الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقتصاديات المهن الهامشية..هذا الواقع الذي الهم فكتور هوجو
نشر في الراكوبة يوم 19 - 07 - 2014


(مشهد أول)
في السوق الكبير الذي يتوسط المدينة وفي ركن قصي بأحدي البنايات العتيقة التي تشكل احدي معالم احدي هذه الولاية الساحلية تعمل الخالة( س) بائعة الشاي منذ ان يستبين الخيط الابيض من الاسود منذ الفجر الي اخر النهار يوميا, دون كلل او ملل في انكار ذات عالي, حتي انها تخشي ان تهدر جنيهاتها في شراء دواء الضغط الذي تحتاجه , او لقاء طبيب يخفف عنها ما تعانيه من الالام ,فتدخره لانين اطفالها , تأتي من اقاصي اطراف المدينه , تسعي لرزق عيالها تحمل في كتفها معدات مهنتها , فكيف تستطيع السير مع بهتان سيلفح ظهرها ويجرح طهرها ويعسر رزقها, كنت اشفق علي حالها كثيرا ومن عظم ما تعانيه,فسألتها قبل شهر رمضان الجاري بأن الشهر الكريم قد اقترب وهذه فرصة عظيمة لها كي تستريح في بيتها طوال ايام هذا الشهر الكريم ؟ ولكنها ردت علي وفي صوتها حزن متهدج ( ولكن يا ولدي نحنا ناس رزق اليوم باليوم لو رقدنا في البيت يوم واحد(واطاتنا أصبحت)منو البجيب خبرنا ,منو البأكلنا , عيالي لو مرضوا منو البداويهم ) كلمات خرجت من فمها متتابعة غرست في قلبي خنجرا من الاسي تمنيت لو اني لم اسألها لأن اللبيب بالاشارة يفهم ....! فهذا هو حال الخالة( س ) التي تعمل دون كلل او ملل طوال العام , وفي رمضان تأتي الي السوق منذ الساعة الثالثة بعد الظهر من المنزل وهي محملة بما تجود به يدها لبيع طعام الافطار , ثم تتحول بعد الافطار مباشرة الي بيع الشاي الي منتصف الليل, وجدتها بعد مرور الاسبوع الاول من هذا الشهر الكريم بعد ان قصدتها ومعي بعض الاصدقاء لشراب الشاي , فوجدت في مكانها بعض الاواني و(الكبايات) (مكسرة) وبعد ان استقصيت منها الامر اشارت لي بأن ناس المحلية منذ ان بدأ رمضان يداهمونهم من وقت لأخر بطريقة فجائية ومباغتة وما علينا الا ان نلوذ بالفرار مع كل ممتلكاتنا والا ستصبح غنيمة مستباحة لهم , ومن اراد ان يسترد حاجياته عليه ان يدفع مبلغ الغرامة وهي 250 جنيها , والله فترنا من عيشة زي دي وديل تقصدناس المحلية (شكيناهم لي الله)..................................................................... !
(مشهدثاني)
الشريفات كثر في وجه هذا الزمان الصعب , ما دق العظم واذاب الشحم واضاء النخوة وقصر الهمة وذهب بقوت العيال , في باحه البيت في ركن قصي وبعد تنتهي أن الخالة (س) من دوامها وتنتهي من كل واجباتها المنزلية واخرهم اطعام عيالها الصغار , تختم يومها بالصلاة , وبعدها ترفع اياديها متضرعه بالدعاء للمولي عز وجل في وجه اولئك الذين سولت لهم انفسهم أعاقتها الجسديه والنفسيه , وحطموا اوانيها ومازالت تعاني منهم و افعالهم اللاانسانيه, ومن جور الزمن حيث الامراض المزمنه ومسؤليه الاطفال الايتام والرجال الذين يهربون لظروف الموت .. الحروبات .. التشريد للصالح العام .. اولأي من ظروف الحياه القاسيه......! ولكن المولي عز وجل يا امي يمهل ولا يهمل وفي انتظار عدالة السماء التي ستثأر لكن جميعا ,لأن المولي عز وجل لا ينسي عباده المظلومين ,اللهم انا نبرأ اليك من ظلمهن فلربما لم يبقي من هم العيش من الذنوب تحت هذه الاسمال الا فم لو اقسم علي الله لأبره, ثم تنام قريرة العين, أخالها تحلم بالرسول (ص) الذي يحثها شوقا اليه فتصر في طرفها ما يضيء حلمها الوحيد...........
