التدهور العام للواقع السوداني بمجالاته المختلفة ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، لا يخفي علي أحد ، إن كان سياسيا ممارساً أو مواطناً عاديا أو كان مراقباً من على البعد لمجريات الأحداث بتوقعاتها المختلفة. وإن لم نقل كل ساستنا ، إنما جزء منهم على الأقل لا يدرك تماماً ماهية الوضع الحالي بكل تشعباته وتعرجاته القاسية على الوطن والمواطن وقبلهم أهل النظام أنفسهم ، لأن الجميع يعلم ، حتى الآن لانعرف إلي أين نسير أو نتجه ، إذا تناسينا الفضائح الظاهره علي السطح ، فإن هناك أعاصير ومحن داخلية كثيرة تحدق بأنيابها تجاهنا وفي مقدمتها التشرذم وضياع الفيافي والاصقاع من تراب هذا الوطن الغالي وسوف تعصف بنا سريعاُ عواصف هوجاء ، في مقدماتها نحن كأمة سودانية مستماسكة في وحدتها وفي تنوعها كما كان في الماضي ،إلا أننا نلاحظ بأن اصحاب القرار لا يهمهم ذلك وظلوا يراودون غرمائهم بواقعية اللعب بالنار والترهيب تارة أو الزج بمعارضيهم في دهاليزهم تارة أخرى، بمجرد تفكير فقط في التعليق حول ما يثار حالياً أو مستقبلاً ، ولهم في ذلك كل المعينات اللازمة لاخراص الألسن ،واي صوت نشاز ضدهم وضد رؤواهم ومصالحهم الشخصية. وكما أشرنا في السابق بأن الفهم السياسي الحالي العام أصبح ركيك المعاني ، تسوده الغتامة والمرارات الأليمة في كل شيء من حولنا . وبدورنا نتساءل بصورة دائمة ومستمرة ويكاد يومياً نسمع أفاعيل عكسية تعكس واقع الحال المغلوب أصلاً في سياستنا السودانية ، تعقد لجان عمل ، أو هناك مسودات عمل للفترة القادمة أو أن سعادة الرئيس أصدر توجيهات لمرحلة الحوار أو .. أو .. إلى أخره .. ولكن مشهد المؤشر الآدائي والتطبيقي يكون عكس ذلك ، وفي ظني لو سئل الرئيس نفسه عن سر هذا الشيء لإستعصي عليه الفهم الحقيقي ، لطبيعة هذه الأشياء . ولكن إذا أراد لفعل وفعل الكثير ، وسوف تحمد له أضابير السياسة صنيعته في مستقبل الأيام ، ناهيك عن وجود تباينات مختلفة داخل حزبه وقصره. وبالرغم من ذلك كله نجد أصحاب المصالح الضيقة في احزابنا السياسية من أقصاها لأقصاه تسيل لعابها شوقا وطرباً في هذا الوقت بالذات من أجل المشاركة في الحوار. لماذا لا نعلم ، ولا ندري ماهي حيثياتها ومدلولاتها في المشاركة أم القصد هو عملية التصحيح والتصليح المرتجي ، بعد التدهور والانهيار الحاصل داخل منظومة حزب المؤتمر الوطني الضيقة ، أم تريد أن تضع أطراف أقدامها لتجد لنفسها مكانه تستطيع أن تلاحق به الزمن الذي فاتها من عمر حكم السودان ، وصعب عليها الجلوس فترة ربع قرن الماضية متفرجة بدون أي يكون لها أي دور يذكر ، اثناء وجودها في خانة المعارضة ، وما صدقت خطاب الرئيس خلال مانشيت الوثبة ، وقالت في نفسها بأن هذه هي الفرصة المناسبة لها بان تشارك وتستعجل في المشاركة بدلاً من أن تلحس الحكومة كوعها اقصد كلامها ، أو يكون هباءا منثورا أو في خبر كان ، إن لم نقل شولة وبداية سطر جديد. وفي مطلع المقال اشرنا بأن حال سياستنا الآن أصبح ركيكا وغير متناسقا ومستساقا البتة ، أنعدم مرئيات الفهم الكلي لمجريات الأحداث ، صحيح أن يقيننا وإيمانياتنا تؤمن بأن الغيببيات يعلمها الله وحده عز وجل ، ولكن هناك علم علوم أخرى مثل التوقعات والفرضيات منها علي سبيل المثال : المحسوس منها والملموس والواقع والمعاش والمتوقع ، وقسم التبوءات المستقبلية وحده شاملاً استراتيجات متعددة ممكن أن تكون مسار ونبراس إذا مورست بالمنهجية العلمية الصحيحة. والحال التي وصلنا إليها يتطلب بلا شك ذلك ، ويقع العُب أولاً ، على النظام ،وكل متعاطي السياسة بمختلف أحزابهم بتفعيل نظرتهم الضيقة إلى النظرة التصاعدية وأعلي من ماهو موجود أو ما كان عليه في السابق إذا هم فعلاً يريدون حال البلد معافي من أوجاعه ومراراته. وفي أعتقادي هذه فرصة لم تتأتي مطلقاً للنظام ، وعليه أن يمسك بتلابيبها بكل ما أوتي من قوة وعين بصيرة ، إذا كان هو فعلاً جاداً في تحقيق معادلة حقيقية لواقع العمل السياسي الحر ومشاركة أخرين من خارج أسواره المعتادة ، وأن يدق بيد من حديد كل من يعرقل ذلك ، بدءاً من المفسدين والمخربين ومن يلعبون خارج السرب. ولتحقيق معادلة الإرياح والاستيراح مقبل الأيام ، لابد من مغسلة وحمام ساخن لغسل كافة متعلقات الفترة السابقة بكل مافيها من آلام بكل شفافية وتجرد ونكران ذات والانطلاق نحو غايات أساسية نحو بناء دستور قوي وثابت ، يحقق الوفاقية التامة لمكنونات الشارع السوداني العريض بدون اي استقصاءات لأي جهة كانت. هذا مع تقديري واحترامي ،،،، [email protected]