د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    السجن لمتعاون مشترك في عدد من قروبات المليشيا المتمردة منها الإعلام الحربي ويأجوج ومأجوج    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن اكتوبر والديمقراطية الثانية (24): سقوط حكومة الصادق المهدي
نشر في الراكوبة يوم 21 - 02 - 2015


صهر محجوب "مسمار جحا" في حكومة غريمه الصادق المهدي
المصريون: الصادق المهدي عميل للامبريالية والصهيونية
نقد الله: عبد الناصر يخاف من الديمقراطية في السودان
الازهري والهادي المهدي يتنافسان على رئاسة الجمهورية
واشنطن: محمد علي صالح
هذه هي الحلقة رقم 24 من هذا الجزء من هذه الوثائق الامريكية عن التطورات السياسية في السودان، وهي كالأتي:
الديمقراطية الاولى (25 حلقة): رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956).
الديمقراطية الاولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958).
النظام العسكرى الاول (19 حلقة): الفريق ابراهيم عبود (1958-1964).
النظام العسكري الثاني (38 حلقة): المشير جعفر نميري (1969-1975)، اخر سنة كشفت وثائقها.
هذه وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 30 حلقة تقريبا.
هذه عناوين حلقة الاسبوع الماضي:
-- حكومة الصادق المهدي ترفض "في وقاحة" قرار المحكمة العليا
-- هل انتقم بابكر عوض الله بتحالفه مع نميري في الانقلاب العسكري؟
-- من هو خالد الكد؟
-- هل كان الحزب الاشتراكي واجهة للحزب الشيوعي المنحل؟
------------------------------
الصادق يعدل حكومته:
9-1-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: اعادة تشكيل حكومة الصادق المهدي
" ... يوم 6-12، اعاد رئيس الوزراء الصادق المهدي تشكيل حكومته، واقتصر على وزراء حزبه، حزب الامة، فيما يبدو انها بداية محاولات لاعادة توحيد الحزب...
اعلن المهدي استقالة (لا اخراج) محمد الحلو موسى، وزير الثروة الحيوانية، وعمر نور الدائم، وزير الزراعة. واختيار احمد المهدي ليحل محل الحلو، ومحمد خوجلي ليحل محل نور الدائم.
حسب معلوماتنا، لم يوافق الهادي المهدي، امام الانصار، مسبقا على هذا التغيير. وليس مؤكدا نه سيوافق عليه. وربما وافق عليه كشرط من شروط اخرى لعودة جناح الصادق المهدي الى الحزب الام.
على اي حال، احمد المهدي، الذي سيدخل وزارة الصادق المهدي، كان قاد جناح الامام الهادي المهدي في الصراع مع الصادق المهدي.
لهذا، نقدر على ان نقول ان دخول احمد المهدي يمكن ان يؤدي الى واحدة من نتيجتين:
اما توافق بين الرجلين (العم وابن العم) يقود الى مصالحة جناحي الحزبين.
او مواجهة بينهما تفشل المصالحة، وتضعف جناح الصادق المهدي ...
بالنسبة لمحمد خوجلي، كان وكيل وزارة التجارة، وليست له ميول سياسية واضحة. لكن، حسب معلوماتنا، هو صهر محمد احمد محجوب، رئيس الوزراء السابق ومن قادة جناح الامام الهادي المهدي. وربما الهدف هو ان يمثل محجوب في وزارة عدوه اللدود الصادق المهدي (ليكون مثل "مسمار جحا").
لكن، يواجه تعيين خوجلي معارضات من جناحي حزب الامة:
اولا: ليس عضوا في البرلمان.
ثانيا: ليس عضوا رسميا في حزب الامة.
ثالثا: اغضب وضعه مكان نور الدائم مواطني دائرة نور الدائم، وقبيلته ... " (لا يوجد اسم القبيلة).
-----------------------
الصادق والازهري:
6-2-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: مشاكل التحالف الحاكم
" ... بالاضافة الى مشكل الصادق المهدي مع عمه الامام الهادي المهدي، يواجه الصادق مشاكل مع اسماعيل الازهري، رئيس مجلس السيادة، وزعيم الحزب الاتحادي، حليف الصادق في الحكومة ...
