تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    تايسون يصنف أعظم 5 ملاكمين في التاريخ    دورات تعريفية بالمنصات الرقمية في مجال الصحة بكسلا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: الدور العربي في وقف حرب السودان    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    حادثت محمد محمد خير!!    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن اكتوبر والديمقراطية الثانية (29، الاخيرة): قبيل انقلاب نميري
نشر في الراكوبة يوم 27 - 03 - 2015

محجوب يحل الجمعية التاسيسية خوفا من عودة الصادق المهدي رئيسا للوزراء
الازهري والامام الهادي المهدي يستعجلان الفوز في انتخابات رئاسة الجمهورية
عريضة كبار الضباط الى قاضي القضاء اعتراضا على حل الجمعية التاسيسية
ازهري ومحجوب والمهدي يتنافسون في ولاء ضباط القوات المسلحة
كل الظروف تمهد لتحرك وسط القوات المسلحة (نميري)
-------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
تستمر هذه الحلقات من الوثائق الامريكية عن السودان، منذ قبيل الاستقلال. وهى كالاتي:
-- الديمقراطية الاولى (25 حلقة): رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956)
-- الديمقراطية الاولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958)
-- النظام العسكرى الاول (19 حلقة): الفريق ابراهيم عبود (1958-1964)
-- الديمقراطية الثانية (29 حلقة): رؤساء وزارات: سر الختم الخليفة، محمد احمد محجوب، الصادق المهدي، محمد احمد محجوب (هذه هي الحلقة الاخيرة).
-- النظام العسكري الثاني (38 حلقة): المشير جعفر نميري (1969-1975. وستستمر).
هذه عناوين حلقة الاسبوع الماضي:
-- وليام دينق: رفض الشماليون الحكم الفدرالي للجنوب
-- هل السودانيون زنوجا او عربا؟
-- يرفض السودانيون تعيين زنوج امريكيين دبلوماسيين
-- من قتل وليام دينق؟
--------------------------
محاولة انقلاب:
4-1-1968
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: "مؤامرة الجيش"
" ... نشرت صحيفة "الايام" اسماء الضباط الخمسة الذين اعتقلوا بتهمة ما يسمونها "مؤامرة الجيش" للاستيلاء على الحكم. وهم: ابراهيم احمد عمر، قائد سلاح الخدمة. احمد بشير شداد. توفيق محمد نور الدين. محجوب عبد الفراج. حسن يوسف ابو العائلة...
ونشرت صحيفة "الراي العام" بيانا اصدره مادبو، وزير الدفاع، قال فيه: "انذرنا الضباط لانهم ناقشوا موضوعا عاما (سياسيا) في مكان العمل ..."
علمنا ان توفيق، وهو ابن محمد نور الدين، قيادي سابق في الحزب الاتحادي، ومن حلفا، قرب الحدود السودانية مع مصر، ومن الموالين للمصريين، هو الذي نقل خبر المؤامرة الى صهره حسن محجوب، وزير الاعلام ...
وعلمنا ان "مكان العمل" هو مطار وادي سيدنا، شمال الخرطوم. و"الموضوع العام" هو الاشارة الى الرئيس المصري جمال عبد الناصر. ورغبة المصريين في الحصول على حقوق استعمال المطار. ودور المصريين في "مؤامرة الجيش"...
في نفس الوقت، نشرت اخبار بان حكومة محمد احمد محجوب تريد بيع، او تاجير المطار الى المصريين، كجزء من اتفاقية الدفاع العربي المشترك (التي وقع عليها القادة العرب في قمة الخرطوم). لكن، نفى محجوب البيع او التاجير. وقال انها "تريبات" حسب اتفاقية الدفاع العربي المشترك ...
وانتقد ذلك الصادق المهدي، رئيس الوزراء السابق، وغريم محجوب ...
(تعليق:
حسب وثيقة سابقة، انتقد الصادق المهدي ما سماه "انجراف" محجوب في ركب المصريين والقوميين العرب. وتهكم على ولع محجوب، الشاعر، بالشعر العربي. وقال ان السياسة ليست مثل قرض الشعر.
ايضا عارض الصادق المهدي قطع علاقات السودان مع الولا يات المتحدة. لكن في وقت لاحق، وبسبب ضغوط سياسية وشعبية، غير رايه).
