جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    برقو الرجل الصالح    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد عمليات تأهيل مطار عطبرة ويوجه بافتتاحه خلال العام    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    هيومن رايتس ووتش: الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً ضد المساليت.. وتحمل حميدتي وشقيقه عبد الرحيم وجمعة المسؤولية    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    تكريم مدير الجمارك السابق بالقضارف – صورة    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    بأشد عبارات الإدانة !    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    ضياء الدين بلال يكتب: نصيحة.. لحميدتي (التاجر)00!    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقتصاديات المهن الهامشية..هذا الواقع الذي الهم فكتور هوجو
نشر في الراكوبة يوم 19 - 07 - 2014


(مشهد أول)
في السوق الكبير الذي يتوسط المدينة وفي ركن قصي بأحدي البنايات العتيقة التي تشكل احدي معالم احدي هذه الولاية الساحلية تعمل الخالة( س) بائعة الشاي منذ ان يستبين الخيط الابيض من الاسود منذ الفجر الي اخر النهار يوميا, دون كلل او ملل في انكار ذات عالي, حتي انها تخشي ان تهدر جنيهاتها في شراء دواء الضغط الذي تحتاجه , او لقاء طبيب يخفف عنها ما تعانيه من الالام ,فتدخره لانين اطفالها , تأتي من اقاصي اطراف المدينه , تسعي لرزق عيالها تحمل في كتفها معدات مهنتها , فكيف تستطيع السير مع بهتان سيلفح ظهرها ويجرح طهرها ويعسر رزقها, كنت اشفق علي حالها كثيرا ومن عظم ما تعانيه,فسألتها قبل شهر رمضان الجاري بأن الشهر الكريم قد اقترب وهذه فرصة عظيمة لها كي تستريح في بيتها طوال ايام هذا الشهر الكريم ؟ ولكنها ردت علي وفي صوتها حزن متهدج ( ولكن يا ولدي نحنا ناس رزق اليوم باليوم لو رقدنا في البيت يوم واحد(واطاتنا أصبحت)منو البجيب خبرنا ,منو البأكلنا , عيالي لو مرضوا منو البداويهم ) كلمات خرجت من فمها متتابعة غرست في قلبي خنجرا من الاسي تمنيت لو اني لم اسألها لأن اللبيب بالاشارة يفهم ....! فهذا هو حال الخالة( س ) التي تعمل دون كلل او ملل طوال العام , وفي رمضان تأتي الي السوق منذ الساعة الثالثة بعد الظهر من المنزل وهي محملة بما تجود به يدها لبيع طعام الافطار , ثم تتحول بعد الافطار مباشرة الي بيع الشاي الي منتصف الليل, وجدتها بعد مرور الاسبوع الاول من هذا الشهر الكريم بعد ان قصدتها ومعي بعض الاصدقاء لشراب الشاي , فوجدت في مكانها بعض الاواني و(الكبايات) (مكسرة) وبعد ان استقصيت منها الامر اشارت لي بأن ناس المحلية منذ ان بدأ رمضان يداهمونهم من وقت لأخر بطريقة فجائية ومباغتة وما علينا الا ان نلوذ بالفرار مع كل ممتلكاتنا والا ستصبح غنيمة مستباحة لهم , ومن اراد ان يسترد حاجياته عليه ان يدفع مبلغ الغرامة وهي 250 جنيها , والله فترنا من عيشة زي دي وديل تقصدناس المحلية (شكيناهم لي الله)..................................................................... !
(مشهدثاني)
الشريفات كثر في وجه هذا الزمان الصعب , ما دق العظم واذاب الشحم واضاء النخوة وقصر الهمة وذهب بقوت العيال , في باحه البيت في ركن قصي وبعد تنتهي أن الخالة (س) من دوامها وتنتهي من كل واجباتها المنزلية واخرهم اطعام عيالها الصغار , تختم يومها بالصلاة , وبعدها ترفع اياديها متضرعه بالدعاء للمولي عز وجل في وجه اولئك الذين سولت لهم انفسهم أعاقتها الجسديه والنفسيه , وحطموا اوانيها ومازالت تعاني منهم و افعالهم اللاانسانيه, ومن جور الزمن حيث الامراض المزمنه ومسؤليه الاطفال الايتام والرجال الذين يهربون لظروف الموت .. الحروبات .. التشريد للصالح العام .. اولأي من ظروف الحياه القاسيه......! ولكن المولي عز وجل يا امي يمهل ولا يهمل وفي انتظار عدالة السماء التي ستثأر لكن جميعا ,لأن المولي عز وجل لا ينسي عباده المظلومين ,اللهم انا نبرأ اليك من ظلمهن فلربما لم يبقي من هم العيش من الذنوب تحت هذه الاسمال الا فم لو اقسم علي الله لأبره, ثم تنام قريرة العين, أخالها تحلم بالرسول (ص) الذي يحثها شوقا اليه فتصر في طرفها ما يضيء حلمها الوحيد...........