يوم 14-12، ادى القسم امام الازهري، كرئيس لمجلس السيادة، الوزيران الجديدان من حزب الامة، احمد المهدي وخوجلي. لكن، فاجا الازهري الصادق، واخرين، باستدعائه عبد الماجد ابو حسبو، من قادة الحزب الاتحادي، لاداء القسم كوزير للتجارة. ليحل محل محمد احمد المرضي، الذي توفى مؤخرا. رتب الازهري ذلك بدون موافقة رئيس الوزراء (الصادق المهدي) كما ينص الدستور...
واهتز الائتلاف بين الحزبين، كما اهتزت العلاقة بين الصادق المهدي والاتحاديين. ها هم، بالاضافة الى عدو الصادق اللدود، حسين الشريف الهندي، وزير الحكومة المحلية، يدخلون ابو حسبو، صديق الهندي، في الوزارة.
في الماضي، ومرات كثيرة، اشتكى لنا الصادق من الهندي، ومن "انكووباريتفنيس" (عدم التعاون) من جانبه. لا ندري ماذا سيقول لنا الأن بعد ان دخل وزارته صديق الهندي، او، حقيقة، ادخل الوزارة ...
في نفس الوقت، حتى جناح الامام الهادي المهدي عارض ادخال ابو حسبو، وبدون اتباع الاجراءات الدستورية. ويمكن ان يكون ذلك بداية تقارب بين جناحي حزب الامة، بعد ان لقى الصادق من الاتحاديين ما لقي ...
في نفس الوقت، ايضا، يمكن ان يكون ذلك بداية تقارب بين الحزب الاتحادي وحزب الشعب. وفعلا، مؤخرا، قابل الازهري السيد على الميرغني، امام طائفة الختمية التي يمثلها حزب الشعب.
حاليا، يستمر التحالف الحكومي بين الحزبين، الاتحادي والامة، على مستوى القيادات على الاقل. لكن، يشهد البرلمان، ومظاهرات وندوات يقيمها الاتحاديون في الخرطوم والمدن الرئيسية، ضغوطا قوية على الازهري، وقادة الاتحاديين، لفض التحالف مع حزب الامة.
وفي البرلمان، رفض نواب اتحاديون تاييد الميزانية السنوية التي قدمتها حكومة الصادق المهدي. وايضا، مشاريع قوانين. وصار واضحا ان الصادق يواجه مشاكل، اذا لا يواجه شللا، داخل حكومته ..."
--------------------------
الصادق والمحجوب:
6-3-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: انقسام حزب الامة يتفاقم
" ... من المفارقات ان محمد احمد محجوب، رئيس الوزراء السابق من حزب الامة، وعدو الصادق اللدود، ومن قادة جناح الامام الهادي المهدي، هب ليزيد الكيل كيلين. هل يريد اهانة الصادق الذي يواجه مشاكل مع حلفائه الاتحاديين؟ هل يريد تدميره نهائيا؟ هل يريد الضغط عليه ليعود الى الحزب الام؟
من داخل البرلمان، شن محجوب هجوما عنيفا على حكومة الصادق. وعندما قدم الصادق الميزانية السنوية، خرج محجوب، مع نواب آخرين من جناح الامام الهادي المهدي، من قاعة البرلمان ...
وزاد الامام الكيلين كيلا ثالثا. يوم 5-2، عقد مؤتمرا في جزيرة ابا، معقل طائفة الانصار منذ ايام المهدي الكبير في نهاية القرن التاسع عشر. خلال المؤتمر، شدد الامام بانه امام الانصار، وايضا، زعيم حزب الامة. في وقت لاحق، ومن الخرطوم، علق الصادق المهدي بان مؤتمر ابا كان دينيا، وليس سياسيا ...
هذا خلاف تاريخي داخل هذا الحزب الهام في مواضيع هامة:
اولا: الفصل بين الدين والسياسة.
ثالثا: الفصل بين الدين والعائلة.
ثالثا: الفصل بين الدين والعلمانية ...
في الوقت الحاضر، اختلطت هذه المواضيع مع المناورات والمؤامرات الحزبية. نعم، قلل الصادق اهمية قرارات مؤتمر ابا، لكن،هذه قرارات توضح ان كفة ميزان الصادق اقل وزنا. المؤتمر:
اولا: ادان الخمسين نائبا في البرلمان الذين يؤيدون الصادق. ودعاهم للعود الى الحزب الام.
ثانيا: اكد حل اجهزة حزب الامة. ودعا الى مؤتمر عام للحزب لوضع اجهزة جديدة.
ثالثا: دعا الى اعلان دستور اسلامي.
