نابولي ينتزع لقب الدوري الإيطالي بالفوز (2 – صفر) على كالياري    فعالية "جوازك إلى العالم" تحتفي بالثقافة السودانية في جدة    عاصفة شمسية تهدد بانقطاعات كهربائية وفوضى فى السفر    دبابيس ودالشريف    المدرعات تكتسح المشتركة بخماسية في افتتاح دورة شهداء الكرامة بالمعيلق    المليشيا حاولت تطبيق نفس استراتيجية الجيش، التضحية بالأرض مقابل الاحتفاظ بالقوة    المربخ يواصل نتائجه السيئة و يتعادل أمام الأمن المدني سلبيا    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يحكي قصة تعرضه لإعتداء جنسي وجسدي من شاب سوداني بكندا ويثير ضجة إسفيرية واسعة    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تخاطب النساء بحركة مشينة وغير أخلاقية خلال حفل جماهيري أحيته بالسعودية (ما بتقدرن أحي أنا)    500767506_2112331225857823_7197903891518139468_n    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يحكي قصة تعرضه لإعتداء جنسي وجسدي من شاب سوداني بكندا ويثير ضجة إسفيرية واسعة    شاهد بالصورة.. الإعلامية السودانية نسرين النمر تتغزل في زوجها معتمد أم درمان السابق بلقطة رومانسية (تسلم ويسلم خاطرك)    "رئيس إلى الأبد".. ترامب يثير الجدل بفيديو ساخر    ضمانا للخصوصية.. "واتساب" يطلق حملة التشفير الشامل    مؤتمر الكنابي: انتهاكات ممنهجة وتهجير قسري في "الجزيرة" تحت غطاء "التعاون"    أول عرض يصل لوكا مودريتش بعد رحيله عن ريال مدريد    وفي قلوبكم "مساكن شعبية"، أيها المشردون في الأرض؟!    الجنيه السوداني يواصل رحلة التدهور مع استمرار الحرب    الخارجية السودانية تنفي بشكل مطلق مزاعم الخارجية الأمريكية غير المؤسسة ضد القوات المسلحة    وهل يعود "قطار الغرب" التائه في الأرجاء؟!    المؤتمر الاقتصادي بنيالا يوصي بتفعيل الاتفاقيات التجارية مع دول الجوار    إسلام مبارك تنضم لأبطال فيلم «بنات فاتن» ل يسرا    الإعلان عن تحرير مدينة استراتيجية في السودان    الاعيسر: الرواية الكاذبة، التي تسعى الإدارة الأمريكية إلى تسويقها دولياً، ليست سوى محاولة جديدة لتضليل الرأي العام    ضياء الدين بلال يكتب: (ماما أمريكا ).. ومسرحية (حبل الكضب طويل)..!    ريال مدريد يودّع مودريتش: أحد أعظم أساطيرنا وإرثه باق للأبد    توتنهام يهزم مانشستر يونايتد.. ويحرز لقب يوروبا ليغ    المخرج السوداني سعيد حامد يستغيث للحصول على الجنسية المصرية: (بيعاملوني كإني أجنبي.. بقالي 43 سنة في مصر وبتضايق لما يقولولي أنت أجنبي.. أنا مصري وأستحي أطلب الجنسية رغم إني أستحقها)    "قرار استثنائي" من فيفا    مصر .. هزة أرضية يشعر بها سكان القاهرة الكبرى    إسرائيل تستعد لضرب إيران مرجحة انهيار المحادثات مع أميركا    349 الف جوال قمح انتاجية الموسم الشتوي بمشروع حلفا الجديده    ولاية القضارف: وجهة جديدة للمستثمرين في ظل التحديات    روسيا تسلم وزارة المعادن عدد (2) أطلس للخرط الجيولوجية وتقارير فنية فقدت بسبب الحرب    "الدعم السريع" تكشف حقيقة مقاطع الفيديو المتداولة لجثامين متحللة بالخرطوم    وزارة الري تكشف عن خسائر تاريخية وفقدان مستندات عمرها 100 عام    المدير العام لقوات الشرطة يتفقد الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ويوجه بمشاركتها مع شرطة ولاية الخرطوم في عمليات الانتشار والتامين    سفارات كييف في أفريقيا.. خطط ومهام تتجاوز الدبلوماسية    مبارك الفاضل: أغنياء الذهب يحولون دون إنهاء حرب السودان    ظاهرة قمر الحليب تزين سماء السودان    أسوأ من التدخين.. عادة يومية تهدد حياتك بصمت    الزنجبيل.. الحليف الطبيعي لصحة قلبك    والى الخرطوم يقف على الأضرار بالمحطات التحويلية للكهرباء بعد قصفها بالمسيرات ويشيد بسرعة تحرك قوات الدفاع المدني    ترامب: أريد أن "تمتلك" الولايات المتحدة غزة    مكافحة المخدرات تضبط بنقو داخل مستشفى الدويم    وعكة صحية وتغيب عن الحضور.. ماذا حدث بقضية محاكمة نجل محمد رمضان؟    ((مبروك النجاح يانور))    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    ما هي محظورات الحج للنساء؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي قاقارين وعبرات الوفاء. . .