هذا مشهد لواقع حقيقي من مسرح الحياة اخترته من بين الكثير من المشاهد الواقعية التي اختزلها في ذاكرتي, بل ان هناك ما هو اكثر منها مأساوية, لغيض من فيض من نماذج مشرفه لاولئك النسوه وهن يمتهن بيع الشاي والطعام ,بعد ان ارغمتهن ظروف العقدين الاخيرين التي قدمتها النخبه الحاكمة بلا قسط من قيم , وساهمت في خروجهن للعمل الهامشي , للمكابسه من اجل لقمه عيش حلال بالرغم ما قد يسببه ذلك لهن من مضايقات ومعاكسات , والتشريد من زبانية النظام الحاكم بعد ان اصبحت المداهمات تطالهن من وقت لأخر , وحاليا في بورسودان تواجه بائعات الشاي والطعام ظروفا صعبة بعد أن عادت حكومة الولايه مره اخري لمطاردة اصحاب المهن الهامشية من ستات الشاي وبائعات الاطعمة وماسحي الاحذية والباعة المتجولون, والغريب في الامر والمدهش ان هذه المطاردات تتم بصورة مكثفة في شهر الرحمة والمغفرة كحالة استثنائية تميز هذه الولاية عن كل الولايات الاخري , , شهر الرحمة والمغفرة الذي تصفد فيه شياطين الجن, ولكن ثبت بالدليل القاطع ان شياطين الانس أشد سوءا , وكرست سلطات المحلية جهدها في هذا الشهر الكريم لحملات تشريد تلك الفئات وسلطت سيفها بقوة علي تلك الشرائح التي تكافح من اجل لقمة عيش حلال ,والمتابع لشأن ولاية البحر الاحمر لن يندهش من هذه الافعال اللانسانية التي اصبحت مناظرها مألوفة لأنها تجيد فقط خطف اللقمه من افواه المساكين ,فهذا ليس بشيء جديد كما فعلت من قبل مع اصحاب الدرداقات واصحاب الكارو واصحاب الاكشاك انحيازا لفئات اخري بأصدار اوامر احتكاريه تخدم مصالحهم الخاصة , لتستبدل اولئك المساكين الذين لا يجيدون الدفع مقابل الخدمات باشخاص محترمون يعود ريعهم لجيوب الكبار والانتهازيين في هذه الولاية , اوحتي تذهب الي ريع التنميه الوهمية التي لا تسهم في انتاج وظائف للخريجين الذين ينتشرون في طرقات هذه الولايه , ويرتادون القهاوي بعد ان انسدت كل الطرق التي امامهم نحو مستقبل مشرق فيتمسك بعضهم بالاعمال الهامشيه رغم الشهادات الجامعيه, فهل نفهم ان مسؤليه النظام الحاكم تنتهي فقط بمجرد توجيه الامر بالتسويط لهم في الانتخابات.....؟, ام لا زالت حكومة الولايه مشغوله عنهم بأعاده رصف الطرق مره اخري بعد ان دمرتها الامطار وبيع اراضي الولايه في المزادات التي وضعت عليها مجسمات تسر الناظرين ,وكأننا نعيش في اتون مدينه يفوق دخل المواطن منصرفاته ونعيش علي مؤشرات البورصه تحت ناطحات السحاب المصرفيه .............................................