رابعا: دعا الى ان يكون الدستور رئاسيا ...
ليست هذه النقطة الاخيرة الا جزءا من طموحات الامام الهادي المهدي، عم الصادق، ليكون رئيسا للجمهورية. وهي، كما اوضحنا في رسائل سابقة، استمرار لطموحات والده الامام عبد الرحمن المهدي، الذي كان يريد مواصلة حكم والده المهدي الكبير، بصورة او اخرى ...
الأن، طبعا، تغيرت الظروف. ليس فقط بالنسبة لحزب الامة، وبالنسبة للسودانيين، ولكن، ايضا، بالنسبة لموضوع المسلمين والديمقراطية الغربية ..."
---------------------------
على عبد الرحمن:
16- 3-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: دمج الحزبين الاتحادي والشعب
" ... يوم 11-3، عقد الشيخ على عبد الرحمن، زعيم حزب الشعب الديمقراطي، حزب طائفة الختمية الاسلامية، مؤتمرا صحافيا مثيرا في فندق "قراند هوتيل" عن جهود دمج حزبه مع الحزب الوطني الاتحادي، الحزب الام الذي كان حزب الشعب انفصل منه سنة 1956. كشف عبد الرحمن معلومات جديدة، ولم ينكرها قادة الحزب الاتحادي ...
كان المصريون لعبوا دورا غير صغير في انفصال حزب الشعب عن الحزب الام:
اولا: قصدوا الانتقام من الحزب الاتحادي، بزعامة اسماعيل الازهري، رئيس اول حكومة سودانية، لانه غير رايه من اتحاد السودان مع مصر الى الاستقلال.
ثانيا: خططوا لتاسيس حزب ديني، اعتمادا على طائفة الختمية الاسلامية، لينافس الحزب الديني الاخر، حزب الامة، القوى جدا، والذي يعتمد على طائفة الانصار الاسلامية، والذي يتبادل عداء تاريخيا مع المصريين، منذ القرن التاسع عشر ...
الان، في مؤتمره الصحفي، حمل عبد الرحمن مسئولية انشقاق حزب الشعب عن الحزب الاتحادي على ما سماها "بوليتكال فيسيسيتيوتز" (تقلبات سياسية). وقال ان الانشقاق كان سببا رئيسيا لزيادة قوة حزب الامة، و"سيطرته على البلاد." وبالتالي، كان سببا في الانقلاب العسكري سنة 1958، الذي قاده الفريق ابرهيم عبود، وحكم السودان حتى سنة 1964 عندما ثار عليه السودانيون، واسسوا النظام الديمقراطي الحاضر ...
وفي المؤتمر الصحفي، اثار عبد الرحمن ضجة عندما قال ان عبد الله خليل، زعيم حزب الامة ورئيس الوزراء حتى انقلاب عبود، هو الذي سلم الحكم الى القوات المسلحة...
لكن، لم يقل عبد الرحمن الآتي:
اولا: دور المصريين في شق حزب الشعب عن الحزب الاتحادي.
ثانيا: دوره هو في الانشقاق.
ثالثا: دوره هو في التحالف مع حزب الامة و "سيطرته على البلاد."
رابعا: دوره هو، بالتالي، في الانقلاب العسكري ...
وربما لاول مرة، اعلن عبد الرحمن ان محاولاته لدمج الحزبين بدات مباشرة بعد ثورة اكتوبر وعودة الديمقراطية في سنة 1964 وقال ان الازهري رفض مبادرته. وانه، في سنة 1965، قبيل الانتخابات، رفض الازهري مبادرة اخرى منه. وقال عبد الرحمن: اذا كان الازهري وافق، كان الحزبان خاضا الانتخابات بقائمة واحدة، وكانا فازا على حزب الامة. بدلا عن فوز حزب الامة، واضطرار الازهري للتحالف معه كشريك اصغر في الحكومة الائتلافية الحالية ...
وقال عبد الرحمن انه، في نهاية سنة 1966، احس الاتحاديون بان حزب الامة "يرفض فلسفة الحكم العربية الليبرالية". ويريد "ربط البلاد مع الدول الاستعمارية والراسمالية، تحت دكتاتورية رجعية." لهذا، اتصل محمد احمد المرضي، امين الحزب الاتحادي في ذلك الوقت، مع عبد الرحمن لمناقشة دمج الحزبين. وفي وقت لاحق، اجتمع الازهري مع السيد على الميرغني، زعيم طائفة الختمية ...
