رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    المريخ فِي نَواكْشوط (يَبْقَى لحِينَ السَّدَاد)    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    اردول: افتتاح مكتب ولاية الخرطوم بضاحية شرق النيل    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    المريخ يكرم القائم بالأعمال و شخصيات ومؤسسات موريتانية تقديرًا لحسن الضيافة    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    برمجة دوري ربك بعد الفصل في الشكاوي    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    مجلس إدارة جديد لنادي الرابطة كوستي    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تخطف الأضواء بإطلالة مميزة مع والدتها    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    ترامب يبلغ نتنياهو باحتمال انضمام أمريكا إلى العملية العسكرية ضد إيران    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    كيف أدخلت إسرائيل المسيرات إلى قلب إيران؟    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    تنفيذ حكم إعدام في السعودية يثير جدلاً واسعًا    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر ممنوع الاقتراب منه.. المبيدات ... صناعة الموت (34)
نشر في الراكوبة يوم 16 - 05 - 2015

لم يجد الفتى محمد أحمد صاحب ال(11) ربيعاً غير أبيات الإمام الشافعي: (دَع الأيام تفعلُ ماتشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء ولاتجزع لنازلة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء)، يلتمس لنفسه مافيها من سلوى ويستمد ما بها من معاني الصبر ساعة تلقيه نبأ وفاة والده المصاب بالسرطان بعد عشر دقائق فقط تركه فيها لقضاء حوائج والدته التي تستشفي هي الأخرى بمستشفى الجزيرة للأمراض وجراحة الكلى، فالفتى محمد بفعل المبيدات وانتشارها في الجزيرة ظل لأكثر من ثلاثة أشهر في سعي حثيث بين مستشفى الكلى ومركز الأورام يلازم والديه المريضين، إذ شاءت الأقدار أن يكون محمد الابن الوحيد لهما؛ الأمر الذي أجبره على التعاطي مع مرحلة أكبر من سنين طفولته التي لم يعش آخر فصولها ومدرسة لم يكمل فصلها الرابع بعد، ثم أن الأمر وقع ويقع على الدوام فلا يظنن أحدكم أن ماذكرته أعلاه من مأساة عاشها الفتى محمد ويعيشها المئات من أقرانه من نسيج الخيال، بل هي قصة واقعية لفتى قابلناه عند مدخل المعهد القومي لعلاج الأورام بولاية الجزيرة يردد ماذكرناه آنفاً بعد مصابه الجلل بفقدان والده وإصابة والدته بمرض الفشل الكلوي، اذاً هي الأخرى تتحسس طريق زوجها.
ضرورة
إن ما وقع على محمد وأسرته يقع على مئات الأسر بولاية الجزيرة بسبب ماتردد عن الاستخدام المفرط للمبيدات بالولاية والربط بين زيادة حالات السرطان والفشل الكلوي وشيوع استخدام تلك المبيدات، وليقين صحيفة (أول النهار) بأن هذه الممارسات الضارة بصحة الإنسان والحيوان ترقى لمستوى الجريمة أولها تبعاتها الوخيمة عاجلاً وآجلاً كان لابد من التصدي لها والتعامل معها بالجدية التي تستحقها، لذا حزمنا حقائبنا ويممنا وجوهنا صوب ولاية الجزيرة لمعرفة حقيقة الأمر والوقوف عليه عن قرب بُغية تنبيه من يقومون على أمر البلاد والعباد؛ وقبل الوصول للولاية سبقتناً إليها جُملة من الأسئلة جال بها الخاطر واشتعل بها الرأس، عن العلاقة أولاً بين ارتفاع معدل انتشار السرطان والفشل الكلوي بالاستخدام الكثيف للمبيدات؟ وإلى أي مدى يمكن أن تسهم تلك المبيدات في زيادة انتشار السرطان والفشل الكلوي؟ وقبل الاجابة على هذين السؤالين كان لزاماً علينا التوقف عند محطة المبيدات وقبل البحث عن تلك العلاقة الرابطة بينها والسرطان، والاجابة على التساؤلات أعلاه نرى إنه من الضروري ايجاد إجابات شافية للاستفهامات التي سنطرحها أدناه، ولاعتقادنا أن الاجابة عليها ستوصلنا حتماً لجواب شافٍ للقضايا أعلاه، وهي على شاكلة متى بدأ استخدام المبيدات في مشروع الجزيرة؟ وماهي الكميات التي يستخدمها المشروع من المبيدات سنوياً؟ وما حقيقة ما أشيع عن وجود مدافن للمبيدات وطائرات الرش وسط القرى والمجمعات السكنية؟ وهل ثمة وجود حقيقي للمبيدات وتجارتها بالقرب من أماكن بيع الأطعمة كما يقال؟ وكيف يتعامل المزارعون مع المبيدات؟ وماحقيقة مايُشاع عن اختفاء كميات كبيرة من المبيدات المسرطنة من مخازن مشروع الجزيرة مؤخراً؟ ومن هو المسؤول عن تقنين تجارة المبيدات هذه ؟ ومن أجل إثبات ذلك كان لزاماً علينا التحري في صحة كل تلك المذكورات، فكانت محاور هذا التحقيق زيارة مدينة الحصاحيصا حيث المدفن، ثم منطقة السوق المركزي مكان تواجد متاجر المبيدات، ومن ثم التوجه إلى رئاسة المشروع حيث المخازن والطائرات، وختاماً زيارة بعض المزارعين في حقولهم، لكن قبل كل هذا وذلك لابد من القاء نظر سريعة على المبيدات من حيث تاريخ استخدامها في المشروع وارتباط مزارعي الخضروات بها، وبعد أن وقفنا في حلقة أمس على البداية الفعلية لاستخدام المبيدات بمشروع الجزيرة ومن ثم عرضنا ما قمنا به من جولات على كلنا من الحصاحيصا ومطار بركات.
مواصلة
توقفنا في الحلقتين السابقتين من هذا التحقيق والحلقة الثانية تحديداً عند محطة المزارع المتهم بحسب ماتحصلنا عليه من معلومات سبقت فى مقدمة التحقيق فى الاستخدام غير المرشد للمبيدات، نرى هنا أنه من الضروري مواصلة التطواف مع المزارعين، سيما بعد ظهور ثقافة جديدة وسط مزارعي الخضر وهي الخلطات، إذ درج بعض المزارعين على المزج بين أكثر من سبع أصناف من الأدوية ومن ثم خلطها فى إناء واحد ومن ثم تستخدم في رش الخضراء، وعن السند العلمي الذي يتبعه المزارعون في إجراء مثل هذه الخلطات جلسنا إلى العم سليمان أحمد مزارع بمنطقة ود النور، حيث قال ل(أول النهار) إنهم يعتمدون في ذلك على التجربة فقط أي أنهم يخلطون عدداً من المبيد ومن ثم يرشون بها الخضر فاذا أثبتت تلك الخلطة فعالية تصبح متداولة بين المزارعين، غير أن هذه الطريقة الخالية من السند العلمي أوجدت نوعاً من الحشرات ذات مقاومة عالية للمبيد بحسب الخبير في هذا المجال البروفسور نبيل حامد حسن، ومؤكداً ل(أول النهار) أنه بفضل اعتماد المزارعين على مبيدٍ بعينه في عملية المكافحة منح ذلك للحشرات مساحة لايجاد نوع من المقاومة؛ الأمر الذي ضاعف التكلفة على المزارع سيما بعد ارتفاع أسعار المبيدات، نقطة أخرى بدت لنا من خلال الزيارة إلى الحقول أن بعض المزارعين يخلطون المبيدات بأيديهم ويستخدمون الأواني التي تستخدم في أغراض الأكل والشرب كما مبيّن من خلال الصورة المصاحبة للتحقيق، فضلاً عن وجود فئة من صغار المزارعين يستخدمون فروع الأشجار للرش بدلاً من الطلمبات المخصصة لذلك الأمر الذي يؤدي إلى تسمم الكثير منهم، خصوصاً مع انعدام الوعي إذ يستخدمون المبيدات بصورة غير عملية، لاعتقادهم بأن زيادة الجرعة تؤدي إلى زيادة الإنتاج، وعن التأثير البيئي الذي يمكن أن يسببه هذا الاستخدام المفرط للمبيدات جلسنا للخبير في مجال وقاية النباتات يوسف آدم دين والذي قال إن الاستخدام المكثف للمبيدات أدى إلى آثار بيئية خطيرة بالولاية، وحقق نوع من الخلل في التوازن البيئي حيث أثر على عدد كبير من الحشرات بما فيها المتطفلات التي تلعب دوراً كبيراً في حفظ التوازن البيئي، لافتاً إلى أن لجوء المزارعين للرش وبصور غير مرشدة أفضى إلى القضاء على الأعداء الطبيعيين للحشرات والآفات المفيدة مثل النحل الذي يساهم فى عملية نقل حبوب والتلقيح، الأمر الذي يستوجب اجراء الدراسات والبحوث للمعالجة من شأنها أن تحافظ على البيئة بحسب دين، ثم أن أمر الإفراط في استخدام المبيدات بحسب رجل وقاية النباتات قلل من حظوظ الخضراوات السودانية من المنافسة في الأسواق العالمية لكونها تحتوي على كميات كبيرة من المبيدات التي قد تبدو واضحة من خلال تناولها طازجة.