في استطلاع اجريته مع عدد من بائعات الشاي وبائعات الطعام وذلك في اعقاب استهدافهن اكدن لي ان هذه المطاردات بدأت مع شهر رمضان , ويتعامل مهم افراد المحلية بقسوة مبالغ فيها , وكل ما يتم مصادرته لا يسترد الا بعد دفع مبلغ وقدره 250 جنيها حتي ولو كانت (كباية ) وهذا الحديث اكدته لي العديد من بائعات الشاي والطعام , وبهذه العقلية يسلط قساة القلوب وعديمي الرحمة والانسانية زبانيتهم علي صاحبات واصحاب المهن الهامشية ,يطاردونهم في الطرقات يصادرون بضاعتهم ويعبثون بأنيتهم دون ان يرمش لهم جفن , انهم في واقع الامر ينتزعون لقمة الطعام من افواه اطفال زغب يغدو بعضهم لمدارسهم خماصا ويعودون منها كذلك لاقامة أودهم بلقيمات لا تتوفر الا بما تعود به الام بائعة الشاي او الطعام او ماسح الاحذية او البائع المتجول , وكثير من هؤلاء يضحون بمستقبلهم الدراسي لمساعدة اسرهم وبعضهم يضحي بحصص او يوم دراسي كامل لتوفير مطلوبات التعليم لنفسه بما فيه الرسوم في عهد تعليم الجباية, ولا ادري لماذا لا يسأل الملأ الحاكم انفسهم عن الذي يدفع امرأة تكابد طوال النهار واحيانا الليل ولا تكاد تضع رأسها علي وسادة خشنة في اخر الليل حتي تنهض قبل انغلاق الصباح تسابق صويحباتها وتسبق زبائنها حيث تكد وتعمل, وما الذي يدفع صبيا يافعا ليقضي نهاره تحت هجير الشمس اللافحة في بيع الخضر والفواكه او غسيل العربات ,بينما من المفترض ان يكون في فصول الدراسة مع اترابه, انها الحاجة والضرورة الملجئة في واقع لا يقل مأساوية عن ذلك الذي الهم الاديب العالمي فكتور هيجو وحصد علي اثر ذلك ارفع الجوائز العالمية............................................................................
جاء في الحديث الشريف : من لا يرحم لا يرحم وارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء , ولكن مشكلة الملأ الحاكم هي انهم لا يطرحون علي انفسهم سؤال....؟ كيف يعيش بسطاء الناس في هذه البلاد, ولو ان كرامة الانسان كانت جزء من همهم لفعلوا, ولكن غاية همهم تأمين كراسي الحكم , ومبلغ علمهم من عافية الاقتصاد التطاول في البنيان , تكدس الامول في ايدي قلة من ذي الحظوة المتنفذة ومحاسيبها , وهذه عقلية موروثة من عهد دولة الارستقراطية العربية الاموية فالعباسية لا يغير من امرها ادمان الشعارات الاسلامية , وقد خلقت ضغوط الحياة التي نعيشها لسبب الواقع الاقتصادي المزري الذي خلفته حكومة الجبهة الاسلامية لاسباب يعلمها القاصي والداني, وبرزت ظواهر اجتماعية مفزعة منها بلوغ معدلات الطلاق ارقام غير مسبوقة بحسب الاحصاءات الرسمية, وبروز ظاهرة هروب الازواج من منازلهم تفاديا للضغوط النفسية, وكذلك ارتفاع حالات الاصابة بالامراض النفسية والعقلية في الشارع العام فوق المعدلات المعهودة, اما عن الفساد الاخلاقي فحدث ولا حرج, ولما كانت محصلة سياسسات الزلزلة الاقتصادية هي تركيز المال في ايدي القلة المتنفذة ومحاسيبها مقابل تعطل ضروريات الحياة للقاعدة العريضة فقد شاع الفساد الاخلاقي الذي يتجلي في استقبال دور الايواء اللقطاء اعداد خرافية حسب الاحصاءات الرسمية التي نشرت مؤخرا , وتفشي الزواج العرفي بصورة مريعة, ورواج تجارة المخدرات وغير ذلك من الظواهر السالبة, ولأن الاشياء من بعضها فأن الواقع الاستثنائي كان لا بد ان يفضي لتطورات استثنائية منها ما يتصل بمسؤلية اعالة الاسر ,وحين غيب الموت الكثير من ارباب الاسر في الحروب وقعدت الاعاقة بعضهم, وحين عز العمل المناسب للرجال , وحين تخلي بعضهم عن مسؤلياتهم الاسرية بالطلاق او الهروب , كان لابد ان تتصدي للمسؤلية نساء مجيدات واطفال نبلاء عند حكم الضرورات الملجئة, انها ضرورات مأكل ومسكن وملبس ومأوي يستر العورة ودواء يشفي العلة ومصروف من اجل التعليم, وكل ذلك في الحد الادني لغالبية الاسر هذا اذا توفر لها المأوي والتي كثيرا ما تتعذر...................................