نشر في الراكوبة يوم 12 - 07 - 2015


أقرب إلى القلب:
(1)
كنتُ من بين أصدقاء فريق "الهلال" في سبعينات القرن الماضي، فشهدنا ذلك الفتى الأمدرماني، يذرع الملاعب طولا وعرضاً، ينطلق وبعد أن يقرأ أحوالها، فيطيح بمحابس الدفاعات عند أرض خصومه، ليدلف رمحاً كاسحاً فيسجل هدفاً بين عراضتين ذاهلتين، فتهتز الجماهير طرباً وإعجاباً. كان يرسل بصره إلى أبعد مما عند الخصم في الساحات الخضراء من مكامن ومن مطبات، فيعرف متى يخترق ببدنه الرياضي، ومتى يهادن بقدميه الساحرتين، تلك المستديرة المخادعة، فلا تفارقه إلا إلى المرمى هدفاً وثيقا.
علي قاقارين. . .
(2)
هل أكتب لك عزيزي القاريء، عن نجم في الرياضة في السودان، والسودان هو في إقليمه أول من ابتدر وأسس في خمسينات القرن الماضي، ركائز منظومة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. كان دكتور حليم ود. شداد هم نجوم القيادة الأبرز في ساحات الكرة الأفريقية لسنوات طوال. أكتب لك عزيزي القاريء، وقد شهدنا بأمهات عيوننا، طرفاً من ذلك الزمان الذي سخا بإبداعاته شرقا وغرباً، برغم سحابات الحرب الباردة الثقال، فكان لزاماً على الرياضة في سنوات الانفعالات السياسية، أن تكون أداة نافعة لحراك يسدّ الفجوات ويرمّم الفتوق.
عبر ذلك الحراك يتحقق التآخي، وتترسّخ قيّم التواصل بين شعوبٍ، فرّقت بينها اختلالات التعاون بين البلدان، ومشاغبات الحرب الباردة وتداعيات أحوالها المضطربة. لعب لسودان المستقل دوره المرغوب فور استقلاله، ليكون مشعلاً للشعوب الأفريقية المتطلعة لتحقيق ذاتها، ونيل استقلالها وإثبات سهمها في الساحات الدولية. في تلك السنوات الأولى، شهد السودانيون في ملاعبهم على تواضعها، رموزاً عالمية شامخة في كرة القدم. رأى السودانيون المجري "بوشكاش"، ساحر الكرة يقاتل بقدميه الساحرتين في ميدان دار الرياضة الترابي بأم درمان. في السبعينات من القرن الماضي، زار الخرطوم أيقونة الرياضة وأفضل لاعب كرة عرفه العالم: "بيليه". عرفنا "استاروستا" فقيه التدريب الكروي القادم من شرق أوروبا، على ما أذكر، لا يبخل بمقدراته ليشي الكرة السودانية بلون أوروبي، مازج فنونها بالقوة التي عرفتها الكرة الأفريقية، فكانت "فوتبول" السودان هجيناً مُميزاً، عرفت تفرده فرق القارة كلها . .
(3)
لو نظرت في قوانين السلك الدبلوماسي وما تواضع عليها الساسة والدبلوماسيون في أعقاب الحرب العالمية الثانية من لوائح منظمة، فإن تلك القوانين واللوائح، قد عالجت بنظر أشمل ووضعت أسساً لعلاقات بين البلدان والدول، جلها يقف على الجانب "الرسمي" في هذه العلاقات. لم يكن في القوانين تلك، من إشارات لدبلوماسية إضافية، يمكن أن تنشأ بين الشعوب والبلدان، بعيداً عن العلاقات الدبلوماسية الرسمية. ستجد قوانين الدبلوماسية الملزمة دولياً، تحجر على الدبلوماسي الانخراط في النشاط التجاري أو الاقتصادي مما لا يتسق ونبل دوره في تمثيل بلاده عند الآخرين. لكن أفلح موهوبون في تاريخ الممارسة الدبلوماسية، لكسر ذلك الجدار الذي يفصل بين الرسمي المقيد بالقوانين واللوائح، والشعبي المنفتح بلا قيود على الآخر المختلف. الدبلوماسيون والسفراء الشعراء منهم، عبروا بإبداعهم لإثبات جدارة الشعر في الالتقاء بالدبلوماسية ونبل أهدافها، عرفنا الشاعر السفير الفينزويلي "بابلو نيرودا"، مثلما عرفنا السفير المكسيكي "انطونيو باز". . وأيضا نزار قباني. وفي السودان عرفنا جلّ سفرائه شعراء وعلى قدر كبير من التميز والإبداع الحق في المجالين الدبلوماسي والإبداعي.