بعد اكتشاف "مؤامرة الجيش"، نشر وزراء في حكومة محجوب، ومحجوب نفسه، اخبارا بان الصادق المهدي وراء "المؤامرة". وانه اجتمع في منزله مع ضباط عسكريين لتدبير انقلاب عسكري... لكن، نفى المهدي ذلك ...
رأينا:
اولا: يجد الصادق المهدي نفسه بين نارين: في جانب انه وراء انقلاب عسكري. وفي جانب انه يعارض "انجراف" السودان في خط القومية العربية، التي اشتعلت نارها بعد ان هزمت اسرائيل العرب في حرب يونيو 1967.
ثانيا: يستغل المصريون الحرب والقومية العربية لزيادة سيطرتهم على السودان. رغم ان رئيس الوزراء محجوب ينتمى الى حزب الامة وانصار الامام المهدي الكبير. الذين، عبر تاريخهم، يعارضون مصر والمصريين.
ثالثا: حسب معلوماتنا، تستمر الخلية الموالية لمصر في القوات السودانية في اجتماعاتها. لا نعرف خطة معينة للسيطرة على الحكم قريبا. لكن، يمكن النظر الى ذلك على ضوء النقطة السابقة، عن دور المصريين في السودان.
(تعليق: لا توجد اشارة مباشرة، ولكن تلميحات، الى الانقلاب الذي سيقوده نميرى في السنة التالية).
--------------------
حل البرلمان:
14-2-1968
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: الحكومة تحل البرلمان
" ... في الشهر الماضي، قدمت حكومة محجوب مسودة الدستور الدائم الى البرلمان (الجمعية التاسيسية). وفي خطوة واضحة، وهامة، عارض كل النواب الجنوبيين تقريبا ما سموه "الدستور الاسلامي." وعارضوا غياب مواد تضمن حكما فدراليا للجنوب ...
وهناك معارضات اخرى ضد:
اولا: حتى الاشارة الى نوع من الحكم الذاتي للجنوبيين.
ثانيا: حظر الحزب الشيوعي.
ثالثا: عدم ضمان استقلال القضاء.
رابعا: سلطات قوية جدا لرئيس الجمهورية، على حساب رئيس الوزراء، وعلى حساب البرلمان ...
يوم 8-2، اعلن رئيس الوزراء محجوب حل الجمعية التاسيسية. لكن، لم يقل محجوب الاسباب الاتية:
اولا: فشلت المفاوضات بين السياسيين لمد اجل الجمعية التاسيسية. وزادت قوة غريمة الصادق المهدي، وسط توقعات انه يقدر على الحصول على اغلبية وسط النواب، ويقدر على اسقاط حكومة محجوب، ويعود رئيسا للوزراء.
ثانيا: يستعجل محجوب وحليفة الامام الهادي المهدي انتخابات جديدة. لان الهادي المهدي يريد ان يترشح لرئاسة الجمهورية. رغم ان محجوب، يريد ذلك. وفي الجانب الاخر، استعجل اسماعيل الازهري. زعيم الحزب الاتحادي، ذلك، لانه، ايضا، يريد ان يترشح لرئاسة الجمهورية.
ثالثا: تحت ضغط حكومة محجوب، استقال ثلث اعضاء الجمعية (من جملة 221 عضوا) ...
عندما اعلن محجوب حل الجمعية التاسيسية، استغل هذا العذر الاخير. وقال ان الدستور يجب ان يوافق عليه ثلثا اعضاء الجمعية التاسيسية. لكن، هذا عذر "دوبياص" (مشكوك فيه).
لم يقل محجوب انه خاف على سقوط وزارته.
الحقيقة هي ان غريمة الصادق المهدي استطاع جمع اغلبية وسط النواب. من جناحه في حزب الامة. ومن نواب جنوبيين. ومن "متمردين" في الحزب الاتحادي يعارضون تحالف الازهري مع حزب الامة جناح الامام. ويعارضون، ايضا، دمج الازهري مع حزب الشعب الديمقراطي.
يعارض"المتمردون" معارضة عقائدية اي تحالف مع زعماء الطائفتين الاسلاميتين: الانصار والختمية. ويقولون، سرا، او بطريقة غير مباشرة، ان الازهري يفعل ذلك ليفوز برئاسة الجمهورية.
قال لنا واحد منهم: "كبر الازهري، وخرف، وسيتحالف مع الشيطان ليكون رئيسا للجمهورية." وقال لنا واحد آخر منهم: "اغرى الازهري انه رفع علم استقلال السودان، لهذا، يرى ان رئاسة الجمهورية حق من حقوقه" ....
