الناقد الأدبي و الصحافي ( مجذوب عيدروس ) #إطلالة على أحد رموز النقد السوداني# لا أدري على وجه الدقة من أين أبدأ ؟.... فأنا لا أستطيع أن أدعي أنني ملم بكيف و متى كانت البدايات الأولى للناقد مجذوب عيدروس فقد بزغ نجمه على حين غِرة وسط المهشد الثقافي السوداني دون أي مؤشرات مسبقة !!؟.... كأنه كما يقال ولد بأسنانه !!؟..... و لكن يمكن الحديث حول سيرته الذاتية بصورة مضغوطة و مكثفة و مختصرة عبر الإشارة الى مسقط الرأس و ما تبع ذلك من تفاصيل تتعلق بحياته العامة ، ولد في مدينة الدامر ، موطن المجاذيب عام 1949 م ، تلقى تعليمه العام بمدينة ود مدني و الجامعي بكلية الموسيقى و الدراما بجامعة السودان و كان من مؤسسي رابطة ود مدني الأدبية و أعد مختارات الشعر السوداني المعاصر ( كتاب في جريدة ) و كتب تقديماً لديوان الشيخ مدثر البوشي و شارك بأربع دراسات في كتاب ( بحوث في الرواية السودانية ) الصادر عن مركز عبد الكريم مرغني ... و المدهش في كل هذا ، إن دراسته الجامعية في كلية الموسيقى و الدراما ، لم تشده الى ( أبو الفنون ) ، فإهتمامه بالمسرح إقتصر على الفرجة و كتابة بعض الإنطباعات لمشاهد عابر !!؟.... ربما يكون السبب في ذلك هو سطوة الإعلام و سحر الصحافة اللتان من خلالهما إستطاع أن يصنع إسماً في الحركة الثقافية السودانية كناقد له وزنه و مكانته المرموقة بين النقاد .... و لعل زياراتي الخاطفة الى الخرطوم خلال مطلع الثمانيات ، التي أمضي نصفها بين أروقة جهاز المغتربين و النصف الآخر في مقرات الصحف التي يُصدر عبرها رفقاء الزمن الجميل ، الملفات الثقافية التي يشرفون عليها و هناك سعدت بلقاء "مجذوب عيدروس" لأول مرة ؛؛؛؛؛ و يبدو أنه من الوهلة الأولى إقترن إسمه بالقاص و الروائي "عيسى الحلو" ، فكلاهما مكمل للآخر .... فقد عملا سوياً بجانب "نبيل غالي" و "معاوية البلال" على إحياء مجلة الخرطوم الثقافية و إعادة إنتاجها مجدداً !!؟... و بجهودهم الخاصة دفعوا بها الى الصدارة لتستعيد مكانتها المرموقة إبان عقدي الستينات و السبعينات ... و لكن ككل شئ جميل في السودان سرعان ما إنقطع سلسال إستمراها و تم إصادها بالضبة و المفتاح !!؟.... و خلال تلك الفترة كان قد كتب مقالاً عن روايتي الأولى ( الخفاء و رائعة النهار ) نُشر في ذات المجلة و أدار معي حواراً لا أدري أين نُشر ؟؟!... و حينما جئت الى السودان خلال النصف الثاني من عقد التسعينات في زيارة خاطفة كالعادة ، وجدت تجمع النخبة المنتقاة الفائقة الإبداع ، قد تفرقوا أي سبأ !!؟.... كل ذهب الى حيث تم إختياره من قبل إحدى الصحف التي درجت على إصدار ملفات ثقافية ذات صدى لدى كتاب الأجناس الأدبية بتنويعاتها المختلفة ، الى أن إستقر بهم المقام منذ مطلع الألفية الثالثة كل في المقر الذي يتسق و ظروفه الخاصة ، فالقاص و الروائي "عيسى الحلو" إلتحق بصحيفة (الرأي العام) توأم (الأيام) اللتان يعتبران من أعرق الصحف السودانية ، نشأة و أكثرها شهرة ؛؛؛؛ و إنضم موضوع إطلالتنا الى جريدة "الصحافة" ، ليشرف على ملفها الثقافي و يبذل جهداً مقدراً في تطوير محاوره و إستقطاب رموز الإبداع و إستكتابهم و بذلك أثرى ملحق "الصحافة" الأدبي و جعله في صدراة الملفات الثقافية السودانية ، نداً لما ينجزه "عيسى الحلو" من فيضٍ مبدع في "الرأي العام " و تنقل "نبيل غالي" بين الصحف إلى أن طاب له المقام في صحيفة ( اليوم التالي ) بينما غادر "معاوية البلال" الوطن مهاجراً !!؟... #مجذوب عيدروس و مشاركاته في المهرجانات و الملتقيات العربية# و لما كان إلناقد "مجذوب عيدروس" قد صنع له إسماً كواحد من أهم كتاب النقد في السودان ، خلال فترة وجيزة ، فقد أخذت الدعوات