عندما وردت في مقالة سابقة إن سوء حظ انقلاب مايو69 أو ثورة مايو2يونيو كما اسماها الموكب الذي نظمه يومها الحزب الشيوعي إن سوء حظه في توقيته الذي سبق المؤتمر العام بشهرين وهو المؤتمر الذي كان مقررا له أن يحسم أمر المنشقين عن الحزب وفصلهم والذي لوتم في موعده لما ساءت العلاقات وتوترت بين الحزب تحت زعامة عبدالخالق ولا استقرت الأوضاع بين الحزب ومايو ولما شهد النظام التطورات السالبة التي دفع ثمنها أو راح ضحيتها الحزب ومايو في نهاية الأمر فالمنشقين عن الحزب واللذين احكموا قبضتهم على جهاز الأمن التابع لوزارة الداخلية لم يسخروا الجهاز لرصد المعارضين للنظام وإنما سخروه لإثارة الفتنة بين قادة الانقلاب والحزب من اجل حماية وجودهم في السلطة لهذا شهد النظام تطورات خطيرة لم تقف على استدعاء عبدالخالق وقادة الحزب للتحقيق أمام المنشقين محمد احمد سليمان وسمير جرجس فلقد تطور الأمر في وقت لاحق للتحفظ على عبد الخالق في مزرعة ثم اعتقاله وحبسه تحفظيا دون توجيه أي تهمة له وتصويره كأنه يشكل خطرا على النظام كما أنهم نجحوا في إن تمتد فتنتهم لمجلس الثورة حتى تم إعفاء المقدم بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمدالله من عضويته لتتصاعد الأحداث بعد ذلك وهو ما سأعود إليه في مقالة قادمة وقبل أن أتناول فترة ما بعد اعتقال عبدالخالق وإعفاء الشيوعيين من مجلس الثورة لابد أن أشير لموقف الحزب الشيوعي من المصادرات والتأميم لأن أقاويل كثيرة مجافية للحقيقة أحاطت بهذا الحدث بينها من تنصل منها وهو طرف فيها مثل الرئيس نميرى ومنها من مارس حقده للمصريين وتعمد إن يزيف الحقائق حولها مع انه لم يكن قريبا منها في أي من مراحلها حتى يحملها لهمكما فعل الدكتور منصور خالد و بينهم من حمل المصادرة للحزب الشيوعي زورا ولأنني سبق أن تناولت موضوع المصادرة قبل أيام في هذه الصحيفة وباعتباري شاهد عاصر كل حاجة حولها تعقيبا على الحوار الذي دار بين الأستاذ مصطفى البطل و والدكتور رحمة الله عليه احمد الأسد الذي رحل عن دنيانا بعد أيام من هذا الحوار لهذا فلست بحاجة لأعيد التفاصيل حول المصادرة وإنما اقصد فقط تصحيح من زور الحقائق حولها سواء من كان طرفا فيها وأنكر علاقته بها أو ليست له أي علاقة بها وزورها من باب الغرض فأما الحزب الشيوعي والذي تعمد الرئيس نميرى في مؤلفاته عن التأميم والمصادرة أن يحملها للحزب الشيوعي وصورها إنها كانت مفاجئة له وليس له علم بها وتأكيدا لما أورده زين العابدين حول نفى النميرى علاقته بها فالحقيقة إن النميرى هو صاحب قرارات المصادرة إلا انه أراد التنصل من مسئوليته عنها لما خلع ثوب اليسار والثورية فرأى إن يلبسها للحزب الشيوعي لان خطابه هو شخصيا بعد المصادرة والتي أذاع قرارها بصوته من الإذاعة مباشرة فان خطابه في نادي العمال الخرطوم بحري وأمام القيادات النقابية شن فيه حملة عنيفة ضد عبدالخالق وأنكر عليه شيوعيته لأنه وقف ضد المصادرة واتهمه بعدم الثورية والرجعية