يوم حل الجمعية التاسيسية، امر محجوب باغلاق المبنى. واضطر النواب الى الاجتماع في حديقة مجاورة. وباغلبية 114 مقابل لا شئ، اعلنوا ان حل الجمعية غير دستورى. وانهم سيرفعون قضية دستورية الى المحكمة العليا ...
راينا:
لا نعرف اذا ستؤيد المحكمة العليا المهدي او محجوب. لكن:
اولا: يواجه المهدي عدوين: جناح عمه الامام، واليساريين، خاصة الشيوعيين، الذين لن يغفروا له دوره في حل الحزب الشيوعي.
ثانيا: لا يبدو ان القوات المسلحة ستتحرك امام هذه الفوضي السياسية والدستورية. لكن، يمكن ان تحركها هذه الفوضي. او، على الاقل، يمكن ان تدعو بعض الضباط للتساؤل، او التهكم، او الحزن، او الغضب ...
ثالثا: يستمر غضب النواب الجنوبيين، ليس فقط على الصادق المهدي، ولكن على كل السياسيين الشماليين.
رابعا: بسبب معارضة الصادق المهدي فما يراها "هيمنة" مصرية على السودان بحجة الدفاع العربي المشترك، ومواجهة هزيمة حرب يونيو، تشن الصحف المصرية هجوما عنيفا، وشخصيا، عليه. وتكرر انه "عميل اميركي" ...
------------------------------
عبد الله محمد احمد:
3-4-1968
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: مقابلة نائب امين حزب الامة (جناح الصادق)
" ... يوم 27-3، جاء الى منزل دبلوماسي في السفارة عبد الله محمد احمد، مساعد الامين العام لحزب الامة، ومعه زوجته. وتحدث احمد عن الوضع السياسي ...
(تقرير طويل، هذه فقرة منه، عن القوات المسلحة، وعن تسييسها):
" ... بعد ان حلت حكومة محجوب الجمعية التاسيسية، رفع كبار العسكرييين مذكرة الى رئيس القضاء عن ما يرونها قرارات غير دستورية. لكن، غضب الازهري والمحجوب بسبب ذلك.
الان، يريد الازهري عزل كبار العسكريين. وتعيين قريبه، اللواء محمد ادريس، وهو الثالث في مرتبة كبار الضباط، قائدا عاما للقوات المسلحة. لكن، عارض المحجوب ذلك. وقال انه ضد التدخل السياسيين في القوات المسلحة. في الحقيقة، هو ضد قريب الازهري قائدا للقوات المسلحة ...
وقال لنا احمد ان الصادق المهدي يؤيد خطة الازهري لانها ستفصل العسكريين الذين يتدخلون في السياسة ...
من المفارقات ان احمد، وهو ينتقد المحجوب والازهري، قال لنا ان حزب الامة جناح الصادق المهدي يتمتع بتاييد كبير وسط صغار الضباط ..."
(تعليق:
قبل سنة من انقلاب نميري، ها هم كبار السياسيين السودانيين يتصارعون على ولاء القوات المسلحة. ويتدخلون في شئونها. بعد ان كانت المشكلة هي تدخل العسكريين في السياسة. يبدو ان الصادق المهدي يراهن على صغار الضباط العسكريين، بينما يتصارع الازهري والمحجوب حول كبارهم).
---------------------------
نتائج الانتخابات:
20-5-1968
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: نتائج الانتخابات العامة:
101 مقعدا: الحزب الاتحادي الديمقراطي
41 مقعدا: خمسة احزاب جنويية
36 مقعدا: حزب الامة جناح الصادق المهدي
30 مقعدا: حزب الامة جناح الامام الهادي المهدي
3 مقاعد: مؤتمر البجه
3 مقاعد: الاخوان المسلمون
مقعدان: اتحاد جبال النوبة
مقعدان: الحزب الشيوعي ...
"راينا:
اولا: حصل الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي هو اندماج بين الحزب الوطني الاتحادي، حزب الرئيس اسماعيل الازهري، وحزب طائفة الختمية، حزب الشعب الديمقراطي، على نصف مقاعد الجمعية التاسيسية تقريبا. غير ان هذا يضمن مزيدا من الصراعات الحزبية، ويوضح ان الانتخابات لم تحل مشاكل السودانيين ...
