كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالفيديو.. جنود بالدعم السريع قاموا بقتل زوجة قائد ميداني يتبع لهم و"شفشفوا" أثاث منزله الذي قام بسرقته قبل أن يهلك    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    السودان يردّ على جامعة الدول العربية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    البرهان يزور تركيا بدعوة من أردوغان    المريخ يحقق الرمونتادا أمام موسانزي ويتقدم في الترتيب    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    جنوب إفريقيا ومصر يحققان الفوز    مجلس التسيير يجتمع أمس ويصدر عددا من القرارات    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق أمريكية عن أكتوبر والديمقراطية الثانية (21): انقسام حزب الأمة حكومة محجوب "حكومة لا شيء" خلاف
نشر في السوداني يوم 02 - 02 - 2015


وثائق أمريكية عن أكتوبر والديمقراطية الثانية (21):
انقسام حزب الأمة
حكومة محجوب "حكومة لا شيء"
خلاف شخصي بين الصادق المهدي وعمه الإمام
يريد الأمريكيون حكومة ديمقراطية، لكن فعالة
الوقت بالنسبة للسودانيين ليس مهماً
قادة جناح الصادق، وقادة جناح الإمام
----------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
هذه هي الحلقة رقم 21 من هذا الجزء من هذه الوثائق الأمريكية عن التطورات السياسية في السودان، وهي كالآتي:
الديمقراطية الأولى (25 حلقة): رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري (1954-1956).
الديمقراطية الأولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958).
النظام العسكري الأول (19 حلقة): الفريق إبراهيم عبود (1958-1964).
النظام العسكري الثاني (38 حلقة): المشير جعفر نميري (1969-1975)، اخر سنة كشفت وثائقها.
هذه وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة أكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريباً.
---------------------------
(تعليق:
هذه مقتطفات من تقرير طويل عن الوضع السياسي في السودان، وعن السياسة الأمريكية نحو السودان في عهد رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب.
وقبل ذلك، هذا ملخص التطورات السياسية في السودان في ذلك الوقت:
سنة 1964: ثورة أكتوبر التي أطاحت بنظام الفريق عبود العسكري (كان حكم السودان منذ 1958).
سنة 1965 : انتخابات اكتسحها حزبا الأمة والوطني الاتحادي. وتحالفا، وشكلا حكومة ائتلافية برئاسة محمد أحمد محجوب (حزب الأمة). ووقف حزب الشعب الديمقراطي (حزب الختمية) والحزب الشيوعي في المعارضة.
سنة 1965: تحالف حزبا الأمة والوطني الاتحادي والإخوان المسلمون، وعدلوا الدستور، وحلوا الحزب الشيوعي، وطردوا الشيوعيين من البرلمان.
سنة 1966: انقسام حزب الأمة إلى جناحين: جناح الصادق المهدي، وجناح الهادي المهدي، أمام الأنصار، وعم الصادق.
سنة 1966: تحالف جناح الصادق مع الوطني الاتحادي، وأسقطا وزارة محجوب، وصار الصادق رئيساً للوزراء في حكومة ائتلافية مع الوطني الاتحادي.
سنة 1967: تحالف حزب الأمة جناح الإمام الهادي مع حزب الشعب الديمقراطي (الختمية)، وأسقطا حكومة الصادق، وانتخبا محجوباً رئيساً للوزراء مرة أخرى.
سنة 1968: انتخابات اكتسحها الاتحادي الديمقراطي (دمج الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي)، وتحالف مع حزب الأمة جناح الإمام، واستمر محجوب رئيسا للوزراء.
سنة 1969: قاد جعفر نميري انقلاباً عسكرياً، حكم السودان حتى سنة 1985، عندما بدأت الديمقراطية الثانية (التي قضى عليها، سنة 1989، الانقلاب العسكري الذي جاء بحكومة البشير الحالية).
--------------------
أهمية الاستقرار:
5-4-1966
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: السودان: تقييم سياستنا
"... لتحقيق أهدافنا في السودان، نحتاج إلى أن يكون السودان كالاتي:
أولاً: مستقرًا، ومنظماً، ومنتظمًا.
ثانياً: يريد، ويقدر، على اتخاذ سياسات نراها نحن مسؤولة.
ثالثاً: يساعدنا في وضع سياسات واضحة في إفريقيا وبقية العالم...
في الوقت الحاضر، نحن محظوظون لأننا لا نريد من السودانيين أكثر من ذلك.
لكن، نواجه ورطة، لأن السودانيين يقدرون على خلق مشكلات تعرقل مصالحنا في إفريقيا....
لهذا، ربما نفضل أن نتحمل، في سلبية، ما يفعلون. وأن نكتفي بعلاقات اقتصادية قليلة معهم، وبتعهدهم ألا يعرقلوا خطوط طائراتنا فوق مجالهم الجوي.