وقال عبد الرحمن انه توجد مشاكل امام الدمج. منها ان الحزب الاتحادي يريد "دمجا شاملا وسريعا"، بينما يريد حزب الشعب "تحالفا مؤقتا"، ثم، تدريجيا، "دمجا كاملا"...
-----------------------
حل البرلمان:
12-4-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: كتابة دستور السودان
" ... بعد شهرين تقريبا، وبالتحديد يوم 9-6، تنتهي فترة البرلمان (الجمعية التاسيسة) الذي كان كلف بكتابة دستور دائم للسودان. واعلن رئيس الوزراء الصادق المهدي ان لجنة كتابة الدستور ستنهي مهمتها بعد اقل من شهرين. لكن، تظل الانقسامات والتحالفات والمناورات تهدد امكانية تحقيق هذا الهدف ...
حتى لو تحقق ذلك، لا يوجد وقت كاف لاجراء انتخابات البرلمان الجديد وانتخابات رئيس الجمهورية، قريبا، وذلك بسبب فصل الخريف، حيث تعرقل الامطار الحركة في جزء كبير من السودان.
وعلى اي حال، حسب توقعاتنا، لن يتحقق ذلك. لن يقدر السودانيون على تحقيق انجازات دستورية التزموا بها. انشغلوا بانقساماتهم ومناوراتهم ... وها هم الأن يواجهون فراغا دستوريا. كان عليهم كتابة دستورهم، واجازته، قبل نهاية فترة البرلمان. وهم الذين سموه "كونستتيوانت اسمبلي" (جمعية تاسيسة). وها هم لم يضعوا الاساس في الوقت الذي حددوه هم في دستورهم ...
ماذا سيحدث لملء هذا الفراغ الدستوري؟
هذه اقتراحات تناقش الآن:
اولا: تمد الجمعية التاسيسية عمرها لستة شهور، لتكمل كتابة واجازة الدستور.
ثانيا: تتحول الى برلمان، ليواصل العملية التشريعية.
ثالثا: يجرى استفتاء شعبي لاجازة الدستور ...
بقى شهران فقط، ولا يعرف السودانيون اي طريق سيسيرون عليه ...
سالنا الصادق المهدي، رئيس الوزراء، في احدى المقابلات معه. وقال: "لابد ان نفعل شيئا مع حلول شهر يونيو." نعم، لكنه لم يحدد ما هو الشئ، وهو رئيس الوزراء ...
في الجانب الاخر، يعارض حزب الشعب، حزب طائفة الختمية، وحلفاؤه: القوميون العرب، والناصريون، والاشتراكيون، والشيوعيون، مد فترة البرلمان. ربما ليس حرصا على حل دستوري افضل، ولكن لوضع نهاية لحكومة يعارضونها. ولبرلمان لا يتمتعون فيه بتاييد كبير، بل اي تأييد ...
ثم لا ننسى تمرد الشباب في الحزب الاتحادي، حزب الازهري، رئيس مجلس السيادة ورئيس الجناح التقليدي في الحزب. يعارض هؤلاء استمرار التحالف مع حزب الامة، جناح الصادق، جناح الشباب. والذي هو نفسه يواجه ضغوطا من الجناح التقليدي، جناح الامام الهادي المهدي ...
لا شك ان هذه من مفارقات السياسة في السودان: تمرد شباب حزب الامة على قائدهم التقليدي، وتحالفوا مع الاتحاديين. وها هم شباب الاتحاديين يتمردون على قائدهم التقليدي، ويعارضون هذا التحالف...
وكان الصادق المهدي الشاب لا حليف له غير الازهري التقليدي. والذي سيفعل اي شئ ليستمر رئيسا دائما لمجلس السيادة. وبعد ذلك، ليكون رئيسا للجمهورية. لهذا، لا نستغرب حلم الازهري بعودة التحالف القديم بين حزبه الاتحادي وحزب الشعب. ولهذا لا نستغرب تقرب الازهري من السيد على الميرغني، امام طائفة الختمية، وراعي حزب الشعب، والذي يبدو انه لا يريد رئاسة الجمهورية، عكس المهدي، امام طائفة الانصار ...
