بعض الولاة والوزراء يعيشون أياما عصيبة وينتظرون على أحر من الجمر، وربما لا تُغلق هواتفهم وتظل ممتلئة بالطاقة الكهربائية، أملاً أن يتلقى أحدهم مهاتفة من مكتب الرئيس تُخبره بتجديد الثقة فيه مع الاحتفاظ بوزارته في الحكومة القادمة، أو الصدمة الصاعقة بقرار المغادرة وتسليم المكتب والسيارات والعز الذي كان فيه.. هذه اللحظات العصيبة ظل يعيشها الدستوريون منذ مجيئهم إلى مقاعد الوزارات والولايات، ويزيد التوتر تسريبات القوائم التي تحمل أسماء جديدة وتُبقي على بعض الأسماء القديمة. وعلى طريقة عادل إمام في مسرحية شاهد ماشافش حاجة " أنا إسمي مكتوب"، يكتفي أحدهم ويصنع لنفسه طمأنينة ربما تنجلي بعد ساعات. فعلياً ، بدأ الحديث يتكاثف بشأن ملف تعيين الولاة من جهة وملامح الحكومة القادمة التي تنتظر فقط تنصيب الرئيس.. هي ذات الملامح البائسة والتي ربما يزيد بؤسها في هذه "التشكيلة" القادمة. كل مرة نسمع ونقرأ أن الحكومة القادمة لن يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، كل مرة تقرأون أن الحكومة القادمة ستأتيكم مبرأة من عيوب كل الحكومات التي سبقتها، المؤكد أن الشارع زهد في أن يُحظى بحكومة جديدة يُمكن أن تُعبر عنه، أو حتى تشعر بما يشعر ، خاصة أنها تتجدد في نظام ثابت، لكن الشارع الذي زهد يترجى قادته أن تكون الحكومة القادمة محدودة الوزراء والوزرات يريد حكومة Slim & Lift بدلاً عن هذه الكثرة البائسة، يريد حكومة لا تكلفه فوق ما هو متكفل به الآن ..إن الترويج باستمرار لحكومة جديدة تختلف عن الأخريات بات حديثاً محفوظاً لدرجة أن العبارات ذاتها ظلت ثابتة على مدى خمس حكومات تشكلت وكل واحدة منهن كانت عبئا ثقيلا على ظهر المواطن،.. الترويج المستمر الذي يسوقه المؤتمر الوطني هذه الأيام لتشكيل حكومة أعرض من العريضة، وأعرض مما تتخيلون لضم كل الأطياف ماهو إلا حديث لكسب المزيد من الوقت ومحاولة امتصاص الغضب، لأنه يعلم أن أي حكومة جديدة في ظل الوضع الراهن وإن كانت منزلة من السماء ستزيد الوضع تعقيداً. هم يفكرون في كيفية الوصول إلى ترضيات سياسية تجذب أكبر عدد من المعارضين، بينما الشارع يُفكر في كيفية مجيء حكومة متعاطفة مع الوضع الاقتصادي المتردي وألا تُحمل الشارع ما لا يحتمله.. شكلوا حكومتكم كما تشاءون، فقط رفقاً بوضع المواطن الذي لم يعد بإمكانه أن يتكفل بكم أكثر مما فعل. التيار