في العام 1856م خرج آلاف النساء العاملات في نيويورك للإحتجاح على الظروف القاسية التي يعملون تحتها، واجهت الشرطة الأمريكية المظاهرة بقوة ووحشية مفرطة، ولكن رغم وحشية القوانين الرأسمالية نجح حينها النساء بإثارة قضيتهن أمام الرأي العام الامريكي. . في 8 مارس من العام 1908م خرج ايضا الآلاف من عاملات النسيج من جديد في نيويورك وهن يحملن الخبز اليابس والورود مطالبين بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال وحق الإقتراع للنساء. . في العام 1977م اعتمدت الأممالمتحدة 8 مارس كيوم دولي للمرأة في كل العالم، ويعتبر هذا اليوم عطلة رسمية في بعض الدول التي نهتم بقضية المرأة. . هناك اشتباك في المفهوم يجب ان يفك عند الكثير من الناس من بينهم نسبة كبيرة جدا من النساء، قضية المرأة الحقيقية ليست هي التحرر من هيمنة الرجل كما يظن هؤلاء، لا قضية المرأة مفهومها أشمل وأوسع يبدأ بحق العمل وحق التعبير والقوانين الخاصة بالمراة في العمل ومراعاة ( الحمل والرضاعة ) كحق طبيعي لها في الحياة وإقتطاع نسبة مقدرة من الناتج القومي للدولة لصالح المرأة مقابل ( العمل المنزلي وتربية الأبناء) فهذا العمل تؤديه المرأة دون مقابل، ولا يتوقف الأمر هنا بل يذهب الى عدم التمييز ضدها في المجتمع، والجتمع هنا ليس فقط الرجل بل من المرأة والرجل والعادات والتقاليد والاديان على حد سواء. . رغم التقدم النسبي للمرأة السودانية بقريناتها من المنطقة في إنتزاع بعض حقوقها، ولكننا ما زلنا في قاع التخلف في هذا الجانب، فالمرأة السودانية مازال يمارس ضدها التمييز الواضح حتى في إرتداء ( البنطلون) او في حقها في الحمل والولادة والرضاعة في مؤسسات الدولة، فكثير من المؤسسات الخاصة من جامعات ومستشفيات وشركات..الخ تمنع المرأة من حق (الحمل) وتجبرها على تقديم إستقالتها، وإن بقيت تعتبر إجازة غير مدفوعة الأجر، وهذا أمر واقع وموجود، وفي تقديرنا هذا هو قاع التخلف في هذا الجانب، والغريب هناك حالات كثيرة من يمارس التميز هن من النساء..!! . 8 مارس للمرأة السودانية يجب ان لا يكون إحتفاليا، بقدر ما هو عمل جاد ومستمر لإخراج المرأة السودانية من هذا القاع، فالأمر ليس مجرد مطالب بممارسة الحقوق السياسية في الأحزاب او منحها كوته في البرلمان او المناصب الدستورية او حتى نسبة محددة في العمل العام.. لا.. في تقديرنا هذه المطالب هي مجرد تطلعات ذاتية لبعض النسوة على جماجم النساء الكادحات، فهذه الحقوق الآن هي متاحة لكل نساء السودان ظاهريا، ولكن حتى متى ستظل هذه (الكوتة) منحة لبعض النسوة، والسواد الأعظم من نساء بلادي يعشن مع أطفالهن خارج تشكيلة الحياة الإنسانية ؟ مع الود صحيفة الجريدة [email protected]