(4)
في مجال الرياضة وكرة القدم تحديدأ، لم تعرف الملاعب دبلوماسياً رياضياً، مارس بالفعل لا بالقول، ريادة في الدبلوماسية الرياضية، سوى "علي قاقارين"!
حين بعثت به الخارجية السودانية دبلوماسياً ليعمل في سفارة السودان في ساحل العاج، كانت شهرته الرياضية قد طبقت الأفاق وسبقته إلى الناس هناك. تحيّرت وزارة الخارجية السودانية في سنوات السبعينات تلك، في أن ترى في ممارسة أحد دبلوماسييها النابهين: "علي قاقارين" رياضة كرة القدم في ساحل العاج -هواية أو احترافاً-مما يمكن أن تجيزه لوائحها، أو تسنده القوانين واللوائح الدبلوماسية التقليدية. .
وضع ملف "علي قاقارين" أمام وزير الخارجية آنذاك، ليبت في امكانية أن "يلعب" "علي قاقارين" ويمارس هوايته في ساحل العاج، وهم من طلبوه هناك قبل أن يطلبهم هو. ليس في اللوائح إلا ما يحجر على الدبلوماسي العمل التجاري وأي عمل يحقق له كسباً مادياً. فكان ذلك مدخل وزارة الخارجية في السماح ل"علي قاقارين" استثناءاً ليمارس هوايته، مع ضرورة النأي بنفسه عن أي مكسب تجاري أو مالي محتمل. في تلكم السنوات، كان الحديث عن الدبلوماسية الشعبية، نوعا من الهرطقة الأكاديمية، لا يفسح لها مكاناً وفق اللوائح التي تنظم العمل الدبلوماسي بين الدول.
(5)
لقد قدم صديقنا "علي قاقارين"، والذي كان أحد أبطال السودان الكبار الذين حققوا للسودان بطولة الأمم الأفريقية في كرة القدم في عام 1970، فتحاً لدبلوماسية فاعلة أسهم عبرها برفع اسم بلاده السودان في طبق من ذهب في الملاعب الخضراء في ساحل العاج، فعرف الناس السودان. قدم الرجل تعريفاً بمكان السودان في الذاكرة الأفريقية، وقد كان مثلاً اعتمده المستعمر الكولونيالي، ومرجعاً يعتد به، قبل منح الكثير من البلدان الأفريقية استقلالها أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي. عرف الناس هناك، دورا متفرداً للسودان بعمقه العربي والأفريقي، كما عرفوا ريادته في تأسيس أول اتحادٍ لكرة القدم الأفريقية.
(6)
لعلي لن أفرغ من كتابتي هنا، إمّا اشرت إلى ذلك البرنامج الذكي الذي أنجزته رئاسة الجمهورية في التواصل والاحتفاء بالرموز الفاعلة في القطاعات الإبداعية المؤثرة، في الساحات السودانية، خلال شهر رمضان الكريم. كان حظ الرياضة والدبلوماسية الفاعلة، أن يكون "علي قاقارين" هو نجم ذلك البرنامج، وخاتمة المكرمين في أواخر الشهر الكريم. لقد كنت أتوقع أن يفسح معدوا ذلك البرنامج مساحة لسفير من زملاء ورفاق علي في مهامه الدبلوماسية أن يقول كلمة وفاء لرجل كان نجماً ومبادراً في دبلوماسية وزارة الخارجية، غير أن ذلك لا يقدح من حسن الترتيب وهدف الوفاء لصديقنا "علي قاقارين"، فكفانا "ود الشيخ"، الرياضي والمعلم والبرلماني حين أشار إلى ذلك الترابط بين الدبلوماسية والرياضة. .
لقد لمستْ تلك المبادرة مشاعر عارمة من حسن الوفاء لمن قدم وأجزل من عطائه الشخصي، لرفعة بلاده في الساحات العربية والأفريقية، سفيراً ورياضياً فذا، ومثلاً غير مسبوق في فعالية الرياضة وسهمها في ترسيخ دبلوماسية مبتكرة، لم تفطن إليها قوانين ولوائح العمل الدبلوماسي منذ صياغتها واعتمادها في ستينات القرن الماضي. لقد خنقت العبرات صديقنا "علي قاقارين" لمّا أحاطت به عبارات التقريظ ونبل المشاعر الصادقة، من جميع من اعتلى المنصة يحدثون عنه، فأشار في كلمته المؤثرة، إلى أن التكريم الذي ناله هو تكريم لكل أبناء جيله الذين رافقوا بذله وعطاءه.
لن أختم حديثي قبل أن أشير إلى السيدة "تهاني محمد سعيد"، تلك المرأة السودانية بكل شموخها ووثوق خطوها، فقد كانت الزوجة والسند، وكانت الرهان على نجاح دبلوماسية صديقنا د.حيدر حسن حاج الصديق: "علي قاقارين". .
+++++
الخرطوم- يوليو- 2015
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.