لكن، كيف يحقق هؤلاء طموحاتهم وهم لم يكتبوا الدستور الذي سيسمح لهم بذلك؟ ... "
---------------------
الهادي المهدي:
24-4-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: امام الانصار يريد حل البرلمان
" ... بقى شهر تقريبا لينتهى اجل البرلمان السوداني قبل ان يكمل المهمة التي انتخب من اجلها، وهي كتابة داستور دائم للبلاد. ويبدو ان احدا وسط قادة السودان لا يريد ان يستمر البرلمان، وبالتالي، ان يكون للبلاد دستور دائم. رغم انه، منذ استقلال السودان قبل عشر سنوات تقريبا، يظل يحكم بدستور مدني مؤقت، او نظام عسكري ...
يوم 12-4، عقد الهادي المهدي، امام طائفة الانصار، وراعي حزب الامة الاصلي، مؤتمرا صحافيا، على غير عادته، وعادة القادة الدينيين. نرسل لكم نص ما حدث، اعتمادا على صحيفة "الامة"، صحيفة الحزب. وهذه مقتطفات مما قال:
اولا: يجب حل البرلمان، كتب الدستور، او لم يكتبه.
ثانيا: تتعرض البلاد لمؤامرات شيوعية ومصرية.
ثالثا: لابد من كتابة دستور اسلامي ...
لم يقل: دستور اسلامي، ورئيس اسلامي هو انا. لكن، يمكن ان يكون هذا هو ما يريد حقيقة ..."
-----------------------
عبد الناصر:
14-2-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: السودان ومصر والسعودية
" ... قال لي عبد الله عبد الرحمن نقد الله، وزير الداخلية في حكومة الصادق المهدي، ان الصراع بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك فيصل، ملك السعودية، قد انعكس على علاقة عبد الناصر مع السودان، وان عبد الناصر صار يضغط اكثر على السودان ...
(تعليق:
في ذلك الوقت كان الاختلاف بين عبد الناصر والملك فيصل بلغ ذروته، لسببين: اولا: تأييد عبد الناصر لثورة عبد الله السلال في اليمن، التي قضت على حكم أل حميد الدين الذين كان السعوديون يؤيدونهم.
ثانيا: صراع عقائدي بين الثورة المصرية والقومية العربية، بقيادة عبد الناصر، والدول الملكية "الرجعية" بقيادة الملك فيصل والملك حسين).
وقال نقد الله ان عبد الناصر يخطط لاسقاط حكومة الصادق المهدي، اما بتحالف حزب الشعب مع الحزب الاتحادي، او بانقلاب عسكري ...
وان عبد الناصر يكره شيئين عن السودانيين:
اولا: عندما يؤسسون حكما ديمقراطيا، يناقض "دكتاتورية " عبد الناصر. ويجعل عبد الناصر يخشى على حكمه، حكم الحزب الواحد: الاتحاد الاشتراكي العربي.
ثانيا: عندما يميلون نحو السعودية ضده ... "
-------------------------
المحامون العرب:
31-3-1967
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: المهدي يرد على المحامين العرب
" ... انتقد رئيس الوزراء الصادق المهدي اتحاد المحامين العرب الذي عقد مؤتمرا في القاهرة، وكان من بين قراراته ان حكومة المهدي:
اولا: تتعاون مع "الامبرالية والصهيونية."
ثانيا: تعرقل حركات التحرر في الدول الافريقية.
ثالثا: تحرم الشعب السوداني من الحرية والعدل ...
رد المهدي ببيان حاد، قال فيه: "اذا قارن اتحاد المحامين العرب الاوضاع في دولهم مع الوضع في السودان، حيث توجد درجة كبيرة من الحرية والديمقراطية، وحيث تنتخب الحكومة انتخابا شعبيا حرا، لوجد ان السودان احسن كثيرا من دولهم." ...
وانتقد المهدي وفد اتحاد المحامين السودانيين الذي اشترك في المؤتمر، والذي دعا الى اصدار هذه القرارات. وكان واضحا ان الوفد يتكون من محامين شيوعيين ويساريين ..."
(تعليق:
هكذا، واجه رئيس الوزراء الصادق المهدي مشاكل كثيرة: مع عمه الامام الهادي المهدي، مع غريمه محمد احمد محجوب، مع الاتحاديين، مع حزب الشعب والختمية، مع الليبراليين واليساريين والشيوعيين، ومع عبد الناصر والمصريين.
وهكذا لم يدم حكمه طويلا).
=====================
الاسبوع القادم: حكومة محجوب، مرة اخرى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.