لإدانته له لموقف النميرى البطولي لرفضه قراره بالمصادرة وذهب لان يخاطب العمال قائلا (من هو الشيوعي فينا هل هو الذي رفض المصادرة أم نحن الذين قررناها ) كما انه شخصيا هو الذي أذاع بيان المصادرة ولقد كتبته له بيدي فحمله وأذاعه بصوته وهو صاحب قرار المصادرة في اجتماع مجلس الثورة الذي كنت فيهو نائب الرقيب العام الأستاذ محمد عبدالحليم محجوب حضورا فكيف ينكره فى كتابه (النهج الإسلامي لماذا ) صفحة 103 حتى 110 حيث قال إن قرارات صدرت بالتأميم والمصادرة وكان لابد لها أن تنفذ مع انه هو صاحب قرار المصادرة بمقولته الشهيرة في اجتماع مجلس الثورة عندما قال (اقلعوا منهم أي حاجة) مدفوعا بانفعاله السياسي لتوقيع محمد عثمان صالح على بيانات الجبهة الوطنية المعارضة لمايو من لندن وما ذهب إليه هو في خطابه بنادي العمال هو عين الحقيقة والذي وجه فيه انتقادا عنيفا لعبدالخالق لرفضه قرارات المصادرة وهو ما عبر عنه عبد الخالق في لقائه التقليدي مع مجموعة من أعضاء مجلس الثورة في منزلي بالصافية وهم زين العابدين محمداحمد عبدالقادر وابوالقاسم محمد ابراهيم ومامون عوض ابوزيد وهى عين الحقيقة ولست بحاج للتفصيل لأنني تناولته قبل أيام في هذه الصحيفة بل وفى سلسلة مقالات سابقة كشاهد عيان شاف كل حاجة في كتاب أصدرته في القاهرة عام 90 تحت عنوان (25 مايو وانهيار السودان) وكان زين العابدين ومامون أحياء واطلعوا عليه في القاهرة أما الدكتور منصور خالد والذي حمل مصادرة شركة عثمان للمصريين ولعبدالناصر شخصيا وإنهم برروا القرار بسبب معلومات عن تعامل عثمان صالح مع إسرائيل لهذا وقف عبدالناصر مهللا مصفقا عندما أعلن النميرى مصادرة عثمان صالح وهذا تزوير للحقيقة خاصة وانه أورد في كتابه أندافع المصريين لمصادرة عثمان صالح التخلص منه كمنافس لشركة النصر المصرية حتى يخلو لها السوق وكل هذا كان افتراء من دكتور منصور أولا إعلان مصادرة شركة عثمان صالح تم قبل أن يحضر عبدالناصر للسودان للمشاركة في الاحتفال ب25 مايو فلقد أعلنها النميرى يوم 17مايو من الإذاعة وليس في خطابه أمام الاحتفال وعبدالناصر والذي كان خاصا بالتأميم الذي شمل بنك مصر نفسه وثانيا قرار مصادرة شركة عثمان صالح كان سببه مطاحن الدقيق التي يمتلكونها وليس نشاط الشركة الخارجي واهم من هذا كله إن شركة عثمان صالح وشركة النصر لا يتنافسان في أي تجارة أو سلعة فشركة عثمان صالح مصدرة للصمغ العربي والحبوب الزيتية والكركدى وشركة النصر ليست مصدرة لأي صنف منها لان مصر ليست دولة منتجة لها إلا إن منصور أراد أن يستثمر الفرصة ليلبس مصر التحله موقف سياسي منها قرار ألا علاقة لها به خاصة وقد كان هو شخصيا مديرا لمكتب الجنرال عبدالله بك خليل رئيس وزراء حكومة حزب الأمة الائتلافية مع حزب الشعب والذي أعلن يومها الحرب على مصر بسبب حلايب مما فض الشراكة بينه وحزب الشعب الديمقراطي فاسلم الحكم للجيش وكنب أول انقلاب في تاريخ الحكم الوطني في السودان في 17 نوفمبر 58. وكونوا معي