الي الخاله ( س) وكل زميلاتها اللاتي اعرفهن واللاتي لا اعرفهن فمبلغ جهودكن في سمو الاجيال, وفي ما تقدمن من دروس مجانيه, فتكرمهن المؤسسات التعليميه والوزارات لعظيم صنعهن, ولكن ماهي القيم الجديده التي تتعلمها بائعات الشاي او بائعات الطعام من العمل في دكان الحكومة المؤجر عدا دفع الضرائب والعوائد والنفايات والماء والكهرباء , اللهم الا اذا كانت حكومة الولايه التي لا (تختشي) ترغب في الحصول علي نصيبها من اولئك الكادحات بعد منح الامر صيغه شرعيه بقرار جمهوري , وسواء جهل ام تجاهل حكامنا الذين يملأون الافاق بالشعارات الجوفاء فأن كثير من الاسر تكتفي بوجبة واحدة لا من اوسط قوت اهل البلاد , بل من ادناه وان كثيرا من التلاميذ والتلميذات يقضون اليوم الدراسي بدون وجبة افطار, وحتي الوجبة الواحدة لا تتوفر الا بمساهمة كل من استطاع الي العمل سبيلا من افراد الاسرة , ونحن هنا لا نتحدث من نسيج الخيال وانما واقع معاش واتحدي به اي جهة رسمية يعنيها الامر ان تشكل لجنة تقصي للتحقق مما نقول, ومما يحمد للنساء المجيدات من ستات الشاي وبائعات الاطعمة والباعة المتجولين ومنظفي الاحذية وغاسلي العربات اللجوء الي مهن شريفة لتوفير ضروريات الحياة في حدها الادني لهم ولاسرهم, فلا بديل عن هذه المهن في ظل الواقع الذي تعيشه الشرائح المسحوقة الا مواجهة الموت جوعا ومرضا او الانحطاط للدرك الاسفل للفساد اكلا بالثدي او الاتجار بالمخدرات او الخمور او احتراف السرقة والعياذ بالله من ذلك..............................
وكما في ظن بعض المسؤلين الواهم سمعت منهم كثيرا عبارة ان هناك اشياء تقع تحت ستار بيع الشاي, , ولكن الي متي نظل في شرك التعميمات الجزافيه وفوضي الاختصار والتشويه بأطلاق النعوت النابيه علي وظائف بعينها في بلد باتت تحي فيه الشائعات وتميت , وبائعات الشاي كغيرهن من البشر في المهن المختلفه عرضه لامتحان اخلاقي قد ينجحن فيه او يرسبن لان قضيه الانحلال الاخلاقي التي تكيد بها السلطات لالئك الكادحات هي اكبر من ان نمسكها علي هون او ندسها في رماد كوانين اولئك البؤساء , ولكن بقدر ما انها نتاج ثقافه مضاده باشهار سيف اللاوعي في مجتمع قائم علي بنيه (الوعي التناسلي) فلا زال الخطاب الفكري للنخبه الحاكمه تقليديا وعاجزا تماما عن خلق مشروع اخلاقي لا يتمحور حول قهر المرأة , كحل لقضايا الانحلال اللا اخلاقي بعد ان ساهموا في تعقيده , وكأن الرجال براء من هذه التهم تصمم لهم برامج الحفظ والصون بطريقه لا تعترف بفوضاهم الغريزيه وتقرها ولا تري لها حلا غير ان توسع لهم الطريق, فالرجل علي شاكله اولئك يري في المرأة كائنا قابلا للانحراف كلما ازدادت مساحة حريتها ويتراكم الخوف اكثر من من المراه العامله واكثر من التي تدرجت في التعليم الي اعلي المستويات , لانها خطت كل هذه الخطوات وهي تختلط بمجتمع يعج بالرجال لانه يحتكم في طريقه تفكيره ونظرته واخلاقه ومغامراته وتجاربه الشخصيه والذاتيه , وربما محاولاته المختلفه للاغواء, ولكنني لا زلت عاجزا عن فهم كيف يمكن ان تحل هذه التعقيدات ازماتنا الاخلاقيه , وعلي اولئك المسؤلين الذين يديرون ظهورهم للحقائق سرعان ما سيجدوا انفسهم امام واقع اسهموا في تعقيده وتأذوا من مألاته.............
