الخامسة التى يشهد فيها السيد وزير الدفاع البلاد تقصف وهو شخصيا وزير للدفاع ، ففى المرات الخمسة جميعها عجزت وسائل الدفاع الجوى عن اكتشاف العدوان او الرد عليه ، تحدث الناطق باسم القوات المسلحة و هو رتبة صغيرة فى التراتبية العسكرية وباقتضاب ، فى تهوين مخل و تقليل مقصود لحجم العدوان الكارثة و تطمين ارسله فى غير محله ، فهو بدلا من تطمين المواطنين اثار المزيد من قلقهم و حيرتهم ، وكان هذا هو الامر الذى يثير الاستغراب و الشك حول لماذا تاخر هذا البيان لاكثر من عشرين ساعة وبتبريرات واهية لخصها السيد وزير الاعلام فى ان التريث اقضته ضرورة التاكد وجمع الادلة ، و تحدث السيد الوزير و تمسك باحتفاظ السودان بحقه فى الرد وهذا ما يتفق مع القانون الدولى و لكنه مضى فى القول وزاد ان كل المصالح الاسرائيلية تعتبر اهداف مشروعة و هذا ما لا يتفق مع القانون الدولى ، حفظت المادة 51 من قانون الاممالمتحدة و المادة 16 من ميثاق روما الحق للدول التى تتعرض لعدوان من دول اخرى بحق الرد ولكنه وضع جملة من الاشتراطات لهذا الحق ، اولها بالطبع بعد ثبوت حالة العدوان ان تقوم الدولة المعتدى عليها باخطار مجلس الامن انها ستقوم بالخطوات التى حددتها لرد العدوان و الوسائل و الاسلحة التى تنوى استخدامها و عدد و اصناف القوات المشتركة فى رد العدوان ، ولكن نفس هذا القانون اعطى للدول التى ترتكب العدوان الاول حقا قانونيا اذا كانت الضربات استباقية (pre-emptive strikes) ، ( و مقصود بها منع عدوان محتمل من الدولة المعتدى عليها و يكون هذا ( استباق ) وفقا للقانون الدولى ، وهو فى هذه الحالة يحرم الدولة المعتدى عليها استباقيآ من حق المطالبة بالتعويض عن الاضرار فى الارواح و الممتلكات التى تحصر بعد وقوع العدوان ، و حسب القانون الدولى و نظام المحكمة الجنائية الدولية تتضمن أركان جريمة العدوان الأفعال التالية: 1- غزو أو مهاجمة دولة أخرى؛ 2- الاحتلال المسلح لدولة أخرى، وإن كان مؤقتا؛3- قصف دولة أخرى؛ 4- إيقاع الحصار على دولة أخرى؛5- السماح لدولة ثانية بارتكاب فعل من أفعال العدوان على دولة ثالثة؛6- إرسال فرق مسلحة للقيام باعمال عسكرية على اراضى دولة أخرى. غير أن الدول الأعضاء الموقعة على ميثاق روما لا زالت على خلاف حول دور مجلس الأمن في تحديد فعل العدوان، الذي له وفقا لميثاق الأممالمتحدة، صلاحية تحديد أفعال العدوان. وتصر الدول الخمس دائمة العضوية على مبدأ أن يكون لمجلس الأمن ، حصريا تحديد ما إذا شكلت أفعالا ما، قامت بها دولة ضد دولة أخرى فعلا من أفعال العدوان و نتيجة لذلك يصبح ثبوت حدوث العدوان مرتبط لالاتفاق السياسى للخمسة الكبار اصحاب الحق فى استخدام الفيتو ، كان واضحا ان السيد وزير الاعلام و السيد الناطق الرسمى باسم القوات المسلحة اوصلا رسالتين مختلفتين ، و فيهما تناقض واضح يزيد من حالة الارباك التى اعترت البلاد بكاملها، ففى الوقت الذى قال فيه الوزير ان ليس لدينا تقنيات تكافئ اسرائيل و لكننا سنرد الصاع صاعين ! المح السيد الناطق الرسمى باسم القوات المسلحة الى امكانية وجود اختراق داخلى و هو قول فى غاية الغرابة اذ انه عمم مسالة الاختراق على الجيوش المشابه فى المنطقة و عاد و تراجع بعد يومين على تصريح حيث أكد العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني أنه لا صحة لما ورد أخيرا في بعض وسائل الإعلام بأن القوات المسلحة مخترقة، وأوضح الناطق أن ما رمى إليه في مؤتمره الصحفي الأخير بقوله: “إن الجيش السوداني ليس بمعزل عن بقية العالم بشأن الاستهداف ، ليس معناه أن القوات المسلحة مستهدفة من الداخل، وإنما أن نبين مدى قوة بناء وتماسك القوات المسلحة من الداخل". يضعف حجة السودان فى حدوث العدوان الاشتباه بوجود خبراء اجانب يعملون على تطوير اسلحة غير دفاعية و لمصلحة دولة اخرى فى حالة حرب مع اسرائيل ، كما يضعف حجج الحكومة الشكوك الدولية حول عبور او تهريب الذخائر التى ينتجها امصنع اليرموك الى اطراف اخرى فى حالة حرب مع اسرائيل ، و لن يكترث المجتمع الدولى بدفوعات الحكومة كون ان لها مواقف مبدئية من القضية الفلسطينية ، بل على العكس من ذلك تعتبر هذه الدفوعات تاكيد للمزاعم الاسرائيلية ، و لذلك لم تكن تلك التصريحات موفقة لتبرير وقوع العدوان ، للاسف ما حدث من عدوان كان يجب ترك امر معالجته للجيش و عدم الزج بالشعارات السياسية و الايدولوجية فى الموضوع ، كما ان الحديث عن تحديد مكان و وزمان الرد ، هو حديث لا يتجاوز الشعارات السياسية ، و لم يحفظ التاريخ ان دولة قالت بالاحتفاظ بحق الرد قد مارسته فعلا و لو بعد حين ، لان رد العدوان اما ان يكون دفاعا عن النفس تصديا فعليا لعدوان وقع او استباقا لعدوان ، القانون الدولى لا يستند الى الوقائع المادية و حدها لتاكيد وقوع العدوان ، الامر يتجاوز الفعل العسكرى المباشر او غير المباشر ليشتمل على الاسباب التى تستند عليها الدولة المعتدية و الادلة ( الكافية ) التى تعتمد عليها ، وبهذه الكيفية فلا امل فى الشكوى المقدمة لمجلس الامن بالرغم من موقف الحكومة من المحكمة الجنائية الدولية و بالرغم من اصدار المحكمة لمذكرات استدعاء فى حق مسؤلين سودانين الا ان اللجوء لذات المحكمة هو افضل الطرق القانونية المتاحة امام الحكومة لاثبات العدوان و المطالبة بالتعويض ، و فى سبيل ذلك لابد للحكومة من حث الاممالمتحدة و المحكمة الدولية لارسال فرق تحقيق لزيارة المصنع و تبرئة السودان و من ثم ادانة الدولة المعتدية اسرائيل