ثانيا: فقد حزب الامة 15 دائرة بسبب انقسامه. فاز بجملة 66 مقعدا للجناحين المنقسمين. وكان يمكن ان يفوز بجملة 81 مقعدا، مقابل 86 مقعدا للاتحاديين تقريبا. ومرة اخرى، حتى اذا حدث ذلك، كان السودانيون سيظلون منقسمين انقساما حادا بين الحزبين الكبيرين التقليديين ...
ثالثا: لم تكن الانتخابات في جنوب السودان حرة ونزيهة. مثلا: في مديرية الاستوائية التي يبلغ عدد سكانها مليون ونصف مليون شخص، صوت فقط عشرون الف شخص. وطبعا، حدث ذلك بسبب الحرب الاهلية هناك. نقطة اخرى: من جملة 60 دائرة في الجنوب، فاز 23 نائبا مسلما. بينما عدد المسلمين في الجنوب قليل جدا ...
رابعا: ضمن الازهري استمراره رئيسا دائما لمجلس السيادة. ويريد على عبد الرحمن، زعيم جناح حزب الشعب، ان يكون رئيسا للوزراء. لكن، يريد محجوب ان يستمر رئيسا للوزراء. ونتوقع ان ينجح محجوب. وذلك لسببين رئيسيين:
الاول: فاز جناح على عبد الرحمن الختمي فقط بربع المقاعد التي فاز بها الحزب الكبير. الثاني: يعتبر على عبد الرحمن من الموالين للمصريين. بل "فيرشوال ايجنت" (تقريبا عميل مصري) ...
واخيرا: "اوت لوك: مور اوف ذا سيم" (المستقبل: مزيد من نفس الشئ: نفس المناورات، والتحالفات، والانقسامات، والمؤامرات، وسط السياسيين السودانيين) ...
--------------------
مرض محجوب:
20-2-1969
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: الوعاء السياسي السوداني، يغلى مرة اخرى
" ... يوم 27-11، اصيب رئيس الوزراء محمد احمد محجوب بسكتة دماغية ("ستروك") خفيفة، وسافر الى لندن للعلاج ... استغل نائبه ووزير الخارجية، على عبد الرحمن، الغياب لتنفيذ ما لم يقدر على تنفيذه مع محجوب. خاصة وهو صديق المصريين، الذين هم اصدقاء الروس ... حسب ما نسمع، على عبد الرحمن هو بطل نكات مفضلة وسط النخبة السودانية ...
في نفس الوقت، تستمر مشاورات توحيد حزب الامة بين جناحي الصادق المهدي وعمه الامام الهادي المهدي. ليس سرا ان الامام يريد ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية. لكن، ما هو الثمن الذي سيدفعه لابن اخيه ليؤيده لتحقيق طموحه؟ ...
في نفس الوقت، افزعت محاولات توحيد حزب الامة الرئيس الازهري الذي هو يريد، ايضا، رئاسة الجمهورية.
لكن يعرقل طموحات الازهري "تمرد" داخل حزبه يقوده النائب عبد الرحيم محمد خير شنان، الذي كان ضابطا كبيرا القوات المسلحة، واشترك في انقلابات ناجحة وفاشلة خلال نظام عبود العسكري ...
----------------------
(في خطاب بتاريخ 23-3: زيارة شنان للسفارة الاميركية:
اهم ما في الخطاب:
عن "المتمردين" داخل الحزب، قال:"انتقد شنان وزراء حزب الختمية السابق، حزب الشعب، داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي. وخاصة احمد السيد حمد، وزير التجارة. صار يحاول شراء النواب المتمردين عن طريق رخص استيراد، يقدر اصحابها على تحويلها الى اسهم تجارية تباع وتشتري. لقد اجاد احمد هذا النوع من الفساد حتى اصبح نهجا سياسيا ..."
عن مصر والمصريين، قال: "نصف الوزراء (وزراء الختمية) يتقاضون رواتب من السفارة المصرية في الخرطوم ..."
------------------------
في خطاب بتاريح 15-4: من قسم الاستخبارات في الخارجية الامريكية الى السفارة الامريكية في الخرطوم عن خلفية شنان:
"شنان شخصية معقدة... كان في عهد الفريق عبود محسوبا على المصريين. ويقال انه كان عميلا للاستخبارات المصرية. ومع ثورة اكتوبر التي اطاحت بنظام عبود، كان صديقا للشيوعيين. والان، يعادي وزراء الختمية الموالين لمصر، ويقول انهم عملاء للاستخبارات المصرية ..."
