مذكرة تفاهم لإنهاء الحروب فى السودان ... (هلال وقطاع الشمال) ... خطوة إحترازية أم تكتيكية؟ لازالت الحكومة لم تفق من صدمتها ووعكتها الصحية ، كما لازال الحزب الحاكم يفترض الأكاذيب والإعداءات ليكذب توقيع مذكرة التفاهم بين مجلس الصحوة الثورى بزعامة ناظر قبيلة المحاميد الشيخ موسى هلال والحركة الشعبية (قطاع الشمال) شريكه السابق وعدوه اللدود والمنافس الأول والأخطر على مستقبل الحزب فى حكم السودان ، بينما تصاعدت الأصداء وتوالت المفاجآت لتكشف المزيد من الملابسات والغموض الذى إكتنف توقيع المذكرة، فيما أكد هلال من جانبه (صحة وشرعية الخطوة) متحملا المسؤولية الكاملة عنها دون الخوض فى تفاصيلها مكتفيا بأن المذكرة تهدف لإيقاف الحروب فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والتصالحات القبلية ، موصدا الباب أمام أى شكوك حول إسماعيل الأغبش الذى وقع على المذكرة إنابة عن مجلس الصحوة وقال إنه يمثله ومفوضا من قبله ، واضاف هلال قائلا نحن على اتصال معه ومع الحركة الشعبية قطاع الشمال ،ولم يكتف الزعيم القبلى بذلك بل زاد قائلا ستعقبها خطوات عملية قريبا . لا شك أن التصريحات والتأكيدات التى أطلقها الزعيم موسى هلال معلنا من خلالها مسؤوليته الكاملة عن الخطوة (مزعجة ومربكة) للحكومة وللحزب الحاكم معا بإعتبار أن هلال لازال عضوا بالمؤتمر الوطنى ومستشارا بديوان الحكم الإتحادى وعضوا بالبرلمان ، إلا أن التصريحات تلك قد قطعت دابر الشك وقفلت الباب تماما أمام أى مزايدات لجماعة حاولت ان تجد لنفسها موطئ قدم وسط هذا الأجواء لتغبيش الحقيقة وإستغفال الرأى العام الذى إنقسم مندهشا للخطوة بين الرافض والمؤيد ، إذ أن المذكرة دعت وبصريح العبارة ل(إزالة النظام الحاكم فى البلاد) وجاء ذلك موافقا تماما لأجندة الجبهة الثورية والمعارضة السودانية ، إذ إتفق الطرفان فيها على إنهاء نظام المؤتمر الوطنى ووصفاه ب(الشمولى) ودعيا لقيام نظام ديمقراطي بدلا عنه ولكنهما لم يحددا الوسائل إن كانت بطرق عسكرية أو مدنية ، ولكن التصريحات التى أطلقها القائد العام لقوات الحركة الشعبية فى جبال النوبة اللواء جقود مكوار عقب توقيعه الإتفاق ناعيا فشل الصيف الحاسم ومكذبا مزاعم الحكومة قائلا (بأن قواته جاهزة للصيف الحاسم المقبل) تشير لحيثيات مذكرة التفاهم . فالمذكرة كما تسلمتها (الصحافة) تشتمل على (10) بنود أكد من خلالها الطرفان على العمل المشترك لانهاء الحروب في كافة أرجاء البلاد ، والعمل المسترك على انهاء النظام الشمولي واحلاله بنظام ديمقراطي ، وكذلك العمل على قيام دولة المواطنه القائمة على الحقوق والواجبات المتساوية بلا تمييز ، فالعمل على وقف سياسات فرق تسد واستخدام القبائل السودانيه ضد بعضها البعض ، وأيضا العمل على اعادة رتق النسيج الاجتماعي الذي دمرته سياسات الانقاذ والتى أدت بدورها الى خلق مرارات وعداوات بين بنات وأبناء السودان ، ومن ثم العمل على تقوية أواصر الأخوه الشريفة بين السودانيين ، والحفاظ على وحدة السودان شعباً و أرضاً على أسس جديده مع الاعتراف بحق الآخرين في أن يكونوا آخرين ، والعمل على قيام علاقات متوازنه بين المركز والأقاليم ، وكذلك العمل على قيام دولة المؤسسات والحكم الرشيد عبر عمليه دستوريه شامله تفضي للتغيير و تجيب على كيفية حكم السودان ، وقالت أن الحوار الوطني الدستوري يتطلب وقف الحرب وتهيئة المناخ واطلاق الحريات والوصول الى ترتيبات حكم انتقالي . إلا ان المتابع للأسباب التى جعلت زعيم المحاميد لأن يترك الخرطوم محتميا بقواعده فى مستريحة فى شمال دارفور يجد أن الخلاف بين الوالى كبر وهلال خلافا منهجيا تمثل فى كيفية إدارة المحليات الاربعة التى تخندق بها هلال وهى محليات نفوذ هلال فى (كبكابية ، سرف عمرة ، كتم والواحة ) سيما عقب أحداث جبل عامر ،وتشير مصادر (الصحافة) إلى أن والى شمال أصدر بعض القرارات الإدارية التى أحدث خللا كبيرا وتدنيا فى سلطة وشعبية الزعيم القبلى كان يهدف من ورائها لإغتيال هلال سياسيا وقبليا ، فضلا عن الخلافات السياسية والتى تصاعدت لتصبح مركزية مع الحكومة والحزب الحاكم ،وإذ يقول هلال لدينا الكثير من المآخذ على المركز والحزب إلحاكم فى طريقة