هذه المدينة تعج فشوارع (أسم دلع للجنون) المعتوهين والذين يعانون أضطرابات نفسية لا يخفي علي أحد خاصة في الخرطوم كثرة بالمجانين والمعتوهين وأصحاب حالات نفسية مخففة ، هؤلاء جميعاً يهيمون علي وجوهم , يتواجدون في الشوارع وفي الأماكن العامة ويعيشون بين الناس ، ولا أحد يسأل عنهم لا الدولة في كل مستوياتها ولا منظمات المجتمع المدني وبالتالي قد تقع من هذه الفئة اعتداءات علي الأفراد والممتلكات ولا مجال لمحاسبتهم لانتفاء المسئولية , وقد تكررت الأحداث في هذا الشأن وزهقت أرواح ورغماً عن ذلك لم يلمس الناس تغيرا في التعامل مع هذه الفئة ... وبما ان الجنون فنون فبعض الذين يعانون اضطرابات نفسية او عقلية يجنحون إلي استخدام القوة في مواجهة شخصيات عامة او مؤسسات عامة مثل الاعتداء الأخير علي القصر الجمهوري الذي أودي بحياة ثلاثة أفراد ، اثنان من أفراد الحرس الجمهوري والثالث المعتدي نفسه ، وبطبيعة الحال ومهما كانت الاحتياطات فأن وقوع مثل هذه الأحداث المعزولة أمر وارد ليس في السودان فحسب بل في كل العالم حتى الدول المتقدمة والتي تحتاط بصورة دقيقة لمثل هذه الاعتداءات لا تستطيع منعها تماماً ، ولكن الأمر عندنا مختلف تماماً ، طريقة التعامل مع الحدث بعد وقوعها تكتنفها غموض لا مبرر له إلاّ من باب اللامبالاة وعدم قدرة الأجهزة المختصة في الاحاطة بالوقائع والأسباب او عدم رغبتها في سبر غور مثل هذه الأحداث مما يفسح المجال للإشاعات التي تنتشر كالنار في الهشيم، وتنسج الروايات التي تخالف مع ما تذهب إليها الأجهزة تماماً،أو تباين الحقيقة فيصبح الامر هرجا مرجاً ، هذا الاعتداء الأخير إستهدف رمز السيادة الوطنية القصر الجمهوري الذي يحتض مكاتب لكبار الشخصيات ، رئيس الجمهورية ونائبيه وآخرين من وزير الرئاسة و المساعدين والمستشارين وهلمجرا.... وبالتالي وبغض النظر عن أن الأعتداء كان من فرد ولا يشير إلي أي صبغة لأ سياسية ولا أرهابية ولكن التعامل معه أتسم باللامبالاة والتضارب بين تصريحات المسئولين مما أظهر البلاد بأنها تفتقر إلي العمل المؤسسي ففي البيان الصادر من رئاسة الجمهورية أوضح ان مسلحاً بسيف قتل جنديين يحرسان احدي بوابات القصر الجمهوري وأن المسلح تخطي الحواجز الامنية وهاجم البوابة متسببا في مقتل أثنين من أفراد الحراسة مما اضطر القوة المتمركزة علي البوابة لا طلاق النار عليه حيث أردي قتيلا وأكدّ البيان عن ان تصرف المعتدي تشير إلي ان حالته غير طبيعية ، هذا البيان صدر في نفس يوم الحادث فهو مقبول من حيث سرده للوقائع ولكنه لم يشير إلي اسم المعتدي ولا صفته ولا السبب الذي دفعه إلي هذا التصرف ، اما ما دفع البيان في هذا الوقت المبكر إلي القول بان حالة المعتدي غير طبيعية هو هئية المعتدي ولبسه , لا ندري كيف كان لبسه و ما هو المعيار الموضوعي لهذا الوصف ؟، اما الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة سعادة العقيد خالد الصوارمي فقد أدلي بتصريح صحفي بان الشخص المهاجم مختل العقل ويدعي صلاح كافي كوه ويحمل بطاقة رقم وطني باسم محمد تيه كافي وان المهاجم كان يرتدي ملابس تدل علي انه مختل العقل ويحمل سيفاً وحاول العبور ببوابة القصر الجمهوري فمنعه الديدبان فانصرف لحاله وابتعد غير انه عاد مرة أخري ليحاول العبور فمنعه الديدبان مرة أخري فطعنه بسيفه فارداه قتيلاً ثم اخذ بندقية الديدبان وأطلق النار علي حرس التشريفة أمام بوابة القصر فتعاملت الخدمة العسكرية بالقصر معه فاردته قتيلاً .... هذه المعلومات بعضها جديدة بالنظر إلي بيان رئاسة الجمهورية فاسم المعتدي لم يرد في بيان رئاسة الجمهورية ومع ذلك لم يبين الناطق الرسمي للقوات المسلحة من أين حصل علي اسم المعتدي ورقمه الوطني والاسم الآخر ، يفهم من سياق الكلام ان المعتدي له علاقة بالقوات المسلحة وإلاّ من أين للناطق الرسمي باسم الجيش بهذه المعلومات بحسبان ان الشرطة هي المعنية بالسجل