مآلات الاوضاع السياسية والعسكرية التى تسود فى دولة جنوب السودان ،لا تبشر الشعب الجنوبى بالغد الافضل الذى تتحدث عنه الحكومة المركزية فى العاصمة جوبا ، فالمتمردين يحرزون التقدم باحتلالهم ما يفوق نسبة ال 75% من مساحة الارض التى تعذر للجيش النظامى الدفاع عنها وحمايتها بالصورة المطلوبة ، كما ان الكاريزما القيادية التى يتمتع بها ريك مشار حدت بالكثير من ضباط الرئيس سلفاكير للانشقاق والانضمام الى قوات المتمردين الذين يحثون الخطى بالزحف نحو العاصمة لتحريرها من قبضة المفسدين كما تقول قياداتهم الميدانية . فالحكومة تعانى من تعسر الاقتصاد وتشتكى افتقارها للاستمرارية وتغوص فى الازمة بتوقف حقول النفط عن الانتاج الذى كان يغطى لها تكلفة الحرب الضروس التى تخوضها بسبب التهم الباطلة وعدم الثقة المتفجرة بين قيادات الحركة الشعبية بعد مقتل مؤسسها القائد قرنق فى تحطم الطائرة المشؤمة التى سقط فى نيو سايد على تخوم دولة يوغندا . فالحرب احالت الدولة الوليدة الى مجرد خراب تنعق على اطلاله البوم ، الشعب تم تهجيره قسرياً من المدن الكبرى ، والارياف اكتظت بالناس الذين يعانوا ثالوث الجوع والخوف والمرض ، فلا انتاج يسند الاقتصاد من الانهيار ولا افكار وطنية بناءة تنقذ البلد من اتون الاقتتال ، فالثقة معدومة بين الجميع ، ولا يصوت يعلو فوق صوت البندقية ، الجميع يحتكم لمنطق الدمار ، ويستعيض الموت بالحياة ، لقد فشلت الدولة وضاع حلم الاستقلال وتحقق اعتقاد الشمال الذى تنبىّ بفشل الجنوبيين فى ادارة شئون الدولة الجديدة . ان مستقبل دولة جنوب السودان مستقبل قاتم تشوبه الكثير من العوالق التى تشبهه بمستقبل جمهورية الصومال التى تفرقت ايدى سبأ وصارت مستودع للارهاب الذى يرفد العالم بالجهاديين والتكفريين الذين يقتلون من اجل القتل وحسب ، ولعل معالم ذلك بدت تضح باتخاز الجميع السند القبلى مصدر للحماية الآمنة التى تقى من تقلب الولاءات ، وفى خضم ذلك ضاع الشعب وضاعت مصداقية الاممالمتحدة التى تكفلت برعاية دولة جنوب السودان وحل محل الثقة الشعور بالغبن والكراهية المطلقة لكل ما يمت الصلة بالمنظمات الاممية التى استخسرت تقديم الغوث للنازحين والاجئين الذين قضى الجوع على الكثير منهم كما فى مقاطعة البيبور التى شهدت فظائع يندى لها جبين الانسانية . ان دولة الجنوب تغرق فى الوحل وتتلوث بالحرب الضروس واذا لم يستيقظ ضمير العالم ويتنبه لخطورة ذلك ، فأن منطقة البحيرات ستكون اشد ضراوة عما كانت عليه فى اواخر حقبة التسعينات من القرن الماضى ، خاصة الدول المحيطة بدولة جنوب السودان يهمها رؤية تمزق الشعب الجنوبى ويعنيها فشل الجنوبيين فى اقامت الاستقرار المستدام ، لان الهدو فى دولة الجنوب سيغلق الباب امام الاطماع التى تنهب خيرات البلاد فى غمرة انشغال ابنائها بالحرب ، وستقطع الطريق امام اللصوص الذين يستولون بالباطل على مخرجات النفط الذى يقدر المهدر منه فقط بما يقارب الثلاث مليار دولار شهرياً . مشكلة دولة الجنوب حلها ليس بيد الاتحاد الافريقي ، انها بحاجة الى وساطة من العيار الثقيل ، واذا لم يتم تجنيب دول الجوار التى تلعب دور الذئب الذى يأكل الغنيمة ويبكى مع الراعى ، فالشعب الجنوبى سيمكث طويلاً ولن تلوح له فى الافق بوادر الحل المأمول . [email protected]