هذا مشهد لواقع حقيقي من مسرح الحياة اخترته من بين الكثير من المشاهد الواقعية التي اختزلها في ذاكرتي, بل ان هناك ما هو اكثر منها مأساوية, لغيض من فيض من نماذج مشرفه لاولئك النسوه وهن يمتهن بيع الشاي والطعام ,بعد ان ارغمتهن ظروف العقدين الاخيرين التي قدمتها النخبه الحاكمة بلا قسط من قيم , وساهمت في خروجهن للعمل الهامشي , للمكابسه من اجل لقمه عيش حلال بالرغم ما قد يسببه ذلك لهن من مضايقات ومعاكسات , والتشريد من زبانية النظام الحاكم بعد ان اصبحت المداهمات تطالهن من وقت لأخر , وحاليا في بورسودان تواجه بائعات الشاي والطعام ظروفا صعبة بعد أن عادت حكومة الولايه مره اخري لمطاردة اصحاب المهن الهامشية من ستات الشاي وبائعات الاطعمة وماسحي الاحذية والباعة المتجولون, والغريب في الامر والمدهش ان هذه المطاردات تتم بصورة مكثفة في شهر الرحمة والمغفرة كحالة استثنائية تميز هذه الولاية عن كل الولايات الاخري , , شهر الرحمة والمغفرة الذي تصفد فيه شياطين الجن, ولكن ثبت بالدليل القاطع ان شياطين الانس أشد سوءا , وكرست سلطات المحلية جهدها في هذا الشهر الكريم لحملات تشريد تلك الفئات وسلطت سيفها بقوة علي تلك الشرائح التي تكافح من اجل لقمة عيش حلال ,والمتابع لشأن ولاية البحر الاحمر لن يندهش من هذه الافعال اللانسانية التي اصبحت مناظرها مألوفة لأنها تجيد فقط خطف اللقمه من افواه المساكين ,فهذا ليس بشيء جديد كما فعلت من قبل مع اصحاب الدرداقات واصحاب الكارو واصحاب الاكشاك انحيازا لفئات اخري بأصدار اوامر احتكاريه تخدم مصالحهم الخاصة , لتستبدل اولئك المساكين الذين لا يجيدون الدفع مقابل الخدمات باشخاص محترمون يعود ريعهم لجيوب الكبار والانتهازيين في هذه الولاية , اوحتي تذهب الي ريع التنميه الوهمية التي لا تسهم في انتاج وظائف للخريجين الذين ينتشرون في طرقات هذه الولايه , ويرتادون القهاوي بعد ان انسدت كل الطرق التي امامهم نحو مستقبل مشرق فيتمسك بعضهم بالاعمال الهامشيه رغم الشهادات الجامعيه, فهل نفهم ان مسؤليه النظام الحاكم تنتهي فقط بمجرد توجيه الامر بالتسويط لهم في الانتخابات.....؟, ام لا زالت حكومة الولايه مشغوله عنهم بأعاده رصف الطرق مره اخري بعد ان دمرتها الامطار وبيع اراضي الولايه في المزادات التي وضعت عليها مجسمات تسر الناظرين ,وكأننا نعيش في اتون مدينه يفوق دخل المواطن منصرفاته ونعيش علي مؤشرات البورصه تحت ناطحات السحاب المصرفيه .............................................
