الرجل فى هذا العنوان لا تعنى تفرقة نوعية أو انحيازا لذلك الرجل ، بل تتناول (الرجولة) كقيمة، وفى ذات الوقت لا نقصد عدم وجود مقاومة ومعارضة جاده (الآن) داخل السودان أو خارجه وشرفاء حقيقيون يعملون من أجل التغيير الذى ما منه بد وأضحى ذلك واضحا فى كل يوم. لكننا ولكى نخرس الألسنة التى تبدأ حديثها دائما بالعبارة التى اصبحت ممجوجة وبائخة وثقيله ومملة التى ينفى فيها المتحدث علاقته بنظام (المؤتمر وطنى) لكنك ترى خشيته من سقوطه فى عينيه وفيما وراء كلماته، لا تدرى ما هو السبب فى ذلك، هل شعور بالضعف وأستسلام له، أم هى (جهوية) بغيضة، أو هو مخدوع فى (أسلامية) النظام، لذلك دائما يرى المعارضة بأنها غير جادة وغير مقنعة، لا تعجبه الجبهة الثورية .. ولا دور منظمات المجتمع المدنى .. ولا فكرة (شارع الحوادث) ولا نضالات الحزب الشيوعى أو مواقف (ابراهيم الشيخ) وحزبه (المؤتمر السودانى). المهم فى الأمر عند ذلك (المعارض – للمعارضة)، أن يوصل لمستمعيه، عبارة محفوظة ردها الف مرة، يقول فيها متسائلا "أين هى المعارضة، وهل فلان وفلان يمكن أن أقبلهم روؤساء للسودان"؟ مع أن سيادته قبل بالطاغية (عمر البشير) رئيسا عليه لمدة 25 سنة، فى طريقها للزيادة، وهو أغبى وأجهل وأفسد وأفشل خلق الله، والدليل على ذلك أنه قد شرعن (مليشيات) ارهابية، وجعلها قوات تابعة للجيش السودانى، قال قائدها برتبة اللواء: ( نريد عدالة جائرة) وهو يقصد نريد (عدالة ناجزة)! الشاهد فى الأمر المثل الصينى يقول (الألف ميل تبدأ بخطوة) وفعلا بدأت (الصين) بخطوة فى مجال الأنتاج والصناعة والزراعة والتجارة والأقتصاد، والآن دائنة لأعظم دولة فى العالم، أمريكا اكثر من " أثنين ترليون دولار"! فى هذه السانحة أستحضر آية قرآنية تسحرنى كلماتها وأتوقف عندها مليا، هى التى تقول "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً". هذه الآية لم تضرب للناس عبثا أو كى يتعاملوا معها مثل مشاهدة قصة تقرؤها، ثم تنساها بعد فترة، وأنما لكى يستفيد منها الأنسان وأن يطبقها فى نفسها وانه يمكن أن يصبح لوحده (أمة) أى شعب بجميع تكويناته وفصائله، اذا كانت لديه الأرادة وكان (صادقا) فى عمله. فالأنسان، الوطنى، المهموم بقضايا وطنه وشعبه لا ينتظر الآخرون لكى يعارضوا بالنيابة عنه، ولكى يتظاهروا ويرفضوا نظاما، لئيما وقبيحا وفاسدا وفاشلا مثل الذى يحكم السودان الآن ويسقطوه وهو يتفرج، بل يبادر من نفسه ويعارض بالطريقة التى يستطيعها وما أكثر تلك الطرق. فمن العيب والعار .. والتاريخ لا يرحم أن يتعامل الأنسان مع وطنه، وكأنه يعيش فى دولة أجنبية، لا يهمه ما يدور فيها من أحداث، يذهب الى بيته وكأنه يسكن (لوكاندة) ينام فيها ويصحو الصباح لجهة عمله، لا يهمه انه مسترق ومستعبد ومنزوع الأرادة وليس من حقه أن يقول كلمة حق، ولا أن يعترض أو يتظاهر، ثم بعد كل ذلك هو لا يرضى عن الذين يرفضون ويعارضون قدر استطاعتهم وفى وجود نظام، أما أن قتل المعارض أو زج به فى السجون أو ضائقه فى رزقه وأكل عيشه وبكل السبل، وكيف ينتظر ذلك المواطن المخدوع والمغرر به، معارضة قوية فى ظل مثل هذا النظام؟ ومتى كانت هنالك معارضة قوية ومتماسكة فى بلد نظامها مشابه لنظام الطاغية (البشير) الذى يستثمر فى الكراهية ولا يجيد شيئا غير القتل والأبادة والتعذيب والتشريد القسرى من الوظيفة بل التشريد خارج الوطن، وكما ذكرت فى المقال السابق، بأن عملية (العار) فى جنوب افريقيا، لها ما بعدها، فقد حدث ذلك تماما واصبحت جنوب افريقيا كلها تتحدث عن جرائم عمر البشير فى دارفور التى ما كان يعلمها المواطن البسيط من قبل، بل من خلال ما يكتب فى جنوب أفريقيا أصبح العالم كله يعلم، مشروعية اعتقال (عمر البشير) ومحاكمته، لأنه متهم بجرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الأنسانية، والأشرطة والتسجيلات التى تؤكد ذلك منشوره على لسانه، لا كما نفى وزير (أعلامه) الأرزقى المستفيد من خزائن النظام. الشاهد فى الأمر سبل المعارضة كثيره اذا لم يرد الأنسان الأنتظار لكى يعارض بدلا عنه فلان وفلان (معارضة) مقنعة ترضيه وأن يغيروا له النظام، ومن عجب تجد من يردد مثل ذلك الكلام فى الخارج، أما انه واجه تهميش وتفرقة عنصرية وجهوية وجاء من أكثر المناطق التى شهدت قتل جماعى وأبادة وأغتصابات، لذلك هرب بجلده وترك وطنه .. أو أنه محال للصالح العام دون ذنب جناه .. أو انهكته الضرائب والزكاة ودخل فى ديون .. أو انه تعرض لأذلال وقهر نتيجة لمواقف معينة تسيل لها دموع الرجال .. وأقل شئ يمكن أن يكون قد واجهه ذلك (الخنوع)، هى مصاعب أقتصاديه جعلته يغترب خارج وطنه، لكى يوفر لقمة عيش لنفسه ولأهله، تلك المصاعب الأقتصادية تسبب فيها النظام بفساده وبأستغلال موارد الوطن فى شراء أسلحة القتل والدمار وفى شراء الذمم الخربة والأرزقية والمأجورين وفى شق صفوف الأحزاب والحركات وأضعافها .. لكن ذلك (الخنوع) الذى تملكه الضعف لا يرى كل ذلك، مع أن وسائل المعارضة التى لا تكلف الأنسان كثيرا، خاصة حينما يكون فى ديار الغربة، مثلا أن يوجه لومه وغضبه نحو النظام، لا أن (يتحايل) ويستظرف بكلمات لا قيمة لها ولا وزن مثل (النظام ضعيف لكن المعارضة أضعف منه)، هذا كلام يمكن أن يقوله (المعارضون) داخل تجمعاتهم كنوع من النقد الذاتى لا أن يردده سودانى يعانى من النظام بوجوده فى الخارج مضطرا، جعل من عجزه فضيلة لذلك وضع النظام مع المعارضة فى كفة واحدة. ومن أوجه المعارضة (الممكنة) والناجعة أن يتجمع السودانيين فى ديار الغربة فى اى دولة كانت، وأن يقرروا عدم سداد (الضرائب) التى يستخدمها النظام فى شراء الأسلحة لقتل معارضيه فى الداخل، وفى بناء القصور والعمارات الشاهقة لسدنته ومؤيديه .. وفى شراء السيارات الفارهة الجديدة موديل 2015 لطلبتهم الذين من جهلهم يكتبون (أفريقيا) – (أفرقيا)، ثم لا يخجلون وينشرون ذلك الجهل على الملأ. ولو توفرت