بسم الله الرحمن الرحيم ياصائم قوم اتسحر .....رمضان كريم الله اكرم، عبارة تكاد تكون اقرب الى الموسيقي المحببة الى نفوسنا، تحمل في مضمونها الكثير من الذكريات وترتبط ارتباطا وجدانيا وثيقا بطقوس رمضانية قديمة قدم رمضان نفسه . صوت المسحراتي نفسه ظل مرتبطا في اذهاننا بذلك الشخص الذي يحمل هم عطشنا وجوعنا في اليوم التالي مما جعلنا مدينين له بالامتنان والشكر والتقدير، وكأنه يدق على طبله من اجلنا نحن فقط . ذلك رغم أن الايقاظ في حد ذاته يحمل الكثير من ( الهجمة ) لان الازعاج الذي يصاحب عملية الايقاظ يحعلنا نصحو ونحن مفزوعين . هذه الهجمة نفسها تجعلنا نشعر بالامان، وهذا ما يبرع فيه المسحراتي الجمع بين المتناقضات فخلعة الطرق الحاد على (النحاس او الاواني البلاستيكية ) تزول تماما مع الاحساس بأن هناك سواري تعمل على حراستنا وتمنع عنا اللصوص . ولعل هذا ما كان يفسر انخفاض معدل السرقات في رمضان لعله المسحراتي او لعل اللصوص يمتنعون او ربما لقلة نشاط الشياطين انفسهم . الآن اين المسحراتي؟ اين ذلك الطبل المزعج والذي يشارك في طرقه كل شباب الحي بنشاط وحيوية؟ وعندما يشعرون بإضاءة البعض لأنوار منازلهم او حين يشعرون أن اهل الدار قد استيقظوا لتناول تمر، ورقاق مع لبن يزيدون من ايقاع طبلهم ونغمتهم التقليدية يا صائم قوك اتسحر . الآن غاب المسحراتي وظهر (رامز واكل الجو) ولا اقول ظهر اي من برامج الفضائيات السودانية ( المعسمة) والممللة والمكرورة. نعم صار برنامج رامز على mbc هو المسحراتي وهو الاعلى مشاهدة وهو الاكثر جذبا والاقوى تأثيرا والاكثر قدرة على جذب المشاهدين وابقائهم مستيقظين اكثر من طبل المسحراتي نفسه. واحيانا يخيل الي أن المسحراتي نفسه قد هجر طبله وادمن الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي وربما يكون قد ضبط ايقاع طبله مع برنامج رامز. ولا ادري هل اختفي دور المسحراتي في القرى والارياف ايضا ام انه مازال حاضرا . ذلك أن مهمة المسحراتي في الخرطوم قد فقدت بريقها تماما وان لم يحل محلها برنامج تلفزيوني فقد احتلت مكانها التطبيقات الذكية من واتس وفيس وتويتر. حتى أن اعلان لحظة السحور والامساك صار تغريدة على تويتر او بوست متداول في قروبات الواتس عند الساعة الرابعة وخمسين دقيقة . الآن ومع سرعة ايقاع العصر وسيطرة التكنولوجيا وادمان البرامج التلفزيونية نتمنى أن نعود الى نومة عميقة لا نستيقظ معها الا مع صوت المسحراتي وهو يقول ياصائم وحد الدائم بدلا عن ايقونة لايك على بوست السحور. *نقلا عن السوداني