في استطلاع اجريته مع عدد من بائعات الشاي وبائعات الطعام وذلك في اعقاب استهدافهن اكدن لي ان هذه المطاردات بدأت مع شهر رمضان , ويتعامل مهم افراد المحلية بقسوة مبالغ فيها , وكل ما يتم مصادرته لا يسترد الا بعد دفع مبلغ وقدره 250 جنيها حتي ولو كانت (كباية ) وهذا الحديث اكدته لي العديد من بائعات الشاي والطعام , وبهذه العقلية يسلط قساة القلوب وعديمي الرحمة والانسانية زبانيتهم علي صاحبات واصحاب المهن الهامشية ,يطاردونهم في الطرقات يصادرون بضاعتهم ويعبثون بأنيتهم دون ان يرمش لهم جفن , انهم في واقع الامر ينتزعون لقمة الطعام من افواه اطفال زغب يغدو بعضهم لمدارسهم خماصا ويعودون منها كذلك لاقامة أودهم بلقيمات لا تتوفر الا بما تعود به الام بائعة الشاي او الطعام او ماسح الاحذية او البائع المتجول , وكثير من هؤلاء يضحون بمستقبلهم الدراسي لمساعدة اسرهم وبعضهم يضحي بحصص او يوم دراسي كامل لتوفير مطلوبات التعليم لنفسه بما فيه الرسوم في عهد تعليم الجباية, ولا ادري لماذا لا يسأل الملأ الحاكم انفسهم عن الذي يدفع امرأة تكابد طوال النهار واحيانا الليل ولا تكاد تضع رأسها علي وسادة خشنة في اخر الليل حتي تنهض قبل انغلاق الصباح تسابق صويحباتها وتسبق زبائنها حيث تكد وتعمل, وما الذي يدفع صبيا يافعا ليقضي نهاره تحت هجير الشمس اللافحة في بيع الخضر والفواكه او غسيل العربات ,بينما من المفترض ان يكون في فصول الدراسة مع اترابه, انها الحاجة والضرورة الملجئة في واقع لا يقل مأساوية عن ذلك الذي الهم الاديب العالمي فكتور هيجو وحصد علي اثر ذلك ارفع الجوائز العالمية............................................................................
جاء في الحديث الشريف : من لا يرحم لا يرحم وارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء , ولكن مشكلة الملأ الحاكم هي انهم لا يطرحون علي انفسهم سؤال....؟ كيف يعيش بسطاء الناس في هذه البلاد, ولو ان كرامة الانسان كانت جزء من همهم لفعلوا, ولكن غاية همهم تأمين كراسي الحكم , ومبلغ علمهم من عافية الاقتصاد التطاول في البنيان , تكدس الامول في ايدي قلة من ذي الحظوة المتنفذة ومحاسيبها , وهذه عقلية موروثة من عهد دولة الارستقراطية العربية الاموية فالعباسية لا يغير من امرها ادمان الشعارات الاسلامية , وقد خلقت ضغوط الحياة التي نعيشها لسبب الواقع الاقتصادي المزري الذي خلفته حكومة الجبهة الاسلامية لاسباب يعلمها القاصي والداني, وبرزت ظواهر اجتماعية مفزعة منها بلوغ معدلات الطلاق ارقام غير مسبوقة بحسب الاحصاءات الرسمية, وبروز ظاهرة هروب الازواج من منازلهم تفاديا للضغوط النفسية, وكذلك ارتفاع حالات الاصابة بالامراض النفسية والعقلية في الشارع العام فوق المعدلات المعهودة, اما عن الفساد الاخلاقي فحدث ولا حرج, ولما كانت محصلة سياسسات الزلزلة الاقتصادية هي تركيز المال في ايدي القلة المتنفذة ومحاسيبها مقابل تعطل ضروريات الحياة للقاعدة العريضة فقد شاع الفساد الاخلاقي الذي يتجلي في استقبال دور الايواء اللقطاء اعداد خرافية حسب الاحصاءات الرسمية التي نشرت مؤخرا , وتفشي الزواج العرفي بصورة مريعة, ورواج تجارة المخدرات وغير ذلك من الظواهر السالبة, ولأن الاشياء من بعضها فأن الواقع الاستثنائي كان لا بد ان يفضي لتطورات استثنائية منها ما يتصل بمسؤلية اعالة الاسر ,وحين غيب الموت الكثير من ارباب الاسر في الحروب وقعدت الاعاقة بعضهم, وحين عز العمل المناسب للرجال , وحين تخلي بعضهم عن مسؤلياتهم الاسرية بالطلاق او الهروب , كان لابد ان تتصدي للمسؤلية نساء مجيدات واطفال نبلاء عند حكم الضرورات الملجئة, انها ضرورات مأكل ومسكن وملبس ومأوي يستر العورة ودواء يشفي العلة ومصروف من اجل التعليم, وكل ذلك في الحد الادني لغالبية الاسر هذا اذا توفر لها المأوي والتي كثيرا ما تتعذر...................................