ربما في المستقبل البعيد، إذا تحققت الشروط السابقة، نقدر على مساعدة السودانيين ليتمكنوا من زراعة أرضهم الخصبة الشاسعة، ومن إطعام أنفسهم، وإطعام الجوعي في العالم...
لكن، في الوقت الحاضر، نظل نريد من السودانيين الاتي:
أولاً: حكومة قوية، ومستقلة. ونفضل أن تأتي عن طريق انتخابات ديمقراطية. وتقدر على حكم البلاد حكماً عادلاً، وعلى الدفاع عنها ضد التهديدات الأجنبية.
ثانياً: تطوراً اقتصادياً، مخططًا ومركزاً، لضمان تنمية مستقرة ومستمرة.
ثالثاً: وحدة وطنية قوية، تواجه الانقسامات الدينية، والعرقية، والإثنية، والسياسية. وتحول دون صرف إمكانات البلاد في غير ما جاء في النقطتين السابقتين...
خلال كل هذا، نريد أن نقيم علاقة ودية مع السودانيين. وأن نتفهم انتماءاتهم. وأن نؤيد علاقاتهم ذات الشقين: العربية والإفريقية. وأن نركز على السودانيين الذين يريدون الحرية والديمقراطية، وخاصة وسط السياسيين الذين يعارضون الشيوعية والشيوعيين...
في جانبنا، علينا أن نطمئن السودانيين بأننا لا نريد أن نتدخل في شؤونهم الداخلية. وأننا نريد استمرار المساعدات الاقتصادية، بل زيادتها. وذلك حسب تنسيقات وخطط اقتصادية مدروسة....
لا نريد التدخل في شؤونهم، ولا نقدر على التأثير عليهم، لكن، يجب أن نشجعهم للوصول إلى حل سلمي لمشكلة جنوب السودان، واستمرار الحرب الأهلية هناك..."
--------------------
حكومة غير مستقرة:
"... في الوقت الحاضر، تقدر حكومة رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب، وهي تتكون من أكبر حزبين في البلاد، الأمة والوطني الاتحادي، على السيطرة الأمنية على البلاد، عدا مناطق التمرد في الجنوب...
منذ نهاية العام الماضي، بعد أن تحالف الحزبان مع الإخوان المسلمين، وعدلوا الدستور، وحلوا الحزب الشيوعي السوداني، يعملون في وقف نشاطات الشيوعيين، وتقليل نفوذهم. لكن، لم تنجح هذه الجهود كثيراً. وتظل للشيوعيين خلايا وتنظيمات داخل القوات المسلحة، ووسط المثقفين والمهنيين. لكن، أكثر نشاطات هذا الحزب المحظور هي الان عن طريق نقابات العمال، حيث ظل، دائمًا، يتمتع بتأييد كبير، ومنظم.
في نفس الوقت، يظل حزب الشعب الديمقراطي، حزب طائفة الختمية الإسلامية الموالي لنظام الرئيس المصري جمال عبد الناصر، يقف في المعارضة. وأحياناً، يتحالف مع الشيوعيين.
لكن، بالإضافة إلى عراقيل الشيوعيين والختمية، يأتي التحدي الأكبر للائتلاف الحاكم من داخل الائتلاف نفسه. وصارت المشكلات بين الحزبين، وداخل كل منهما، لا تعرقل فقط عمل الحكومة، ولكن، أيضاً، تهدد الحكومة نفسها.
لهذا، لا تقدر حكومة الائتلاف هذه على مواجهة مشكلتين كبيرتين:
أولاً: أزمة اقتصادية حادة، تؤثر، ليس فقط على معيشة السودانيين، ولكن، أيضاً، على برامج وخطط التنمية.
ثانياً: استمرار الحرب في جنوب السودان، ليس فقط مواجهة المتمردين، ولكن، أيضاً، توقف مشاريع التنمية وسوء ظروف المعيشة هناك أيضًا...
من المفارقات أن يحدث هذا لحكومة تتمتع بتأييد كبير جداً داخل البرلمان، ويقودها أكبر سياسيين مخضرمين: إسماعيل الأزهري، رئيس مجلس السيادة، وكان أول رئيس وزراء عندما نال السودان استقلاله سنة 1956، ومحمد أحمد محجوب، من قادة الاستقلال، وكان وزير خارجية من قبل عشر سنوات تقريباً.
لكن، تعصف المشكلات، والمنافسات، والفساد، والفوضى بالحكومة، وبالبلاد...
ومن المفارقات، أيضاً، أن جمود العمل الوزاري صارت له محاسن:
أولاً: عندما لا يعمل الوزير، لا يتعدى على مسؤوليات وزير آخر.