المخازن
كل الذي قيل عن المبيدات وتهريبها وارتباط كلمة تهريب على الدوام بمخازن المشروع الجزيرة حتم علينا الذهاب إلى حيث تُقام هذه المخازن للوقوف على الأمر في طبيعته رغم صعوبة الأمر وجملة المخاطر التي يمكن أن نجابه بها لأننا توكلنا على الله وقصدنا تلك المخازن والتي رأينا بها العجب العجاب بدلاً من تهالكها وعدم وجود الحراسة الكافية في ظل غياب الأسوار الأمر الذي أدى في اعتقادي إلى السرقات المتكررة للمبيدات من داخلها، فضلاً عن أن هذه المخازن ليست خاصة بالمبيدات وحسب، بل تخزن في مخازن متعددة بالرئاسة والأقسام والتفاتيش بجانب محزونات أخرى، وبعد الهيكلة تم تجميع وتركيز هذه المبيدات بكل من الحصاحيصا والرئاسة بركات لأن المخازن الفرعية مازالت متأثرة من جراء المخزونات السابقة وقد يكون هنالك متبقٍ.
إلى جانب تمدد السكن بالقرب من المخازن حتى أصبحت المخازن على مسافة قريبة من المساكن بخلاف ما نصت عليه اللوائح في أن تكون المخازن بعيدة عن السكن بمقدار 5 كيلومترات، وفي اتجاه معاكس للرياح، علاوة على أن المخازن تنقصها معدات سلامة كفاية وخاصة تلك المعنية بالتعامل مع هذا النوع من المخزونات المتمثلة في أجهزة الوقاية (الأحذية، الكمامات، القفازات، الملابس الواقية)؛ كما لاتوجد أماكن خاصة لحفظ المستلزمات الشخصية التي يحملها العمال بالمخازن اللازمة، فضلاً عن أن ساحات المخازن أصبحت مرتعاً للحيوانات والكلاب الضالة، كما أنها في موسم الزراعة تصبح سوقاً رائجاً للعمال (العتالة) وبائعات الشاي والمأكولات، كما لاتوجد بها أية احتياطات لتفادي الحوادث والآثار طويلة الأمد ويتمثل ذلك في غياب التوعية للعاملين بالمبيدات ومخاطرها وكيفية التعامل السليم كذلك وانعدام الكشف الدوري على العاملين بواسطة الصحة المهنية، فالخطورة تمكن في التسمم التراكمي البطئ الذى يؤدي إلى الوفاة بعد فترة طويلة.