الي الخاله ( س) وكل زميلاتها اللاتي اعرفهن واللاتي لا اعرفهن فمبلغ جهودكن في سمو الاجيال, وفي ما تقدمن من دروس مجانيه, فتكرمهن المؤسسات التعليميه والوزارات لعظيم صنعهن, ولكن ماهي القيم الجديده التي تتعلمها بائعات الشاي او بائعات الطعام من العمل في دكان الحكومة المؤجر عدا دفع الضرائب والعوائد والنفايات والماء والكهرباء , اللهم الا اذا كانت حكومة الولايه التي لا (تختشي) ترغب في الحصول علي نصيبها من اولئك الكادحات بعد منح الامر صيغه شرعيه بقرار جمهوري , وسواء جهل ام تجاهل حكامنا الذين يملأون الافاق بالشعارات الجوفاء فأن كثير من الاسر تكتفي بوجبة واحدة لا من اوسط قوت اهل البلاد , بل من ادناه وان كثيرا من التلاميذ والتلميذات يقضون اليوم الدراسي بدون وجبة افطار, وحتي الوجبة الواحدة لا تتوفر الا بمساهمة كل من استطاع الي العمل سبيلا من افراد الاسرة , ونحن هنا لا نتحدث من نسيج الخيال وانما واقع معاش واتحدي به اي جهة رسمية يعنيها الامر ان تشكل لجنة تقصي للتحقق مما نقول, ومما يحمد للنساء المجيدات من ستات الشاي وبائعات الاطعمة والباعة المتجولين ومنظفي الاحذية وغاسلي العربات اللجوء الي مهن شريفة لتوفير ضروريات الحياة في حدها الادني لهم ولاسرهم, فلا بديل عن هذه المهن في ظل الواقع الذي تعيشه الشرائح المسحوقة الا مواجهة الموت جوعا ومرضا او الانحطاط للدرك الاسفل للفساد اكلا بالثدي او الاتجار بالمخدرات او الخمور او احتراف السرقة والعياذ بالله من ذلك..............................
وكما في ظن بعض المسؤلين الواهم سمعت منهم كثيرا عبارة ان هناك اشياء تقع تحت ستار بيع الشاي, , ولكن الي متي نظل في شرك التعميمات الجزافيه وفوضي الاختصار والتشويه بأطلاق النعوت النابيه علي وظائف بعينها في بلد باتت تحي فيه الشائعات وتميت , وبائعات الشاي كغيرهن من البشر في المهن المختلفه عرضه لامتحان اخلاقي قد ينجحن فيه او يرسبن لان قضيه الانحلال الاخلاقي التي تكيد بها السلطات لالئك الكادحات هي اكبر من ان نمسكها علي هون او ندسها في رماد كوانين اولئك البؤساء , ولكن بقدر ما انها نتاج ثقافه مضاده باشهار سيف اللاوعي في مجتمع قائم علي بنيه (الوعي التناسلي) فلا زال الخطاب الفكري للنخبه الحاكمه تقليديا وعاجزا تماما عن خلق مشروع اخلاقي لا يتمحور حول قهر المرأة , كحل لقضايا الانحلال اللا اخلاقي بعد ان ساهموا في تعقيده , وكأن الرجال براء من هذه التهم تصمم لهم برامج الحفظ والصون بطريقه لا تعترف بفوضاهم الغريزيه وتقرها ولا تري لها حلا غير ان توسع لهم الطريق, فالرجل علي شاكله اولئك يري في المرأة كائنا قابلا للانحراف كلما ازدادت مساحة حريتها ويتراكم الخوف اكثر من من المراه العامله واكثر من التي تدرجت في التعليم الي اعلي المستويات , لانها خطت كل هذه الخطوات وهي تختلط بمجتمع يعج بالرجال لانه يحتكم في طريقه تفكيره ونظرته واخلاقه ومغامراته وتجاربه الشخصيه والذاتيه , وربما محاولاته المختلفه للاغواء, ولكنني لا زلت عاجزا عن فهم كيف يمكن ان تحل هذه التعقيدات ازماتنا الاخلاقيه , وعلي اولئك المسؤلين الذين يديرون ظهورهم للحقائق سرعان ما سيجدوا انفسهم امام واقع اسهموا في تعقيده وتأذوا من مألاته.............