ثانياً: عندما يحس الوزير بأن أي خطوة يخطوها فيها مغامرة، يميل نحو عدم المغامرة.
لكن، طبعاً، يحتاج العمل الحكومي إلى مبادرات ومنافسات للإنجاز، ولتحقيق الأهداف التي بسببها جاء الحكام إلى الحكم. لهذا، يمكن إطلاق وصف "دو ناثنق قفرنمنت" (حكومة لا تعمل أي شيء) على حكومة محجوب..."
--------------------
انقلاب عسكري؟:
"... نعم، حكومة محجوب عمرها أقل من سنة. ونعم، الوقت بالنسبة للسودانيين ليس مهماً كما هو بالنسبة لشعوب أخرى. لكن، لا يوجد ما يدعو لتوقع إنجازات كبيرة لهذه الحكومة، مهما طال عمرها. بل لا يوجد ما يدعو لتوقع عمر طويل لها...
ما هي البدائل؟
أولاً: حكومة قومية، تضم حزب الشعب الديمقراطي، ولكن ليس الشيوعيين.
ثانياً: حكومة حزب الأمة بالتحالف مع أحزاب صغيرة، مثل أحزاب جنوبية.
ثالثاً: انتخابات تزيد أسهم الحزب الوطني الاتحادي، وحزب الشعب الديمقراطي، وأزاب ليبرالية أخرى.
رابعاً: انقلاب عسكري، يقوم به ضباط مؤيدون للوسط (الاتحاديين)، أو لحزب الأمة، أو لحزب الشعب الموالي لمصر، أو للشيوعيين. بالنسبة للاحتمالين الأخيرين، يمكن أن يكونا واحداً، أي تحالف الشيوعيين والموالين لمصر...
هل هذا النظام الديمقراطي في خطر؟
لن تقدر الحكومة الديمقراطية الحالية على الاستمرار ما لم يظهر قادة جدد. ويوجد احتمال ظهور قادة جدد. لكن، لا يوجد تأكيد بأنهم سيكونون أحسن من القادة الحاليين...
في كل الحالات، بالنسبة لنا، ولمصالحنا، هذه حكومة اأفضل مما يمكن أن يحدث حسب البدائل السابقة الذكر. رغم أنها تستمر "ماضيلينق" (في الفوضى). لكن، سيكون سبب دمارها هو "ماضيلينق" هذا.
لهذا، تقتضي مصلحتنا، في البداية، أن تستمر حكومة محجوب هذه. ثم بعد ذلك، أن تحقق إنجازات أساسية. وبهذا، تكون عاشت، وتكون فعلت شيئاً...
نقول هذا لأنه جزء من هدفنا الكبير، وهو:
أولاً: وحدة الوطن.
ثانياً: النظام الديمقراطي.
ثالثاً: صداقة معنا، ومع بقية الدول الغربية.
رابعاً: علاقات طيبة مع الدول المجاورة، مع منع سيطرة المصريين..."
--------------------
انقسام حزب الأمة:
"... لا تواجه حكومة محجوب فقط الانقسام بين الحزبين الحاكمين، الاتحادي والأمة، ولكن، تواجه، أيضاً، الانقسام داخل كل من الحزبين. غير أن الانقسام داخل حزب الأمة أكبر وأخطر، بالنسبة للحزب، وبالنسبة للحكومة، وبالنسبة للنظام الديمقراطي...
صار واضحاً الاختلاف الأساسي في حزب الأمة هو بين جيلين: القديم والجديد. وبين فكرتين سياسيتين: تقليدية وليبرالية. وبين نوعين من الأحزاب: طائفية وحديثة. هذا هو الاختلاف بين الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة، وبين عمه الهادي المهدي، إمام طائفة الأنصار الإسلامية...
بالنسبة لنا، ولمصالحنا، تظل طائفة الأنصار تشكل أساس العمل السياسي والفكر
السياسي في السودان، وتحرص على عدم انزلاق السودان نحو طريق متطرف غير مسؤول (يساري، شيوعي، ناصري).
صار واضحاً أن الصادق يتمتع بتأييد عدد كبير من نواب حزب الأمة في البرلمان (الجمعية التأسيسية). لهذا، يوجد احتمالان:
أولاً: يتفق الصادق مع عمه على التخلص من رئيس الوزراء محجوب. ويصير الصادق رئيساً للوزراء. ويدخل وزراء من جناح عمه الإمام.
ثانياً: يتحالف الصادق مع الحزب الوطني الاتحادي، ويسقطا وزارة محجوب، ويشكل الصادق وزارة مع الاتحاديين...
نرى نحن أن الصادق قليل الخبرة ليكون رئيسًا للوزراء. لكن، يمكن أن تكون حكومته أقوى من حكومة محجوب الحالية. وبهذا، يمكن أن يخدم أهدافنا السابقة الذكر. ويؤمن دولة موحدة، وسلاماً في الجنوب، وفرص تطور اقتصادي، وسياسة خارجية تقوم على الوطنية، وعدم الانحياز، والأساس الإسلامي القوي....