الكارثة
كشفت جولة قامت بها (أول النهار) لمخازن المشروع عن اختفاء أكثر من (100) مخزن للمبيدات بمحتوياتها، حيث لم يبقَ منها سوى آثار المبيدات على الأرض، فيما أكد البروفسور نبيل حسن حامد المكلف من قبل تجمع (استاك هوم) التابع لبرنامج اللأمم المتحدة البيئ للتخلص من المبيدات صحة المعلومة، وقال ل(أول النهار) إن الأمم المتحدة كلفته بحصر شامل لكمية المبيدات الفاسدة الموجودة في السودان بغرض التخلص منها، وأنه قام في العامين 2004 2005 بحصر شامل لكل مخازن المبيدات في البلاد والتي بلغت عدد 345 مخزناً موزعة على كل ولايات البلاد، منوّهاً إلى أن كميات المبيدات الفاسدة التي تم إحصائها تقدر ب(250) طناً و(800) طن من البذور المعفرة بالمبيدات فضلاً عن (10) طن من التربة الملوسة، لافتاً إلى أن الحصر أسفر عن إحصاء أكثر من (104) مخزن للمبيدات بمشروع الجزيرة، مشيراً إلى أن البرنامج توقف بسبب التمويل، وأن الأمم المحتدة خاطبتهم في آخر العام 2014 بخصوص تنفيذ مشروع التخلص، منوّهاً إلى أنهم عندما ذهبوا من أجل تجديد معلومة الإحصاء الخاصة بمخازن المشروع لم يجدوا سوى أربعة مخازن من جملة ال(104) مخزناً التي تم حصرها، معرباً عن استغرابه من الذي حدث، ومضى قائلاً " لم نجد شيئاً حتى الجمالونات تم تفكيكها واختفى مابها من كمر وزنك، مشيراً إلى مخاطبتهم إدارة المشروع وحكومة ولاية الجزيرة بخصوص المخازن، وأن إدارة المشروع وحكومة الولاية قالوا إنهم لايعرفون عنها شيئاً على حد تعبيره، وحذر من كارثة بيئة ستحدث في الجزيرة في غضون العامين القادمين لكون المبيدات التي اختفت من مخاون المشروع من نوعية المبيدات ذات الأثر الباقي المعروف عنها تسببها في مرض السرطان، كاشفاً عن مخاطبته الأمم المتحدة بالصدد مصحوباً بتقرير مزود بالصور يحكي تفصيلاً عن الذي حدث، وفي السياق كشف رئيس وحدة التفتيش بوقاية النباتات بولاية الجزيرة د سلوى وقيع الله عن ضبط كميات كبيرة من المبيدات المهربة من داخل مخازن مشروع الجزيرة بواسطة قوى تتبع لقسم شرطة طابت الشيخ عبدالمحمود، وقالت في حديثها ل(أول النهار) إن إدارة القسم أخطرتهم بتوقيف هذه الكميات من المبيدات وهي عبارة عن براميل مليئة بالمبيدات، مشيراً إلى أن الإدارة تحركت صوب القسم ووجدت المضبوطات ملقاة في العراء، وبدا عليها أثر التسرب بفعل عوام التعرية، وأنهم أعدوا برنامجاً للتخلص منها بسبب خطورتها على الإنسان والحيوان، لكل هذا وذلك كان لزاماً علينا مواجهة إدارة مشروع الجزيرة بكل الكم الهائل من المعلومات التي جمعناها عن المبيدات بولاية الجزيرة وتحميل كل من قابلناه من ذوي الخبرة والاختصاص إدارة مشروع الجزيرة مسؤولية مايحدث من انفراط في عقد الاستخدام الأمثل للمبيدات، وجهتنا كانت إلى حيث مكتب مدير وقاية النباتات بمشروع الجزيرة عبدالعاطي سليمان والذي بدا لنا منذ الوهلة الأولى لدخول مكتبه قمة العشوائية والهمجية التي يدار بها شأن المبيدات في المشروع، انطلاقاً من عدم تقيد الرجل وقوته العاملة بعامل الزمن، إذ يبدأ الرجل وجماعته في الحضور إلى المكاتب عند العاشرة صباحاً، انتهاءً بالعفوية التي يتعاملون بها في توزيع المبيد، مروراً بالطريقة العشوائية التي يتعامل بها في توزيع حصة المبيد، اذ كنا حضوراً لاجتماع أقامه الرجل في مكتبه على عجل لمناقشة احتياجات التفاتيش من مبيدات مكافحة آفات القمح، حيث اكتفى الرجل بالاتصال الهاتفي على المفتشين فى الغيط يطلب منهم تحديد احتياجاتهم من المبيد شفاهةً وعبر التلفون دونما مكتوب رسمي يحدد المستلم للكمية والمسؤول عن تصريفها وإرجاع متبقٍ منها، بل وما كان واضحاً لنا إلحاح الرجل على من يتصل بهم تحديد مايكفيهم وزيادة من المبيد حتى لايعودوا للطلب مرة أخرى، ويأمر في الحال سائق العربة بترحيل المبيدات لمن يطلبونها دونما أية مكاتبات تثبت حق الجهة التي سيذهب إليها المبيد، الأمر الذي يؤكد صحة مايقال عن أن مصدر التهريب الأول للمبيدات في ولاية الجزيرة هي مخازن المشروع، إذ أن الطريقة التي يتعاملون بها في شأن المبيدات تجعل المشروع ومخازنه نهباً لأصحاب النفوس الضعيفة ممن لايخشون الله ولايبتغون رضا أحد عنهم سوء نفوسهم المريضة، المهم في الأمر أن وضع كل المعلومات التي تحصلنا عليها والاتهامات الموجهة لإدارته، فما كان من الرجل إلا وأن نفض يده عن كل الذي قيل سيما مسألة اختفاء المخازن المائة وما تحتوي من مبيدات، وقال ل(أول النهار) إن تلك المخازن تخص وزارة المالية وأن مايلي المشروع من مبيدات تم تحويله إلى مخازن المشروع في بركات، ونفى سليمان صحة ماتردد عن تسرب مبيدات من المشروع للأسواق؛ وقال إن مخازن المشروع عليها رقابة مشددة وبواسطة حراسة مسلحة.