تعامله معنا . إلا أن نائب رئيس المؤتمر الوطنى البروف إبراهيم غندور كشف عن لقاءات وإتصالات مع هلال وقال إنها لم ولن تتوقف ، بينما أكد زعيم المحاميد أن شعرة معاوية لم تنقطع بينه والحزب الحاكم ،كاشفا عن (10) وفود مختلفة من برلمانيين واجهزة تنفيذية واجهزة أمنية وعلى كافة المستويات ، فضلا عن اللقاء الكبير الذي جمع هلال بالسيد رئيس الجمهورية في مدينة ام جرس لازالت تفاصيله (سرية) قال هلال تمت فية مناقشة عدد من القضايا التي يفترض ان تتم بشأنها بعض الترتيبات والمعالجات ولكنها لم ترى النور حتى الآن . فيما يدرك المتابع لمجريات الحوار الوطنى الذى دعا رئيس الجمهورية المشير البشير بمبادرة أطلقها في يناير الماضي 2014 المعروفة ب(الوثبة) والتى إرتكزت على (4) محاور رئيسية (السلام والتصالحات ، معالجة الأزمة الاقتصادية ،الحرية السياسية والحريات عامة والحكم الرشيد ، الحوار العريض بين كل السودانيين لا يستثنى أحد بما فيهم الجماعات المسلحة) وتوافقت عليها المكونات السودانية فى مؤتمر المائدة المستديرة ، يجد بأن العملية الحوارية لازالت تحفها الشكوك وإنعدام الثقة بين الحكومة والمعارضة ،وقد أصبحت هى السمة الغالبة والمسيطرة على مجريات الحوار الوطنى . بيدما يجد المتابع بأن قنوات تنفيذ الحوار بذاتها قد تعددت داخليا وخطت خطواتها بإجتماع آلية (7+7) مؤخرا ،قال هلال بأن الدعوة لم تقدم إليه ، وإقليميا فقد جاء الحوار الوطنى بذاته ضمن القرار الأفريقى (423) ، أما أوربيا فقد دعا البرلمان الأوروبي قيادات أحزاب معارضة وحركات مسلحة في السودان إلى لقاء لمناقشة الوسائل الكفيلة بتحقيق السلام في البلاد ولازالت تواصل مجرياتها بفرنسا حتى لحظة كتابة التحليل ، أوالخطوة الدولية والتى جاءت وفق القرار الأممى (2126) ، كما تعددت المسميات (الحوار الوطنى حسبما جاء بمبادرة الرئيس أو الحوار الدستورى كما تطالب به المعارضة المسلحة أو ميثاق بناء الوطن .. التنوع المتحد كما أطلقه رئيس حزب الأمة الصادق المهدى مؤخرا ) ، بيدما عاد المهدى مشترطا قبول الحوار الوطنى وفق إصدار قانونين لتنفيذ العملية (قانون بناء الوفاق الوطني، وقانون بناء السلام) إلا أن الثابت أن عملية الحوار قض النظر عن تتعدد مسمياته كما أسلفنا فإن جميعها تهدف لهدف واحد هو (تحقيق السلام فى السودان) . ولكن لماذا وكيف إلتقى الخطان المتوازيان؟ فالإتفاق مع قطاع الشمال يعنى الإتفاق مع الجبهة الثورية بما فيها الحركات الدارفورية المسلحة العدو الأول لموسى هلال كما يقول اللواء عبد الباقى قرفة رئيس حزب جبهة جبال النوبة (أصحاب القضية الحقيقيين) العائد من الجبهة الثورية، وبسبب الحركات المسلحة الدارفورية ذاتها أصبح هلال مطلوبا لدى محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى زعيما لملشيات قبلية عرفت إصطلاحا ب(الجنجويد) ، لا يستبعد قرفة أن يكون الإتفاق بين (هلال وقطاع الشمال) مجرد عملا تكتيكيا قصد منه رسائل محددة لقيادات بالحزب الحاكم لكسب مزيد من التنازلات لتنفيذ الحوار الوطنى ، بينما وصفت قيادات سياسية الخطوة بإنها إحترازية لخطوات وحسابات ميتقبلية ، إلا أن القيادى بالحزب القومى السودانى بالخارج محمد أبوعنجة أبورأس وصف التحالف بذاته بتحالف الضديين وقال إنه إتفاقا هشا لا يستند على قاعدة صلبة وسيسقط فى أول إختبار . إلا أن مراقبون إستبعدوا أن يكون هلال مجرد غواصة فى داخل الجبهة الثورية لحسابات الزمان والمكان ، فيما يظل الشاهد بأن الدولة نفت إطلاق صفة المتمرد على هلال ليست كعادتها كما نفى الزعيم بشدة دمغه بصفة المتمرد قائلا (لست متمردا بل انا على خلاف مع الحكومة في بعض الاراء والمواقف) وأضاف في اعتقادي ان الخلاف في الراي يعد ظاهرة صحية لاننا اختلفنا في كيفية تسيير امور البلد وفي كيفية حكم السودان ، وفي كيفية فك الهيمنة على السلطة ، وفي كيفية رفع الظلم ، وفي كيفية الموازنة بين المركز وقوى الهامش وبخاصة اقليم دارفور الذي يمثل سكانه نصف سكان السودان ، لافتا إلى أن صفة التمرد تنطبق على من يحمل السلاح ويقاتل الحكومة ،وهكذا وصف مراقبون الخطوة بإنها تكتيكية وقالوا أن لها ما سيعقبها من خطوات إحترازية . [email protected]