خلف هذه القرارات يقف فكر ذكوري متخلف وتسلط ومنزوع الرحمة , يبني تصوراته الشخصيه عن المجتمع الفاضل والتربيه العفيفه علي قضيه المرأة وتقليص دورها الانساني الي تابع اوموضوعه للجنس, في تنميط سالب يسيئ لكرامتهن ويصادر من حريتهن علي واقع المرأة في ظل التغيرات المجتمعيه الماثله التي تتطلب خروجها الي العمل في ظل ظروف اقتصاديه سيئه للغايه اجبرتهن بالخروج الي سوق العمل , فألقت بالمزيد من الاعباء علي المرأة داخل وخارج المنزل , فتلك المواقف المتشدده من السلطات لا تترك مجالا الا بالسير نحو طريق واحد لا ثاني له ,ولا تترك امام هؤلاء الضحايا الا طريق السقوط في وحل الخطيئه اذا لم يرتقي اولئك المسؤلون الي مستوي الفهم والادراك , وارادوا فقط سجنهن وفق غرائزهم اللاواعيه وهم يعلمون عواقب ذلك فيدسون رؤسهم تحت التراب, والي ان يعوا دورهم في حمايه النظام الاخلاقي للمجتمع وافساح الطريق للمرأة ودعمها والا فأن الفصام علي مستوي الوعي والممارسه في العلاقه اللا اخلاقيه سيستمر علي حاله طالما كان جسد المرأة موضوع غني لسن التشريعات والقوانين التي تعالي في قمعها ,فحتي متي نظل نعاني من ضعف الفكر والكفاءات ,فالذي يجعلك تفضل الجوع علي الرزيلة ليس قرارجمهوري بقدر ما هو نتاج للذات التي استعرت تحت لهيب التجربة فتوهجت , فعملا بالكلام القائل ان كنت تقفر شعبك وتجيعه وتقهره فأنك تصنع المجرمين لتعاقبهم......
ونحو الختام لنا كلمة اجلال للنساء المجيدات من ستات الشاي وبائعات الطعام لنهوضهن بواجبهن المقدس تجاه اسرهن واطفالهن علي وجه الخصوص, ذلك لأن المرأة اقوي ارتباطا بيولوجيا وعاطفيا بأطفالها حقا علي الذي لا ينطق عن الهوي ان ينصفها ويخصها بثلاثة ارباع حسن الصحبة كما في الحديث المشهور, وهؤلاء النسوة اللائي يريد البعض التشكيك فيهن اكرم بكثير من نؤومات الضحي من المترفين بأموال السحت , فحريا علي السلطات ان تعتذر لهم لانهم يتحملون وزر اخفاقهم , اناصرهم حتي يعلم اولو الامر انهم اصحاب حق , واناصرهن لانها مهنه ابتدعها اصحابها ليغالبوا فقرهم وحاجاتهم لتعلوا قيم الكفاح والعمل في المجتمع , لا ان تتخلي السلطات عن واجباتها تجاههم, لان الكثيرون في مجتمعنا يدينون لامهات ربوهم رغم قسوة الظروف القاسية تحت هجير الشمس الحارقه , وعلي السلطات ان تفتخر بنضالهم لا ان تلاحقهم بالتشريد لفئات تعاني من الظلم والجوع والبرد ومظله الاستجداء, وهي نماذج مشرف لشريحة من المجتمع تصدت للظروف الشاقه التي تتحمل جزء منها الحكومة , والاخر تتحمله ظروف الحياه القاسيه, ولكنها مهن شريفه تمارس تحت هجير الشمس الحارقه , فكيف تكون بمهنه غير شريفه كما يعتقد بعض المسؤلين في هذا النظام من اولئك الذين يشوهون منظر المشروع الحضاري للدولة الفاضلة, فيكافئون ويتم تتويجهم بالالقاب والمزايا الحميده والاوسمه والنياشين ولا تلاحقهم سلطات النظام العام ولا يطالهم القانون ,و أصبح جل همهم مطاردة اولئك الضعفاء والكادحين ولكن لهم رب يحميهم , فاذا كانت كل المعابر الي حياه كريمة اصبحت مسدودة امام اولئك الكادحات المناضلات فمن اين طريق سلك اولئك الذين يقيمون بيننا وفوق رؤسنا فأفقدونا شهيه الحياه لتنسد عليهن كل الابواب من اجل حياه كريمة, فلن يستطيعوا عبورا بعد ان اصبحت السلطات من خلفهم والموت من فوقهم , فالي اين سيكون المفر, بعد ان اصبحوا جاهزين لأن يموتوا ضحيه الكوارث لانهم يحملون في اجسادهم جينات التضحيه الغبيه للوطن والحاكم الجائر ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.