نتائج
من خلال الجولة التي قمنا بها لولاية الجزيرة والتي طفنا من خلالها ولأكثر من ثلاثة أيام المناطق المتهمة بالتسبب في انتشار مرض السرطان لما عُرف عنها من تجاوزات في استخدام المبيدات، فكان أن ثبت لنا بالدليل القاطع تلك النقاط أدناه:
1 اختفاء (100) مخزن للمبيدات من مشروع الجزيرة بمحتوياتها من مبيدات صالحة للاستخدام وأخرى فاسدة أوصت الأمم المتحدة بالتخلص منها، فضلاً عن التهريب الدائم للمبيدات من مخازن المشروع للسوق سيما الأسواق الطرفية، في ظل ضعف الرقابة سواء من وقاية النباتات المركزية أو وزارة الزراعية أو السلطات المحلية.
2 العشوائية التي تتعامل بها إدارة مشروع الجزيرة ووقاية النباتات تحديداً ساهمت في تفاقم خطر المبيدات على الإنسان والبيئة في الولاية.
3 بعض ضباط الصحة في محاليات الولاية والعاملين في مجال مكافحة الباعوض يقومون بتهريب مبيد(الفيكام) المخصص لرش المنازل من الباعوض وبيعه في الأسواق، حيث يتم استخدامه في رش محصولات البصل والطماطم رغماً عن تحريمه دولياً لتسببه في مرض السرطان.
4 تواطوء بعض الجهات الرسمية مع مهربي المبيدات في منطقة السوق المركزي تحديداً بحسب مدير وحدة التفتيش بوقاية النباتات.
5 انعدام الوعي لدى المزارعين حيث يستخدمون المبيدات بصورة غير عملية، لاعتقادهم بأن زيادة الجرعة تؤدي إلى زيادة الإنتاج الأمر الذي أدى إلى الاستخدام المفرط للمبيدات وبعضهم يخلطون المبيدات بأيديهم ويستخدمون الأواني التي تستخدم في أغراض الأكل والشرب، كما أن هنالك فئة من صغار المزارعين يستخدمون فروع الأشجار للرش بدلاً من الطلبمات المخصصة لذلك الأمر الذي يؤدي إلى حدوث حالات تسمم للإنسان والحيوان، فضلاً عن أن المزارعين لايكترثون لفترة الأمان التي يحتاجها المبيد للزوال من الخضار، فبعضهم يجني المحصول لحظة رشه.
6 الكثير من محلات بيع المبيدات تقع بالقرب من البقالات والمطاعم والكافتريات ومحال بيع اللحوم والخضار ولاتتوفر فيها الشروط المنصوص عليها كما هو الحال في منطقة السوق المركزي.
7 عدم اهتمام المسؤولين بالمحليات بخطورة هذه المبيدات وتدوالها؛ إذ أن الهم الأكبر للمحليات جباية الايرادات لذا يتم التصديق واصدار الرخص التجارية لممارسة هذا العمل دون التقيد بمتابعة تنفيذ اللوائح المنظمة له.
8 وجود عدد من المطارات بالقرب مساكن المواطنين سيما المطار الواقع جنوب بركات رئاسة المشروع.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.