قلت في المقالة السابقة إن عام 1986 فترة ما بعد انتفاضة كان الحزب الاتحادي قد رحل عنه الأزهري و الشريف حسين الهندي كان ممزقاً بسبب تناقض مواقف أطرافه من انقلاب مايو والتي تمثلت من جهة في مواقف قادته السياسيين الذين قادوا الجبهة الوطنية المعارضة للانقلاب من لندن وبين مواقف الحليف الختمية حيث كان السيد محمد عثمان الميرغني أول المؤيدين له وعضوية شقيقه في مكتبه السياسي كما إن مواقف بعض قيادات الحزب الوطني الإتحاد تناقضوا في مواقفهم حيث إنهم شاركوا في سلطة مايو بل إن أمينه العام الرشيد الطاهر والذي كان من مؤسسا الحركة الإسلامية قبل أن يصبح أمينا عاما للحزب الاتحادي انخرط في سلطة الانقلاب بل أصبح أمينا عاما لتنظيمه السياسي بجانب آخرين من الحزب استوزروا فيه لهذا كان من الطبيعي عند عودة الحزب بعد الانتفاضة أن تشكل هذه التناقضات أهم مشكلاته حتى في تكوين هيئته الخمسينية التي كونت مناصفة بين التيارين إلا زعيم طائفة الختمية كان الأقل صوتا وتأثير وكان وجوده سببا لموقف الحزب من طالبوا بطرده من الحزب و أعلنوا تكوين الحزب الوطني الاتحادي وعلى رأسهم رحمة الله عليهم الحاج مضوى وعلى محمود حسنين خاصة مع العياب الواضح لأي زعامة سياسية للحزب مجمع عليها وان كلف وقتها الشريف زين العابدين الهندي أمينا عاما بالتراضي من الهيئة الخمسينية التي لا تمثل نقسها كيانا حزبيا منتخبا من القاعدة والذي تم تكليفه بالعمل على تنظيم القاعدة لعقد مؤتمر عام للحزب ينتخب رئيسه وهيئته المركزية إلا إنها كانت مهمة غير متيسرة بسبب التباين بين مكونات الحزب والمنشقين عنه في الحزب الوطني الاتحادي. ذلك كان الوضع المعقد للحزب إلا إن اللافت يومها لكتلة النيابة للحزب (الهيئة البرلمانية للحزب ) وكانت أكثر مكونات الحزب تمثيلا لقواعده لأنهم أصبحوا نوابا بالانتخاب من قواعد الاتحاديين . إذن السيد محمد عثمان الميرغني لا حول ولا سلطان له لهذه كان التنظيم الذي أعلنه بعض الاتحادين من الصف الثاني للحزب في عام86 باسم (هيئة دعم وتوحيد الحزب الاتحادي الديمقراطي) والتي اشتهرت يومها بجماعة دار المهندس لان دار المهندسين كانت قد شهدت أول اجتماع مؤسسي للهيئة بعد أن تكاثر المنتمين إليها من مختلف فئات الحزب من منظومته العمالية ومنظماته النقابية المهنية وقياداته الاتحادية التي ابتعدت عنه غضبا على حاله والتي استهدفه لم شمل حركة الوسط والحركة الاتحادية التي افرزها مؤتمر الخريجين فى حزب واحد مؤسسي ديمقراطي والتي فشل الحزب عبر تاريخه أن يحققها . كان ذلك العام بالنسبة لي شخصيا إن انتمى للحزب بعد مغادرتي الحزب الشيوعي ليس لخلاف معه ولكن لأنني توصلت لقناعة بان الفكر العقائدي أيا كانت رؤيته الفكرية يسارية أو إسلامية غير مؤهلة لبناء مؤسسية ديمقراطية تقبل الآخر لأسباب فلسفية وكنت يومها واحد من ستة تبنوا فكرة تكوين الهيئة التي ضمت يومها الإخوة محمد مالك عثمان وطه على البشير وكنا ثلاثة في ضريه البداية قبل أن ينضم لها الإخوة هشام بشير وباشري والمهندس محمد فائق. وللتاريخ أقول إن تلك الهيئة بعد أن اتسعت قاعدتها وضمت في صفوفها قيادات سياسية ونواب وقادة نقابات عمالية ومهنية والتي عقدت العديد من المؤتمرات خلصت في نهاية الأمر لمشروع من عشر نقاط تمثل خارطة طريق للم شمل الوسط وترجمة شعارات المؤسسية والديمقراطية في الحركة الاتحادية وتبنى مشروعها37 نائبا برلمانيا إلا إن الأخ الصديق الشريف زين العابدين الهندي الأمين العام أجهضها وكان أول النادمين على فعلته عندما أجبر على الانقسام عن الحزب الذي أسلمه بيده للميرغني والى المزيد من التفاصيل لأهميتها في مقالة قادمة