تأتيه من عدة حهات للمشاركة في المهرجانات و الملتقيات الثقافية العربية ... أذكر و أنا في القاهرة ذات ملتقى ما شرفت بمقدمه للمشاركة في مهرجان النقد العربي ... و تعددت مشاركاته و وصلت الى الجزائر في شمال أفريقيا و أيضاً شارك في ملتقى الأمارات للإبداع الخليجي حيث قدم مع الروائي "عيسى الحلو" ورقتين و كانت ورقته عن (قراءة في المشهد الروائي السوداني المعاصر) تحدث عبرها عن حرية المبدع و تقنيات الكتابة و ما تكتبه المرأة السودانية من روايات ، و التي لم تجد حظها من الذيوع و كما رصد كتابات المهاجرين الذين يكتبون بلغات أجنبية ، و الآخرين الذين يكتبون باللغة الأم تعبيراً عن الحنين للوطن ؛؛؛ مجمل القول لقد رسم صورة بانورامية للمشهد الروائي السوداني بكل محاوره و كان هنالك المزيد من المشاركات التي شملت العديد من الدول العربية ؛؛؛ #مجذوب عيدروس والدراسات النقدية# مما لا شك فيه أن الناقد السوداني "مجذوب عيدروس" يعد من أهم رموز الحركة الثقافية في السودان بإسهامه الثر حول ما يكتبه المبدعون السودانيون من فني السرد و الشعر و له بعض الإصدارات في هذا المجال ..... و لو أخذنا مثالاً لهذا المنجز النقدي و لو بإشارة عابرة مثلاً كتقديمه لرواية "عيسى الحلو" (صباخ الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل) التي يثير عنوانها الكثير من التساؤلات حول كنه هذا الجمال في الوجه اللامرئي و يجعل خيال المتلقي يشطط في تصوره ، ويطرح (العيدروس) من خلال تقديمه لهذه الرواية فكرة أن ثمة محاولة للخروج - في تداخل سرد هذه الرواية الإستثنائية - من دائرة ضمير الأنا ذات الصوت الواحد الى الرواية متعددة الأصوات، أي الإنتقال من لون سردي تهبمن عليه رؤيا فردية آحادية ( البطل ) الى منظور جماعي متعدد الضمائر و منفتح صوب عالم أرحب !!؟... من غير الناقد الحصيف "مجذوب عيدروس" يمكن أن يكتب تقديماً لرواية مبدعها ( عيسى الحلو ) تقوم أحداثها على ذاكرة الشخصية المحورية المدعو ( سليمان ) ، التي تتداعى وتحيا و تتراجع عبر الزمان و المكان و ترسم مشهداً غير مرئي ، و يتراءى أحياناً خلف الغيوم !!؟.. #مجذوب عيدروس و جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي# عقب رحيل الروائي "الطيب صالح" ( إيقونة فن السرد السوداني ) ... يقول الناقد الفذ "مجذوب عيدروس" في إحدى حواراته ( كانت هناك عدة إتجاهات تسعى لتخليد ذكرى "الطيب صالح" ، و تعددت الإقتراحات و وجهات النظر الى أن تم الإتفاق مع شركة زين للإتصالات لتخليد ذكرى الراحل بجائزة عالمية ، ترصدها شركة زين للإتصالات سنوياً بمبلغ 200 ألف دولار تغطي كل نفقات الجائزة بكل محاورها ... و أطلق عليها جائزة "الطيب صالح" العالمية للإبداع الكتابي ... و قد تم إختيار الناقد "مجذوب عيدروس" أميناً عاماً لهذه الجائزة العالمية ، فضلاً عن أنه عضو هيئة الخرطوم للطباعة و النشر ؛؛؛؛ و لما زادت أعباؤه إضطر لترك الإشراف على الملف الثقافي بجريدة الصحافة و كرس جهده كله لأمانة الجائزة ، يقول في هذا الصدد وهو يتحدث عن الفوائد الثقافية الجمة التي جناها المشهد الثقافي السوداني ، منذ نشأة هذه الجائزة ( لقد أصبحت الخرطوم مزاراً لعدد من كبار المبدعين و النقاد العرب و صارت الأيام الختامية خلال مطلع الثلث الأخير في شهر فبراير من كل عام موسماً ثقافياً ينتظره جمهور المثقفين في السودان و خارجه ، فضلاً عن أن الجائزة رفدت المكتبة العربية بأكثر من ثلاثين كتاباً في الرواية و القصة القصيرة و الدراسات النقدية و الترجمة ) ؛؛؛؛ مجمل القول أن الناقد الرصين و الصحافي القدير يعتبر علامة فارقة في المشهد الثقافي السوداني .... [email protected]