المدني حسب علمنا... اما تصرفات المعتدي حسب ما شرحه الناطق الرسمي لا يوحي بأي حال من الأحوال انه مختل عقليا او يعاني من اضطرابات نفسية هذا من ناحية ومن ناحية اخري فان تعامل الحرس معه اتسم بالمرونة الزائدة ، المعتدي يحمل سيفاً لم يوضح ان كان هذا السيف في جرابه أم خارجا , و يستشف من هذا التعامل المرن ان للمعتدي علاقة بالحرس الجمهوري او معروف لديهم علي الأقل وربما تردد عليهم وإلاّ لما سمح للمعتدي ان يقترب من البوابة وهو يحمل سيفاً اكثر من مرة كان يمكن أن يتم الاتصال بالشرطة للتعامل معه، أما الشرطة المعنية أساسا بهذا الأمر فقد تراخت في توضيح ما حدث فقد كشفت وزارة الداخلية في تعميم صحفي أنه من خلال بصمات المتهم التي أدخلت في أجهزة الكشف الخاصة بالرقم الوطني واستجواب أحد أقاربه الذي أقر فيها بانه في الفترة الأخيرة فان تصرفات المعتدى أصبحت غريبة فضلاً عن شهادة صاحب مزرعة بالعيلفون أفاد أن المتهم كان يعمل معه خفيراً بمزرعته وأنه سبق أن أتصل به مدعيا بوجود أشخاص هددوه بالسلاح وعند وصوله المزرعة لم يجد احدا ومن ثم خلص بيان الشرطة إلي ان المتهم يعاني من اضطرابات نفسية هذه الافادات زادت الامر سواءاً والقت بظلال من الشك حول الوقائع المذكورة ,لم يشر بيان الشرطة الي أسم المعتدي ولا صفته ولا الي علاقته بالقصر الجمهوري ولا الي أنتماءه الي القوات المسلحة وان القول بأن أحد أقاربه أشارالي حالته النفسية ، ، وان صاحب المزرعة أفاد ان المعتدي كان يتصور أشياء لا أساس لها من الصحة هذه الافادات لا تصلح للحكم علي المعتدي بانه يعاني من أضطرابات نفسية ، أما السيد/وزير الخارجية والذي بدوره دخل علي الخط كاشفا عن هوية المعتدي من أنه كان ضابطاً بالحرس الجمهوري وان الدافع من الهجوم يعود إلي أصابة المعتدي بمرض عقلي وما علاقة ذلك بالقصر الجمهوري !! وأنه يعرف الحرس الجمهوري وتفاصيل القصر واستبعد وزير الخارجية ان يكون الهجوم أرهابيا ، أليس غريبا ان وزير الخارجية يعرف صفة المعتدي وعلاقته بالقصر الجمهوري بينما نجد ان الشرطة لم تشر إلي صفته هذه كما يقول وزير الخارجية ولا حتي بيان رئاسة الجمهورية قد أشار إلي ذلك .... والتحليل الموضوعي يذهب إلي أن المعتدي لديه علاقة ما بالقصر الجمهوري وان هنالك دافعاً خلاف التعدي حمله إلي الذهاب إلي القصر اما حمله السيف قيحتاج إلي بيان آخر و من خلال ما تم سرده من وقائع ومن خلال بيانات وتصريحات المسئولين نجد ان التعامل مع الحدث لم يرتقي إلي مستوي الحدث وأن هنال أبتسار للمعلومات اما عن قصد واما عن قصور ..... وبالمقابل فأن الاشاعات والأقاويل والشمارات وجدت بيئة خصبة لتبيض فيها وتفرخ وهلمجرا......... نخشى ان تتكرر مثل هذه الحوادث فعدد المجانيين والمعتوهين الذين يمرحون ويسرحون في العاصمة عدد ماهول فلو ان جنهم الكلكي حدثهم وزين لهم الاعتداء علي المؤسسات الحكومية والشخصيات العامة فان النتائج تكون كارثية , اما إذا كان الأمر لا يتعلق لا بالجنوب ولا بالعته فيجب البحث عن الاسباب الحقيقية التي دفعت هذا المعتدي من القيام بفعله هذا فليس كل من يتركب جرما ضد مؤسسة حكومة أو شخصية عامة معتوه او مجنون بالضرورة ولا يتم تقرير ذلك إلا من خلال تحقيق دقيق يكشف غموض المسألة فهذه البيانات والتصريحات ساهمت في ألقاء مزيد من الغموض علي العملية بدلا من توضيحها ، كنا نظن ان القصر الجمهوري يتمتع بحماية ورقابة جيدة من أفراد الحراسة ومن كمرات المراقبة فهذه الكمرات كانت كفيلة بالكشف عن كل تحركات هذا المعتدي فهل يفتقر القصر إلي هذا النوع من الكمرات مع ان عدد كبير من المسؤلين وأنصاف المسئولين ورجال الاعمال توجد في منازلهم وقصورهم كمرات للمراقبة تسجل كل حركة وسكنة حول المنزل وفي الختام هل من بيان شاف من الجهات المسئولة تكشف كل الوقائع المسندة للحدث أم ننتظر تحقيق شفاف يكشف ذلك .. بارود صندل رجب المحامي [email protected]