لم يجمع الموتسبون والمفسبكون.. وحتى المحدثون والمخبرون.. على شيء كما أجمعوا على أن السموأل قد استخدم سلاح الطلاق.. وثلاث مرات.. أمام رهط من الدستوريين والمسؤولين يتقدمهم السيد النائب الأول.. في نقاش ما كان يحتمل مثل ذلك النهج.. وفي موقف ما كان يستدعي استخدام سلاح شخصي.. وكل من أدلى بدلوه.. وإن اتفق مع السموأل في عدالة قضيته إلا أنه أعاب عليه خلط العام بالخاص.. ثم وبعض هؤلاء يعيبون عليه التمادي في التلويح بسلاحه الشخصي رغم رجاءات النائب الأول.. الذي هو الرجل الأول على رأس الجهاز التنفيذي.. لمرتين متتاليتين.. ولأن المثل السوداني يقول: التالتة واقعة.. فلم يجد الرجل الأول مناصا غير الطلب إلى مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السابق مغادرة المكان. أسرع البعض للمقارنة بين نهج السموأل ونهج الطيب مصطفى الذي كان يستخدم.. أحيانا.. سلاح الطلاق للحصول على مبتغاه.. أيضا.. ولكن والحق يقال إن الطيب كان يستخدم سلاحه الشخصي في مواجهة وزير المالية وموظفيه.. ولم يكن يستخدمه على مستوى مؤسسة الرئاسة.. ولهذا الغرض الأخير.. فقد طور أسلحته لاحقا إلى صحيفة.. ثم إلى حزب.. تتبدى المفارقة في أن كليهما كان مديرا للتلفزيون.. ولئن كانت سياسة مصطفى ناجحة.. فقد استعار السموأل المنهج واستخدمه في الموقف الخطأ..! ولكن السموأل نفسه أو بالأحرى.. النهج هذا لا يعدم من يؤازره.. أو على الأقل يجد العذر لمرتكبه.. وبرأي هؤلاء.. أن الإنقاذ اعتادت على نهج لم يكن مألوفا في التكليفات العامة أو سمها التعيينات.. ففلان الذي كان وزيرا بالأمس يجد نفسه اليوم مديرا يأتمر بإمرة وزراء أو وزراء دولة أو حتى وكلاء.. وحين كان هو وزيرا لم يكن بعض هؤلاء شيئا مذكورا.. ثم إن إحساس أنك كنت وزيرا يوما يسقط في الواقع التراتبية الوظيفية التي يفترض أنها ينبغي أن تكون مرعية بين شاغلي مختلف المواقع.. وهذا العلو والهبوط في شغل الوظائف.. يقود في كثير من الأحيان لتأسيس مواقف لا تبدو طبيعية ولا مقبولة في الظروف العادية.. هكذا.. مثلا.. الطيب مصطفى نفسه وجد نفسه مديرا لمؤسسة تتبع لوزارة كان هو وزيرا فيها يوما ما.. لذا لم يجد حرجا في مواجهة الوزير وفي حشد من المسؤولين وحفل محضور.. وكان طبيعيا أن يناله ما نال السموأل في ليلة الطلاقات الثلاثة..! وبغض النظر عن وقائع ليلة الطلاقات تلك.. ودون شخصنة المسائل.. فثمة جديد قد حمله قرار إعفاء مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.. وبعد أشهر معدودات من الوصول اليه.. إنه نهج الحسم.. الذي غاب طويلا عن مؤسسات الخدمة المدنية.. حتى أصبح الخلود سمة المديرين.. وتحولت كل مؤسسة عامة إلى إقطاعية خاصة يتحكم فيها فرد واحد.. أو مجموعة أفراد لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة.. وليت المراجع العليا في الدولة.. تدرك أن سلاح الطلاق.. أو السلاح الشخصي.. والمزاج الشخصي.. بل وأحيانا المصالح الشخصية هي التي تدير كثيرا من المؤسسات.. وكثيرا من المرافق.. لا على مستوى الإدارات العليا.. بل حتى على مستوى صغار الموظفين.. ترى في أي بلد محترم يتحكم موظف لم يتجاوز مدخل الخدمة.. في مصالح المئات وأحيانا الآلاف.. لأنه ببساطة هو الذي يحدد زمن وصوله إلى مكتبه.. وزمن مغادرته.. وزمن إفطاره.. وزمن صلاته.. وللبعض أوراد يتلونها أثناء الدوام..!!! ولا سبيل للمواطن للاعتراض أو الاحتجاج.. لأنه ببساطة سيعاقب.. إن لم يكن بالتأجيل إلى الغد.. فربما بالتعطيل لأسبوع كامل..! السرعة والحسم اللذين اتخذ بهما ذلك القرار مطلوب تطبيقهما في مواقع كثيرة.. داخل دواوين الخدمة المدنية.. إن كنا جادين في الإصلاح.. فقد آن الأوان لتقديم الواجبات على الحقوق.. وهل تكون الحكومة الإلكترونية هي مشروع الإصلاح..؟ وغدا ننظر في الفرق بين الإدارة بالأهداف والإدارة بالطلاق..! اليوم التالي