ونحن، في جانبنا، سنوفي بوعدنا، ونقدم مساعدات اقتصادية تساهم في تطوير السودان، ورفاهية السودانيين...."
--------------------
منافسة شخصية:
14-6-1966
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
الموضوع: انقسام حزب الأمة
"... يبدو أن أيام حكومة محمد أحمد محجوب، رئيس وزراء السودان منذ سنة تقريباً، صارت معدودة. وصار واضحًا أن التوقعات والبدائل التي أشرنا لها في رسائل سابقة تنوعت، ثم تبدلت، ثم تنوعت، ثم رست على أن الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة، سيتحالف مع الحزب الوطني الاتحادي، وسيسقطان وزارة محجوب، ويصوتان للصادق رئيساً للوزراء في حكومة مع الاتحاديين...
تقف وراء الاختلاف بين الصادق وعمه أسباب شخصية، بالإضافة إلى صراعات الأجيال، والعقائد، والنظريات:
أولاً: يرى الصادق أن عمه الإمام الهادي أقل ذكاء وقدرة من والده الراحل، الإمام الصديق، أخ الهادي.
ثانياً: يرى الصادق أن محجوب ليس من عائلة المهدي، وبالتالي، لا يجب أن يقف في وجه زعيم من العائلة، هو هو.
ثالثاً: يرى الصادق أن الحزب الوطني الاتحادي الحليف يعاني أيضًا من سيطرة الجيل القديم، بقيادة إسماعيل الأزهري، رئيس مجلس السيادة، وأن وصول الشباب إلى قيادة حزب الأمة سيساعد شباب الاتحادي على الوصول إلى قيادة حزبهم...
قبل هذا وذاك، يرى الصادق نفسه زعيماً فريداً من نوعه، ليس فقط في السودان، ولكن أيضًا، في الدول المجاورة، العربية والإسلامية. يرى نفسه جمع الآتي:
أولاً: بالمقارنة مع قادة مصر، هو ليس عسكرياً. لكنه مثقف درس في الغرب (عبد الناصر عسكري، ولا يمكن اعتباره مثقفاً، ولم يدرس في الغرب).
ثانياً: بالمقارنة مع قادة السعودية، هو "أمير" بحق وحقيقة. لكنه مثقف درس في الغرب، ولم يدرس في مدارس الوهابية الدينية. وأيضًا، لا يعتمد على زعماء دينيين (مثل اعتماد الأمراء السعوديين على زعماء الوهابية) لأنه هو، بحق وحقيقة، زعيم ديني.
ثالثاً: بالمقارنة مع قادة سوريا أو العراق، يرى نفسه ليبراليا، أو حتى تقدمياً، ولكن في نظام ديمقراطي، وليس في نظام انقلابي، أو عسكري..."
--------------------
توقع سقوط حكومة محجوب:
"... حسب معلوماتنا، من قادة جناح الإمام الهادي المهدي: عبد الحميد صالح، محمد داؤود الخليفة، ميرغني حسين زاكي الدين، كمال عبد الله الفاضل المهدي (ابن عم الصادق، وابن أخ الإمام).
من قادة جناح الصادق: عمر نور الدائم، محمد الحلو موسى، أحمد بخاري، أحمد إبراهيم دريج...
ويبدو أن أمين التوم يتأرجح بين الجناحين. وكان هو الذي ترأس لجنة لراب الصدع بين الجناحين داخل البرلمان، بعد أن كثرت تصريحات النواب الموالين لهذا، أو ذاك. في ذلك الوقت، مالت لجنة أمين التوم نحو الصادق المهدي. وكانت اللجنة واجهت عدة خيارات، تبدو بعضها متناقضة:
أولاً: يختار راعي حزب الأمة رئيس الحزب ورئيس الوزراء.
ثانياً : يختار نواب الحزب رئيس الحزب ورئيس الوزراء.
ثالث: يختار راعي الحزب رئيس الحزب، ويختار نواب الحزب رئيس الوزراء.
رابعا: يختار راعي الحزب رئيس الوزراء، ويختار نواب الحزب رئيس الحزب...
الآن، الوقت مبكر لتحديد ما سيحدث. لكن، يبدو أن ثلثي نواب الحزب يؤيدون الصادق، ويؤيد الثلث عمه الإمام. لهذا، نتوقع، خلال أسابيع قليلة، سقوط وزارة محجوب، الذي يظل يؤيد الإمام، وتحالف الصادق مع الاتحاديين لتشكيل حكومة جديدة برئاسته..."
--------------------
الأسبوع القادم: حكومة الصادق المهدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.