*نعلم أن المشاكل السياسية والإقتصادية والأمنية متداخلة يمسك بعضها برقاب بعض وأنه لابد من معالجة جذرية شاملة‘ لأن إستمرار الخلافات السياسية والنزاعات المسلحة يعني إستمرار الإختناقات الإقتصادية والتوترات الأمنية. *لكن الإختناقات الإقتصادية تبقى الأكثر حاجة للمعالجة الفورية لمحاصرة تداعياتها السالبة على حياة المواطنين‘ وعدم الركون للمعالجات الجزئية والتسكينية التي فشلت من قبل في تحقيق الإستقرار الإقتصادي والسلام الإجتماعي. *لسنا في حاجة إلى التأكيد بأن الشعارات وحدها لاتحقق تطلعات الناس في حياة كريمة‘ وقد أثبتت التجارب العملية أنه إذا لم تتنزل الشعارات على أرض الواقع ويحسها الناس في حياتهم اليومية فإنها تظل معلقة في الهواء إذا لم تسقط بالفعل. *كل الشعارات تخضع لذات الأحكام سواء كانت مرفوعة تحت أهداف تحقيق الكفاية والعدل أم تحقيق الإكتفاء الذاتي مثل شعار نأكل ممانزرع ونلبس ممانصنع فالعبرة ليست في الشعار وإنما في الممارسة العملية ومردودها الفعلي في حياة الناس. *نقول هذا بمناسبة الخبر الذي تصدر عناوين الصحف قبل يومين بوصول 7 بواخر محملة بالدقيق المستورد سعة الباخرة ما بين 17 - 27 ألف طن من الدقيق‘ هذا يعني أن السياسة الإقتصادية خاصة في شقها الزراعي فشلت في تحقيق الإكتفاء الذاتي رغم المساحات الكبيرةالصالحة للزراعة التي حبانا بها الله . * هذا يؤكد من جديد الأخطاء الإدارية التي صاحبت تطبيق السياسة الإقتصادية منذ محاولة توطين القمح بمشروع الجزيرة وحتى محاولة جذب المستثمرين من الدول الشقيقة للإستثمار في المجال الزراعي وإنتاج المحاصيل الغذائية. *كان الهدف من تحقيق الإكتفاء الذاتي تمزيق فواتير إستيراد المواد الغذائية من الخارج وتوفير العملات الصعبة وتوظيفها في دعم الزراعة والصناعة والخدمات الأساسية‘ لكن للأسف عادت سياسة إستيراد المواد الغذائية من الخارج تمد لسانها لكل الشعارات التي رفعت لتحقيق الإكتفاء الذاتي. *لابد أن نقول أيضاً أن المشكلة ليست في مطاحن الغلال رغم ما رشح من وجود مشاكل فنية أدت إلى توقف مطاحن سيقا للغلال حسب إفادة الأمين العام لاتحاد المخابز عادل ميرغني ل" السوداني"‘ وهو أمر مؤسف بالفعل‘ لكن الأهم هو معالجة أسباب فشل الإنتاج الزراعي وبالتالي الفشل في توفير المخزون الإستراتيجي لمثل هذه الحاجات الضرورية في حياة الناس اليومية. * تكررت ظاهرة أزمة الخبر أكثر من مرة لأسباب مختلفة بصورة مقلقة‘ ولن تحلها البواخر التي وصلت إلى الميناء مالم تتم معالجة جذرية لأسباب الأزمة وتنيفذها فوراً على أرض الواقع. [email protected]