ينتظر ان يلتقي الرئيس عمر البشير مع آلية الحوار الوطنى نهاية شهر ديسمبر الجاري بهدف دفع عملية الحوار وتجاوز العقبات والعراقيل التي تعترض مسيرة الحوار"، والذى كان يتوقع انطلاقته بنهاية نوفمبر الماضى، وقد حملت الاحزاب الموافقة على الحوار الحكومة مسؤولية تأخير انطلاقته ، ويجيئ الاجتماع بعد تململ وسط الاحزاب الموافقة على الحوار فى الوقت نفسه وربما خلافا لما تتطلع اليه تلك الاحزاب، اعلنت الرئاسة ان الحوار الوطنى سينعقد بمن حضر ولن يكون شاملا، الامر الذى قد يؤدى الى تراجع فى مواقف بعض من تلك الاحزاب حد مقاطعتها للحوار ، وبذلك يكون الحوار الوطنى قد اقترب من الوصول الى نهايته ، منذ ان تم طرح مبادرته قبل عام. وقد ادى طرح مبادرة الحوار الوطنى من قبل رئيس الجمهورية الى احداث فرز فى الساحة السياسية كبير بين من هو مع حوار مشروط ومن هو ضد ، وتشعب الحوار الوطنى الى مسارين والى نسختين إقليمية وأخرى محلية رسمية ، فقد طور الاتحاد الافريقى اثر مناقشات مع مختلف القوى السياسية ، المعارضة والموالية والحكومة المبادرة الى خارطة طريق وجدت تأييدا من المجتمع الدولى ، فى ذات الوقت تمسكت الحكومة بمبادرتها الفضفاضة والتى عمدت طوال عام كامل ان تعطيها اى شكل او مضمون محدد ، وقد كشف فشل الجولة الاخيرة من مفاوضات اديس ابابا - والذى كان بمثابة نهاية مبكرة للحوار الوطنى - فى نسخته الاقليمية، الهوة التى تفصل بين النسخة الافريقية للحوار الوطنى ، التى جرت فى اطارها المفاوضات، وبين النسخة الرسمية ، فقد كانت المفاوضات مناسبة لتعلن الحكومة اعتراضها على الحل الشامل، الذى تعد به خارطة الطريق الافريقية، برفضها للمنبر الواحد وللجمع بين قضيتى دارفور والمنطقتين والخلط بن الحوار والتفاوض ومرجعيات كل منهما.....الخ ، غير النسخة الرسمية هى الاخرى لم تخل من خلافات حولها ومن عراقيل تعترضها ، اذ ان تحالف الاحزاب الموافقة على الحوار تختلف مع الحكومة حول قضايا جوهرية منها تهيئة مناخ الحوار والانتخابات من شأن هذه الخلافات ان تدفع بالحوار الوطنى فى هذا المسار الى نهايته المحتومة بأن تعجل الحكومة باختصاره لطى صفحته، بأخراج المبادرة وسحبها من التداول داخليا وخارجيا ، والانصراف الى الانتخابات. فقد أعلن التحالف منتصف الشهر الجارى "أنهم غير معنيين بالانتخابات التي لا تخرج عن طاولة الحوار"، وحمل الحكومة النصيب الأكبر في تأخير انطلاق الحوار الوطني حتى الآن" وأعلن فى وقت لاحق، السادس عشر من الشهر الجارى ، "مقاطعته للانتخابات في حال قيامها دون التوصل إلى حوار وطني ، وكشف التحالف الذي يضم «21» حزباً سياسياً، حسب الصحف "أن الحكومة لم تنفذ ما تم الاتفاق عليه في خريطة الطريق بإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين سياسياً" ، وقال رئيس التحالف حسن عثمان رزق ، في مؤتمر صحفي بدار منبر السلام ، فى الحادى عشر من الشهر الجارى ، إن التحالف ضد أي اعتقال يتم بناءً على الرأي السياسي ،مطالباً الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين". فى تطور مواز عجلت الحكومة بإغلاق باب الحوار الوطنى فى وجه القوى السياسية التى وقعت على ميثاق نداء السودان فى العاصمة الاثيوبية أديس ابابا مؤخرآ باعتقال اثنين من الموقعين على الميثاق هذا التطور سيؤدى الى عزل النسخة الرسمية للحوار الوطنى والذى سيقتصر، حتما وفق ما اعلن على الحكومة واحزابها ، ويحول الحوار الى منولوج على شاكلة مؤتمرات الحوار التى شهدتها سنوات الانقاذ الاولى والتى هدفت الى تمرير سياسات حزبية تحت لافتات قومية يبدو ان الحكومة وهي مشغولة بالانتخابات تدرك اهمية انهاء مبادرة الحوار الوطنى التى طرحتها وطى صفحتها، الى جانب سد المسالك امام اى مسعى لاستثمارها فى احداث تحول حقيقى نحو الديموقراطية والسلام وذلك من خلال تصعيد القمع والكبت فى مواجهة القوى السياسية ، وتعزيز القبضة السلطوية على الاوضاع. لقد مرت مبادرة الحوار الوطنى منذ طرحها قبل عام ، بمعوقات عديدة ومناورات مضادة كشفت عن عدم وجود توافق حولها داخل النظام نفسه مما جعلها مادة خلاف جديد بين المجموعات المتصارعة ، ويمكن النظر الى موتها بمثابة انتصار للقوى المتشددة داخل النظام ، على الجماعات المنافسة لها ، والتى تتكتل تحت شعارات الاصلاح والتغيير والانفتاح فى اطار الصراعات التى لم تهدأ بعد بين مراكز القوى كما رشح خلال المؤتمر العام الاخير للحزب الحاكم [email protected]