البنيوية والتفكيك في سياق المشروع (3-1) توطئة:- إن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، كيف نتعامل مع النص، و ما هي الأدوات التي تستطيع أن تفك شفراته؟ وهل أن هذه المفاتيح هي عناصر خارجية على النص؟ أو أن كل نص يفرض أدواتٍ إجرائية تناسبه، وتنبع من داخله، وتستطيع أن تقدم قراءة فنية جمالية تكشف عن خصوصية الكائن والمحتمل، وتقتضي هذه القراءة ترسانة من المفاهيم الكفيلة بتقديم كتابات كثيرة يكون فيها المتلقي مستهلكاً ومنتجاً لنص جديد تمتزج فيه تجربة الكاتب و القارئ على حد سواء. من يقرأ أيّ مشروع فكري ينتظر أن يجد فيه الجديد الذي يشبع نهمه,ومن يطلع على نتاج جديد يتوقع أن يقف على الجديد المختلف.وهذا ماداهمني به مشروع السودان الجديد الذي تتبناه الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال .واذا كان مشروع السودان الجديد هو مشروع فكري وسياسي يهدف الى اعادة بناء الدولة السودانية على اسس جديدة فان أهم مرتكزاته تتمثل في العدالة والحرية والمساواة اضافة الى الديمقراطية التي لا يمكن أن يتم تحقيقها الا من خلال تطبيق المرتكزات الثلاثة آنفة الذكر,أذهب في قراءتي لمشروع السودان الجديد من مرتكزات فكرية اخرى ومناهج فلسفية اريد تطبيقها على المشروع وان شئت فقل أنني أنظر الى المشروع من منحى فلسفي وفكري بالرغم من أنه يحمل في طياته الملامح السياسية لسوداننا الجديد.سأحاول أن أقرأ المشروع من خلال نصه الذي شيّد صرحه وملامحه شهيد الثورة د.جون قرنق وأضاف رفاقي الاخرين الكثير من خلال كتاباتهم لجعل المشروع مواكباً للتغيرات التي تحدث باستمرار في الحياة السياسية والفكرية, وسوف أحاول تطبيق المنهجية البنيوية والتفكيك في قراءتي للمشروع. مدخل أول:- ثمة سؤال جدير بأن يطرح خاصة في ظل أوضاعنا السياسة الكارثية التي أدخلت السودان في نفق مظلم من خلال نظام الانقاذ,وهو هل ثمة ديمقراطية من دون أن تكون هناك علمانية, فالديمقراطية حسب رأي ليست مجرد طريقة في ممارسة السلطة ,انما هي تجربة تنطوي على شكل من أشكال ممارسة الانسان لذاته ولهذا فان الديمقراطية ليست نموذجاً يمكن استيراده , بل هي انجاز ينجز, وأعني بذلك أن على من يستعيدها أن يعيد صياغتها فيما هو يعيد بناء ذاته وتكوين فكره السياسي والاجتماعي, كذلك الديمقراطية لم تصبح بعد في مجتمعاتنا مؤسسة ثابتة وسلوكاً متأصلاً في الحياة السياسية –بل ما تزال مجرد آلية انتخابية شكلية توظف في خدمة مواقف ومصالح آنية فئوية عابرة . مشروع السودان الجديد أختلق نصه والياته الفكرية من وسط هموم الشعب فالمرتكزات الفكرية الثلاثة تمثل روح كل الشعوب الحرة والثورية التي تؤمن بانسانية الانسان وتؤمن بحريته,ومن ثم تأتي الديمقراطية الحقيقية التي تستطيع ان تحفظ الكيان الانساني من التجديف الفكري الذي نشهده الان. أحمد يعقوب [email protected]