خلف هذه القرارات يقف فكر ذكوري متخلف وتسلط ومنزوع الرحمة , يبني تصوراته الشخصيه عن المجتمع الفاضل والتربيه العفيفه علي قضيه المرأة وتقليص دورها الانساني الي تابع اوموضوعه للجنس, في تنميط سالب يسيئ لكرامتهن ويصادر من حريتهن علي واقع المرأة في ظل التغيرات المجتمعيه الماثله التي تتطلب خروجها الي العمل في ظل ظروف اقتصاديه سيئه للغايه اجبرتهن بالخروج الي سوق العمل , فألقت بالمزيد من الاعباء علي المرأة داخل وخارج المنزل , فتلك المواقف المتشدده من السلطات لا تترك مجالا الا بالسير نحو طريق واحد لا ثاني له ,ولا تترك امام هؤلاء الضحايا الا طريق السقوط في وحل الخطيئه اذا لم يرتقي اولئك المسؤلون الي مستوي الفهم والادراك , وارادوا فقط سجنهن وفق غرائزهم اللاواعيه وهم يعلمون عواقب ذلك فيدسون رؤسهم تحت التراب, والي ان يعوا دورهم في حمايه النظام الاخلاقي للمجتمع وافساح الطريق للمرأة ودعمها والا فأن الفصام علي مستوي الوعي والممارسه في العلاقه اللا اخلاقيه سيستمر علي حاله طالما كان جسد المرأة موضوع غني لسن التشريعات والقوانين التي تعالي في قمعها ,فحتي متي نظل نعاني من ضعف الفكر والكفاءات ,فالذي يجعلك تفضل الجوع علي الرزيلة ليس قرارجمهوري بقدر ما هو نتاج للذات التي استعرت تحت لهيب التجربة فتوهجت , فعملا بالكلام القائل ان كنت تقفر شعبك وتجيعه وتقهره فأنك تصنع المجرمين لتعاقبهم......
ونحو الختام لنا كلمة اجلال للنساء المجيدات من ستات الشاي وبائعات الطعام لنهوضهن بواجبهن المقدس تجاه اسرهن واطفالهن علي وجه الخصوص, ذلك لأن المرأة اقوي ارتباطا بيولوجيا وعاطفيا بأطفالها حقا علي الذي لا ينطق عن الهوي ان ينصفها ويخصها بثلاثة ارباع حسن الصحبة كما في الحديث المشهور, وهؤلاء النسوة اللائي يريد البعض التشكيك فيهن اكرم بكثير من نؤومات الضحي من المترفين بأموال السحت , فحريا علي السلطات ان تعتذر لهم لانهم يتحملون وزر اخفاقهم , اناصرهم حتي يعلم اولو الامر انهم اصحاب حق , واناصرهن لانها مهنه ابتدعها اصحابها ليغالبوا فقرهم وحاجاتهم لتعلوا قيم الكفاح والعمل في المجتمع , لا ان تتخلي السلطات عن واجباتها تجاههم, لان الكثيرون في مجتمعنا يدينون لامهات ربوهم رغم قسوة الظروف القاسية تحت هجير الشمس الحارقه , وعلي السلطات ان تفتخر بنضالهم لا ان تلاحقهم بالتشريد لفئات تعاني من الظلم والجوع والبرد ومظله الاستجداء, وهي نماذج مشرف لشريحة من المجتمع تصدت للظروف الشاقه التي تتحمل جزء منها الحكومة , والاخر تتحمله ظروف الحياه القاسيه, ولكنها مهن شريفه تمارس تحت هجير الشمس الحارقه , فكيف تكون بمهنه غير شريفه كما يعتقد بعض المسؤلين في هذا النظام من اولئك الذين يشوهون منظر المشروع الحضاري للدولة الفاضلة, فيكافئون ويتم تتويجهم بالالقاب والمزايا الحميده والاوسمه والنياشين ولا تلاحقهم سلطات النظام العام ولا يطالهم القانون ,و أصبح جل همهم مطاردة اولئك الضعفاء والكادحين ولكن لهم رب يحميهم , فاذا كانت كل المعابر الي حياه كريمة اصبحت مسدودة امام اولئك الكادحات المناضلات فمن اين طريق سلك اولئك الذين يقيمون بيننا وفوق رؤسنا فأفقدونا شهيه الحياه لتنسد عليهن كل الابواب من اجل حياه كريمة, فلن يستطيعوا عبورا بعد ان اصبحت السلطات من خلفهم والموت من فوقهم , فالي اين سيكون المفر, بعد ان اصبحوا جاهزين لأن يموتوا ضحيه الكوارث لانهم يحملون في اجسادهم جينات التضحيه الغبيه للوطن والحاكم الجائر ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.