--------------------------
توحيد حزب الامة
19-4-1969
قيادة حزب الامة الانتقالية:
جناح الصادق المهدي:
الصادق المهدي. عبد الله عبد الرحمن نقد الله. امين التوم. محمد عثمان صالح. داؤود عبد اللطيف. احمد ابراهيم دريج. محمد السيد عثمان. عبد الرحمن النور. زين العابدين حسين شريف. محمد ابراهيم خليل. احمد بخاري. جوزيف طمبرة. محمد الحلو موسي. عبد الله محمد احمد. عمر نور الدائم.
جناح الامام الهادي المهدي:
داوؤد الخليفة. الفاضل البشرى المهدي. محمد احمد محجوب. محمد داؤود الخليفة. عبد الحميد صالح. ميرغنى حسين زاكي الدين. كمال عبد الله الفاضل المهدي. حسن مدثر. ابراهيم هباني. عبد الله شداد. ادم محمود مادبو. عبد الرحمن عمر. صلاح عبد السلام الخليفة.
"رأينا:
اولا: رغم بيانات وتصريحات التوحيد، والعودة الى ماضي المهدية المجيد، يبدو واضحا ان الامام الهادي المهدي يريد توحيد انصاره لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية ضد الازهري.
ثانيا: يهدد توحيد حزب الامة الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي كان منقسما لعشر سنوات تقريبا. ومرة اخرى، رغم بيانات الوحدة وماضي الحزب المجيد، يبدو واضحا ان الازهري يريد رعاية زعيم الختمية الميرغنى ليترشح لرئاسة الجمهورية.
ثالثا: يريد على عبد الرحمن، نائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية ، وعميل المصريين، وحليف الروس، ثمنا مقابل تاييد ترشيح الازهري لرئاسة الجمهورية.
رابعا: حسب معلوماتنا، تتحرك الاستخبارات المصرية في الخرطوم مثلما لم تتحرك في الماضي. في الوقت الحاضر، تملك مصر وزراء جناح الختمية في الحزب الاتحادي الديمقراطي. وتريد الضغط على جناح الازهري. وتريد ثمنا لتاييد الازهري لرئاسة الجمهورية
خامسا: ليس هناك اي شك في ان المصريين قلقون بعد توحيد حزب الامة. خاصة مع احتمال ان يفوز الامام الهادي المهدي برئاسة الجمهورية. سيعود المهدي الصغير حفيد المهدي الكبير، وسيعيد التاريخ نفسه ...
---------------------
19-4:
" ... لا نعرف الى متى ستستمر هذه الازمة السياسية الجديدة. ولا نعرف اذا ،ستاتي حكومة تخفض من تقارب على عبد الرحمن مع المصريين والروس. حكومة تريد اعادة العلاقات الدبلوماسية معنا، ومع بقية الدول الغربية ..."
(تعليق:
هذه اخر وثيقة قبل وثائق الانقلاب العسكري الذي قادة العقيد جعفر النميري يوم 25-5.
الانقلاب الذي ايده الشيوعيون، وايده القوميون العرب والناصريون بقيادة بابكر عوض الله، رئيس القضاء السابق، والمحسوب على المصريين، والذي عينه نميري رئيسا للوزراء.
تبقى هذه الاسئلة:
اولا:هل انتقم عوض الله بعد ان تغلب عليه الاتحاديون وحزب الامة والاخوان المسلمون في موضوع حل الحزب الشيوعي؟
ثانيا: هل انتقم الشيوعيون بعد ان تحالف الاتحاديون وحزب الامة والاخوان المسلمون ضدهم، وحلوا حزبهم، وطردوا نوابهم من الجمعية التاسيسية؟
ثالثا: هل انتقم العسكريون بسبب تدخل السياسيين في شئونهم؟
رابعا: هل استعجل المصريون الانقلاب خوفا من توحيد حزب الامة، واحتمالات فوز الامام الهادي المهدي برئاسة الجمهورية؟ وحتى احتمالات فوز الازهري، الذي لم، ولن، ينسوا انه، في عام 1956، اختار استقلال السودان، ورفض الاتحد مع مصر؟
=====================
الشهر القادم: وثائق امريكية عن نميري (الحلقة 39)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.