بالمناسبة :- أين المشروع الحضاري ؟ الصحفي د/ خالد التجاني النور – متسائلا نقول :- دُفن في الفساد والإ فساد في تجزئة البلاد وإفقار العباد قيل إنه انتحر وذلك ليس ببعيد ولكنهم نحروه وهذا قول أكيد الفساد والإفساد: الفساد والإفساد سمة غالبة للأنظمة الشمولية التي تساعد على توالد وتكاثر الفساد وذلك لغياب قيم المراقبة والمساءلة والمحاسبة – ولقد عرفت منظمة الثقافة العالمية الفساد بأنه "كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة، بأن يستقل المسئول منصبه من أجل تحقيق منفعة شخصية ذاتية لنفسه أو لجماعته، ويؤدي الفساد إلى زعزعة القيم الأخلاقية القائمة على الصدق والأمانة والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص" للفساد أوجه متعددة منها السياسي والإداري والمالي ولقد سادت وانتشرت هذه الأوجه في حقبة الإنقاذ التي امتدت لفترة تزيد على العقدين. الفساد السياسي: من أجل التمكين قامت الإنقاذ بممارسة كل أنواع الفساد السياسي فعمدت إلى تسييس الخدمة المدنية والعسكرية فرفعت شعار الإحالة للصالح، فأبعدت وشردت الآلاف ثم عمدت إلى الإحلال والإبدال وصارت معايير الاختيار هي الانتماء التنظيمي والقبلي والجهوي وغابت معايير الكفاءة والأمانة وصارت مؤسسات الدولة حكرا على الولاء والحظوة سواء أكان ذلك من أهل التنظيم أو من تم استقطابهم والمؤلفة قلوبهم من الكيانات القبلية والسياسية والاقتصادية والجهوية وقامت بإقصاء كل من لا يواليها من الكيانات الأخرى وحرمتهم من حرية التنظيم والتفكير والتعبير والنشاط الاقتصادي. في مقاله دبلوماسية في خريف التمكين يكتب السفير جمال محمد إبراهيم قائلا: شهدنا في العقود الأخيرة ظاهرة شاعت أسمها "التمكين" والتمكين بدعة ابتدعها الدهاة من السياسيين الحاكمين، للإمساك بأعنة الحكم وقبل بها الناس رهبة لا رغبة، إذ الرهبة غلبة تدعمها القوة والسيطرة، فيما الرغبة تجل للإرادة الحرة المستقلة، الدفع في الأولي خارجي وفي الثانية هو من باطن دواخلها، في الأولى كرامة مهانة وفي الثانية كرامة مصانة، ولعل للتجريب السياسي ثمن تدفعه الأجيال المتعاقبة معاناة ورهقا وموتا ويستطرد قائلا: أي وبال جاءتنا به سياسات التطهير والتمكين حيث يترت بأسيافها العناصر الدبلوماسية الخلاقة والكوادر المناصرة لقضايا الوطن بتجرد ومهنية ونزاهة وانحياز؟ لن يكون التمكين بديلا ناجزاً لتحقيق دبلوماسية فاعلة. كيف لا يخجل المتمكنون وقد رأوا أن دولة عربية استبقت سفيرا سودانيا من ضحايا الصالح العام وسياسات التطهير الجائر وعينته مستشارا لوزير خارجيتها، وكيف لا يخجلون أذ يرون دولة قطر التي أسس رجال الدبلوماسية السودانية هياكل وزارتها، تعتمد الوفاء خصلة دبلوماسية، فتعين سفراء السودان ودبلوماسي السودان ممن بترت أسياف الصالح العام وسكاكين التطهير أعناقهم بلا جريرة، في أعلى الوظائف في ديوان وزارة خارجيتها وفي سفاراتها في الخارج. لقد انهارت الخدمة المدنية بسبب التسييس والتمكين ففقدت العدالة والكفاءة والإبداع وذلك بعدم التقييد بالوصف الوظيفي الذي يقنن ويقيم وضع الوظيفة وكفاءة شاغلها ولقد وصلت إلى مرحلة الانهيار الفعلي إذ أن المحسوبية والمحاباة والولاء السياسي طغت على الخبرات والكفاءات والقدرات وأصبح الصغير يدير الكبير بجانب عدم المراقبة والمحاسبة من قبل الجهات المتخصصة وغياب دور الدولة. وهذا هو القيادي بالمؤتمر الوطني ورئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني سابقا يعترف بأن بعض الأشخاص ليست لديهم خبرات يتبوءون مواقع مهمة في الخدمة المدنية وأصبح الوزراء يقومون بدور الوكلاء وأصبح الوكيل لا دور له "صحيفة التغيير العدد 13". أما بروفيسور الطيب زين العابدين فقد كتب قائلا: أتسم حكم الإنقاذ لسنوات عديدة بعدم المؤسسية وعدم المحاسبة والشفافية والانضباط والتنسيق بين أجهزة الحكومة "التغيير العدد 67". لقد أقر الرئيس بالتسييس والتمكين في الخدمة المدنية وقال: انتهى عهد التسييس والتمكين في الخدمة المدنية وتعهد بإصلاح شامل للخدمة المدنية وتمكينها من استقلالها وإبعادها عن التسييس وأردف قائلا: "تأني ما في أولاد "مصارين بيض وسود" داخل الخدمة المدنية " ولكن لقد سبق السيف العزل. المشروع الحضاري نحره القائمون على أمره بالفساد والإفساد فكان أن أنهار مشروعهم وهم عنه لاهون وغافلون "أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار" صدق الله العظيم. [email protected]