الأرادة الوطنية والرغبة الأكيدة فى (التغيير) لما صعب الأمر بتصعيد الأحتجاج والرفض للنظام، بالأمتناع عن سداد الضرائب وغيرها من (اتاوات) تفرض على المغتربين مهما كان الثمن، والحجة القانونية فى ذلك تقف فى صف الممتنعين بأنه لا يوجد شئ فى العالم كله، أسمه ضريبة تؤخذ من مغترب أو عامل بالخارج، والتجربة قريبة منا، رفض المغتربون المصريون خلال فترة حكم (مبارك) أن يسددوا ضرائب فى اماكن تواجدهم قررت الحكومة فرضها عليهم، ورفعوا قضية دستورية، ضد الحكومة حكمت فيها المحكمه لصالحهم وأوقفت سداد تلك الضرائب. أعلم بأن المحاكم فى السودان غير (مستقلة) ولن تقف فى صف (المغتربين) ، لكن فى مثل هذه الظروف يمكن أن يقدم المغتربون السودانيون مذكرة واحده، يعلنون فيها رفضهم لسداد تلك الضرائب وأن يطالبوا المنظمات الدولية ذات الصلة أن تتبنى قضيتهم العادلة بأيقاف تحصيل تلك الضرائب والا يتعرض سودانى الى أى نوع من المعاكسات أو المضائقات، كرفض تجديد جوازه أو منعه من المغادرة خارج السودان، اذا ذهب لزيارة اهله، بسبب موقفه (القانونى) والوطنى المبنى على عدم دعم نظام يشترى أسلحة الدمار والموت من تلك الضرائب بدلا من شراء الأدوية وحليب الأطفال. أعلم أن بعض (المهووسين) بالنظام، والمخدوعين بتبنيه للأسلام (منهجا)، كذبا وأدعاءا، سوف يخالفوا الأجماع وسوف يواصلوا سداد ضرائبهم مثلما يواصلون هتافهم (سير ,, سير يا البشير)، حتى لو كان دائما راجعا نحو الخلف وحتى لو خرج من جنوب أفريقيا (متخفيا) وهاربا كما تذكر مواقع التواصل الأجتماعى فى جنوب أفريقيا بعد هروبه، بل سوف يبقون على موقفهم حتى لو تأكدت المعلومة التى ارتاح الى نفيها كثير من ازلام النظام، لكنهات عادت من جديد كحقيقة لا يمكن أن تنفى، خاصة بما نشره الوسيط ألأفريقى (ثاومبيكى) على صفحته (بالتويتر) والتى ذكر فيها نصيحته لحكومة جنوب أفريقيا، بعدم الأقدام على تسليم البشير للمحكمة الجنائيه لأن جنوب أفريقيا لها بعثة دبلوماسية وجنود ضمن قوات (اليونيميد) فى دارفور يبلغ عددهم حوالى 1400 واضاف بأن السودان له صلة بالدول الأسلامية، وذلك سوف يؤثرعلى علاقة جنوب أفريقيا، بتلك الدول .. فهل لا زال (ثاومبيكى) وسيطا محائدا ونزيها بين النظام والمعارضة، وهل (المعارضون – للمعارضة) لا يزالون يختزلون المعارضة السودانية فى شخص الصادق المهدى والحسن الميرغنى، ويظنون أن الشعب السودانى والمعارضين الجادين (ينتظرونهم) لكى يخلصونهم من هذا النظام الفاسد والفاشل، أم أن كل سودانى (أصيل) عليه أن يتحول الى معارض – ولو – بكلمة حق يدلى بها أو أن بتبع أضعف الأيمان، بأن يبقى النظام مرفوضا فى قلبه وعقله .. وعليه أن يعلم فى تلك اللحظة هناك سودانى لم يسمع به من قبل ولم يتردد أسمه فى الصحف، يضحى بحياته، لكى يعيش ذلك (المعارض – للمعارضة)، حرا وكريما وله وطن من حقه أن يعيش داخله متمتعا بكآفة الحقوق. تاج السر حسين – [email protected]