يقيني أن أنفاس الحالمين بحتمية قطف ثمار الربيع العربي" ديمقراطية كما صحن الصيني" إنحبست، وبلغت قلوبهم لدى الحناجر واجفة، وهم يتابعون سير الإنتخابات البرلمانية التى جرت في تونس الخضراء مهد ثورات ربيع العرب. ويقيني أن دموعهم سالت أنهارا سقت عجاف أودية بلادهم العطشي والطامحة لمحاكاة التجربة التونسية والتي تجلت وتجسدت في عدة دروس وعبر: خلوها من العنف حسبما كان متوقعا ومرصودا إقليميا ودوليا، إتسامها بالنزاهة والشفافية، إتساع حجم المشاركة الشعبية والتي بلغت نسبتها حوالي 62%، ممارسة وقبول كل الأطراف للعبة الديمقراطية ولنتائجها. وبذلك إنتصر الشعب التونسي لدولته المدنية ولثورته ولأحزابه، وفوق ذلك لشهدائه الذين بذلوا دمائهم رخيصة لبلوغ "هذه اللحظة التاريخية" والتى هرم البعض لبلوغها .. ولكن لم تلن عزيمتهم في بلوغ فجر الديمقراطية ولم تهرم أحلامهم في تنسم عبق الحرية. كان لافتا بعد إعلان النتائج الأولية للإنتخابات، الخطاب الراقي لكل ممثلي الأحزاب المنتصرة والخاسرة الذين رصدت حديثهم عدسات كاميرات الفضائيات المختلفة، إذ إبتعد خطاب المنتصرين عن روح الإستعلاء والإستقصاء والتأكيد على قبول الآخر، وأصر خطاب الخاسرين على المشاركة الإيجابية في البناء الديمقراطي. كذلك يحمد للأحزاب السياسة خاصة الخاسرة البعد عن التأثر بالمحيط الخارجي والإصرار على "التونسة". وأخيرا إذا ما قامت الإنتخابات الرئاسية على نفس هذا المنوال، فستسطر بذلك الدولة التونسية إنموذجا يحتذى به، يتحتم على الساسة (عذرا إن قلت .. مجازا) في بقية دول عالمنا العربي التأني والدقة والتجرد (والأخيرة هذه مربط الفرس) في قراءة سطوره .. عسي أن تروعوي وتلين قلوب ران عليها (وكفي). e-mail [email protected]