إبتدعت(حبوبة)السودانيات فكرة(الختّة)وهي الإدخار علي الطريقة السودانية،بالشكل الذي يتيح حل المشكلات المادية بتلك الصورة العجيبة.ومع الزمن صار إسم (الختة) صندوق،وله مسؤولة إسمها أمينة الصندوق،وفيه قرعة تحدد أسبقية الصرف للمشتركات،وفيه قوانين صارمة تحفظ لكل ذات حق حقها. وجاء زمن صارت فيه الصناديق(مختلطة)رجالاً ونساء،وبخاصة في المصالح الحكومية،ولدي(سواقين)الحافلات صندوق،وللكماسرة(صنيديق)،والصرفة إما أسبوعية أو شهرية أو يومية،بحسب نوعية مشتركي الصندوق. وفي كل هذه الأشكال الصندوقية تتساوي الحقوق والواجبات،فليس هناك رئيس ومرؤوس ولا فيتو علي القرار الذي يتخذ بصورة ديمقراطية . وفي زمن أغبر تلقفت الفكرة الإمبريالية العالمية،فكونت صندوق النقد الدولي،ولكنها أصبحت صاحبة القرار،وبقية الدول الفقيرة ليس عليها إلا السمع والطاعة.تأمر الإمبريالية،فينفذ أوامرها التابعون،ومنهم السدنة والتنابلة الذين يحكمون بلادنا عن طريق الإنقلاب العسكري منذ 1989 . وظن التنابلة الحرامية ذات يوم أن فكرة الصندوق من بنات أفكار دولة(الغساسنة)،فحولوا الهيئات الحكومية ذات الأموال الوفيرة إلي صناديق تغرد فوقها (البطاريق)،وهكذا رأينا كيف تحولت مصلحة المعاشات إلي صندوق،ومؤسسة التأمينات الإجتماعية إلي صندوق،ووزارة الإسكان إلي صندوق،حتي وصل الأمر إلي هيئة الإمدادات الطبية التي صارت صندوق(في شكل سلجوق)،ومن لا يعرف السلجوق،فهو قطعاً لا يعرف الطايوق. وبمناسبة الطايوق،فقد قال وزير مالية السدنة يوماً ما في الرد علي المطالبين بتخفيض أسعار الرغيف(ما ياكلوا كسرة)،وهو لم يكن يدري أن سعر (طرقة)الكسرة أغلي من الرغيفة،وأن جيل اليوم لا يعرف الطايوق ولا أم شعيفة. يحب السدنة الصناديق وأمورها المشتبهات،لأن الأموال تدور فيها عكس دوران عقارب ساعة المراجع العام،ولأن أورنيك(15)لا مكان له من الإعراب فيها،كما أن ضوابط الصرف المالي والمشتروات،والتعيينات لا تعرف طريقها للصناديق التي في طرفها(شوالات). قالت القصص يوماً أن صندوقاً من هؤلاء إشتري (أطنان) من السكر لتخزينها وبيعها للناس بالسعر الغالي في رمضان(وهي حرمنة علي كل حال)،فلما أتي رمضان يمشي علي قدميه،هبطت أسعار السكر بفعل إغراق السوق بالسكر المستورد (وربما الذي يشع نووياً)،فاحتار الصندوق،ولكن أحد الحرامية(الكبار) إشتري كل مخزون الصندوق بسعر مغري،مقابل قطعة أرض تم رهنها للصندوق لحين تسوية الحسابات،فطلعت القطعة (مضروبة)..لا ريد لا غرام لا خطوبة . ومن ما سمعناه أن الصندوق الجديد(الطبي)يمكنه حتي أن يستورد الأدوية غير المسجلة بالسودان،وهذا هو بيت القصيد،فالأدوية لا تسجل اعتباطاً حسب فهمي المتواضع،والعالم يعج بأصناف الدواء المغشوش والردئ أو الذي انتهت صلاحيته،ولكن لا صوت يعلو فوق صوت الصندوق. كل قرار تصدره الإنقاذ،لا بد أن يكون من ورائه مستفيد أو تنبل،شعاره (أنهبني وتحلل)،صندوق للدواء وصندوق للبصل،وصندوق مقفول في بطن(عتود أو حمل)، وتماسيح تنهب الجمل بما حمل،والمزمزم ضرب مثل(صندوق معطون في عسل). [email protected]