مدخل : السودان رقعة جغرافية يسكنها بشر - فهل سكان السودان شعب واحد أم مجموعة شعوب أجبرت قسرآ على العيش مع بعضها البعض - وآن أوان انفصالها الحتمي . النص : سرد تاريخي لابد منه :- الكل يعرف أن السودان بشكله الحالي تقريبآ - تكون مع دخول الاستعمار التركي المصري لهذه الأرض - قبلها كان سكان السودان كل منهم له ممالكه ونظامه وطريقة حكمه ونظامه الإداري وطريقة معيشته ولغته - فعلى أعقاب سقوط مملكة ( علوة ) النوبية المسيحية تكونت مملكة الفونج - كتحالف بين الفونج والعبدلاب وسيطرت على وسط وشمال السودان - وكانت هناك مملكة دارفور في دارفور - ومملكة تقلي في جبال النوبة وكردفان - ومملكة المسبعات في الجزء الشمالي من كردفان - وكان لسكان جنوب السودان كل منهم له نظامه الإداري وأرضه التي يسيطر عليها ويحكمها وفق أعراف متفق عليها - وكذلك شرق السودان . فبعد دخول الاستعمار التركي المصري ، ونتيجة لأطماع استعمارية بحتة ( بحثا عن المال والرجال ) كما هو معروف - تم دمج كل هذه المكونات قسرآ ( وليس بإرادة سكان السودان ) تحت حكم وحاكم واحد هو الاستعمار والمستعمر ، لتسهيل عملية النهب بالنسبة للمستعمر - ونتيجة للظلم والقهر الذي وقع على سكان السودان من قبل المستعمر التركي المصري ، ثار سكان السودان فيما يعرف بالثورة المهدية ، واقتلع المستعمر ،وتكونت ما يعرف بالدولة المهدية التي هي الأخرى لم تكن مستقرة فكانت فترة حكم المهدي وخليفته عبد الله التعايشي كلها حروبات ومجاعات أرهقت سكان السودان كثيرآ - وبانهزام الدولة المهدية في كرري ، جاء عهد جديد هو فترة الحكم الانجليزي المصري الذي أسس الدولة الدولة الحديثة في السودان ( السودان الذي ورثناه من المستعمر ) - وبعد أكثر من نصف قرن من الحكم الانجليزي المصري نال السودان استقلاله عام 1956 م - وجاء بعد ذلك ما يسمى بالحكم الوطني - الذي هو الآخر لم يكن بأفضل من سابقيه - فشلت النخب السودانية في إدارة السودان ، وإدارة التنوع في السودان ، للدرجة التي تمنى فيها بعض السودانيين لو استمر المستعمر - وكانت طيلة فترة الحكم الوطني ( ديمقراطي أو عسكري ) - كلها حروبات ومشاكل ومشاكسات وانتكاسات واحباطات - وصلت قمتها في فترة حكومة الإنقاذ الحالية - ( ودا موضوع تاني ) . وبعد نصف قرن ونيف ايضآ من الحكم الوطني ( حكم السودانيين ) - ونتيجة للحروبات والظلم وغيره ، انشطر السودان إلي قسمين - انفصل جنوب السودان عن السودان الأم - وانزل علم السودان ورفرف مكانه علم جنوب السودان- الدولة الوليدة . ولا زال بقية السودان ( الفضل ) يعاني الاضطرابات والحروبات وعدم الاستقرار - ففي جبال النوبة والنيل الأزرق ودا فور حروبات طاحنة - تحصد البشر حصدا - وتقضي على الاخضر واليابس - وتقضي على ما تبقى من امل في وحدة السودان الباقي . فالحرب في جبال النوبة تراوح عامها الثلاثين (30 عام ) - اي منذ عام 1985 -(بإسثناء فترة إتفاقية السلام الشامل) - ولا امل . والحرب في دارفور تراوح عامها آل 13 - اي منذ عام 2003 م - ولا امل ايضآ . خلاصة القول أن هذا السودان تكون نتيجة لأطماع استعمارية - لم تراعي فيها مصلحة سكان السودان ابتداء آ بل صمم خصيصآ بطريقة تهدف لتحقيق أهداف المستعمر ، والذين سبحوا بحمده - ولم يعطى لسكان السودان الفرصة في الخيار والاختيار - اي طيلة هذه الفترة لم يجلس سكان السودان مع بعضهم البعض ليقرروا مصيرهم ، ويفتوا في شانهم ، ويحددوا طريقة حكمهم لهذه البلاد بما يراعي مصلحة الجميع - ويفكروا في مستقبلهم ومستقبل أجيالهم المقبلة - ( فأما وحدة بمعروف أو انفصال بإحسان ) - لم يحدث ذلك إطلاقا . اذن السودان ليست بهذه القدسية التي نتباكى عليها - مشكلتنا نحن دائمآ نتكلم عن السودان كأرض - ولا نتكلم عن الانسان - ( الانسان الذي يسكن هذه الأرض ) - فما قيمة أن نتباهى بأننا نجتمع في ارض كبيرة ، إذا كان إنسان هذه الأرض يعاني - وإذا كان الحكم الذاتي أو حتى الانفصال يكفينا شر هذه المشاكل فلماذا نرفضه - وإذا كنا نحن كبشر موجودون في هذه البقعه المسمية بالسودان ، استحال التعايش بيننا فلماذا نرفض الطلاق ( أبغض الحلال ) - علما بان السودان لديه تجربة في الانفصال ( بغض النظر عن النجاح أو الفشل ) ولكن في النهاية هذا خيار شعب واجب احترامه . انا لا أرى سببا لكل هذه الضجة الإعلامية هذه الايام بسبب مطالبة الحركة الشعبية - قطاع الشمال بالحكم الذاتي للمنطقتين ( جبال النوبة والنيل الأزرق ) - أو حتى مناطق أخرى في السودان - بل على العكس تمامآ ، أرى انه طرح موضوعي وجاء في وقته - ومن يرى غير ذلك فليأتنا بمبررات لرفضه - ويأتينا بالحل ... تبقى هناك خيار واحد ، إذا أراد سكان السودان العيش مع بعضهم البعض ، والحفاظ على ارض السودان موحده - عليهم بالثورة على هذا النظام واقتلاعه من جذوره - ومن ثم إعادة بناء الدولة السودانية بما يخدم مصالح الجميع ( لان التجارًب اثبتت استحالة ذلك في وجود هذا النظام ) - والا فليستسلموا لقد رهم وينفتح الباب لكل الاحتمالات . -والسلام . خالد مصطفى إسماعيل 29_11-2014م [email protected]