في يونيو 2005 كان هاشمي رفسجاني موقن بالفوز بالانتخابات الرئاسية في إيران لدرجة شروعه في اختيار وزراء لحكومته.. منافسه محمود أحمدي نجاد مجرد أستاذ جامعي مغمور.. خبرته السياسية لم تتعدَ عامين كعمدة لبلدية طهران.. الشاب نجاد رفع شعارات ممتلئة بالحماس لكنها تفتقر إلى الواقعية.. كان رفسنجاني يضحك حينما يتحدث أحمدي نجاد على ضرورة تقسيم مداخيل النفط على فقراء إيران.. ولكن الشاب فعلها وقلب الموازين وبات ابن الحلاق الفقير رئيساً لإيران لدورتين.. في العام 2006 تم اختيار أحمدي نجاد من بين المئة شخص الأكثر تأثيراً في العالم. أمس أجرت الزميلة التغيير حواراً مع الدكتور أمين حسن عمر القيادي صاحب الرؤية الإصلاحية في الحزب الحاكم.. أمين قال (ترشيح البشير لرئاسة الجمهورية قرار حزب، والما عاحبوا ينسحب من المؤتمر الوطني).. إذا كان مجرد رفض تقديم وجه معين في الانتخابات يقتضي الطرد من أسوار الحزب.. كيف لمن يفكر في منافسة رئيس الحزب؟. لهذا ما أن سحب الدكتور محمد عوض البارودي استمارة ترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لم ينتظر الحزب الحاكم اكتمال المشهد.. أعلن الحزب في ولاية الخرطوم فصل البارودي من عضويته.. لم ينتظر وطني الخرطوم اكتمال التزكيات أو الفراغ من مرحلة الطعون.. تم فصل البارودي بتصريح صحفي.. القرار لم يخرج من مؤسسات الحزب. السؤال ما الذي ينقص محمد عوض البارودي من أن يكون مرشحاً باسم المؤتمر الوطني.. البارودي حفيد مؤسس طريقة صوفية مشهورة.. درس في السودان، ثم أكمل تعليمه الجامعي في بريطانيا، حتى حمل لقب دكتور.. ينتمي إلى الحركة الإسلامية منذ نعومة أظفاره.. البارودي من جيل حسين خوجلي، والمحبوب عبد السلام، والصادق الرزيقي.. عمل وزيراً في حكومة ولاية الخرطوم، ولديه رؤى في مجال صناعة التعليم. رغم هذه الخلفيات والمؤهلات اضطر البارودي أن يقفز خارج أسوار الحزب ليقدم رؤية سياسية جديدة.. ليس البارودي وحده.. حينما تم إعلان الترشيح لاختيار مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية داخل المجلس القيادي تدافع الحضور لتقديم الخيارات.. حينما تم فتح باب الانسحاب لم يجد الرئيس البشير شخصاً ينافسه.. اضطرت اللجنة الفنية المنظمة إلى إعادة العملية.. وحدث ما حدث.. الذين تحدثوا عن ضرورة الإصلاح الآن تم طردهم من الحزب الحاكم واحداً تلو الآخر.. حتى الأستاذة عواطف الجعلي تم إقصاؤها من البرلمان القادم؛ لأنها أكثرت من ترديد كلمة (لا) والمقام لا يحتمل إلا نعم مصحوبة بالتهليل. بصراحة.. لن يتمكن البارودي من حكم السودان إلا إذا كان يحمل على كتفه دبابير، وعلى صدره نياشين.. نحن نسير في الاتجاه المعاكس للتأريخ.. لهذا لن نصل أبداً. التيار