حصرياً علي السدنة والتنابلة ملايين الجنيهات تخصم من العاملينن بالدولة والقطاع الخاص شهرياً لفائدة التأمين الصحي.وشركات حكومية ومؤسسات مدنية ونظامية تتعاقد مع مؤسسات صحية خاصة بمبالغ طائلة لعلاج منسوبيها. والخزينة العامة فوق هذا تدفع الكثير من الأموال لبند التأمين الصحي كما هو واضح في كتاب الميزانية. وتتنوع بطاقات التأمين الصحي،بحسب المنصب والجاه،والقدر المدفوع من المال لكل بطاقة(ذهبية أو vip وخلافه). الفقراء ذوي البطاقات(العادية) يقفون في الطوابير الطويلة لمقابلة طبيب الإمتياز،وليس الأخصائي،ودونهم ودون الإختصاصيين حواجز وأسوار،إن تمكنوا من الوقوف أمام أي طبيب فالروشتة تكتب من أصناف الدواء الرخيص،والردئ،ومن كان مرضه يتطلب الدواء الغالي والفحص المعقد فعليه أن يتجه للصيدليات والمعامل الخاصة.وبطاقات الفقراء مقبولة فقط عند مستشفيات محددة متواضعة،وأمام دكاترة بعينهم. وفي العديد من الأحيان،ترفض المستوصفات والصيدليات التعامل ببطاقات الفقراء لأن الخدمة متوقفة بسبب مشاكل بينها وبين شركات التأمين الطبي. أما بطاقات الوجهاء(وهم في الغالب منسوبو الحزب الحاكم)،والتي تدفع أقساطها جهات رسمية،فهي مقبولة في مستوصفات بدرجة خمس نجوم،وتتيح لأصحابها مقابلة الإختصاصيين في أي مجال،وأصحاب هذه البطاقات يتمتعون بالعناية الطبية القصوي،لا يقفون في أي طابور،بل يدخلون لغرف العناية المكثفة لو أصيبوا بنزلة برد مثلاً. ولو تعذر علاج الوجهاء هنا،فبطاقاتهم تتيح لهم العلاج بالخارج،ويمكنهم الحصول علي الدولار بالسعر الرسمي،وربما كانت تذكرة الطائرة من مال الشعب أيضاً. وهكذا صار العلاج طبقياً في بلادنا،فلا مجال للفقراء لتلقي العلاج الكافي أو الحصول علي الدواء المطلوب عن طريق التأمين الصحي،وليس بامكانهم الذهاب للمستشفيات الحكومية(التي مسحتها الإنقاذ من علي وجه الأرض)،ومامن سبيل أمامهم سوي(الشحدة)من مال الزكاة،بعد طول مرمطة،أو التداوي بالقرض والأعشاب إلي حين أن يتوسدوا الباردة في (أحمد شرفي). ولكن عرق هؤلاء الفقراء،وفائض قيمتهم،يتسلل من الخزينة العامة لمستوصفات يملكها سدنة،ولدكاترة (كيزان)،ومعامل وصيدليات مملوكة للتنابلة،والصحة تأتي في آخر سلم الميزانية،لهذا أصبح خريج كلية الطب عاطل عن العمل بأمر الإنقاذ،وخريجات كلية التمريض بائعات شاي تحت الشجر.ومع ذلك فإنك تشاهد سسترات أجنبيات في مستشفيات تتبع لجهات نظامية،ودكاترة أجانب،وعمال نظافة مستوردون من الخارج في مؤسسات صحية تصرف عليها الحكومة. العشرات من الدكاترة والكوادر الصحية،ظلوا يقاومون السدنة الذين حولوا العلاج والصحة لتجارة رابحة،وشباب تصدوا لعلاج المحتاجين بمبادرة شارع الحوادث،وصيدلانيات مثل(وسن وسعاد) يدفعن فواتير العلاج لمن لا يستطيعون،بيد أن المعركة مع حرامية الصحة طويلة،يقودها الكادحون الذين تسرق أموالهم بكرة وأصيلا،والفقراء الذين لا يملكون ثمن علبة الدواء (الجميلة ومستحيلة). أيها المشتكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا. [email protected]